لماذا يستعر القتال بأوكرانيا قبل قمة ألاسكا بين ترامب وبوتين؟
تاريخ النشر: 15th, August 2025 GMT
كييف- بينما يترقَّب الأوكرانيون والعالم قمة ألاسكا بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، يستعر القتال بين القوات الأوكرانية والروسية على جبهات مقاطعة دونيتسك جنوب شرق أوكرانيا، كما لم يكن في أي وقت مضى.
وأعلنت السلطات الأوكرانية المحلية قبل أيام بدء عملية إجلاء قسري للسكان عن 19 تجمعا سكنيا في محيط مدينة ليمان، حيث يقع واحد من أبرز محاور الجبهة.
المدينة التي تحررت في سبتمبر/أيلول 2022 عادت مؤخرا إلى دائرة الخطر، ومعها تقصف بصورة يومية كل المدن الرئيسية الخاضعة للسيطرة الأوكرانية في المقاطعة، مثل كونستانتينيفكا وكراماتورسك وسلوفيانسك.
تصعيد ملحوظوإلى جانب دونيتسك، كثَّفت روسيا قصفها على مدن مقاطعات زاباروجيا وخيرسون، التي ضمتها واعتبرتها -إلى جانب دونيتسك ولوهانسك- جزءا من أراضيها، بعد استفتاء مثير للجدل نظمته في سبتمبر/أيلول 2022.
وفي زاباروجيا (جنوب شرق البلاد)، تقول قيادة قوات المنطقة الجنوبية إن روسيا تحشد قوات إضافية في منطقة كامينسكا داخل الأراضي التي تسيطر عليها روسيا، استعدادا لهجوم بري واسع متوقع خلال أسابيع.
وفي خيرسون (جنوبا)، تقصف يوميا المدينة المنقسمة عمليا بين سيطرة الروس والأوكرانيين، والقصف مؤخرا قطع الأوصال بين بعض أحيائها، كما استهدف خطوط الكهرباء المؤدية إليها من مقاطعة ميكولايف المجاورة.
وبحسب قيادة قوات المنطقة الجنوبية، فإنه بالإضافة إلى ضربات المدفعية والقنابل الجوية الموجهة، تتعرض خيرسون يوميا لنحو 370 هجوما بالمُسيَّرات، بينما تراوح الرقم بين 200-250 قبل أسابيع قليلة.
وبعد سيطرة روسيا على كامل مقاطعة لوهانسك، خفَّف تركيزها على قصف المقاطعات الثلاث السابقة ما كانت تعانيه خاركيف وسومي وباقي المقاطعات الأوكرانية، والأمر ارتبط أولا بالمهلة التي منحها ترامب لبوتين، ثم بالقمة التي ستجمع بينهما في 15 أغسطس/آب الجاري، بحسب خبراء.
ورأى رئيس تحرير موقع "الرقابة" يوري بوتوسوف -في حديث للجزيرة نت- أن "إقليم الدونباس الذي يضم مقاطعتي دونيتسك ولوهانسك أول وأهم أهداف حرب بوتين. منذ 2014 وحتى اليوم، لم يستطع الروس السيطرة إلا على 55% من أراضي دونيتسك، وهذا فشل كبير يحاول بوتين تداركه قبل الخضوع للعقوبات أو الاضطرار لوقف الحرب".
إعلانويضيف "لم يغير الروس مطالبهم الرئيسية، يريدون انسحاب أوكرانيا من دونيتسك وزاباروجيا وخيرسون بالكامل، لينعموا بطريق بري آمن يصلهم بالقرم المحتل في الجنوب. لهذا ركزوا عمليات القصف على تلك المقاطعات مؤخرا، لتحقيق مكاسب ميدانية بأسرع وقت ممكن، تحت غطاء المفاوضات وفرص السلام".
وبينما يؤكد الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي أن بلاده لن تتخلى عن أراضيها، ولن تعطي روسيا أي "هدايا أو ميزات" لترضى، يحذِّر مراقبون من "مناورة خبيثة" تقوم بها موسكو.
من جهته، يقول رئيس مركز الدراسات السياسية التطبيقية "بنتا"، فولوديمير فيسينكو، للجزيرة نت "تدرك روسيا أن مطالبها لن تكون مقبولة في أوكرانيا، مهما كانت أو تغيرت، وعلى هذا الأساس تريد إثارة غضب ترامب تجاه أوكرانيا من جديد، ليلقي اللوم عليها، ويتهمها بتعطيل عملية السلام، ثم يهددها بقطع المساعدات".
وبرأي فيسينكو "توقع كثيرون أن تفرض الولايات المتحدة عقوبات قاسية على روسيا وشركائها بنهاية المهلة التي منحتها لبوتين في الثامن من أغسطس/آب، لكن هذا لم يحدث، بل على العكس". وترامب "المتقلب" تحدث عن "فرصة سلام جديدة"، و"أعتقد أنه سقط ضحية مناورة جديدة وخبيثة يقوم بها الروس".
ولهذا السبب وغيره، سقف التوقعات من القمة المرتقبة ليس عاليا في أوكرانيا، حتى وإن عبَّرت عن ذلك بعض الآراء والتصريحات الرسمية.
من ناحيتها، قالت سفيرة أوكرانيا في الولايات المتحدة، أوكسانا ماركاروفا، إنها "واثقة من أن واشنطن ستتصرف من موقع قوة، وستجد إلى جانب أوكرانيا حلا لوقف العدوان الروسي".
تعزيز الجبهة
لكن عضو لجنة الدفاع في البرلمان الأوكراني، يوري فيدورينكو، يقول للجزيرة نت "عندما اتفقنا على السلام مع الروس بحضور الألمان والفرنسيين في 2015، كانت قواتهم تُصعِّد كما يحدث اليوم، وبعدها لم يلتزموا بأي اتفاق، لا في إطار اتفاقيات رباعية النورماندي حينها، ولا في إطار اتفاقيات مينسك، ولم تتدخل الدول الوسيطة لتغير هذا الواقع".
ويضيف "بالتزامن مع المفاوضات والحديث عن السلام، يرسل الروس مئات الجنود إلى بيلاروسيا، دعونا لا ننسى أن الحرب بدأت من هناك، وأن كل المناورات هناك قد تتطور إلى هجوم جديد على كييف".
لهذا يعتبر فيدورينكو أنه يجب التركيز على قوة وصمود الجبهة أثناء عملية التفاوض، ويقول "نحن نقاتل وحشا مفترسا وخبيثا، وندرك أن المواجهة ستستمر ما دام هذا الوحش يتنفس".
وإضافة إلى ما سبق، ينهمك معظم المسؤولين الأوكرانيين، وكثير من القادة الأوروبيين أيضا، بالتأكيد على أن أي قرار حول أوكرانيا يجب أن يكون بمشاركة أوكرانيا.
ويخشى كثيرون أن يتخذ ترامب قرارات تضع أوكرانيا تحت الأمر الواقع، وألا يأخذ كل مصالح كييف وأوروبا بعين الاعتبار وعلى محمل الجد.
وفي السياق، قال مركز مكافحة التضليل التابعة لوزارة الدفاع الأوكرانية، في بيان، إن وسائل الإعلام الروسية تروج بشكل منهجي لادعاءات كاذبة، مفادها أن كييف تطرح مطالب غير واقعية لأنها لا ترغب بتحقيق السلام، وأن أمر أوكرانيا ومصيرها ليس بيدها، بل بناء على ما سيتفق عليه بوتين وترامب في ألاسكا.
إعلانالمصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
قمة ترامب-بوتين: هل تنازع روسيا حقا سيادةَ أمريكا على ألاسكا؟
فيما يستعد الرئيسان الروسي والأمريكي للاجتماع في ألاسكا، ظهرت مجددا على الإنترنت التكهناتُ التي تقول إن فلاديمير بوتين يرفض الاعتراف بشرعية بيع روسيا لألاسكا عام 1867 إلى الولايات المتحدة. اعلان
سيلتقي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنظيره الروسي فلاديمير بوتين وجهاً لوجه الجمعة في قاعدة عسكرية نائية في أنكوراج العاصمة الاقتصادية لألاسكا لإجراء محادثات طال انتظارها حول الحرب الروسية في أوكرانيا.
اختيار المكان ليس اعتباطيا. إذ لا يفصل بين البر الرئيسي لألاسكا وروسيا سوى 90 كيلومتراً فقط، بينما تقع جزيرة ديوميدي الصغيرة في ألاسكا على بعد أقل من 4 كيلومترات من جزيرة ديوميدي الكبيرة الروسية في مضيق بيرينغ.
وهذا يعني أنه سيكون بإمكان بوتين السفر لإجراء المحادثات وهو في نفس الوقت سيتجنب المجال الجوي للدول الغربية التي قد تحاول اعتراض رحلته تنفيذا لمذكرة التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية.
Related حلفاء أوكرانيا يبدون تفاؤلًا بقمة ألاسكا.. وترامب يُهدّد روسيا بـ"عواقب وخيمة"اتصال هاتفي بين كيم جونغ أون وبوتين وتوافق حول أوكرانيالندن تستضيف اجتماعاً أمنياً دولياً لبحث مبادرة ترامب للسلام في أوكرانيالكن المكان ليس عملياً فحسب، بل يكتسي أيضا أهمية رمزية. فقد كانت ألاسكا ذات يوم أرضا روسية بأتم معنى الكلمة.
في عام 1867، باع قيصر روسيا ألكسندر الثاني ألاسكا إلى الولايات المتحدة مقابل 7.2 مليون دولار، للمساعدة في سداد الديون المرتفعة المتراكمة خلال حرب القرم 1853-1856.
بالنسبة للكرملين، لم يكن يُنظرلألاسكا على أنها جزء مهم من أراضيها من الناحية الاقتصادية.
وقد أُعلنت ألاسكا رسمياً الولاية التاسعة والأربعين في عام 1949، وهي الآن أكبر الولايات الأمريكية الخمسين الحالية. وسيكون بوتين أول رئيس روسي يزورأنكوراج.
اختيار المكان يعيد إلى الواجهة السردية المناهضة للإمبرياليةأحيت قمة أنكوراج الروايات التي تشيد بأن ألاسكا أرض روسية "تاريخية"، حيث سارع مسؤولون بارزون في الكرملين وحلفاء آخرين إلى تسليط الضوء على التراث والتاريخ الروسيين في الإقليم.
لكن النظرية القائلة بأن موسكو ستستعيد يومًا ما الولاية الأمريكية باعتبارها تابعة لها ليست جديدة، وسبق أن روّج لها بعض المسؤولين الروس في روسيا وفي دولة حليفة أيضا.
في العام الماضي، أشارت المذيعة في التلفزيون الحكومي الروسي أولغا سكابيفا إلى الأراضي الأمريكية على أنها "ألاسكا الخاصة بنا".
أما ديمتري ميدفيديف، نائب رئيس مجلس الأمن الروسي فقد أثار في نبرة مازحة على وسائل التواصل الاجتماعي، احتمال الدخول في حرب مع الولايات المتحدة بسبب الإقليم.
كيريل ديمتريف، وهو كبير المفاوضين في الكرملين ويرأس أيضًا صندوق الاستثمار المباشر الروسي، قال أيضا الأسبوع الماضي إن ألاسكا "أمريكية روسية" وأشار إلى أن القمة قد تؤدي إلى تعاون أوثق بين موسكو وواشنطن في القطب الشمالي.
كما ظهرت لوحة إعلانية في عام 2022 تحمل رسالة "ألاسكا لنا"، وهو ما أثار في ذلك الوقت غضب بعض أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي.
لا دليل على أن موسكو ألغت بيع ألاسكا عام 1867كما تنتشر على نطاق واسع تكهناتٌ مفادُها أن موسكو تتخذ خطوات لاستعادة الإقليم.
وما عزز هذه التكهنات هو أن ترامب بدا وكأنه يخلط بين ألاسكا وروسيا في مؤتمر صحفي يوم الاثنين، عندما قال إنه سيسافر إلى "روسيا" للقاء بوتين على الرغم من أنه أكد بالفعل أن ألاسكا هي المكان الذي سيقابل فيه سيد الكرملين.
وقد أشار بعض روّاد وسائل التواصل الاجتماعي إلى أن حكم المحكمة العليا الروسية لعام 2022 أبطل بيع ألاسكا إلى الولايات المتحدة عام 1867.
لكن يوروفيفاي لم يتمكن من العثور على أي وثيقة رسمية صادرة عن المحكمة تؤكد هذا الادعاء.
أشار مستخدمون آخرون إلى مرسوم صدر عام 2024 ويُقال إنه ينص على عدم شرعية بيع ألاسكا عام 1867.
هذا المرسوم موجود بالفعل. وقد صدر بتاريخ 18 يناير 2024 ويرصد أموالاً لتمويل االبحث عن الأصول التاريخية لروسيا في الخارج وتسجيلها وسبل حمايتها القانونية.
وقد تحققنا من محتوياته ووجدنا أنه لا يشير إلى ألاسكا أو أي من مطالبات روسيا التاريخية في الإقليم. ومع ذلك، يعتقد المحللون أن الكرملين قد يستخدم المرسوم لإعادة فتح النزاعات التاريخية، ليس فقط في ألاسكا ولكن أيضًا في الأراضي التي كانت سابقا تحت السيادة الروسية.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة