ناشطون: هل يبرر الصدام مع الحكومة السورية رفع علم إسرائيل بالسويداء؟
تاريخ النشر: 17th, August 2025 GMT
شهدت مدينة السويداء يوم الجمعة مظاهرة رفع خلالها بعض المتظاهرين علم إسرائيل، مطالبين بالانفصال، مرددين هتافات من قبيل: "الشعب يريد دخول إسرائيل".
وأثارت هذه المشاهد جدلا واسعا على منصات التواصل الاجتماعي السورية حول الجهة المسؤولة عما وصلت إليه الأمور في السويداء.
"الشعب يريد دخول إسرائيل".. غضب يجتاح وسائل التواصل في سوريا بعد مظاهرات بمدينة السويداء رفع فيها متظاهرون علم إسرائيل مطالبين بالانفصال pic.
— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) August 16, 2025
فقد حمل البعض الحكومة السورية المسؤولية في طريقة تعاملها مع ملف السويداء، بينما ألقى آخرون باللوم على الشيخ حكمت الهجري، أحد زعماء الدروز في السويداء، معتبرين أنه يتحمل مسؤولية الأحداث في المدينة.
ورأى ناشطون أن التحركات التي يقودها حكمت الهجري ومجموعاته ليست سوى "مسرحية مكشوفة"، بطلها الحقيقي هو علم الاحتلال الإسرائيلي الذي رفع فوق "دار الطائفة"، بدلا من أي مشروع وطني أو إصلاحي.
حين يتخفى الارتهان لإسرائيل خلف شعارات الكرامة
الصحفي #عامر_هويدي :
ما يجري في السويداء من تحركات يقودها حكمت الهجري ومليشياته ليس سوى مسرحية مكشوفة، بطلها الحقيقي أعلام الاحتلال الإسرائيلي التي ارتفعت فوق "دار الطائفة" بدلًا من أي مشروع وطني أو إصلاحي. المشهد يفضح نفسه: من…
— عامر هويدي (@DeryNews) August 17, 2025
واعتبر هؤلاء أن المشهد يفضح نفسه: "من يرفع علم المحتل فوق مقام ديني ويدعي الدفاع عن ‘الكرامة’ إنما يسلم نفسه طوعا للارتهان الخارجي".
وأضاف هؤلاء أن ما يحدث هو "نسخة مكررة من مشاريع الانفصال الكرتونية" السابقة، حيث تتحول الكرامة إلى "ورقة توت" تخفي خضوعا لإسرائيل.
بكل صراحة ووضوح ، كان يمكن لصانع القرار في السويداء اليوم ، تقديم مقاربات أكثر منطقية وأكثر واقعية للحفاظ على شعرة معاوية ، لا أقول مع السلطة السورية ، بل مع الشعب السوري والمحيط المسلم في المنطقة ، رفع العلم الاسرائيلي والمطالبات بالتدخل الاسرائيلي والانضمام لهذا الكيان ، خطيئة…
— محمد خير كنجو (@wqz_w5) August 16, 2025
إعلانفي المقابل، اعتبر بعض الناشطين أن خطاب محافظ السويداء، مصطفى بكور، بدا أكثر اتزانا ورجاحة، إذ شدد على أن السلم الأهلي ليس خيارا تكتيكيا بل ضرورة وجودية، وأن الإصلاح الحقيقي يبدأ من لم الشمل وتقريب وجهات النظر، وليس من إشعال الحرائق الداخلية وفتح الأبواب للمحتل.
ورأى آخرون أن رفع العلم الإسرائيلي في ساحة الكرامة بسويداء الكرامة كان خطأ، ويعي كل درزي ذلك، لكنه ناجم عن مزيج من الخوف، والتحدي، والقهر.
ولا تزال إمكانية ردم الهوة ممكنة من قبل الطرفين، وعلى دمشق أن تبادر بسرعة، فالحكومة يجب ألا تحرض ضد مواطنيها، بل ينبغي أن تحتضنهم. ولا ينبغي أن تترك السويداء لتخضع لأهواء البعض من الطرفين.
رفع العلم الاسرائيلي في ساحة الكرامة في سويداء الكرامة خطأ ويعرف كل درزي ذلك ، ولكنه خليط من الخوف والجكر والقهر . ما تزال إمكانية ردم الهوة ممكنة من قبل الطرفين ودمشق أن يجب تبادر بسرعة ، الحكومة لا تحرد من مواطنيها بل تحضنهم . لا يجب أن تُترك السويداء لتتبع هوى البعض من…
— منصور عبدالله (@aboalamirb) August 16, 2025
وأشار ناشطون إلى أن "المراهقة السياسية لا تصنع وطنا مفتعلا"، وأن رفع أعلام دولة عدوة لا يضمن الحصول على دعمها حتى النهاية. فالجيوب الانفصالية التي تتمرد على أصلها ستبقى مجرد أوراق للمساومة، فإذا زالت الحاجة إليها تلاشت، وانهار الجيب. هي مرحلة صعبة وستمر، والعبرة في تجاوزها وتركها تتلاشى.
ورأى بعضهم أن المؤلم حقا أن يضطر أي مواطن للاستنجاد بالخارج بدل أن يجد الحماية والعدل في بلده.
حكومة فتيّة، وقعت بكل فخ نصب لها!!
— Firas Habnnakeh | فراس حبنكه (@habnnakeh_firas) August 16, 2025
وأكد بعضهم أن الدولة هي المسؤولة الأولى عما يحدث في السويداء وغيرها، فعندما تعامل مدينة سورية معاملة العدو، فإن المسؤولية بالدرجة الأولى تقع على الدولة، التي يفترض أن تكون الحامي لا الخصم بحسب رأي البعض.
وعلق مدونون بالقول إن أي شخص شاهد الفيديوهات القادمة من السويداء سيتفهم مشاعر أهلها، لكن لا شيء يبرر رفع علم إسرائيل والمطالبة بالانفصال بهذه الطريقة. فهناك مناطق سورية تعرضت للكيميائي والبراميل وتعرض أهلها للإبادة، والجميع كان يتفرج ولم يقل أحد "سننفصل!".
اي شخص شاف الفيديوهات الي طلعت من السويداء رح يتفهم شعور اهل السويدا، بس مافي شي ببرر رفع علم اسرائيل و المطالبة بالانفصال بهي طريقة. مناطق سورية أكلت كيماوي وبراميل ونبادت بفترة الكل كان قاعد عم يتفرج عليها وعلى موت أهلها ومحدا قلن انفصلنا!
— Samerr (@samerside) August 16, 2025
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات علم إسرائیل فی السویداء رفع علم
إقرأ أيضاً:
السويداء بين الانتماء والاغتراب: جدل الهوية وخيار الانضمام إلى إسرائيل.. !!
تثير رغبة بعض الأصوات في محافظة السويداء بالانفكاك عن الهوية السورية والانضمام إلى إسرائيل نقاشًا شديد الحساسية، ليس فقط داخل الجبل، بل في عموم المشهد السوري والعربي. فما بين اعتبارات الهوية والانتماء، وضغوط الواقع السياسي والاجتماعي، تتحول المسألة إلى مرآة لأزمة أعمق يعيشها السوريون منذ عقود.. .، ،
--جذور الأزمة.---
السويداء، التي تشكل مركزًا للوجود الدرزي في سوريا، لطالما احتفظت بمسافة من الصراع الدموي الذي اجتاح باقي البلاد، لكنّها لم تسلم من تداعيات الانهيار الاقتصادي وغياب الدولة ومؤسساتها. ومع تفاقم الأزمات المعيشية وانعدام الثقة بالسلطة المركزية، ظهر تيار يرى أن الانفتاح على إسرائيل أو حتى المطالبة بالجنسية الإسرائيلية قد يكون مخرجًا من حالة التهميش والحرمان.
--الهوية بين الولاء والاغتراب --
الانتماء الوطني ليس مجرد بطاقة هوية أو جواز سفر، بل هو إحساس متجذر بالارتباط بالأرض والتاريخ. لكن بعض الشباب في السويداء يرون أن هذا الانتماء قد تم تقويضه بفعل عقود من التهميش السياسي والاقتصادي. لذلك يصبح البحث عن بديل، حتى وإن كان "الكيان العدو" في نظر غالبية السوريين، خيارًا مطروحًا عند فئة صغيرة ترى في إسرائيل قوة قادرة على منح الاستقرار والأمان، ولو بثمن باهظ.
التبعات الاجتماعية
غير أن هذه الفكرة لا تمر دون صدمات داخل المجتمع المحلي. فبين من يعتبرها خيانة لا تغتفر، ومن يرى فيها محاولة يائسة للهروب من واقع مسدود، تتعمق الانقسامات داخل العائلات والعشائر. الهوية هنا تتحول إلى ساحة صراع بين "أبناء الجبل" أنفسهم، حيث يبقى الوفاء لسوريا في مواجهة دعوات الانفكاك، مقياسًا للشرف والانتماء عند الأغلبية.
العزلة السياسية
من الناحية السياسية، فإن أي محاولة للانضمام رسميًا إلى إسرائيل تحمل نتائج كارثية على المستوى الإقليمي. فحامل الجنسية الإسرائيلية يُصنّف كعدو في القانون السوري، وممنوع من دخول معظم الدول العربية. كما أن التورط في الولاء لدولة معادية يضع الأفراد في مواجهة مباشرة مع اتهامات "الخيانة العظمى"، وما يتبعها من تبعات قانونية وأمنية على ذويهم.
سؤال المستقبل
إن طرح خيار الانتماء إلى إسرائيل ليس مجرد "رغبة فردية" بل انعكاس لشعور متزايد بالخذلان وفقدان الثقة بالدولة السورية. لكن السؤال الأكبر يبقى: هل الهروب إلى هوية بديلة يحل أزمة الانتماء، أم يزيدها تعقيدًا؟ وهل يمكن لأي مجتمع أن يجد ذاته خارج جذوره التاريخية والجغرافية؟
في النهاية، تبدو معركة السويداء الحقيقية ليست مع الدولة فحسب، ولا مع "الكيان الإسرائيلي"، بل مع الذات، مع تعريف معنى "الوطن" والبحث عن هوية جامعة في زمن التشرذم والانقسام.. .!!
محمد سعد عبد اللطيف - كاتب وباحث في الجيوسياسية والصراعات الدولية