بالأرقام.. هل خلقت أوكرانيا تكافؤ فرص في الحرب مع روسيا؟
تاريخ النشر: 30th, August 2025 GMT
كييف- بالمُسيَّرات ومختلف أنواع الصواريخ، تعرضت العاصمة الأوكرانية كييف إلى واحدة من أضخم وأعنف الهجمات الروسية المركبة ليلة أول أمس الخميس، أدت إلى مقتل 23 شخصا وإصابة أكثر من 50 آخرين، ثم إعلان الحداد حزنا على الضحايا، وحجم الدمار الواسع الذي طال 225 مبنى في المدينة، وفق إدارتها العسكرية.
ولكن، رغم أن ختام أغسطس/آب كان بهذا الهجوم الضخم، وهجمات أخرى على مدن دنيبرو وزاباروجيا وغيرها، فإنه شهر رجحت فيه كفة القصف بعيد المدى -وفق خبراء- لصالح أوكرانيا، بعشرات الضربات اليومية تقريبا على مصافي النفط ومرافق التخزين ومحطات وشبكات التصدير في العمق الروسي، أو داخل الأراضي الأوكرانية الخاضعة للسيطرة الروسية.
وأحصت وسائل إعلام محلية أن أوكرانيا شنَّت منذ بداية العام الجاري 100 هجوم مؤكد رسميا من قبل كييف على البنية التحتية للنفط والغاز في روسيا، جُلها كان خلال الشهر الجاري.
النفقات والخسائر
بالدراسات والأرقام، يؤكد أوكرانيون أن ما صرفوه على تلك الهجمات لا يساوي شيئا أمام حجم الخسائر التي لحقت بروسيا في شتى المجالات، لاسيما الاقتصاد والناتج المحلي.
ولتوضيح ذلك، تحدثت الجزيرة نت مع مدير البرامج الاقتصادية في "المعهد الأوكراني للمستقبل"، أناتولي أميلين، الذي كشف أن "المعهد أجرى دراسة مفصلة على 75 هجوما أوكرانيا من أصل 100، وخلص إلى أن كل دولار واحد أنفقته أوكرانيا، ألحق أضرارا مختلفة لدى الجانب الروسي، تتراوح ما بين 50 وألف دولار، بحسب المواقع المستهدفة".
وأوضح قائلا "متوسط تكلفة الطائرة المسيرة بعيدة المدى هو 50 و200 ألف دولار، لأنها صناعة محلية خالصة تقريبا، ومتوسط تكلفة الهجوم تتراوح ما بين 0.5 ومليوني دولار (باستخدام 1-10 طائرات)، وهكذا فإن (حملة 2025) كلفت تقريبا ما بين 50 و200 مليون دولار".
وأضاف "على الجانب الآخر، أحصينا، وتحدث الروس، عن خسائر مباشرة تبلغ من 1 إلى 1.5 مليار دولار، وحجم أضرار تتراوح بين 10و20 مليارا".
إعلانوتابع "لقد تراجعت أحجام تكرير النفط لديهم (الروس) بواقع 540 إلى 900 ألف برميل يوميا أي بنسبة 10-17% من إجمالي الإنتاج السابق، وخسر الناتج المحلي 0.5 -1%، أي ما بين 10 و20 مليار دولار من قيمة الناتج المحلي الإجمالي المتوقع لعام 2025، والبالغ تريليوني دولار".
بهذه الضربات وغيرها، يتحدث مراقبون عن "نموذج أوكراني خاص" لخلق شيء من تكافؤ في القوى مع روسيا، وإستراتيجية تسمح باستنزاف وإضعاف الروس، إذا ما طال أمد الحرب أكثر.
ويقول مستشار لجنة الدفاع في البرلمان الأوكراني، يوري فيدورينكو "حربنا مختلفة بكل مقاييس القوى، فجيشنا الذي احتل المركز 21 عالميا يقاتل ثاني أكبر وأقوى الجيوش، ورغم هذا الفارق، عرَّضناه لضرب مبرح على مدار أعوام الحرب الماضية".
وأوضح للجزيرة نت "هم أكثر مالا وعددا وقوة، ولكننا أكثر إبداعا، ورغم حجم الخسائر، صنعنا انتصارات غيَّرت مسار الحرب، بدءا من استخدام الطائرات المسيرة، ثم بتوجيه ضربة ساحقة لأسطول روسيا في البحر الأسود -الذي لا يقهر- وتحرير المنطقة المائية منه".
وأضاف فيدورينكو أنهم يلحقون بالمجمع الصناعي العسكري واقتصاد الروس أضرارا لا يمكن إصلاحها، بسبب التعليق المنتظم لحركة النقل الجوي، "والآن نقوم بتدمير قطاع النفط الأكثر أهمية وقداسة في الاقتصاد الروسي".
وتابع أن "هذه ليست نجاحات تكتيكية، بل إستراتيجية استنزاف مستمر، يدمر الأساس الاقتصادي لآلة الحرب بشكل منهجي، ويظهر كيف يمكن لدولة محدودة الموارد، ولكنها متقدمة تقنيا، أن تقاوم العدو بشكل فعال وطرق متعددة".
وأردف متوقعا أنه إذا استمرت ضرباتهم على روسيا بوتيرتها الراهنة، "فمع نهاية العام 2025 قد يصل إجمالي خسائر الاقتصاد الروسي إلى 35-45 مليار دولار، أي ما يعادل 2-2.5% من الناتج المحلي الإجمالي".
"حملات منتظمة"ورغم أن هذه الضربات تقابل برد فعل روسي أقوى، لا يستثني محطات وشبكات النفط والغاز والكهرباء أيضا، يبدو أن أوكرانيا مصرة على الاستمرار بما يسميه بعض الخبراء "حملات قصف منتظمة".
ومن وجهة نظر الخبير أناتولي أميلين "إذا حافظت أوكرانيا على (حملات منتظمة) بمعدل 8-10 شهريا، فهذه ستكون عملية مستمرة أثرها أكبر حتى من عملية (شبكة العنكبوت) التي تم تنفيذها بداية شهر يونيو/حزيران الماضي".
ويدلل على ذلك بالقول: "بالإضافة إلى خسائر قطاع النفط وتداعيات ذلك على قدرات التصدير والاقتصاد بشكل عام، بدأت تتشكل أزمة داخل مجتمع روسيا، بطوابير طويلة أمام محطات الوقود، وأصوات متزايدة لوقف الحرب، وهذه مجرد بداية فقط".
نحو التصعيد
أما فيما يخص جبهات القتال الممتدة مسافة تزيد عن 1200 كيلو متر، فيقول المستشار يوري فيدورينكو "عندما تشكل عائدات النفط والغاز 30-40% من الميزانية الروسية، فإن كل مصفاة متضررة تشكل ضربة لإمكاناتهم، وإن الروس بدؤوا يعانون نقصا في إمدادات الوقود، وهذا يقلل كثافة عملياتهم الهجومية شيئا فشيئا".
ويرى فيدورينكو أن "التاريخ يعيد نفسه كما حدث قبل انهيار الاتحاد السوفياتي، فأزمة الوقود التي تلوح في الأفق، والعقوبات المتوقعة على روسيا والمتعاونين معها، قد تكون هي العامل الذي سيجبر الكرملين على إعادة النظر في طموحاته العسكرية".
إعلانويضيف أن "الأهم ألا نتوقف عند هذا الحد، حتى وإن كان الرد الروسي مؤلما، والمزيد ينتظر الروس، وليس فقط بالمسيرات، بل بصواريخ (نيبتون) و(فلامينغو) محلية الصنع، وربما حتى بصواريخ أميركية نوعية سنحصل عليها، إذا سمح لنا باستخدامها لضرب مواقع في العمق الروسي".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات ما بین
إقرأ أيضاً:
بالأرقام.. شركات السلاح حول العالم تحقق أرباحًا غير مسبوقة
أشار التقرير إلى أن "التأخيرات واسعة النطاق وتجاوز الميزانيات لا تزال تؤثر على تطوير وإنتاج" في برامج أميركية رئيسية، بما في ذلك مقاتلة F-35.
على وقع الحروب في أوكرانيا وغزة، وسعي الدول لتعزيز قدراتها العسكرية في سباق التسلح، ارتفعت إيرادات شركات تصنيع الأسلحة العالمية بنسبة 5.9% خلال العام الماضي، وفقًا لتقرير أصدره معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI).
وأشار التقرير، الذي نشرته وكالة "أسوشيتد برس" اليوم الإثنين، إلى أن إيرادات أكبر 100 شركة أسلحة في العالم ارتفعت لتصل إلى 679 مليار دولار في 2024، وهو أعلى رقم يسجل في التاريخ.
ولفت التقرير إلى أن الزيادة شملت دولًا متعددة حول العالم، باستثناء منطقتي آسيا وأوقيانوسيا بسبب مشكلات صناعة الأسلحة في الصين، في حين جاء الجزء الأكبر من الزيادة من نصيب الشركات الأوروبية والأميركية.
أمريكاوأوضح التقرير أن 30 من بين 39 شركة أميركية مدرجة ضمن قائمة أكبر 100 شركة عالمية، من بينها لوكهيد مارتن ونورثروب غرومان وجنرال ديناميكس، سجلت زيادة في الإيرادات، حيث بلغ إجمالي دخلها 334 مليار دولار بارتفاع نسبته 3.8%.
ومع ذلك، أشار إلى أن "التأخيرات واسعة النطاق وتجاوز الميزانيات لا تزال تؤثر على تطوير وإنتاج" في برامج أميركية رئيسية، بما في ذلك مقاتلة F-35.
Related مادورو يطلب المساعدة من بوتين: الكرملين يعترف مع استمرار التسلح الأمريكيسباق تسلح جديد بين الهند وباكستان: الطائرات المُسيّرة تدخل ساحة الصراعبوتين: أوكرانيا تريد وقفاً لإطلاق النار لإعادة التسلح وتعزيز قواتهارئيس وزراء بولندا: زمن الراحة قد انتهى وعلى أوروبا أن تتسلح لضمان بقائهافي أوروبا، شهدت 23 من أصل 26 شركة، باستثناء روسيا، زيادة في إيرادات الأسلحة على ضوء رفع القارة لإنفاقها العسكري، حيث ارتفع إجمالي دخلها بنسبة 13% ليصل إلى 151 مليار دولار، مدفوعًا بالطلب المرتبط بالحرب في أوكرانيا والتهديد الروسي.
وحققت شركات مثل المجموعة التشيكوسلوفاكية في جمهورية التشيك زيادة هائلة بنسبة 193% بفضل مشروع حكومي لتوريد قذائف المدفعية لأوكرانيا، كما سجلت الشركة الأوكرانية JSC Ukrainian Defense Industry زيادة بنسبة 41%.
أما الشركتان الروسيتان المدرجتان في قائمة SIPRI، وهما روستيك وUnited Shipbuilding Corporation، فقد ارتفعت إيراداتهما من الأسلحة بنسبة 23% لتصل إلى 31.2 مليار دولار مجتمعة، رغم العقوبات التي أدت إلى نقص في المكونات. إذ أوضح المعهد أن الطلب المحلي كان كافيًا لتعويض انخفاض صادرات الأسلحة، رغم أن نقص العمالة الماهرة يشكل تحديًا.
الشرق الأوسط وآسياوفي الشرق الأوسط، سجلت ثلاث شركات إسرائيلية في التصنيف زيادة بنسبة 16% لتصل إلى 16.2 مليار دولار. وذكرت الباحثة في SIPRI، زبيدة كريم، أن ردود الفعل على الحرب الإسرائيلية في غزة "يبدو أنها لم تؤثر كثيرًا على الاهتمام بالأسلحة الإسرائيلية"، وأن العديد من الدول واصلت تقديم طلبات جديدة.
على المقلب الآخر، سجلت الإيرادات انخفاضًا طفيفًا في آسيا وأوقيانوسيا، بنسبة 1.2% لتصل إلى 130 مليار دولار. ويرجع هذا الانخفاض بشكل رئيسي إلى تراجع إيرادات الشركات الصينية الثماني المدرجة في المؤشر بنسبة 10%، نتيجة تأخر أو إلغاء عقود كبيرة العام الماضي، على خلفية مزاعم فساد متعددة في عمليات شراء الأسلحة في الصين، وفقًا لتقرير المعهد.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة