في كل عام، ومع إعلان نتائج الثانوية العامة، تبدأ رحلة الترقب والقلق داخل آلاف البيوت المصرية. حلم الجامعة الذي طالما راود الأبناء يتحكم فيه جهة واحدة: مكتب التنسيق الجامعي.

لقد شُيِّد هذا المكتب ليكون حلقة الوصل بين الطالب ومقعده الجامعي، فهو الجهة المنوط بها توزيع الطلاب على الكليات المختلفة (الحكومية، الخاصة، والأهلية) بناءً على المجموع الكلي الذي حصل عليه الطالب في الثانوية العامة، في عملية تبدو للوهلة الأولى منظمة ومحايدة.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل هذا هو السبيل الأمثل لتحقيق العدالة وتكافؤ الفرص؟ هل نجح مكتب التنسيق في تحقيق هدفه؟

ما زال مكتب التنسيق يتعامل مع الطلاب وكأنهم أرقام في جداول، لا أرواح لهم، ولا طموحات، ولا قدرات متمايزة. كل من حصل على درجة أعلى نال مقعدًا في القمة، بصرف النظر عن رغبته وميوله، وما إذا كان يناسبه التخصص أم لا.

إلى متى ستبقى الدرجات وحدها هي المعيار الأوحد الذي يحدد مصير الطلاب؟

أين بقية العناصر التي تصنع طالبًا ناجحًا وإنسانًا منتجًا؟

أين الميول والرغبات؟ أين المهارات والقدرات؟ أين الثقافة الشخصية والاستعداد النفسي؟

إننا نغفل أهم ما في العملية التعليمية: الإنسان نفسه. ثم نعود بعد سنوات لنشتكي من ضعف مخرجات التعليم الجامعي، ومن خريجين يحملون شهادات لا تعكس أي توافق حقيقي مع قدراتهم ولا مع احتياجات المجتمع.

معايير الالتحاق الحقيقي بالتعليم الجامعي

إن التعليم الجامعي ليس مجرد محطة بعد الثانوية، بل هو مرحلة تأسيسية في بناء الإنسان المهني والعلمي. ولهذا، لا بد أن تكون معايير القبول شاملة وموازنة، ومن أهمها:

التحصيل الأكاديمي: نعم، الدرجات مهمة، لكنها ليست كل شيء.

الميول والاهتمامات: الطالب الذي يدرس ما يحب، يبدع.

المهارات والقدرات: بعض التخصصات تتطلب مهارات تحليلية، أو إبداعية، أو تواصلية خاصة.

الاستعداد النفسي والدافعية: لا نجاح بدون رغبة حقيقية وتحمل للمسؤولية.

اختبارات القبول: تقيس الجاهزية الفعلية لكل تخصص.

الدعم الأسري والاجتماعي: فالتعليم لا ينفصل عن الواقع.

مراعاة سوق العمل: لا بد أن تتكامل الرغبة مع الحاجة المجتمعية.

هذه المعايير معًا تخلق بيئة تعليمية عادلة وفعالة، وتساعد الطالب على اختيار التخصص الذي يتناغم مع شخصيته وقدراته وطموحه.

ماذا نحتاج؟ رؤية جديدة للقبول الجامعي

إذا كنا نطمح إلى نظام تعليمي أكثر عدلاً وإنسانية وفاعلية، فعلينا أن نعيد النظر في فكرة مكتب التنسيق.

ولعل البديل الأكثر واقعية وشفافية أن يُتاح لكل طالب التقدم للكلية التي يرغب بها، عبر اختبار قبول متخصص تنظمه الكلية ذاتها، ويشمل:

تقييم تحصيله العلمي السابق، وقياس مهاراته، والتأكد من ملاءمة ميوله للتخصص.

دفع رسوم رمزية لدعم إجراءات التقييم.

وتُمنح الكليات الحق في تحديد معاييرها الخاصة بما يتوافق مع طبيعة التخصص، وأن تتولى لجنة أكاديمية مختصة مسؤولية القرار بقبول الطالب أو رفضه.

ولمن يخفق في المرة الأولى، يُسمح له بإعادة المحاولة برسوم جديدة، أو اختيار كلية أخرى يتقدم لاختبارها.

هكذا يصبح الطريق الجامعي فرصة عادلة لكل من يملك الطموح والقدرة.

ماذا عن التوقيت؟

تتولى هيئة تطوير التعليم تنظيم مواعيد اختبارات القبول، بحيث لا تتعارض مع بداية العام الدراسي الجامعي. بل ويمكن – إن رأت الهيئة – السماح بإجراء هذه الاختبارات قبل انتهاء العام الدراسي الثانوي، لتنظيم العملية بكفاءة أكبر.

كلمة أخيرة

الجامعات ليست مجرد مقاعد، والتعليم ليس مجرد شهادة. بل هو بناء إنسان، وتشكيل وعي، وتفجير طاقات.

فهل نملك الشجاعة الكافية لنقول: وداعًا لمكتب التنسيق… وأهلًا بمنظومة تقيم الطالب الإنسان، لا درجاته فقط؟

طباعة شارك مكتب التنسيق الثانوية العامة تنسيق الثانوية العامة

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: مكتب التنسيق الثانوية العامة تنسيق الثانوية العامة الثانویة العامة مکتب التنسیق

إقرأ أيضاً:

هند عصام تكتب.. الملك بينوزم الأول

بما أن هناك أحداث طارئة جعلتنا نتجه بالسرد للأسرة الحادي والعشرون فإننا ما زلنا على تواصل مع هذه الأسرة ويجيب علينا أن لا نتجاهل الملوك السابقين لهذه الأسرة بما إننا أفتتحنا هذه الأسرة بملك معين وهو الملك آمون أم أوبت وذلك لظروف طارئة حديثة.
وبالتحديد إذا كان هذا الملك هو والد الملك بسوسينس وجد الملك أمون أم أوبت صاحب الأسورة المسروقة ويجب علينا أيضا أن نتوخى الحذر فى الحديث عن ملوك وملكات مصر الفرعونية القديمة وإلا يختلط الأمر على القارئ بين أسماء ملوك وملكات مصر وملك هذا الأسبوع هو الملك بينوزم الأول (ينطق أيضا بينچم) كاهن آمون الأكبر في طيبة في مصر القديمة في الفترة من 1070 ق.م حتى 1032 ق.م ، والحاكم الفعلي للوجه القبلي من عام 1054 ق.م ، وكان ابناً للكاهن الأكبر بيعنخي ، ويعتقد علماء المصريات الآن أن تسلسل انتقال كهانة آمون سار من بيعنخي إلي حريحور ثم إلى بينوزم.

كان لوالديه بيعنخي ونوچميت العديد من الأطفال؛ ويعرف لبينوزم الأول منهم ثلاثة أشقاء (حقا نفر، حقا ماعت، عنخف ان موت) وأخت واحدة (فاي إن موت) ، كما يُعرف له ثلاث من زوجاته : دوات حتحور حنت تاوي (يعني اسمها محبوبة حتحور سيدة الأرضين)، ابنة رمسيس الحادي عشر التي ولدت له  العديد من الأطفال منهم الفرعون بسوسنس الأول ، والزوجة الإلهية لآمون ماعت كا رع  ، والأميرة حنت تاوي وعلى الأرجح أيضاً الملكة موت ان نزمت زوجة بسوسنس.

والزوجة الثانية تسمى استمخب (است - ام - خب)، مغنية آمون ، وقد ذكرت جنباً إلى جنب مع بينوزم الأول على طوب لبن وجد في منطقة تسمى الحيبان ، أما الزوجة الثالثة المحتمله فتسمى تنتابخنو ، التي ذكرت في بردية ابنتها نوني الجنائزية ، وقد دفنت نوني في طيبة وحملت لقب ابنة الملك، وبالتالي فمن المرجح أن بينوزم كان والدها.

و بخلاف بسوسنس، كان لبينوزم الأول أربعة أبناء آخرين والدتهم مجهولة الهوية، ولكن واحد أو أكثر منهم يجب أن تكون دوات حتحور حنت تاوي أمهم: ماساهارتا، دد خونسوف عنخ، من خبر رع (و كل واحد منهم أصبح فيما بعد كاهنا أعلى للإله آمون) ونسي با نفر حور، الأب الإلهي لآمون ، وقد تم استبدال اسمه باسم أحد أبناء حريحور في معبد خونسو في الكرنك.

ووفقا لفرضيات جديدة حول خلافة كهنوت الإله آمون، فإن بينوزم كان صغيرا جدا لخلافة والده في منصب كاهن آمون الأكبر بعد وفاته.  لذلك تدخل حريحور وأخذ المنصب بدلا منه ، وبعد موت حريحور طالب بينوزم بالمنصب لأن والده بيعنخي كان الكاهن الأكبر في يوم يوم من الأيام ، ويدعم هذا التفسير النقوش من معبد خنسو بالكرنك حيث تتبع نقوش بينوزم مرحلة من نقوش حريحور دون تدخل من نقوش بيعنخي على الإطلاق ، وقد استمرت لفترة طويلة حيث تقلد بينوزم الأول منصب كاهن الإله أمون الأكبر ثم في وقت لاحق أصبح ملك طيبة.
و قد ورث بينوزم السلطتين السياسية والدينية في طيبة ، فقام على تعزيز سيطرته على مصر الوسطى ومصر العليا ، وأكد استقلال مملكته الظاهري عن حكم الأسرة الحادية والعشرين التي يوجد مقرها في تانيس ، وتزوج من دوات حتحور حنت تاوي ، ابنة رمسيس الحادي عشر، لتعزيز علاقاته مع الأسرات القوية في تلك الفترة ، وقد أصبح ابنهما ، بسوسنس الأول، فرعوناً في تانيس، مما أزال الفجوة بين الأسرتين ، وعمليا ، ففي العموم لم يكن ملوك الأسرة الحادية والعشرين وكبار كهنة طيبة  متباعدين لهذه الدرجة سياسيا لأنهم احترموا الاستقلال السياسي لكل منهما.

في حوالي السنة 15 أو 16 من حكم الفرعون سمندس ، نصب بينوزم الأول نصب نفسه فرعوناً على الصعيد (مصر العليا) ، وورث دوره الكهنوتية ابنيه مساهارتا ومن خبر رع ، كما شغلت  ابنته، ماعت كا رع ، منصب زوجة آمون.

أما عن آثار الملك بينوزم تم اكتشاف مومياء الملك بينوزم الأول داخل تابوت الملك تحتمس الأول، في خبيئة الدير البحري، وهي الآن معروضة في متحف القاهرة. على الرغم من نهب بعض مقتنيات المومياء، فقد عُثر على كتاب الموتى بين ساقي الفرعون سليماً. كما تم العثور على صناديق تماثيل مجيبة باسمه في نفس الخبيئة.

كما وُجدت في تابوت الملك تحتمس الأول بخبيئة الدير البحري، وتم إصلاحها وإعادة وضع جثة الفرعون بينوزم فيها.

وعُثر على صناديق تماثيل مجيبة باسم بينوزم الأول في خبيئة الدير البحري، وهي معروضة في متحف القاهرة. 
ولكن تم نهب المجوهرات التي كانت تزين صدر المومياء، لكن كتاب الموتى وُجد سليماً بين ساقي الفرعون.

كما أوضحت مومياء الملك بينوزم الأول أنه  كان قصير القامة ونحيل الجسم.

طباعة شارك بسوسنس الملك أمون الأسورة المسروقة

مقالات مشابهة

  • د. أمل منصور تكتب: هي هكذا .. من يكتفي يختفي
  • منال الشرقاوي تكتب: تشويش
  • د. منال إمام تكتب: حين تكلمت مصر.. الدبلوماسية المصرية تكتب التاريخ قبيل العبور
  • موعد امتحانات طلاب الثانوية العامة 2026
  • حزب الميثاق الوطني ينظم ورشة لمناقشة نظام الثانوية العامة الجديد “صور”
  • هند عصام تكتب.. الملك بينوزم الأول
  • والدة أسير إسرائيلي بغزة: لن نسمح بتفويت هذه الفرصة لإعادة أبنائنا
  • حذارِ.. 5 غيابات تؤدي إلى إقصاء الطالب الجامعي
  • حذار.. 5 غيابات تؤدي إلى إقصاء الطالب الجامعي
  • البنيان للمعلمين: أنتم القدوة الأولى ومصدر إلهام أبنائنا