جريدة الرؤية العمانية:
2025-10-18@16:40:07 GMT

خارج الصندوق

تاريخ النشر: 18th, October 2025 GMT

خارج الصندوق

 

 

عائض الأحمد

في لحظاتٍ مُعيّنة تظنّ أنَّ فئةً من البشر قد انقرضت وتلاشت، ولم يعد لها أثر، وفجأة يطلّون أمامك كأنّك تعود إلى زمنٍ غابر. في الماضي، كان أهل المشرق يمرّرون ما يشاؤون لبُعد المسافة وضعف المتابعة وقلّة وسائل التواصل، وكان ذلك أمرًا مفهومًا في زمنٍ كنّا نتقصّى فيه أخبار حيّنا والأحياء المجاورة وكأنّنا ننشد المستحيل.

أما اليوم، وقد صار العالم قريةً صغيرةً، تصل الكلمة من أقصى الأرض إلى أدناها في لحظة، ومع ذلك لا يزال هناك من يختلق ويُدلّس، كأنّه يعتاش على وهمٍ قديم؛ يغمض عينيه ويرى ما لم يره الناس، يتغذّى على الوهم حتى يُصدّق نفسه، ويستشهد بأقوال من رحلوا، ويحلف لك أنّه شاهد عصرٍ، فيما هو غارق في ظلامٍ دامس لا يبصر فيه حتى أرنبة أنفه. ومع ذلك يحشر نفسه في كلّ صغيرةٍ وكبيرةٍ، لا لشيء سوى أن يُظهر حقده على من خالفه رأيًا أو توجّهًا أو أسلوبَ حياة.

ابتُلينا ببعض الإعلاميين الذين جعلوا المنابر بوقًا للتعصّب؛ يتلوّنون بحسب المصالح، ويُزيّنون الباطل بثوب الحق، يصفّقون اليوم لمن يُهاجمونه غدًا. كأنَّ رسالتهم خُلقت للهدم لا للبناء، وللتحريض لا للتنوير. كم من مرة شاهدنا قناة أو حسابًا على وسائل التواصل يروّج لمعلومة غير صحيحة، ليُحدث ضجة بين الناس، ويثير التعصب بين مختلف الأطراف، وكل ذلك تحت شعار "نقل الحقيقة".

وهناك من يعتقد أنّ الحقيقة حصرية، وأنه وحده من له الحق في امتلاكها، فيغلق أبواب النقاش ويُقيّد العقول بسلطته الوهمية.

ومع ذلك، ما زال هناك إعلاميون وكتّاب صادقون ينقلون الحقيقة بشجاعة، ويغرسون في الناس قيمة الصدق قبل الشهرة أو المكسب. فهناك من يثبت أنّ المنبر قد يكون أداة للتنوير، فمقالاتهم وتقاريرهم تكشف الحقائق، وتُسهم في توعية المجتمع، وتُعزز قيم الصدق والشفافية. فكن أنت المثال؛ وإن صعُب عليك قول الحق، فثق أنّ رسالتك ستصل قبل أن تحتاج إلى تصفيق أو اعتراض.

وإن كان لك منبر، أو منحك الله قدرةً، فاجعلها رسالةَ خيرٍ ومحبةٍ، واسعَ جاهدًا في جمع الناس حولك ما استطعت، وإن كانت المشقّة عظيمة. فلكلٍّ منّا ميولٌ واهتمامات، ولن يتفق معك الجميع؛ لكن اجعل غايتك أن يحترموك قبل أن يوافقوك، ولا تُرغمهم على الخضوع لسطوة منبرك. فهل تظن أنّ العدل أن تخاطب انتماءهم وتتسلّق أهواءهم وتقصي الآخرين لما وقر في نفسك من حقدٍ تخفيه عن الناس؟

فالكلمة أمانة، والمنبر عهد؛ وما يخرج منك قد يحيي قلبًا أو يُميته. فاختر أن تكون شاهد خيرٍ لا شاهد زور، وبانيًا للجسور لا هادمًا لها. لتكن كلمتك نورًا في عتمة، لا صرخةً في فراغ، ولكل فعل نية صافية تبقى بعد أن يزول كل ضجيج.

لها: سعادتك ليست في شقاء الآخرين، وإيمانك لن يُجبر عثراتهم أيضًا.

شيء من ذاته: ثلاث تورث ثلاثًا: الحديث في السياسة يزرع النفاق، والحديث في الدين يُثير الفتنة، والحديث في الرياضة يُوقظ التعصب.

نقد: أو لم تسمع أنّ الأمة لا تجتمع على باطل؟

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

كيف يدعم القانون الجديد فلسفة الدستور في ضمان الحق في الدفاع؟

حسم مجلس النواب اليوم، برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي، الجدل حول تعديلات قانون الإجراءات الجنائية، بعد موافقته النهائية على مشروع القانون، عقب إعادة صياغة ثماني مواد أبدى بشأنها رئيس الجمهورية ملاحظات تفصيلية، أبرزها المادة (105) الخاصة بضمانات حضور المحامي أثناء التحقيق مع المتهمين.

مجلس النواب يفتح أبوابه لطلاب المدارس الدولية لتعزيز الوعي البرلماني لدى الشبابلعدم استيفاء الشروط القانونية.. استبعاد 6 مرشحين من سباق انتخابات مجلس النواب بالقليوبية

ويُعدّ إقرار هذه التعديلات محطة تشريعية مهمة في مسار تطوير العدالة الجنائية في مصر، إذ تهدف إلى تعزيز ضمانات الدفاع وتحقيق التوازن بين سلطات التحقيق وحقوق المواطنين.

وتنص المادة (105) المعدلة على أنه لا يجوز لعضو النيابة العامة استجواب المتهم أو مواجهته بغيره من المتهمين أو الشهود إلا في حضور محاميه، وفي حال عدم وجود محامٍ، يتعين على المحقق أن يندب له محاميًا من تلقاء نفسه.

كما أجاز النص الجديد، في الحالات العاجلة التي يُخشى فيها فوات الوقت أو تهديد حياة المتهم، أن تنتقل النيابة العامة للاستجواب بعد طلب عاجل من نقابة المحامين لندب محامٍ على وجه السرعة، وفق آلية يتم الاتفاق عليها بين النيابة والنقابة العامة للمحامين.

وإذا لم يحضر المحامي في الموعد المحدد، يُسمح باستجواب المتهم، على أن يكون للمحامي المنتدب أو الموكل حق الاطلاع على إجراءات التحقيق فور حضوره.

وحذف مجلس النواب الفقرة الأخيرة من النص القديم، التي كانت تمنح عضو النيابة العامة صلاحية ندب محامٍ أو مباشرة الاستجواب لحين حضوره، بما يعزز التزام النص بروح المادة (54) من الدستور المتعلقة بالحق في الدفاع وضمانات التحقيق.

كما ألزمت المادة المعدلة المتهم بتحديد اسم محاميه في محضر التحقيق أو لدى القلم الجنائي للنيابة، ومنحت المحامي الحق في إثبات دفوعه وملاحظاته في المحضر. وأقرت المادة كذلك حق المحامي المنتدب في الحصول على أتعاب يقدرها المحقق بعد انتهاء التحقيق، وفقًا للجدول المعتمد من وزير العدل بعد التنسيق مع نقابة المحامين.

وتؤكد التعديلات الأخيرة أن الدولة ماضية في تحديث منظومة العدالة الجنائية بما يحقق الشفافية والعدالة وضمانات حقوق الإنسان، في ظل شراكة مؤسسية بين البرلمان والحكومة والسلطة القضائية لبناء نظام قانوني أكثر توازنًا وعدلاً.

طباعة شارك تعديلات قانون الإجراءات الجنائية مجلس النواب المستشار الدكتور حنفي جبالي

مقالات مشابهة

  • موضوع خطبة الجمعة اليوم .. الأوقاف تنشر نصها بعنوان «بالتي هي أحسن»
  • كيف يدعم القانون الجديد فلسفة الدستور في ضمان الحق في الدفاع؟
  • مدبولي: القانون الدولي يؤكد أن الحق في التنمية يجب ألا يتسبب في ضرر للآخرين
  • القضاء العراقي يحكم بالحبس الشديد لـ 5 سنوات على مؤسس جيش الحق
  • رئيس الوزراء الفلسطيني: للسلطة الحق بإدارة غزة ضمن إطار سيادة دولة مستقلة
  • غزة .. صوت الحق في وجه الظلم
  • وزارة الأوقاف تحدد خطبة الجمعة القادمة
  • الأوقاف تنشر نص خطبة الجمعة بعنوان «بالتي هي أحسن»
  • هل أصبحت منابر الوعظ بلا بوصلة.. وميادين الفهم بلا حكمة؟!..