وقف إطلاق النار.. ستالينغراد غزة
تاريخ النشر: 12th, October 2025 GMT
لقد كنا نعلم أننا خسرنا الحرب منذ ستالينغراد - فريدريش باولوس، قائد الجيش الألماني السادس الذي استسلم فيها.
في كلّ حروب العالم، يُعدّ إعلان وقف إطلاق النار أمرًا يُوجَّه إلى القوات العسكرية بالتوقف عن استخدام الأسلحة ووقف كل أشكال القتال والقتل. لكن عند الصهاينة يختلف المعنى تمامًا؛ فبالنسبة لهم، يُمثّل الإعلان الفرصة الأخيرة لسفك أكبر قدر ممكن من الدماء قبل أن يدخل الاتفاق حيّز التنفيذ.
تتضمّن المراحل الأولى من الاتفاق، وفقًا للتقارير، انسحابًا جزئيًا للقوات الصهيونية، وإنهاءً للحصار البشع المفروض على القطاع، مع السماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وتنفيذ عملية تبادل للأسرى بين الاحتلال وحركة حماس.
لكنني أرى أن مجريات الأمور لا تبشّر بالخير؛ فالصهاينة يتلاعبون بقوائم الأسرى الفلسطينيين ويستبعدون مئات الأسماء، وتصريحات وبيانات قادة حكومة نتن ياهو تُجمع على أن الحرب ستُستأنف.
وقد صدر عن وزير المالية سموتريتش بيان يؤكد فيه أنّ عودة المحتجزين إلى ديارهم لن تمنع دولة الاحتلال من مواصلة حربها بكلّ قوتها لـ«القضاء على حماس» ونزع سلاح غزة بالكامل.
وأصدر وزير الأمن القومي، بن غفير، تصريحات مماثلة، قال فيها إنّ حزبه «القوة اليهودية» سيستغل نفوذه لتفكيك حكومة نتن ياهو إذا سمحت باستمرار حكم حماس في غزة. أما نتن ياهو، فيتجنّب الحديث عن وقف دائم لإطلاق النار، وتتركّز تصريحاته على أهمية تحرير المحتجزين لدى حماس.
ويُضاف إلى ذلك ما نشره موقع «دروب سايت نيوز» حول مراحل خطة ترامب التي حملت اسم «النهاية الشاملة لحرب غزة»، والممهورة بتواقيع الوسطاء. وتشير إلى أنّ المراحل اللاحقة لوقف إطلاق النار لا تتضمّن استسلام حركة حماس، ولا نزع سلاحها، ولا التهجير، والأهم من ذلك كلّه: أنها تتحدث عن إنهاءٍ دائمٍ للحرب. وهذا يعني أمرًا واحدًا واضحًا: أنّه رغم حجم الدمار الهائل الذي شهدته غزة، ورغم العدد الكبير من الشهداء، فإنّ الصهاينة فشلوا في تحقيق أيٍّ من أهدافهم العسكرية، وهي خسارة كارثية بكل المقاييس.
إنّ وقفَ إطلاق النار في غزة سيحوّلها إلى ستالينغراد جديدة؛ تلك المدينة التي خرجت من أعتى معارك الحرب العالمية الثانية مدمّرةً تمامًا لكنها لم تنكسر. وستغدو غزة، مثل ستالينغراد، رمزًا للمقاومة بعد أن صمد أهلها في وجه الحصار والدمار، وسينظر إليها كما نُظر إلى ستالينغراد: مقبرةً للغزاة وبشارةً بانهيار المشروع النازي، بما تحمله من دلالاتٍ تاريخيةٍ وسياسيةٍ عميقة. وهذا أمر لن يقبله الصهاينة.
علّمتنا التجارب أنّ اتفاقات وقف إطلاق النار الدائمة مع الصهاينة تنهار في مراحلها الأولى
لقد علّمتنا التجارب أنّ اتفاقات وقف إطلاق النار الدائمة مع الصهاينة تنهار في مراحلها الأولى؛ فقد انهار الاتفاق السابق عقب الإفراج عن دفعات من الأسرى في عهد إدارة بايدن في كانون الثاني من هذا العام، حين أنهى الكيان الهدنة في آذار، وعاد إلى الحرب بأشدّ صورها بطشًا وإجرامًا، بموافقةٍ وتواطؤٍ أمريكيّين واضحين. لذلك، فإنّ تحقّق وقفٍ دائمٍ لإطلاق النار سيكون مفاجأةً سارةً وانتصارًا خالصًا للمقاومة.
ومع ذلك، قد تكون هذه المرة مختلفة؛ فإن صمد وقف إطلاق النار، فسببه أنّ الولايات المتحدة تريد هذه المرة إجبار الكيان على إنهاء الحرب، بعد أن تضرّرت صورته إلى حدٍّ يصعب احتماله. وقد صرّح ترامب بذلك علنًا حين قال إنّ «بيبي قد بالغ في الأمر، وإنّ إسرائيل خسرت الكثير من الدعم العالمي، والآن سأعمل على استعادة هذا الدعم». ويُضاف إلى ذلك أنّ المصالح الأمريكية نفسها تضرّرت بفعل الإبادة الجماعية، وتأثّرت مكانة الولايات المتحدة الدولية والإقليمية، وربما لأنها تحتاج إلى حشد قواها استعدادًا لحربٍ محتملة مع إيران.
لقد أثبتت الإبادة الجماعية الممتدّة على مدار عامين أنّ القرار الأخير يبقى بيد الولايات المتحدة، وسيحاول الصهاينة، بلا شك، التنصّل من خطة ترامب، لكنّ السؤال الذي يفرض نفسه هو: هل ستسمح لهم الولايات المتحدة بذلك؟
الدستور الأردنية
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه الاحتلال غزة خطة ترامب غزة الاحتلال صفقة التبادل خطة ترامب مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة وقف إطلاق النار
إقرأ أيضاً:
نحو ربع مليون فلسطيني عادوا إلى غزة مع استمرار وقف إطلاق النار
11 أكتوبر، 2025
بغداد/المسلة: عاد آلاف الفلسطينيين النازحين السبت إلى مدينة غزة المدمّرة في اليوم الثاني من وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، وغلبت الصدمة كثيرين منهم أمام حجم الدمار، في حين شعر آخرون بالارتياح لأن منازلهم لا تزال قائمة.
وأعلنت إسرائيل دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ ظهر الجمعة وسحبت قواتها من مناطق في القطاع، ما دفع حشودا من السكان المنهكين للعودة شمالا على طول الطريق الساحلية.
واستغلت رجا سلمي الهدنة لتعود سيرا إلى بيتها في مدينة غزة، حيث استهدف الجيش الإسرائيلي بالقصف والعمليات البرية على مدى أسابيع مناطق قال إنها كانت تؤوي مقاتلين من حركة حماس.
وقالت سلمي انه مشينا ساعات طويلة، وكل خطوة كانت مليئة بالخوف والقلق على منزلي”. لكن عندما وصلت إلى حيّ الرمال، وجدت أن بيتها “لم يعد موجودا، مجرد كومة من الركام”.
وأضافت “وقفت أبكي أمامه… كل الذكريات تحوّلت إلى غبار”.
وقال المسؤول في الدفاع المدني في غزة محمد المغيّر إن نحو 50 ألف شخص عادوا إلى مدينة غزة السبت، ليرتفع عدد العائدين منذ يوم الجمعة إلى نحو 250 ألفا.
وبموجب اتفاق وقف إطلاق النار الذي اقترحه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ستُفرج حماس عن 47 رهينة، أحياء وأموات، من أصل 251 اختطفوا في هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، إضافة إلى رفات رهينة احتجز في العام 2014.
وفي المقابل، ستُفرج إسرائيل عن 250 معتقلا فلسطينيا محكومين بالسجن المؤبد، و1700 معتقل من سكان غزة احتجزوا منذ اندلاع الحرب.
مع انسحاب القوات الإسرائيلية من بعض المناطق اعتبارا من ظهر الجمعة، بدأت مهلة ال72 ساعة أمام حماس لإطلاق سراح الرهائن.
وأشادت حركة حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين باتفاق وقف إطلاق النار، معتبرة أنه “كسر أهداف” إسرائيل “في فرض التهجير والاقتلاع” على الفلسطينيين في قطاع غزة.
من جهته، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب لصحافيين الجمعة إنه يعتقد أن وقف إطلاق النار “سيصمد”، مشيرا إلى أن الطرفين سئما القتال، ومؤكدا عزمه على زيارة إسرائيل ومصر في وقت وشيك.
غير أن العديد من بنود الخطة التي قدمها ترامب لا تزال قيد النقاش، بما في ذلك ما يتعلق بإدارة مرحلة ما بعد الحرب ومطلبه نزع سلاح حركة حماس، وهو ما أبدت الحركة معارضتها له.
وقال عضو المكتب السياسي لحركة حماس باسم نعيم في مقابلة مع قناة “سكاي نيوز” باللغة الإنكليزية: “لن نُسلِّم سلاحنا… (إلّا) عندما نحصل على دولة مستقلة ذات سيادة قادرة على الدفاع عن نفسها”.
وتنصّ خطة ترامب أيضا على إنشاء قوة دولية لتوفير الأمن في قطاع غزة.
وفي هذا السياق، قال قائد القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) الأدميرال براد كوبر السبت إنه زار قطاع غزة لبحث سبل إرساء الاستقرار في مرحلة ما بعد الحرب، مؤكدا في الوقت نفسه أنه لن تُنشر أي قوات أميركية في الأراضي الفلسطينية.
ويأتي هذا التصريح غداة إعلان مسؤولين أميركيين كبار إنّ واشنطن سترسل إلى الشرق الأوسط فريقا مكوّنا من 200 عسكري أميركي لـ”الإشراف” على تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.
لكنّ مسؤولا أميركيا كبيرا أكّد أنّ “لا نيّة لنشر جنود أميركيين في غزة”، موضحا أنّ مسؤولين عسكريين مصريين وقطريين وأتراكا وربّما أيضا إماراتيين سينضمّون إلى الفريق.
في مستشفى الرنتيسي للأطفال ومرضى السرطان، أظهرت صور لوكالة فرانس برس قاعات مدمّرة بالكامل، وأسِرّة مقلوبة وسقوفا منهارة ومعدات طبية متناثرة.
وقال أحد العائدين ويدعى ساهر أبو العطا “لا أجد كلمات تصف ما أراه… دمار، دمار، ومزيد من الدمار”.
وأعلنت الأمم المتحدة قبل الهجوم الإسرائيلي الأخير حالة المجاعة في مدينة غزة، في أول إعلان من نوعه في الشرق الأوسط.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إن إسرائيل منحت الضوء الأخضر لإدخال 170 ألف طن من المساعدات في إطار خطة استجابة إنسانية في الأيام الستين الأولى من الهدنة.
وقالت منظمة “أطباء بلا حدود” إن “الاحتياجات الأساسية في غزة لا تزال عاجلة: معدات طبية، أدوية، غذاء، مياه، وقود ومأوى مناسب لمليوني شخص سيواجهون الشتاء بلا سقف”.
يتنقّل رجال ونساء وأطفال بين الركام، يبحثون عن بقايا منازلهم وسط كتل الإسمنت المنهارة والسيارات المحطمة.
وعاد بعضهم بسيارات، فيما عبر آخرون الطريق سيرا حاملين حقائبهم.
وقال سامي موسى (28 عاما) لفرانس برس “الحمد لله، وجدت بيتنا لا يزال واقفا رغم الأضرار التي يمكن إصلاحها”، مضيفا “غزة تبدو مدينة أشباح… رائحة الموت ما زالت في الهواء، لكننا سنعيد البناء”.
وأودت الحملة العسكرية الإسرائيلية بما لا يقل عن 67682 شخصا، بحسب وزارة الصحة التابعة لحركة حماس في قطاع غزة، وهي أرقام تعتبرها الأمم المتحدة موثوقة. ويُظهر الإحصاء أن أكثر من نصف القتلى من النساء والأطفال.
واندلعت الحرب إثر هجوم غير مسبوق شنته حماس على جنوب إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، أسفر عن مقتل 1219 شخصا معظمهم من المدنيين، بحسب حصيلة أعدّتها وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام رسمية إسرائيلية.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author moh mohSee author's posts