تثير رغبة بعض الأصوات في محافظة السويداء بالانفكاك عن الهوية السورية والانضمام إلى إسرائيل نقاشًا شديد الحساسية، ليس فقط داخل الجبل، بل في عموم المشهد السوري والعربي. فما بين اعتبارات الهوية والانتماء، وضغوط الواقع السياسي والاجتماعي، تتحول المسألة إلى مرآة لأزمة أعمق يعيشها السوريون منذ عقود.. .، ،

--جذور الأزمة.

---

السويداء، التي تشكل مركزًا للوجود الدرزي في سوريا، لطالما احتفظت بمسافة من الصراع الدموي الذي اجتاح باقي البلاد، لكنّها لم تسلم من تداعيات الانهيار الاقتصادي وغياب الدولة ومؤسساتها. ومع تفاقم الأزمات المعيشية وانعدام الثقة بالسلطة المركزية، ظهر تيار يرى أن الانفتاح على إسرائيل أو حتى المطالبة بالجنسية الإسرائيلية قد يكون مخرجًا من حالة التهميش والحرمان.

--الهوية بين الولاء والاغتراب --

الانتماء الوطني ليس مجرد بطاقة هوية أو جواز سفر، بل هو إحساس متجذر بالارتباط بالأرض والتاريخ. لكن بعض الشباب في السويداء يرون أن هذا الانتماء قد تم تقويضه بفعل عقود من التهميش السياسي والاقتصادي. لذلك يصبح البحث عن بديل، حتى وإن كان "الكيان العدو" في نظر غالبية السوريين، خيارًا مطروحًا عند فئة صغيرة ترى في إسرائيل قوة قادرة على منح الاستقرار والأمان، ولو بثمن باهظ.

التبعات الاجتماعية

غير أن هذه الفكرة لا تمر دون صدمات داخل المجتمع المحلي. فبين من يعتبرها خيانة لا تغتفر، ومن يرى فيها محاولة يائسة للهروب من واقع مسدود، تتعمق الانقسامات داخل العائلات والعشائر. الهوية هنا تتحول إلى ساحة صراع بين "أبناء الجبل" أنفسهم، حيث يبقى الوفاء لسوريا في مواجهة دعوات الانفكاك، مقياسًا للشرف والانتماء عند الأغلبية.

العزلة السياسية

من الناحية السياسية، فإن أي محاولة للانضمام رسميًا إلى إسرائيل تحمل نتائج كارثية على المستوى الإقليمي. فحامل الجنسية الإسرائيلية يُصنّف كعدو في القانون السوري، وممنوع من دخول معظم الدول العربية. كما أن التورط في الولاء لدولة معادية يضع الأفراد في مواجهة مباشرة مع اتهامات "الخيانة العظمى"، وما يتبعها من تبعات قانونية وأمنية على ذويهم.

سؤال المستقبل

إن طرح خيار الانتماء إلى إسرائيل ليس مجرد "رغبة فردية" بل انعكاس لشعور متزايد بالخذلان وفقدان الثقة بالدولة السورية. لكن السؤال الأكبر يبقى: هل الهروب إلى هوية بديلة يحل أزمة الانتماء، أم يزيدها تعقيدًا؟ وهل يمكن لأي مجتمع أن يجد ذاته خارج جذوره التاريخية والجغرافية؟

في النهاية، تبدو معركة السويداء الحقيقية ليست مع الدولة فحسب، ولا مع "الكيان الإسرائيلي"، بل مع الذات، مع تعريف معنى "الوطن" والبحث عن هوية جامعة في زمن التشرذم والانقسام.. .!!

محمد سعد عبد اللطيف - كاتب وباحث في الجيوسياسية والصراعات الدولية

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: إلى إسرائیل

إقرأ أيضاً:

حادث وادي الحراش.. شخص مجهول الهوية بمستشفى عين النعجة

تداولت صفحات مواقع التواصل الإجتماعي، صورة لشخص من ضحايا حادث سقوط الحافلة بوادي الحراش، حيث لم يتم التعرف على هويته من قبل المصالح المختصة.

ويتواجد الضحية، بمصلحة الإنعاش بمستشفى عين النعجة العسكري، حيث لم يوجد بحوزته لا هاتف ولا وثائق.

وأصيب الضحية، أمس في حادث سقوط حافلة بواد الحراش، وهو حاليا في مصلحة الإنعاش بمستشفى عين النعجة.

يرجى من من تعرف عليه إبلاغ أهله وشكرا.

إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور

مقالات مشابهة

  • سوريا في كارثة.. أحمد موسى على ظهور أعلام إسرائيل في مظاهرات السويداء
  • متظاهرون موالون للهجري يرفعون علم إسرائيل في السويداء ويستجدون تدخلها (شاهد)
  • في مشهد صادم.. أعلام إسرائيل ترفرف في مظاهرات السويداء وسوريا تتهم تل أبيب بإشعال الفتنة
  • حسام عاشور يكشف سبب رفضه الانضمام إلى الزمالك
  • حادث وادي الحراش.. شخص مجهول الهوية بمستشفى عين النعجة
  • دراسة أثرية: المكان واللغة والرمز والعدالة مفردات شكلت هوية المصريين
  • أنشطة ثقافية وفنية تعزز الانتماء والهوية في أسيوط
  • تنويه من الهوية والجنسية يتعلق بتجديد جواز السفر للمواطنين
  • المعمار الصحراوي.. هوية بصرية تروي ذاكرة المغرب العميق