يبدو للوهلة الأولى أن تسمية منطقة الجيزة جنوب العاصمة الأردنية عمان مجرد مصادفة، أو أن شارع القاهرة في قلب المدينة ليس أكثر من اسم عابر، لكن وراء هذه الأسماء حكايات تكشف عن عمق الروابط التاريخية والثقافية التي جمعت مصر والأردن عبر القرون.

من زيزيا إلى الجيزة

يقول الخبير الدكتور محمد أبو عمارة، في حديثه لمراسلة وكالة أنباء الشرق الأوسط في عمان، إن المنطقة المعروفة اليوم باسم الجيزة كانت تعرف قديما باسم زيزيا أو زيزاء أو زيزا، وهي مفردات عربية تعني «المكان المرتفع» أو «الأكمة الصغيرة»، وقد أشار إليها المؤرخ ياقوت الحموي في معجم «غاية البلدان».

ويضيف أن الاسم الحالي «الجيزة» ارتبط بمرحلة تاريخية مفصلية في عهد إبراهيم باشا بن محمد علي باشا، والي مصر وقائد جيوشها، الذي قاد حملته العسكرية على بلاد الشام بين عامي 1831 و1841، وكان إبراهيم باشا ابن محمد علي باشا، والي مصر في عهد الدولة العثمانية، الذي سعى إلى توسيع نفوذ مصر والاستقلال تدريجيا عن السلطنة العثمانية، فبعث ابنه إبراهيم في حملات عسكرية لتثبيت سيطرته على بلاد الشام.

وخلال تلك الفترة استقر الجيش المصري في المنطقة، ويرجح أن الجنود المصريين أطلقوا عليها اسم "الجيزة" تشبيها بالجيزة المصرية الشهيرة، ومع مرور الوقت، انتقل الاسم من الاستخدام العسكري إلى التداول الشعبي ثم إلى الخرائط الرسمية.

اليوم تعد الجيزة واحدة من مناطق أمانة عمان الكبرى الواقعة على طريق المطار، على بعد نحو 30 كيلومترا جنوب العاصمة، وكانت تعرف سابقا ببلدة الجيزة، قبل أن تضم إلى حدود العاصمة عمان بموجب قرار أمانة عمان الكبرى عام 2007، الذي شمل ضم مساحات واسعة من جنوب وشرق مطار الملكة علياء الدولي إلى المخطط الشمولي للعاصمة.

وتعتبر الجيزة الآن لواء إداريا يضم ثلاث بلديات، أم الرصاص الجديدة، الجيزة الجديدة، والعامرية الجديدة، وتزخر بعدد من المواقع الأثرية المهمة مثل قصر المشتى، البركة، القلعة الرومانية، وسكة حديد الحجاز وغيرها.

الجيزة المصرية.. المعنى والرمزية

في السياق المصري، تعني كلمة «الجيزة» الضفة المقابلة أو «جهة العبور»، إذ تقع المحافظة على الضفة الغربية لنهر النيل في مواجهة القاهرة القديمة. ومن هنا ارتبط الاسم جغرافيًا بمعنى العبور والاجتياز، وهو ما أكسبه دلالة لغوية واضحة ظلت حاضرة حتى اليوم.

وتعد الجيزة إحدى محافظات القاهرة الكبرى الثلاث إلى جانب القاهرة والقليوبية، وعاصمتها مدينة الجيزة التي تأسست سنة 20هـ مع الفتح الإسلامي لمصر، ويعود تاريخها إلى أقدم العصور، فهي تحتضن بقايا مدينة منف أو ممفيس، العاصمة الأولى لمصر بعد توحيد قطريها على يد الملك نارمر، وتضم الجيزة أهم آثار العالم، بما في ذلك أهرامات الجيزة الشهيرة، جبانة منف التاريخية، المتحف المصري الكبير، وجامعة القاهرة العريقة، لتجمع بين عبق التاريخ وروعة التراث والحضارة.

شارع القاهرة في قلب عمان

وفي وسط العاصمة الأردنية، وتحديدا في منطقة العبدلي، يمتد شارع رئيسي يحمل اسم «شارع القاهرة»، وجاءت هذه التسمية ضمن سياسة أمانة عمان الكبرى منذ عام 2007، التي اعتمدت إطلاق أسماء عواصم ومدن عربية على الشوارع الرئيسية مثل دمشق وبغداد وبيروت، لتأكيد البعد القومي والذاكرة المشتركة في المشهد العمراني للمدينة.

ويحمل الشارع رمزية خاصة، إذ لا يقتصر دوره على كونه ممرا للحركة اليومية، بل يرسخ حضور القاهرة - بما تمثله من ثقل عربي وثقافي - في وجدان سكان عمان وزوارها.

ميدان عمان في القاهرة

وعلى الجانب الآخر، تحتضن العاصمة المصرية ميدان «عمان»، الذي اختير اسمه ليكون شاهدا رمزيا على متانة العلاقات المصرية- الأردنية، وجاءت هذه التسمية في صورة تبادلية تعكس الاحترام المتبادل بين الشعبين، وتجسد حضور كل مدينة في ذاكرة الأخرى.

شواهد على التاريخ

منطقة الجيزة الأردنية وشارع القاهرة في عمان، إلى جانب ميدان عمّان في القاهرة، جميعها شواهد صغيرة تؤكد أن العلاقات بين مصر والأردن ليست مجرد ملفات سياسية أو تعاون اقتصادي، وإنما جسور ممتدة في تفاصيل الحياة اليومية والذاكرة العمرانية، تحكي تاريخًا طويلا من التلاقي والتواصل بين الشعبين.

اقرأ أيضاًرئيس الوزراء يلتقي رئيس شركة «TBEA» الصينية المتخصصة في هندسة الطاقة وتصنيع المعدات الكهربائية

لقاء مع مقاتلي المنطقة الغربية العسكرية.. أنشطة القوات المسلحة خلال أسبوع «فيديو»

محافظ شمال سيناء لوفد الشيوخ الأمريكي: الجانب المصري من معبر رفح لم يغلق أبدا

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: العلاقات بين مصر والأردن الجيزة الأردنية العاصمة الأردني الجيزة المصرية شارع القاهرة ميدان عمان شارع القاهرة

إقرأ أيضاً:

جامعة العاصمة تحصد المركز الأول في خدمة المجتمع والبيئة بين الجامعات المصرية

حققت جامعة العاصمة إنجازات بارزة في مجال خدمة المجتمع وتنمية البيئة، مؤكدة دورها الرائد كمؤسسة تعليمية لا تقتصر مهمتها على التدريس والبحث العلمي، بل تمتد لتشمل المسؤولية المجتمعية والتنمية المستدامة. وتأتي هذه الجهود تحت رعاية الدكتور السيد قنديل رئيس الجامعة، وبقيادة الدكتور وليد السروجي نائب رئيس الجامعة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، في إطار دعم رؤية مصر 2030.

وشملت المبادرات البيئية والتنموية، إطلاق مبادرة "صنع في جامعة العاصمة " لتشغيل الطلاب في ورش إعادة تدوير المخلفات وتحويلها إلى منتجات قابلة للاستخدام، نتج عنها أكثر من 95 منتجًا مبتكرًا، وكذلك مبادرة جامعة العاصمة خالية من التدخين، وإنشاء كافتيريات صديقة للبيئة، مع برامج لترشيد استهلاك الطاقة.

إضافة إلى حملات للتشجير والنظافة داخل وخارج الحرم الجامعي، وتعليم الأهالي زراعة الأسطح، و مشروعات تنموية في القرى الأكثر احتياجًا مثل: كفر العلو، مساكن عثمان، عرب راشد، عرب غنيم، إضافة إلى قوافل تنموية تثقيفية وصلت إلى أسوان، حلايب وشلاتين، الأسمرات، الزاوية الحمراء، طره الجديدة، ومدينة 15 مايو، وأيضاً مواجهة قضايا مجتمعية مثل: زواج القاصرات، ختان الإناث، مناهضة العنف ضد المرأة، التطرف الفكري، التغذية السليمة، والتأهيل لسوق العمل، و فتح فصول لمحو الأمية بالتعاون مع الهيئة العامة لتعليم الكبار.

كذلك نظمت المبادرات الصحية والاجتماعية التي تضمنت، تنظيم حملات للتبرع بالدم بالتعاون مع وزارة الصحة والهلال الأحمر المصرة، و التوعية بالتبرع بالبلازما ضمن المشروع القومي "جريفولز إيجيبت" لدعم الصناعة الوطنية، وأيضاً المشاركة في المبادرات الرئاسية للكشف المبكر عن الأورام السرطانية والأمراض المزمنة، و برامج للحماية الاجتماعية والصحية تستهدف الطلاب والمجتمع المحلي، وكذلك دعم المستشفيات وتوفير الاحتياجات الطبية للمرضى.

وهناك عدد من المبادرات التعليمية والثقافية وهي: تنظيم ندوات وورش عمل حول قضايا مجتمعية مثل الأمن السيبراني، التحول الرقمي، إدارة الأزمات والكوارث، ومناهضة العنف وعدم المساواة، و الاهتمام بذوي الهمم والأنشطة البيئية والصحية بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني، ودعم الأنشطة الثقافية والفنية لتعزيز الهوية الوطنية وغرس قيم التعاون والتكافل بين الطلاب.

كما استطاعت الجامعة في مجال خدمة المجتمع وتنمية البيئة تحقيق إنجازات كبرى شملت:حصول جامعة العاصمة على المركز الأول كأفضل جامعة صديقة للبيئة بين الجامعات المصرية، و التميز في ملفات محو الأمية، تأهيل الطلاب لسوق العمل، دعم المشروعات الطلابية والبحثية الابتكارية، وتنفيذ مشروعات تنموية في المناطق الأكثر احتياجًا، وكذلك إصدار كتيب شامل حول إعادة تدوير المخلفات، يتضمن نماذج من أعمال ومشروعات الطلاب في هذا المجال.

بهذه المبادرات، أثبتت جامعة العاصمة أنها ليست مجرد مؤسسة تعليمية، بل شريك أساسي في التنمية المجتمعية والبيئية، وبيت خبرة علمي يسهم في بناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة.

مقالات مشابهة

  • جامعة العاصمة تحصد المركز الأول في خدمة المجتمع والبيئة بين الجامعات المصرية
  • حملات مرورية لرصد المخالفات بمحاور القاهرة والجيزة
  • قبل ما تتحرك من بيتك.. كثافات متحركة على أغلب طرق ومحاور القاهرة والجيزة
  • جامعة القاهرة تناقش ملف العدالة التاريخية لدعم القضايا الإفريقية غدًا
  • الصيد يحصد 4 ميداليات متنوعة فى بطولة القاهرة والجيزة للجودو تحت 12سنة
  • نشرة مرور "الفجر".. انتظام مروري بمحاور وميادين القاهرة والجيزة
  • الحالة المرورية.. انتظام حركة السيارات على أغلب شوارع وميادين القاهرة والجيزة
  • كلية الدراسات الإفريقية العليا بجامعة القاهرة تفتح ملف العدالة التاريخية والتعويضات نحو مقاربة شاملة لإنصاف إفريقيا
  • هتلحق البصمة.. انسياب مروري تام بمحاور القاهرة والجيزة
  • تفاصيل الحالة المرورية اليوم بشوارع ومحاور القاهرة والجيزة