تواجه المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة توترات متصاعدة بسبب أزمة تسليم جثامين الأسرى الإسرائيليين.

ويتزامن ذلك مع استمرار الاستعدادات لفتح معبر رفح الحدودي دون موعد محدد، فيما تتواصل المساعي الأميركية لإنشاء آلية مراقبة دولية تضمن التزام الطرفين بالاتفاق.

وسلمت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) جثماني أسيرين إسرائيليين للصليب الأحمر في مدينة غزة ضمن الدفعة الثالثة، ليرتفع الإجمالي إلى 10 جثامين.

وجرت العملية وسط تكتم إعلامي كبير ودون مراسم تصوير، حيث دخلت مركبات الصليب الأحمر إلى مكان الاحتجاز وتسلمت الجثامين من وحدة الظل قبل الانطلاق مباشرة نحو القوات الإسرائيلية.

وفي قراءة للموقف الإسرائيلي يوضح الخبير في الشؤون الإسرائيلية الدكتور مهند مصطفى أن رد الفعل الإسرائيلي الغاضب يهدف لتحقيق أهداف سياسية.

حيث تدرك إسرائيل أن تسليم جميع الجثامين يحتاج وقتا طويلا ولا يشكل انتهاكا جوهريا للاتفاق، ولكنها تريد إرسال رسالة واضحة.

وتتمثل هذه الرسالة في تأكيد أن إسرائيل لن تتنازل عن بنود الاتفاق التي تصب لصالحها، وأن أي إخلال سيواجَه بردّ قوي.

ويستهدف هذا التصعيد -وفقا لمصطفى- بالأساس التأثير على مباحثات المرحلة الثانية التي بدأت فعليا، رغم عدم وضوح الموقف الإسرائيلي الرسمي بشأنها.

التسليم والمنهجية الخطأ

وعلى صعيد مختلف، ينتقد أستاذ النزاعات الدولية بمعهد الدوحة الدكتور إبراهيم فريحات المنهجية المعتمدة في تسليم الجثامين.

ويعتبرها خطأ منذ البداية لأنها تبقي العملية عرضة للابتزاز من خلال ربطها بإعادة الإعمار والمساعدات الإنسانية.

ويلفت إلى أن المنهجية الصحيحة في النزاعات الدولية تتطلب لجنة ثالثة مستقلة تتسم بالشفافية وتستخدم الأساليب العلمية.

ويضرب مثالا بتجارب البوسنة والهرسك والأرجنتين حيث أشرفت لجان مستقلة على عمليات مشابهة، مما منع استغلالها سياسيا.

إعلان

ويحذر فريحات من أن الواقع الحالي سيقود لمرحلة حتمية تعجز فيها حماس عن تسليم جميع الجثامين، ويستند في ذلك إلى تجربة البوسنة التي استعادت 75% فقط من نحو 40 ألف جثة مفقودة، مؤكدا ضرورة تدارك الأزمة قبل تفاقمها.

وفيما يتعلق بالرؤية الفلسطينية للموقف، يؤكد الكاتب والمحلل السياسي أحمد الطناني أن المقاومة التزمت بالشق الجوهري من المرحلة الأولى بتسليم جميع الأسرى الأحياء.

وأوضح أن التعقيدات الحالية نتيجة لمتاعب عملية خلقها الاحتلال نفسه من خلال تدمير القطاع، ويشير الطناني إلى أن من دمر جغرافيا غزة واستهدف المناطق التي تحتوي على الجثامين هو الاحتلال ذاته.

وجعل بذلك الوصول إليها شبه مستحيل دون معدات ثقيلة غير متوفرة، خاصة مع إغلاق المعابر واستهداف المعدات الموجودة.

وتتشابك أزمة الجثامين مع ملف المساعدات الإنسانية، حيث طالب توم فليتشر، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، إسرائيل بالسماح بتدفق آلاف الشاحنات أسبوعيا، لكن تقارير "سي إن إن" تشير إلى دخول أقل من ثلث الشاحنات المتفق عليها حتى الآن.

وتستمر المماطلة في فتح معبر رفح رغم جاهزية الاستعدادات الميدانية، حيث يستخدم الاحتلال ملف الجثامين ذريعة للضغط، محاولا تثبيت قاعدة العودة للابتزاز الإنساني كلما نشأ خلاف على أي بند.

مركز التنسيق

وفي محاولة لضمان استقرار الهدنة، يتواصل العمل على إنشاء مركز التنسيق المدني العسكري في إسرائيل، إذ وصل نحو 200 جندي أميركي لإقامة المركز الذي سيرصد تطبيق وقف إطلاق النار والانتهاكات من الطرفين.

وسيضم المركز ممثلين عن دول شريكة وهيئات دولية ومنظمات غير حكومية والقطاع الخاص، مع وجود ممثلين على الأرض في غزة.

ويهدف لتنسيق عمل قوة الاستقرار الدولية المرتقبة والعاملين في المجال الإنساني.

وفي رؤية مغايرة للأحداث، يتبنى كبير الباحثين بالمجلس الأميركي للسياسة الخارجية الدكتور جيمس روبنز نهجا مختلفا، ويرى أن جيه دي فانس نائب الرئيس الأميركي كان محقا عندما نبّه إلى أن بعض الجثث قد لا تستعاد نظرا للظروف الصعبة.

ويتوقع روبنز أن تسهم بلاده بتوفير الخبرة  اللازمة في البحث عن الجثامين والتعرف عليها، مؤكدا ضرورة تعاون جميع الأطراف لإقفال الملف وعدم تحويله لنقطة عرقلة.

وفي المقابل، أوعز وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس للجيش بتجهيز خطة عسكرية شاملة لإخضاع حماس إذا تجددت الحرب، الأمر الذي يعتبره الدكتور مصطفى "كلاما فارغا" يدخل في سياق الضغط، خاصة أن الخطط العسكرية قائمة منذ وقت طويل.

وأوضح أن التخوف الإسرائيلي الحقيقي يكمن في احتمال فشل نزع سلاح حماس سياسيا بعد الفشل العسكري، وفي أن الفجوة الزمنية بين المرحلتين قد تتيح لحماس استعادة قوتها.

وفي نفس الوقت، يحذر الدكتور فريحات من أن هذه التصريحات لا تساعد على نجاح المرحلة الثانية، مستشهدا بفشل ترجمة المكاسب العسكرية لنصر إستراتيجي كما حدث في العراق وأفغانستان.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: غوث حريات دراسات

إقرأ أيضاً:

في إطار المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار: بدء عملية تبادل الأسرى

الثورة نت/وكالات بدأت، صباح اليوم الأثنين، عملية تبادل الأسرى الفلسطينيين والإسرائيلين في قطاع غزة في إطار المرحلة الأولى من إتفاق وقف الحرب في قطاع غزة. وحسب وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر تسلمها الدفعة الأولى من الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة وعددهم سبعة، وقامت بتسليمهم إلى سلطات العدو الإسرائيلي، على أن تقوم بتسلم بقية الأسرى (13) في وقت لاحق من اليوم. وبحسب المرحلة الاولى من الخطة سيتم إطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين الاحياء في قطاع غزة ويبلغ عددهم 20 شخصا، إضافة إلى تسليم 28 جثة، تدريجياً، بحسب التقدم الذي سيحدث لاستخراجها من تحت أنقاض المنازل في قطاع غزة. في المقابل تفرج سلطات العدو عن 250 معتقلا من سجونها من أصحاب المحكوميات العالية والمؤبدات، و1718 معتقلا من قطاع غزة اعتقلوا عقب بدء الحرب في السابع من أكتوبر 2023. وكانت سلطات العدو الإسرائيلي، قد جمعت المعتقلين المنوي الإفراج عنهم من خمسة سجون مركزية، في سجني “عوفر” غرب مدينة رام الله وعددهم 107 معتقلين، والبقية (143 معتقلا) إلى “وكتسيعوت” في النقب، تمهيدا إلى نقلهم إلى قطاع غزة من ثم إلى جمهورية مصر العربية. وستتم عملية تبادل المعتقلين الفلسطينيين والأسري الإسرائيليين، تحت إشراف لجنة مصرية قطرية أميركية، والتي تتابع إجراءات تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار. ومنعت سلطات العدو الإسرائيلي، أمس الأحد، سفر نحو 100 من أقارب المعتقلين ممن سيطلق سراحهم اليوم الاثنين وسيبعدون إلى خارج فلسطين. وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب، قد أعلن في التاسع من الشهر الجاري، عن التوصل إلى اتفاق لتنفيذ المرحلة الأولى من خطته لتحقيق السلام في الشرق الأوسط التي أعلن عنها في 29 من سبتمبر الماضي، ويقضي بإنهاء الحرب على قطاع غزّة، وانسحاب العدو منه، ودخول المساعدات الانسانية، وتبادل الأسرى. وفي اليوم التالي، صادقت، حكومة العدو الإسرائيلي، على اتفاق وقف إطلاق النار، والخطوط العريضة لتبادل الاسرى . ويوم الجمعة الماضي، دخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ عند الساعة الثانية عشر ظهرا، لتبدأ بعدها مهلة الـ72 ساعة التي حددها الاتفاق، لإتمام عملية تبادل الأسرى وبحسب مؤسسات الأسرى، يتجاوز عدد المعتقلين في سجون العدو الإسرائيلي، 11 ألف معتقل، يعانون أوضاعا وظروفا كارثية تشمل التعذيب والتجويع والإهمال الطبي الممنهج، ما أدى إلى استشهاد عدد منهم في الأسر. فيما بلغ عدد المعتقلين المحكومين بالسجن المؤبد 350، ومن تقدمت بحقهم لوائح اتهام تمهيدا لإصدار أحكام بالسجن المؤبد 40 معتقلا، وعدد الأسيرات 53، بينهن ثلاث من غزة، وطفلتان، والأطفال الأسرى نحو 400 يقبعون في سجني (عوفر، ومجدو)، فيما بلغ عدد المعتقلين الموقوفين -دون محاكمة-، نحو 3380، حتى شهر اكتوبر الجاري. ومنذ السابع من اكتوبر 2023، نفذت قوات العدو الإسرائيلي جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة، أدت إلى استشهاد أكثر من 67.806، وإصابة ما يزيد على 170 ألفا آخرين، معظمهم من الأطفال والنساء، ومجاعة أزهقت أرواح 463 مواطنا بينهم 157 طفلا.

مقالات مشابهة

  • بعد أيام من الاتفاق.. وزير إسرائيلي يهدد باستئناف الحرب في غزة
  • ترامب: الجيش الإسرائيلي ربما يستأنف القتال في غزة
  • حملة استرداد الجثامين: استمرار العدو الإسرائيلي في احتجاز جثامين الأسرى الشهداء جريمة
  • ترامب: بدء المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار في غزة
  • العدو الإسرائيلي يخرق وقف إطلاق النار في غزة بارتكاب مجزرة جديدة
  • استشهاد ستة فلسطينيين في غزة برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي
  • الاحتلال الإسرائيلي يفرج عن دفعة من الأسرى الفلسطينيين ضمن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة
  • وقف إطلاق النار بغزة.. بدء عملية تبادل الأسرى
  • في إطار المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار: بدء عملية تبادل الأسرى