سجادة تروي تاريخا.. كيف يقاوم السجاد الكردي الاندثار؟
تاريخ النشر: 10th, September 2025 GMT
وُلدت صناعة السجاد الكردي من رحم التاريخ، لتتحول مع مرور الزمن إلى أكثر من مجرد حرفة يدوية، وتصبح سجل حيّ يجسد روحا ثقافية عبر خيوط وأنماط فريدة. ومع أن هذه الصناعة العريقة تواجه اليوم تحديات جسيمة، إلا أنها ما زالت صامدة، تنبض بالحياة في ورش ومعامل إقليم كردستان.
يُعدّ السجاد الكردي تحفة فنية عريقة، تتميز بأكثر من 50 صنفا ونوعا، لكل منها دلالته ونقوشه الفريدة.
اكتسب السجاد الكردي شهرة واسعة بين القبائل والسلالات الحاكمة، خاصة في عهد الإمارة الروادية التي اشتهرت بصناعة النسيج والسجاد في مدينة أردبيل، كما برع أكراد الإمارة الشدادية في صناعة السجاد والأواني الفخارية.
ويؤكد حيدر قادر حسن، المشرف الفني في معمل النسيج وحماية التراث، أن السجاد الكردي ليس مجرد نسيج، بل هو "سجل تاريخي يمتد لأكثر من 4 آلاف عام"، مضيفا أن "صناعة السجاد اليدوي تعد جزءا لا يتجزأ من معيشة الأكراد وتراثهم".
وأشار حسن خلال حديثه للجزيرة نت إلى أن النساء الكرديات في العشائر ما زلن يمارسن هذه الحرفة بالطرق القديمة، إذ يمكن مشاهدة نماذجها في المتاحف والمواقع التراثية، مضيفا: يُنسج السجاد الكردي تقليديا من الصوف الطبيعي، مثل صوف الأغنام وشعر الماعز، ويُلون بأصباغ مستوحاة من الألوان الغنية للطبيعة الكردستانية.
ومع أن الصناعة شهدت تطورا باستخدام الآلات الحديثة، فإن هويتها الثقافية بقيت متأصلة. فكما يوضح حسن، "كل عشيرة كردية تتميز بنوع معين من السجاد ونقوشه، يعكس تاريخها وطبيعتها". وهذا ما يجعل كل سجادة تحفة فريدة، تروي قصة عائلة أو قبيلة بأكملها.
تحديات تهدد الإرث
على الرغم من قيمته التاريخية والفنية، تواجه صناعة السجاد الكردي تحديات كبيرة. يقول مجيد جلال، مدير معمل النسيج وحماية التراث في إقليم كردستان، إن "نقص المعدات والمواد الأساسية" هو أبرز هذه التحديات.
إعلانويضيف جلال في حديثه لـ"الجزيرة نت": "نواجه صعوبات كبيرة في تأمين مستلزمات الإنتاج مثل خيوط النسيج والسنارة، ونضطر لشرائها من الخارج". وهذا الأمر يضع المعامل أمام مسؤولية مضاعفة للحفاظ على الإنتاج وجودته.
لكن التحدي الأكبر، كما يؤكد جلال، هو مسؤولية الحفاظ على هذا التراث من الاندثار، وهي مسؤولية لا تقع على عاتق المعامل وحدها، بل تتطلب "تدخلا ضروريا" من وزارة الثقافة والإعلام لحماية هذا الإرث الغني.
بالنسبة للحرفيين والمهتمين، السجاد الكردي هو أكثر من مجرد سلعة. فالحرفية في النسيج اليدوي، جيان هوشيار، تؤكد للجزيرة نت أن "السجاد الكردي اليدوي ليس مجرد منتج فني، بل هو إرث أصيل يمتد عمره لأكثر من 4 آلاف عام"، وهو "مرغوب عالميا بفضل جودته العالية وتصاميمه الفريدة".
هذا الإرث الشعبي يُقدر بشدة من قبل المواطنين الأكراد أنفسهم، فالمواطن حسين خضر يؤكد أن اقتناء السجاد القديم هو تعبير عن "التقدير العميق لقيمته الفنية والتاريخية". ويقول خلال حديثه للجزيرة نت: "نحن نشتري السجاد الكردي القديم ليس فقط كقطعة أثاث، بل لأننا نحبه ونرغب به كجزء من هويتنا… إنه إرث شعبي يجب الحفاظ عليه".
وفي ظل هذه التحديات والإرادة الصلبة للحفاظ على هذا التراث، يظل السجاد الكردي رمزا للصمود والهوية، نسيجا يربط الماضي بالحاضر، ويعد بمستقبل تزدهر فيه هذه الحرفة الأصيلة.
تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غوث حريات دراسات اجتماعي صناعة السجاد
إقرأ أيضاً:
رئاسة الجمهورية كردية لكن بأي حزب: النزاع يهدد الموقف الكردي الموحد
14 دجنبر، 2025
بغداد/المسلة: يشهد المشهد السياسي العراقي توتراً متزايداً بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني حول منصب رئاسة الجمهورية، في ظل مشاورات تشكيل الحكومة الاتحادية الجديدة بعد الانتخابات البرلمانية التي جرت في نوفمبر الماضي.
ويعتمد توزيع المناصب السيادية على الاستحقاقات الانتخابية والعرف السياسي السائد منذ عام 2005، حيث احتكر الاتحاد الوطني الكردستاني هذا المنصب تقليدياً، مقابل سيطرة الحزب الديمقراطي على رئاسة إقليم كردستان.
من جانب آخر، يسود الحذر والتوتر بين الحزبين بشأن المناصب السيادية في الحكومة الاتحادية، خاصة مع تفوق الحزب الديمقراطي الكردستاني في الانتخابات الأخيرة بحصوله على أكثر من ثلاثين مقعداً، مقارنة بثمانية عشر للاتحاد الوطني، مما يعزز مطالبته بإعادة النظر في التقاسم التقليدي.
بالإضافة إلى ذلك، يغيب التواصل المباشر بين الحزبين حول تشكيل حكومة إقليم كردستان، التي ما زالت معلقة منذ أكثر من عام، وكذلك بشأن المشاركة في الحكومة الاتحادية الجديدة، مما يعمق الانقسامات الداخلية في البيت الكردي.
في الوقت نفسه، تسعى الأحزاب الكردية المعارضة، مثل حركة الجيل الجديد وغيرها، إلى الحصول على حصة من المكاسب السياسية، مستفيدة من الخلافات بين العملاقين الكرديين لتعزيز نفوذها في المفاوضات.
علاوة على ذلك، تضغط التوقيتات الدستورية على القوى السياسية، إذ صادقت المحكمة الاتحادية مؤخراً على نتائج الانتخابات، مما يفتح الباب أمام عقد البرلمان جلساته الأولى وانتخاب الرئاسات الثلاث، مع مهل زمنية محدودة قد تؤدي إلى فراغ دستوري إذا طال الخلاف.
وتبرز إشكالية الاتفاق على شخصية واحدة لمنصب رئيس الجمهورية كعقدة رئيسية، حيث يتمسك الاتحاد الوطني باستحقاقه التاريخي، بينما يرى الحزب الديمقراطي أن تفوقه الانتخابي يمنحه الحق في المطالبة بالمنصب، مما قد يطيل أمد المفاوضات ويؤثر على استقرار العملية السياسية برمتها.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author moh mohSee author's posts