حكومة ستارمر تحت الضغط بين استقبال هرتسوغ والاعتراف بفلسطين
تاريخ النشر: 7th, September 2025 GMT
لندن- في الوقت الذ يتهيأ فيه رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر لإعلان الاعتراف بالدولة الفلسطينية، يستعد أيضا لاستقبال الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ الأسبوع المقبل في لندن، في خطوة تصر الحكومة البريطانية على أنها لا تنطوي على تناقض.
ويواجه ستارمر موجة استياء واسع في صفوف نواب كتلته البرلمانية بسبب زيارة الرئيس الإسرائيلي، في حين تتمسك الحكومة البريطانية بما تطلق عليه نهج "الواقعية السياسية" في إدارة علاقاتها الخارجية.
وترى الحكومة أن تبني هذا المسار يفرض عليها إمساك العصا من المنتصف وعدم الممانعة من استقبال الرئيس الإسرائيلي رغم اختلافها مع موقفه.
استياء واسعودافع وزير التجارة البريطاني دوغلاس ألكسندر عن ذلك التوجه، مذكرا في حديث لوسائل إعلام بريطانية بأن الحكومة مُلزمة بمخاطبة طرفي الصراع الإسرائيلي الفلسطيني معا في سياق جهودها الدبلوماسية لإنهاء الحرب في غزة، ومضطرة لمجالسة أطراف قد لا تتفق مع تصريحاتها.
لكن الزيارة المرتقبة للرئيس الإسرائيلي قد لا تخلو من كلفة سياسية، حيث أججت الغضب في صفوف نواب حزب العمال، الذين حث بعضهم وزراء الحكومة ورئيس وزرائها على تجنب مقابلة هرتسوغ واعتقاله في ظل استمرار الحرب ضد غزة وتخطيط جيش الاحتلال لشن هجوم أوسع على القطاع.
وتساءلت رئيسة لجنة التنمية الدولية في البرلمان عن حزب العمال -سارة تشامبيون- عن طبيعة المحادثات التي ستجمع الرئيس الإسرائيلي بوزراء الحكومة، في وقت لا تسعى فيه إسرائيل للسلام في غزة، مذكرة الحكومة البريطانية بأنها أقرت بوجود "خطر حقيقي" للإبادة الجماعية ضد الأهالي في قطاع غزة.
وانضم نواب مستقلون للتنديد بقرار استقبال الرئيس الإسرائيلي، من ضمنهم برلمانيون استقالوا في وقت سابق من عضوية حزب العمال، لمعارضتهم سياسات حكومة ستارمر.
ووصف جون ماكدونيل وزير مالية في حكومة الظل السابقة عن حزب العمال الرئيس الإسرائيلي بـ"المحرض" على الحرب و"قائد الدعاية" الإسرائيلية، مشددا على أن استقباله لا يحترم رفض الشارع البريطاني لما ترتكبه تل أبيب من فظاعات في غزة.
ويحاول ستارمر الاستجابة لمزاج شعبي وسياسي يتزايد فيه التأييد لحقوق الفلسطينيين، مكثفا تصريحاته المنددة بالتصعيد الإسرائيلي المستمر ضد أهالي القطاع.
إعلانلكن الزعيم العمالي المحسوب على تيار يسار الوسط يبدو حذرا حين اتخاذه أي خطوة مناوئة لتل أبيب، في حين تواصل حكومته تجنب فرض حظر شامل على تصدير الأسلحة لإسرائيل.
وجاء إعلان فرنسا عزمها الاعتراف بالدولة الفلسطينية ليضيق الخناق على الحكومة العمالية في بريطانيا التي كانت واقعة منذ أشهر تحت ضغط نواب الحزب وقواعده الانتخابية دفعها للالتحاق بركب الدول الغربية المؤيدة للاعتراف بالدولة الفلسطينية، رغم رهنها المضي في قرار الاعتراف من عدمه بشرط وقف إسرائيل التصعيد في الأراضي الفلسطينية.
وفي المقابل، تشن الشرطة البريطانية منذ أسابيع حملة اعتقالات تستهدف متضامنين مع حركة "فلسطين أكشن" المحظورة بموجب قانون الإرهاب، بعد تنظيمها احتجاجات وعمليات تخريب طالت مصانع تصدر السلاح إلى إسرائيل.
غضب تل أبيب
وعلى إثر تلك المواقف، لم يتوان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة- عن شن هجوم لاذع على القرارات البريطانية الداعمة للقضية الفلسطينية، رغم اختياره لهجة أقل حدة من تلك التي انتقد بها الرئيس الفرنسي.
وكانت الحكومة البريطانية قد ألمحت سابقا لإمكانية اعتقالها رئيس الوزراء الإسرائيلي في حال دخوله بريطانيا تطبيقا لقرار محكمة الجنايات الدولية، في وقت استندت فيه المحكمة نفسها لتصريحات سابقة عام 2023 للرئيس الإسرائيلي لاتهام تل أبيب بارتكاب الإبادة الجماعية في غزة.
ويرى أستاذ العلاقات الدولية في جامعة لندن -نهاد خنفر- أن استقبال الرئيس الإسرائيلي في لندن تجديد فقط لاصطفاف بريطاني ثابت إلى جانب تل أبيب، مشددا على أن الحكومة البريطانية لا تنظر إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية باعتباره استحقاقا لشعب يناضل من أجل تقرير مصيره، بل أداة ضغط وعقوبة موجهة ضد إسرائيل بسبب إحراجها للحلف الغربي.
ويشير خنفر في حديثه للجزيرة نت، إلى أن بريطانيا تتجاهل حقيقة أن الرئيس الإسرائيلي يعد مدافعا شرسا عن حملة الإبادة الجماعية في غزة، وقد استُخدم كسفير على المنصات الدولية لتبرير تلك الجرائم، على غرار بقية القادة الإسرائيليين المطلوبين للعدالة الدولية.
ويذكر الخبير القانوني الفلسطيني بأن اتفاقية عام 1948 الخاصة بمنع جريمة الإبادة الجماعية تحمل المحرض ومنفذ تلك الجرائم المسؤولية نفسها، مما يضع الرئيس الإسرائيلي في دائرة الاتهام ويجعل محاسبته والتحقيق معه أمرا مشروعا، غير أن الحكومة البريطانية، على حد وصفه، لا تبدو معنية بالنظر في هذه الاستحقاقات القانونية.
وفي ظل تزايد الضغوط على حكومة ستارمر، اختارت الحكومة المحلية في أسكتلندا أن تستغل هامش استقلال قرارها السياسي عن الحكومة المركزية في لندن، لتبادر بإعلان وقف التمويل العام للشركات التي تزود إسرائيل بالأسلحة ورفع العلم الفلسطيني على مقرها الحكومي في إدنبره.
ولم يتردد رئيس الوزراء الأسكتلندي جون سويني في مطالبة ستارمر بموقف أكثر صرامة في معاقبة إسرائيل ووقف تصدير الأسلحة إليها، مشددا على أن أموال دافعي الضرائب لا يمكن أن تستخدم لتمويل شركات ضالعة في دعم ارتكاب فظاعات ضد الفلسطينيين.
إعلانولا يقتصر الجدل حول البحث عن التوازن بين واقعية التحالفات والالتزامات الأخلاقية والإنسانية على الموقف البريطاني فحسب، بل يمتد أيضا إلى دول أوروبية أخرى، التي تجد نفسها في مأزق التناقض بين علاقاتها المتقدمة مع إسرائيل وفشل محاولاتها لفرض عقوبات صارمة عليها.
ويرى هوفو لوفات -الباحث في شؤون الشرق الأوسط في المركز الأوروبي للسياسات الخارجية- أن الحكومة العمالية تحاول الإيحاء بأنها تبذل جهدا خاصا لدعم حل الدولتين عبر الاعتراف بالدولة الفلسطينية، لكن سقف الوعود السياسية المرتفع يصطدم بمواقف ضعيفة على الأرض لا تشكل ضغطا حقيقيا على إسرائيل.
ويضيف الخبير البريطاني، في حديث للجزيرة نت، أن عدم قدرة البريطانيين ومعهم الأوروبيون على إحداث اختراق في مسار السلام، لا يرتبط فقط بإصرارهم على الحفاظ على علاقات خاصة مع الحليف الإسرائيلي، ولكن أيضا بضعفهم الإستراتيجي الواضح إزاء الحليف الأميركي الذي يمسك بقرار استمرار الحرب أو صناعة السلام في غزة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات الاعتراف بالدولة الفلسطینیة استقبال الرئیس الإسرائیلی الحکومة البریطانیة رئیس الوزراء حزب العمال أن الحکومة تل أبیب على أن فی غزة
إقرأ أيضاً:
الرئيس السيسي وماكرون يتفقان على أن الجهود الراهنة يجب أن تفضي إلى إقامة الدولة الفلسطينية
اتفق الرئيس عبد الفتاح السيسي، والرئيس إيمانويل ماكرون، رئيس الجمهورية الفرنسية، على أن الجهود الراهنة يجب أن تفضي إلى إطلاق عملية سياسية شاملة تؤدي إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وصرّح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأن ذلك جاء خلال اتصال هاتفي تلقاه الرئيس السيسي من نظيره الفرنسي.
وتطرق الاتصال إلى تطورات الأوضاع في الضفة الغربية، حيث أكد الرئيس رفض مصر القاطع للانتهاكات الإسرائيلية، مشددًا على ضرورة دعم الشعب الفلسطيني وزيادة الضغط الدولي لوقف هذه الانتهاكات، ودعم السلطة الفلسطينية في الوفاء بالتزاماتها تجاه شعبها.
وأعرب الرئيس السيسي عن تقديره العميق لما تشهده العلاقات الثنائية بين مصر وفرنسا من تطور نوعي، خاصة عقب الارتقاء بها إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية خلال زيارة الرئيس الفرنسي إلى القاهرة في أبريل 2025، وهو ما انعكس إيجابًا على تنامي التعاون بين البلدين في مختلف المجالات.
وصرّح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأن الرئيس أعرب عن تقديره العميق لما تشهده العلاقات الثنائية بين مصر وفرنسا من تطور نوعي، خاصة عقب الارتقاء بها إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية خلال زيارة الرئيس الفرنسي إلى القاهرة في أبريل 2025، وهو ما انعكس إيجابًا على تنامي التعاون بين البلدين في مختلف المجالات.
وأوضح السفير محمد الشناوي، المتحدث الرسمي، أن الرئيسين بحثا سبل مواصلة دفع العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين، عبر تعزيز التعاون السياسي والاقتصادي والاستثماري، وزيادة حجم التبادل التجاري الذي شهد تقدمًا ملموسًا خلال الأشهر الماضية، فضلًا عن التعاون في قطاعات الصناعة والسياحة والنقل.
كما تناول الاتصال مستجدات الأوضاع الإقليمية، وفي مقدمتها قطاع غزة، حيث أعرب الرئيس عن تقدير مصر للدعم الفرنسي للجهود المصرية التي أفضت إلى التوصل إلى اتفاق وقف الحرب، مؤكدًا ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار والانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام.
وشدد الرئيس على أهمية تعزيز إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع، والبدء الفوري في مرحلة التعافي المبكر وإعادة الإعمار.
من جانبه، أعرب الرئيس ماكرون عن تقديره للدور المحوري الذي تضطلع به مصر في تحقيق الاستقرار الإقليمي، ولاسيما في تثبيت اتفاق وقف الحرب في غزة.
وفيما يتعلق بالشأن السوداني، أكد الرئيس دعم مصر الكامل لوحدة وسيادة السودان وسلامة أراضيه، ورفضها لأي محاولات تهدد أمنه، معربًا عن مساندة مصر لجهود إنهاء الحرب واستعادة السلم والاستقرار في السودان الشقيق.
وفي ختام الاتصال، تبادل الزعيمان التهنئة بمناسبة العام الميلادي الجديد، متمنيين لشعبي مصر وفرنسا دوام الاستقرار والرخاء.
اقرأ أيضاًالسيسي يستقبل حفتر.. حين تُعيد الجغرافيا تشكيل السياسة وتختبر القاهرة بوصلتها في الغرب
مدبولي: ندعم التوسع في المدارس اليابانية بمصر تنفيذا لتوجيهات الرئيس السيسي
بعد قرار علاج عبلة كامل على نفقة الدولة.. «المهن التمثيلية» توجه الشكر للرئيس السيسي