بوابة الوفد:
2025-12-11@02:11:16 GMT

سيناريو «خيالى» لدعم غزة!

تاريخ النشر: 3rd, September 2025 GMT

كيف حققت البشرية كل هذا التقدم الذى نعيشه؟ بالخيال، فبه تمكن الإنسان من غزو القمر، وبه تمكن من تطويع الأرض لتتجاوب مع تطلعاته. على هذه الخلفية ربما لنا أن نُعمل خيالنا لتحقيق ما هو معجز أو أقرب إلى الإعجاز. صحيح أن الموضوع الذى نخوض فيه هنا لا يتطلب كل هذا الشطط، ولكن لو أنك علمت خبايا الأمور لأدركت منطقنا فى مثل هذا الجموح.

الحكاية وما فيها أننا دولا وشعوبا، عربية بل وحتى غير عربية، نعيش حالة من الأنين والحسرة على عملية الإبادة التى تجرى فى غزة دون أن نملك لها وقفًا. حارت العقول وعجز الفكر عن تقديم حل يتجاوز مناشدة مرتكب عمليات الإبادة التوقف عن جرائمة، ولأن الأخير يدرك حقائق الأمور فهو ماض فى غيّه غير آبه بشئىء، فلا أمم متحدة قادرة على التدخل لوقفه، ولا دول غربية راغبة فى وقف حقيقى لدعمه، ولا دول عربية أو إسلامية تملك من القدرة على الإسناد بما يحقق المراد، وربما كانت الجبهة الإيرانية، بإيجابيات ما حدث عليها وسلبياته، نموذجا محبطا إلى حد ما.

السؤال: ما العمل؟ ليس لمثلنا أن يهلل كما هلل نيوتن قائلا: لقد وجدتها! فهذا نوع من التزيّد الرخيص، الذى لا يسمن ولا يغنى من جوع، إن لم يقودنا إلى نفق من الأوهام قد لا نفيق منها سوى على كارثة. ولكن انطلاقا من المبدأ الذى صدرنا به سطورنا يبقى الطرح مشروعا وهو: لماذا لا نُعمل خيالنا؟ ومشروعية الطرح تبقى من أن هذا الخيال يجد سنده على أرض الواقع وما يجرى على صعيد جبهة الحرب الروسية الأوكرانية ليس ببعيد.

لتوضيح الصورة أو الفكرة دون لف أو دوران أشير لك إلى أن منطق الأمور يقرر أن روسيا دولة معتدية على أوكرانيا بغض النظر عن وجاهة أسبابها، وأن ذلك يرتقى ليجعل من وجود قواتها هناك نوعا من الاحتلال. على أساس هذا النوع من الرؤية تقوم دول الغرب، بتقديم الغالى والرخيص من السلاح دعما لأوكرانيا وهو دعم تجاوز حسب ترامب أكثر من 350 مليار دولار. تخيل! السؤال الذى يفرض نفسه قياسا على هذه الحالة.. بماذا نصف العمليات الإسرائيلية فى غزة؟ لا فرق.. نفس التوصيف، عدوان يتبعه احتلال بغض النظر عن أسباب هذا التطور على غرار التغافل عن الأسباب الذى طرحناه فى الأزمة الروسية الأوكرانية.

ما الذى يجب أن يستتبعه هذا الوضع؟ المنطق يقرر رد فعل مماثلا لما قام به الغرب مع أوكرانيا، أى دعم عسكرى ومادى للمقاومة الفلسطينية فى غزة، باعتبار أن أوكرانيا والمقاومة تواجهان قوة احتلال.. روسيا فى الحالة الأولى، وإسرائيل فى الحالة الثانية.

ولكن لأن منطق الأشياء معكوس أو لأنه ليس هناك منطق من الأصل، فإن ذلك النوع من الخيال من المحرمات، ويدخل فى نطاق اللا مفكر فيه أو هو مما يستحيل التفكير فيه. لماذا؟ لأن المقاومة موصومة دوليا، أو بالأحرى من الولايات المتحدة والغرب عامة بالإرهاب ودعم الإرهاب إرهاب؟ وهل يمكن لك أن تتخيل أن تشارك الدول العربية فى دعم إرهاب؟ أكاد أسمعك تقول: كلا وألف كلا!! ولا تحاول أن تستدعى من التاريخ دعم تلك الدول مثلا للمقاومة الإسلامية فى أفغانستان فى مواجهة الاجتياح السوفيتى مثلا، فذلك، حتى لو افترضت أنه كان دعما للإرهاب كان بدعم أمريكى!! وعلى هذا فإن رد فعلك يجب ألا يتجاوز أن تقول خيرا أو تصمت! أو أن تكتم أفكارك فى عقلك ومشاعرك فى قلبك.. بما يعنى من الآخر أن تموت غيظا!.

 [email protected]

 

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: د مصطفى عبد الرازق تأملات حققت البشرية تمكن الإنسان غزو القمر الحكاية عمليات الإبادة

إقرأ أيضاً:

بين الكاتب والمكتوبجى

الصحافة حرفة قبل أن تكون رسالة، فكيف يمكن لمن يمارس تلك الحرفة أن يحمل تلك الرسالة وقد أصابه القلق والخوف من أن يعضه الجوع، وأن يكون مصيره التشرد؟ الواقع الذى يعيشه من يمتهن الصحافة الآن هو الدافع الأول لطرح السؤال، وقبل أن نخوض فى هذا الواقع، أعرض بعض ما قيل عن تلك المهنة ورسالتها.
قيل عن الصحافة إنها رسالة خالدة، وأنها ركن من أعظم الأركان التى تشيد عليها دعائم الحضارة، وأن كل أمة متمدنة يجب عليها أن تحترم الصحافة، وقيل عنها: لا شىء يدل على أخلاق الأمة ومكانتها مثل الجرائد، فهى المنظار الأكبر الذى ترقب فيه حركاتها وسكناتها، هى رائد الإصلاح ورياح التقدم، إنها لسان الأمة وبرهان ارتقائها، فأمة بدون صحافة لا عين لها فتبصر، ولا قلب لها فتشعر.. ما سبق قليل من كثير يوضح أهمية الرسالة فى حياة أى أمة.
ورغم سمو تلك الرسالة فقد عانت الصحافة ومن يمارسها على مر تاريخها فترات عصيبة من التعنت والاضطهاد والقسوة، تشتد وتلين حسب سياسات السلطة الحاكمة، فاخترع الحكم العثمانى مثلًا دور «المكتوبجى» ليمارس الرقابة على الصحف رغم جهله باللغة العربية، وكان من غرائب هذا «المكتوبجى» ما سجله «سليم سركيس» خلال توليه تحرير جريدة «لسان الحال» فى بيروت عما عاناه هو وغيره فى كتابه «غرائب المكتوبجى عام 1896».
ومن غرائب هذا «المكتوبجى» كما يحكى «سركيس» عن تلك الفترة في بيروت، أنه عندما طبع يوسف أفندى حرفوش كتابًا فى الأمثال وورد فيه المثل الشهير «الحركة فيها بركة»، أمر بحذف المثل زاعمًا أن لفظ الحركة تفيد الثورة!، ومن غرائبه أيضًا عندما كتبت جرائد بيروت أن أحمد أفندى سلطانى زايل «أى تارك ومغادر» الثغر لزيارة شقيقه محمد أفندى سلطانى المقيم فى الأستانة، حذف المراقب النون والياء من سلطانى وصار الاسم «محمد أفندى سلطا»، لأن السلطان لا يكون إلا لعبدالحميد!، ومما ذكره «سركيس» فى كتابه: أنه عندما ضجر عبدالقادر أفندى القبانى صاحب «ثمرات الفنون» من كثرة حذف المقالات، زار «المكتوبجى» راجيًا منه أن يحدد لهم خطة يسيرون عليها فى تحرير صحفهم وأن يريهم القانون الذى يخضعون له، فنظر إليه وقال: ألا تدرى أين القانون؟ فأجاب قبانى أفندى سلبًا، فوضع إصبعه على دماغه وقال: إن القانون هنا!
تلك العلاقة بين الكاتب والمكتوبجى يمكنها أن تمر رغم صعوبتها ووحشتها، يمكن التعايش معها وتفهمها رغم قسوتها ومرارتها، ولكن الأَمَّر الذى لا يمكن أن يمر هو حال من يمارسون تلك المهنة الآن، فقد أصبح قطاع عريض منهم يطارده شبح التشرد، وبات شغلهم الشاغل البحث عن عمل خارج نطاق تلك المهنة لسد حاجتهم وحاجة أولادهم قبل أن يعضهم الفقر.
لا يخفى على أحد أن هناك قطاعًا عريضًا ممن يمارس مهنة الصحافة الآن يكافح من أجل البقاء فى مواجهة ارتفاع جنونى للأسعار متسلحًا برواتب متدنية تسير كالسلحفاة فى سباق غير متكافئ مع سرعة هذا الجنون المتصاعد، وبينما لم يصل الكثير والكثير منهم إلى الحد الأدنى للأجور الذى أقره القانون، يجد البعض أنفسهم فى مواجهة مُلَّاك صحف لا يشعرون بهم ولا يألمون لهم، مُلَّاك لديهم أجندات ومصالح ومكاسب مختلفة، يشهرون أسلحة التهديد بالإغلاق وإعلان الإفلاس إذا لزم الأمر.
فى النهاية: أعلم أن هناك من يكره الصحافة كما السلطان عبدالحميد الثانى عندما قال بعد خلعه من عرش السلطنة: «لو عدت إلى يلدز لوضعت محررى الجرائد كلهم فى آتون كبريت»، وأعلم أن هناك من يتوجس خيفة من أرباب القلم كما نابليون الأول عندما قال إنه يخاف من ثلاث جرائد أكثر من مائة ألف جندى، ومنهم من يسير على نهج «نقولا الثانى» قيصر روسيا عندما قال: «جميل أنت أيها القلم ولكنك أقبح من الشيطان فى مملكتى».. وبين تلك الكراهية والخوف أو التفاهم، يوجد صحفى يريد أن يأكل ويشرب، يريد أن يعيش مطمئنًا بدلًا من تهديده بشبح التشرد أو الخوف من عضة جوع.
أخيرًا: الصحافة لسان الأمة والمرآة التى تريها نفسها اليوم وغدًا وبعد غد.. وما يعانيه قطاع كبير ممن يمارسون تلك المهنة لابد أن يكون له حل عاجل.

[email protected]

مقالات مشابهة

  • سيناريو التأهل المباشر بدوري أبطال أوروبا: برشلونة لا يحتاج للفوز فقط
  • مأساة الحارة رقم 7!!
  • قلب المجتمع!!
  • السودان الشقيق
  • بايرون تضرب خلال 24 ساعة.. الشرق الأوسط يستعد ومخاوف من سيناريو 2023
  • ستارمر وزعماء أوروبا يناقشون استخدام أصول روسيا المجمدة لدعم أوكرانيا
  • بين الكاتب والمكتوبجى
  • يوسف.. إهمال مع سبق الإصرار؟
  • تفاصيل صغيرة
  • الأسبوع الأسود