العدودة في رثاء الراحلين.. الوجع الذي يسكن وجدان الأقصر
تاريخ النشر: 30th, August 2025 GMT
في الأقصر، إذ تختلط الأساطير القديمة بحياة الناس اليومية، ما زال صوت "العدودة" حاضرًا في وداع الراحلين.
هذا التراث الشفاهي الذي تتقنه النساء، يتحول في الجنازات إلى كلمات مرتجلة تشبه الشعر الشعبي، ينساب معها الحزن وتنعكس فيها مكانة المتوفى بين أهله.
ويقول المؤرخ التاريخى والمفتش الاثري “ أحمد عبد الله الطاهر ” إن “ العدودة ” او "العديد" بلغة بلدنا ، يعد واحدًا من أهم الموروثات الثقافية لنساء الصعيد، إذ يُبنى على رثاء المتوفى بعبارات شعرية تتغنى بصفاته، وتقوم إحدى السيدات ببدء الإنشاد ثم تردد النساء خلفها.
كما يشير إلى أن مراسم العديد ارتبطت بحركات مصاحبة مثل رقصة "الحجلة"، بينما في الوجه البحري كانت توجد سيدات يُستأجرن للقيام بهذا الدور ويُعرفن بالندابة أو المعددة. ومن أمثلة ما يتردد في هذا الفلكلور الشعبي:
"يا قايلة قولي على الرجالة.. ما خربوا البيوت وعمروا الجبانة"
“ابوكي يا بت وابكي على ابوكي.. ما ينفعك عمك ولا اخوكي”وهناك أنواع من " العدودة " حيث تخلتف عدودة الرجل عن السيدة عن الشاب عن الأطفال.
حين يرحل رجل من البيت، تتصاعد كلمات الوداع التي تصفه كالسند والحماية:
"يا سندي وضهري يا حامي العيال.. بعدك يا غالي كسر الجبال"
“يا عمود دارنا المايل.. وقع العمود ومالت الحيطان”
أما رحيل النساء، فيحمل في طياته مراثٍ تفيض بالحنين:
"يا نور البيت يا فرحة زمان.. بعدك يا أمي الدنيا دخان"
“يا حضن دافي يا زينة دارنا.. راحت معاك الحنية”
رحيل الشباب يترك مرارة لا تحتمل، وتأتي الكلمات كأنها بكاء على عمر لم يكتمل:
"يا عمر ماكملش يا زينة شباب.. راح الحلم وانكسر الباب"
“يا عريس ما لبسش توب فرحه.. كفنك يا غالي غطى جرحه”
أما الأطفال، فوداعهم يختلط فيه البكاء بالدهشة، وكأن الأرواح الصغيرة لم تُعطَ فرصة للعيش:
"يا ضحكة بدري راحت في يوم.. يا وردة صغنونة خطفها النوم"
“يا ملاك نازل من سما.. رجعت بسرعة لربك وما دفيت دنيتنا”
رغم أن الأقصر اليوم وجهة عالمية للسياحة، فإن قرى المحافظة ما زالت تتمسك بالعدودة كجزء من وجدانها. فهي ليست مجرد كلمات تُقال في العزاء، بل لغة وجدانية تحفظ للراحلين مكانتهم وتبقي حضورهم في قلوب من بقوا.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الأقصر اخبار الاقصر العدودة
إقرأ أيضاً:
بين الحرف والوجدان: رحلة ممتعة مع “بداية البداية”
في حديث دافئ مع الكاتبة وجدان عبدالعزيز اللحيدان، صاحبة كتاب – بداية البداية -، الذي حمل بين صفحاته مجموعة من الخواطر المتنوعة التي ترافق القارئ في رحلة مليئة بالفوائد والقيم، وتتحدث عن مشاعر مختلفة تفتح آفاقًا واسعة للتفكر والتأمل، ذكرت أ. وجدان أن الخواطر بالنسبة لي ليست نصوصًا عابرة، بل محطات يعيشها الإنسان في رحلة من التأمل والمعرفة، وكل موضوع أكتبه ينبع من شعور خاص، وخلف هذا الشعور تنبثق رؤى كثيرة للحياة، وتضيف أن من أبرز المواضيع التي تناولتها في كتابها الخِيَرة، والصلاة، والرضا، والآباء، معتبرةً أنها محاور تمسّ جوهر الإنسان وتلامس احتياجاته الروحية والعاطفية.
من الطفولة بدأت الكتابة
بدأت علاقتي مع الكتابة منذ الصغر، كنت أجد فيها ملاذي الأول، أكتب لأفهم نفسي ولأحاور أفكاري، أما عن مصدر إلهامها فتوضح: أن الإلهام يأتي حين أكون في رحلة سفر، أو عندما أتنزه بين الطبيعة، فهناك أشعر أن الأفكار تنساب كما تنساب نسمة الصباح، وتختم وجدان حديثها برسالة صادقة: اكتبوا بصدق، فالكلمة الصادقة تصل مهما كانت بسيطة، والخواطر ليست مجرد حروف، بل حياة صغيرة نمنحها للآخرين.
جريدة الرياض
إنضم لقناة النيلين على واتساب