الأرض المسطحة.. والعقول أيضا
تاريخ النشر: 8th, September 2025 GMT
إذا تعارض النص القرآنى مع العلم، فلا يعنى ذلك أن العلم كاذب أو أن النص خرافة.. بل يعنى أن فهمنا نحن فيه قصور، ربما قصور فى فهم النص، وربما أيضا قصور فى دقة النظرية لأن العلم ليس إلا شكًلا منهجيًا منظمًا.
الفارق بين علماء الطبيعة وبعض رجال الدين، أن علماء الطبيعة منظمون، ورسالتهم للإنسانية كلها لا تفرق بين أحد.
أما بعض رجال الدين فى عصرنا، فقلصوا رسالتهم من رحاب الإنسانية إلى شعاب ضيقة من الحفظ والتلقين والجمود.
والعلم بطبيعته قابل للتساؤل والتشكيك؛ فالشك والاختبار المستمر هما جوهر العملية العلمية للوصول إلى أدلة أدق وأقرب من الإثبات.. عدا المسلمات التى أصبحت حقيقة لا تقبل التشكيك.
وليل الأحد الماضى، كان بإمكان 7 مليارات شخص مشاهدة الخسوف الكلى للقمر، إذ كان مرئيًا بالعين المجردة فى العديد من الدول العربية، ومعظم مناطق آسيا، وأستراليا، والأجزاء الوسطى والشرقية من أوروبا وأفريقيا.
كان بإمكان 7 مليارات شخص، أن يشاهدوا انعكاس ظل الأرض فى شكل كرة تغطى القمر، وبعدها كرة تكشف القمر.
لكن من بين المليارات السبع من لا يزال يعتبر الأرض مسطحة، وأن كروية الأرض هى مؤامرة على الإسلام والمسلمين.
صفحات على «السوشيال ميديا»، ومقاطع فيديو ومتابعين كثر، يدعون أنهم يدافعون عن الإسلام، لدرجة اعتقدت فيها أنهم أنفسهم مؤامرة على الإسلام.
وقرأت عشرات التعليقات والآراء التى تكشف أن بيننا من يصدق أن الأرض مسطحة، بينما يوجد حاليا 12 ألف قمر صناعى تدور حول الأرض.
بعضنا يصدق فى وجود مؤامرة، بينما الصين نجحت مركبتها «تشانغ آه-6»، فى الهبوط على الجانب الآخر من القمر العام الماضى، وقد تم رصدها من قبل بلدان مختلفة منها أمريكا والهند وروسيا عبر شبكات التتبع الفضائى والتعاون العلمى الدولى.
السبب أن بعضنا يفسر الآية الكريمة «أفلا ينظرون إلى الأرض كيف سُطحت» من سورة الغاشية، بمفهومه هو أن كوكب الأرض مسطح، والحقيقة أنها مسطحة لمن ينظر إليها بعينيه، بينما تجاهل الآية الكريمة «خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْل» من سورة الزمر.. فكيف يتم تكوير الليل والنهار إذا لم تكن الأرض نفسها كروية؟.
وهكذا يتعاملون مع بعض النصوص باعتبارها حقائق فيزيائية وليست مجازات لغوية، ويروجون أن الأرض محاطة بجدار جليدى يمنع البشر من «السقوط من الحافة»، ويعتقدون أن الحكومات الكبرى تشارك فى مؤامرة عالمية.
هذه الظاهرة تطرح سؤالًا عميقا: هل نقبل الحقيقة العلمية لمجرد وجود الأدلة؟ أم أننا نطوعها مع الثقافة والنصوص الدينية حسب فهمنا نحن؟
وفهمنا واستيعابنا للنص القرآنى قد يكون صحيحا، وقد لا يكون.
فى العصور الوسطى بأوروبا ومع بروز الكنيسة كمرجعية فكرية، ساد تصور الأرض الكروية، ولم يكن الاعتقاد فى الأرض المسطحة، إذ إنه منذ عهد فلاسفة اليونان، مثل فيثاغورس وأرسطو، كان مفهوم الأرض الكروية موجودًا ومقبولًا لدى المفكرين والعلماء.
وفى الحضارة الإسلامية، أكد علماء مثل البيرونى وابن حزم وابن رشد كروية الأرض، بل إن البيرونى وضع تقديرًا قريبًا من الحقيقة لنصف قطرها.
لكن لا أعرف لماذا نعود إلى الوراء؟
فأصحاب نظرية الأرض المسطحة من العرب، ليسوا مجرد أفراد يرفضون حقيقة علمية بسيطة، بل هم تجسيد لظاهرة اجتماعية وثقافية أعقد وهى ظاهرة الإيمان بنظريات المؤامرة المستمرة.
وبينما نرفض ما نعتقد أنه مؤامرة، إذ بنا نرفض العلم، ونتآمر على أنفسنا.. فالمعرفة لا تنتشر بالدليل وحده، بل تحتاج أيضًا إلى ثقة اجتماعية وثقافة علمية راسخة.
.. ويبدو أن أمامنا وقتا طويلا للوصول إليها.
فالعقول قد تكون أيضا مسطحة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: السوشيال ميديا
إقرأ أيضاً:
رحيل الدكتور أحمد عمر هاشم.. مسيرة من العطاء في محراب العلم والدعوة
ودع العالم العربي والإسلامي اليوم منارة علمية وأدبية في سماء العلم والدين، وهو الدكتور أحمد عمر هاشم، الذي جاء وقع نبأ وفاته في التسبب بحالة واسعة من الحزن في قلوب محبيه، إذ امتاز العالم الجليل بجمعه بين سعة الاطلاع الفقهي والقدرة على التأصيل العلمي العميق، وعاش عمره مدافعًا عن الدين الحنيف، ساعيًا لنشر قيمه السمحة وتعاليمه الوسطية التي تجمع بين الأصالة والتطور، عرف عنه العلم الغزير والأدب الرفيع، حيث ترك بصمة واضحة في مجال الحديث والدراسات الإسلامية، وكان صوتًا معتدلًا في العديد من القضايا الشرعية والإنسانية.
وفاة الدكتور أحمد عمر هاشمأعلنت الصفحة الرسمية للإمام الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، صباح الثلاثاء، وفاة الدكتور أحمد عمر هاشم، فجر اليوم، بعد مسيرة علمية ودعوية حافلة خدم خلالها الإسلام والدعوة الوسطية لعقود طويلة.
وجاء في بيان النعي المنشور على الصفحة الرسمية على «فيسبوك»: «بقلوب يملؤها الإيمان والرضا بقضاء الله، ننعى إلى العالم العربي والإسلامي وأحبائه وتلاميذه وفاة فقيدنا الحبيب الإمام الشريف أ.د.أحمد عمر هاشم، نسأل الله أن يبدله دارا خيرا من داره وأهلا خيرا من أهله وأن يجعل الجنة مثواه».
موعد صلاة جنازة الدكتور أحمد عمر هاشموأوضح البيان أن صلاة الجنازة ستُقام اليوم عقب صلاة الظهر بالجامع الأزهر الشريف، على أن يُشيع الجثمان إلى مثواه الأخير بمدافن العائلة في الساحة الهاشمية بقرية بني عامر، مركز الزقازيق بمحافظة الشرقية عقب صلاة العصر.
ويُعد الدكتور أحمد عمر هاشم أحد أبرز رموز الأزهر الشريف في العقود الأخيرة، إذ جمع بين العلم والدعوة والإدارة، وشغل مناصب رفيعة، أبرزها رئاسة جامعة الأزهر، وكان عضوًا بمجمع البحوث الإسلامية وهيئة كبار العلماء، واشتهر بخطابه الديني الوسطي.
وكان للفقيد إسهامات علمية ودعوية متعددة، وشارك في العديد من الهيئات العلمية والدينية داخل مصر وخارجها.
نشأة وحياة الدكتور أحمد عمر هاشموُلِدَ فضيلةُ الأستاذِ الدُّكتور أحمد عمر إبراهيم هاشم، في السَّادسِ من فبرايرَ عامَ 1941م، المُوافِقِ العاشرَ مِنَ المُحَرَّمِ سنةَ 1360هـ-في منطقةِ «أبو هاشم»، بقريةِ بني عامرٍ، التابعةِ لمركزِ الزَّقازيقِ، بمحافظةِ الشَّرقيَّةِ.
نشأ في عائلة مرموقة في العلم والتصوف، فتربى في كنف والده الشيخ عمر إبراهيم هاشم، وتلقى العلم على يد شيوخ قريته الأفاضل، ومنهم: الشيخ محمود أبو هاشم، والدكتور الحسيني عبد المجيد هاشم، حيث حفظ القرآن الكريم بقريته في سن مبكرة، ثم التحق بالمرحلة الابتدائية بمعهد الزقازيق الديني، وأكمل المرحلة الثانوية في المعهد نفسه واختار القسم الأدبي، حيث إنه عرف منذ حداثة سنه بشغفه بالخطابة وكثرة الاطلاع، مما جعله يحصل على شهادة الثانوية الأزهرية بتفوق كبير، أهله لاختيار الكلية التي يريد أن يلتحق بها.
تعليم الدكتور أحمد عمر هاشمعين الدكتور أحمد عمر هاشم، معيدًا بقسم الحديث وعلومه بكلية أصول الدين، ثم واصل طلبه للعلم، فالتحق بالدراسات العليا، وحصل على درجة الماجستير عام 1971م، بتقدير ممتاز، وكان عنوان رسالته «الإمام أحمد بن حنبل وأثره في السنة»، وكان المشرف عليه الشيخ محمد أبو زهو، فعين مدرسًا مساعدًا، وبعدها بسنتين يحصل فضيلته على الدكتوراه مع مرتبة الشرف، وكان عنوانها «السنة في القرن الثالث الهجري»، وكان المشرف عليه الشيخ محمد أبو زهو أيضًا، فيعين فضيلته مدرسًا بالقسم، وبعدها يُعار فضيلته إلى جامعة أم درمان بالسودان لمدة شهرين عام 1976م، ومنها يغادر معارًا إلى كلية الشريعة بمكة المكرمة ليعمل بها أستاذًا لمدة أربع سنوات، وخلالها استمر فضيلته في تقديم أبحاثه العلمية حتى صار أستاذًا مساعدًا عام 1978م، ثم أستاذًا عام 1983م، وفي العام نفسه اختير فضيلته رئيسًا لقسم الحديث الشريف وعلومه بكلية أصول الدين، وفي عام 1987م يُعين عميدًا لكلية أصول الدين والدعوة بالزقازيق، وبعدها بسنتين يصبح نائبًا لرئيس جامعة الأزهر الشريف لشئون التعليم والطلاب.
وفي عام 1995م يقع الاختيار على الأستاذ الدكتور أحمد عمر هاشم ليكون رئيسًا لجامعة الأزهر الشَّريف، ويستمر في هذا المنصب ثماني سنواتٍ، يعود بعدها في عام 2003م رئيسًا لقسم الحديث وعلومه بكلية أصول الدين بالقاهرة حتى يصل لسن التقاعد، فيصبح أستاذا متفرغا عام 2006م.
وتقديرًا لجهود فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد عمر هاشم، اختير عضوًا مؤسسًا بهيئة كبار العلماء عندما أُعيدت مرة أخرى عام 2012م، حيث جاء اسم فضيلته في قرار رئيس الجمهورية رقم 24، الصادر في السابع والعشرين من شعبان سنة 1433هـ، الموافق السابع عشر من يوليو عام 2012م.
المناصب والوظائف التي تولاها الدكتور أحمد عمر هاشم- عضو مجلس الشعب المصري معين بقرار من رئيس الجمهورية.
- عضو مجلس الشورى المصري بالتعيين.
- عضو مجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتليفزيون.
- رئيس لجنة البرامج الدينية بالتليفزيون المصري.
- رئيس جامعة الأزهر الشريف
- رئيس قسم الحديث بجامعة الأزهر الشريف
مؤلفات الدكتور أحمد عمر هاشم- السنة النبوية وعلومها
- قواعد أصول الحديث
- المحدثون في مصر والأزهر
- قبس من الحديث النبوي
- أزمة الخليج في ميزان الإسلام
- محنة الخليج
- مناهج المحدثين
- في رياض السيرة النبوية
- الدعوة الإسلامية: منهجها ومعالمها
- من هدي السنة النبوية في العبادات
- في ظلال الهدي النبوي
- دعائم الإسلام
- رمضان والصيام
- الإسراء والمعراج
- المرأة في الإسلام
- الدفاع عن الحديث النبوي
- الإسلام والشباب
- القرآن وليلة القدر
- فريضة الحج في ضوء الكتاب والسنة
- منهج الإسلام في العقيدة والعبادة والأخلاق
- معالم على طريق السنة
- تكملة تحقيق المسند للإمام أحمد بن حنبل (الأجزاء 20- 24)
- الإسلام وبناء الشخصية
- تحقيق كتاب الكفاية للخطيب البغدادي
- التربية الإسلامية للصف الثاني الثانوي الفني
- التربية الإسلامية للصف الثالث الثانوي الفني
- التربية الإسلامية للصف الأول الثانوي العام
- التربية الإسلامية للصف الثاني الثانوي العام
- التربية الإسلامية للصف الأول الإعدادي
- تحقيق «فتح المبدي» شرح مختصر الزبيدي (خمسة أجزاء 1-5)
- من توجيهات الشريعة الإسلامية
- شرح صحيح مسلم (خمسة أجزاء 1-5)
- الأمن في الإسلام
- أضواء على هدي النبوة
- من توجيهات الرسول - صلى الله عليه وسلم-
- تحقيق كتاب (تدريب الراوي، ج1 ج2)
- واجب الأمة الإسلامية
- المنهج النبوي في تعليم المسلمين
- تيسير مصطلح الحديث
- الأخلاق في ضوء القرآن والسنة
- قصص السنة
- ديوان شعر (نسمات إيمانية)
- مكانة الحرمين الشريفين
- زاد الداعية
- قيم ومفاهيم في ضوء الإسلام
- من الشمائل النبوية
- النفس في القرآن الكريم
- دراسات في علوم الحديث
- من الخصائص النبوية
- الأسرة في الإسلام
- الإعلام الديني في مناهضة الظواهر السلبية
- انحرافات الشباب الفكرية: الأسباب والعلاج
- من آداب النبوة (جزءان)
- الإمام الشعراوي مفسرا وداعية
- وسطية الإسلام
- فريضة الصيام في ضوء الكتاب والسنة
- كتاب العلم للإمام حجة الإسلام أبي حامد الغزالي (تحقيق)
- الشفاعة ورد الشبهات
- الإسلام ومكارم الأخلاق
- فيض الباري في شرح صحيح البخاري (15جزءا)
- التضامن في مواجهة التحديات
- أصحاب الجنة (ديوان شعر)
- التشريع الإسلامي (مصادره وخصائصه)
- مفاهيم دينية (ثلاثة أجزاء)
- سبل السلام (تحقيق)
- نحو اقتصاد إسلامي صحيح
- مجمع الزوائد (تحقيق)
- التراث الطي النبوي
- المؤسسات الإسلامية وأهمية التنسيق بينها
- التوجيهات النبوية في المعاملات المالية
- أبناؤنا بين الماضي والحاضر
- الإسلام في مواجهة الانحراف الفكري العام
- الإمام المراغي وجهوده في الدعوة
- الإمام محمود شلتوت وجهوده في التقريب
- نصر الرسول (صلى الله عليه وسلم)
- البيت الحرام
- الإسلام دين التسامح
- الإمام الخضر حسين ودفاعه عن الإسلام
- المسجد ومكانته في الإسلام
- موسوعة الأحاديث الصحيحة
- الطريق إلى اتحاد الأمة
اقرأ أيضاًمحافظ بورسعيد ينعى العالم الجليل الدكتور «أحمد عمر هاشم»
مصطفى بكري ناعيا الدكتور أحمد عمر هاشم: رحل العالم الفقيه صاحب الصوت القوي.. عزائي للوطن بأسره
وزير الأوقاف ناعيا الدكتور أحمد عمر هاشم: أفنى عمره في نشر تعاليم الإسلام السمحة