عودة الديون.. هل أضاع العالم فرصة إنقاذ اقتصاد قارة أفريقيا؟
تاريخ النشر: 15th, August 2025 GMT
في يونيو/حزيران 2005، شهد العالم منعطفا حاسما في مسار العدالة الاقتصادية، حين اتفق وزراء مالية مجموعة الثماني على شطب ديون 38 دولة من أفقر دول العالم، معظمها أفريقية، لصالح مؤسسات دولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وبنك التنمية الأفريقي.
جاءت المبادرة قبيل قمة غلين إيغلز في أسكتلندا، لتجسد أحد أبرز مظاهر التوافق الدولي على مكافحة الفقر.
شمل القرار الديون المستحقة قبل نهاية عام 2004 للدول التي استوفت شروط "مبادرة الدول الفقيرة المثقلة بالديون"، دون فرض شروط إضافية.
واستفادت 29 دولة أفريقية من الإعفاء، منها إثيوبيا وغانا ورواندا والسنغال وأوغندا ومالي وموزمبيق وتنزانيا.
وقد بلغت قيمة الإعفاء نحو 56 مليار دولار، واعتمد رسميا بنهاية عام 2006، مما أدى إلى انخفاض ملحوظ في نسب الدين العام مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي، كما في السنغال (من 36.1% إلى 17.5%) وغانا (من 31.7% إلى 17.3%) ورواندا (من 58.9% إلى 22.5%).
جاءت هذه الخطوة في ظل تحولات اقتصادية واجتماعية كبرى. فبعد عقود من الركود، بدأ النمو الحقيقي للفرد في أفريقيا يسجل مؤشرات إيجابية، بينما كانت القارة تواجه انتشار فيروس نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) وضعف الوصول إلى العلاج.
وفي عام 2000، تبنت الأمم المتحدة "أهداف الألفية للتنمية"، لكن عام 2005 مثّل نقطة تحول، مع تصاعد الحملات الشعبية تحت شعار "اجعلوا الفقر من الماضي"، والدعوات إلى مضاعفة المساعدات الرسمية وخفض أسعار الأدوية.
انتكاسة جديدةبعد عقدين، تعود أزمة الديون لتتصدر المشهد. فمع انفتاح الأسواق المالية أمام الدول الأفريقية في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، دخلت العديد منها في موجة اقتراض واسعة، تلاها انهيار اقتصادي عقب جائحة كورونا.
إعلانواليوم، يشكل الدين الخارجي المستحق للبنوك التجارية والمستثمرين الخاصين أكثر من 43% من إجمالي الديون، مما يجعل إعادة هيكلته أكثر تعقيدًا مقارنة بديون المؤسسات متعددة الأطراف.
وقد شهدت دول مثل زامبيا وغانا وإثيوبيا تعثرا في سداد ديونها منذ عام 2020، وسط بطء في تنفيذ "إطار العمل المشترك" لمجموعة العشرين.
ويشير الخبير الاقتصادي دونالد كابيروكا، الرئيس السابق لبنك التنمية الأفريقي، إلى أن "عام 2005 كان عاما قويا تحت راية التعددية".
وحذر كابيروكا من أن العالم اليوم يعيش "تداعيات تراجع التعددية"، حيث تنكفئ الدول الغنية على أولوياتها الأمنية، وتتراجع التزاماتها الدولية تجاه قضايا الصحة والفقر والديون.
في ظل هذا الواقع، يبرز سؤال جوهري: هل تستطيع أفريقيا الحفاظ على المكاسب التي تحققت قبل عشرين عاما؟ وهل يمكن إعادة إحياء روح التعددية الدولية في زمن تتراجع فيه المساعدات ويتعاظم عبء الدين، أم أن العالم يكرر أخطاء الماضي؟
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
هل الإسلام يدعو إلى الفقر والزهد؟.. أحمد نبوي يجيب
قال الدكتور أحمد نبوي، الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف، إن هناك مفهومًا شائعًا خاطئًا لدى بعض الناس، يتمثل في الاعتقاد بأن الإسلام يدعو للفقر، موضحًا أن الإسلام في الحقيقة يدعو إلى الزهد بمعنى عدم التعلق الشديد بالدنيا، مع العمل الجاد والسعي المشروع، مستشهدًا بأمثلة من الصحابة الأثرياء كعثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما.
وأضاف خلال حلقة برنامج “منبر الجمعة”، اليوم الخميس، أن بعض الناس أساءوا فهم الزهد، فاعتبره بعضهم دعوة لترك العمل والجلوس بلا إنتاج، بينما اتجه آخرون إلى الكسب السريع بطرق غير مشروعة، مستغلين الوسائل الحديثة، مثل القمار الإلكتروني أو التجارة في المواد المحرمة أو إنتاج محتوى خادش للحياء لتحقيق المشاهدات والأرباح.
وأكد أن هذا النوع من السلوك يمثل أشد صور الحرام، لأنه يقوم على تحريف مفهوم العمل، مشددًا على أن العمل في جوهره يعني بذل الجهد والتعب، وأن أي إنسان ناجح أو ثري وصل إلى ما هو عليه بعد رحلة كفاح طويلة.
وأوضح نبوي أن السعي وراء المال أو النجاح دون جهد حقيقي يعد مغالطة منطقية، مبينًا أن الانشغال بمشاريع أو أنشطة غير مشروعة، وترك العمل الأصلي الذي منحه الله للإنسان ليفتح به بيته ويطور نفسه، هو في حقيقته إفساد في الأرض، وليس عملًا صالحًا مقبولًا.