بين جدران المتحف المصري الكبير، لا تقتصر الحكاية على التماثيل والبرديات والكنوز القديمة، بل تمتد لتشمل ثورة رقمية تجعل الزائر يعيش تجربة حضارية غير مسبوقة.. فالمتحف الذي يقف شامخا على هضبة الأهرامات لا يقدّم فقط أضخم عرض للآثار في العالم، بل يمزج بين عبقرية الفراعنة وابتكارات القرن الحادي والعشرين، ليصبح نموذجا عالميا في كيفية توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في خدمة التاريخ.

ومنذ اللحظات الأولى لتصميمه، لم ينظر إلى المتحف المصري الكبير بوصفه مبنى تقليديا يعرض القطع الأثرية خلف الزجاج، بل كمؤسسة ثقافية رقمية متكاملة، فالمشروع، الذي استغرق أكثر من عقدين من التخطيط والتنفيذ، وشارك فيه خبراء من مصر والعالم، وضع له هدف واضح: أن يكون أكبر متحف ذكي في العالم، حيث تسخر التكنولوجيا الحديثة لخدمة الزائر، وتفسير التراث، وحماية الآثار للأجيال المقبلة.

ولذلك، جاء تصميم المتحف قائما على مفهوم الرحلة التفاعلية، التي تبدأ قبل دخول الزائر من خلال تطبيقات الهاتف الذكية التي توفر معلومات عن المعروضات، ومسارات الزيارة المقترحة، وحجز التذاكر إلكترونيا. أما داخل القاعات، فيتحول كل جناح إلى تجربة رقمية غامرة تمزج بين الإبهار البصري والدقة العلمية.

أحد أبرز ملامح التميز في المتحف هو استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي لتخصيص تجربة الزيارة. فعبر تطبيق المتحف الرسمي أو الأجهزة اللوحية المتاحة للزوار، يمكن للنظام أن يتعرف على اهتمامات الزائر سواء كان باحثا أكاديميا، أو طالبا، أو سائحا يبحث عن تجربة ممتعة ويقترح له جولة مخصصة تناسب اهتماماته ومستوى معرفته.

فمن يهوى الهندسة المعمارية سيجد توصيات لزيارة قاعات تعرض أدوات البناء والفنون الهندسية في مصر القديمة، بينما يوجه النظام محبي الأساطير إلى تماثيل الآلهة والنصوص الجنائزية، مع شرح مبسط يدمج بين النصوص والصور ثلاثية الأبعاد.. هذه التقنية تتيح لكل زائر أن يعيش تجربة فريدة لا تتكرر، كأن المتحف صمم خصيصًا من أجله.

وأكثر ما يدهش الزائر داخل المتحف هو توظيف تقنيات الواقع المعزز (AR) والواقع الافتراضي (VR) في قاعات العرض.. فبمجرد توجيه الجهاز اللوحي أو الهاتف نحو قطعة أثرية، تنبثق أمامه نسخة رقمية ثلاثية الأبعاد تشرح كيفية استخدامها أو شكلها الأصلي قبل آلاف السنين.

فعلى سبيل المثال، يستطيع الزائر أن يرى كيف كان العرش الذهبي لتوت عنخ آمون يوم كان في قصره، أو يشاهد عملية بناء الأهرامات بخطواتها المتتابعة وكأنها تجري أمام عينيه. وفي بعض القاعات، تتيح نظارات الواقع الافتراضي الدخول إلى مقبرة رقمية كاملة، حيث يمكن التجول داخلها، وقراءة النقوش، والاستماع إلى شرح صوتي بلغات متعددة.

والهدف من هذه التقنيات ليس مجرد الإبهار، بل توصيل المعلومة بطريقة تجعل التاريخ حيًا ومفهومًا لكل الأجيال. فالمتحف يدمج بين الدقة الأكاديمية والتجربة الإنسانية، ليصبح التعلم متعة، والمعرفة مغامرة بصرية.

وإلى جانب دور التكنولوجيا في العرض، يلعب الذكاء الاصطناعي دورا حيويا في حماية الآثار وتوثيقها. فقد أنشأ المتحف قاعدة بيانات رقمية ضخمة تضم صورا عالية الدقة ومعلومات تفصيلية عن كل قطعة، تشمل مادتها وتاريخها وأماكن اكتشافها وحالتها الحالية.

ويستخدم الذكاء الاصطناعي لتحليل الصور وقياس أي تغير طفيف في حالة القطع بمرور الزمن، مما يساعد المرممين على التدخل المبكر قبل حدوث أي تلف.

كما تتيح هذه المنصة للباحثين حول العالم الوصول إلى البيانات ودراسة المقتنيات دون الحاجة إلى التعامل المباشر مع القطع الأصلية، وهو ما يعزز التعاون العلمي ويحافظ على التراث من أي خطر.

وفي خطوة سباقة، بدأ المتحف في توظيف تقنيات الرقمنة ثلاثية الأبعاد لإنشاء نسخ رقمية كاملة لبعض المجموعات الأثرية النادرة، لتكون بمثابة ذاكرة أبدية للقطع الأصلية، تحفظ شكلها وتفاصيلها الدقيقة للأجيال القادمة.

وفي المتحف المصري الكبير، لا يكون الزائر متفرجا فقط، بل شريكا في الحكاية. فالتقنيات التفاعلية تتيح له التقاط صور ثلاثية الأبعاد مع المعروضات، أو المشاركة في ألعاب تعليمية تحاكي مهام المرممين والتنقيبات الأثرية.

أما الأطفال، فلهم تجربة مخصصة تعرفهم على الحضارة المصرية بطريقة ترفيهية تجمع بين اللعب والتعليم، حيث يمكنهم تصميم نقوش فرعونية رقمية بأيديهم، أو بناء نموذج مصغر لهرم باستخدام واجهات لمس ذكية، في تجربة لا تخاطب العين فقط، بل العقل والخيال معا.. نريد للزائر أن يشعر أنه جزء من التاريخ، لا مجرد شاهد عليه.

وتستخدم أنظمة الذكاء الاصطناعي أيضًا في إدارة الأمن داخل المتحف، حيث تعمل كاميرات المراقبة عالية الدقة بتقنية التعرف على الوجه وتتصل بشبكة مركزية تتابع حركة الزوار في القاعات لضمان سلامة المعروضات.

كما تراقب الحساسات الذكية درجة الحرارة والرطوبة والإضاءة في كل قاعة، وترسل تنبيهات فورية إذا حدث أي خلل يمكن أن يؤثر في حالة القطع الأثرية.

وبهذا الدمج بين العلم والتاريخ، يصبح المتحف نموذجا للكيفية التي يمكن بها للتكنولوجيا أن تصون التراث بدلا من تهديده.

ويرى الخبراء أن المتحف المصري الكبير يقدم للعالم تجربة جديدة في مفهوم المتحف الحي الذي لا يكتفي بعرض الماضي، بل يحاور الحاضر ويخاطب المستقبل.

فالمتحف لا يسعى لأن يكون فقط وجهة سياحية، بل مركزا عالميا للبحث والتعليم الرقمي في علوم الآثار. وتجرى حاليا دراسات لإطلاق نسخة افتراضية منه على الإنترنت، تمكّن الزوار حول العالم من التجول داخله بتقنيات الواقع الافتراضي دون مغادرة منازلهم.

وبهذه الرؤية الطموحة، تتحول الحضارة المصرية إلى تجربة رقمية عالمية، تعبر الحدود واللغات، وتؤكد أن عبقرية المصريين القدماء لم تكن حجرا في معبد، بل فكرا خالدا يعاد اكتشافه في كل عصر بأدواته الجديدة.

ومن بين ملايين الزوار الذين سيقفون أمام قناع توت عنخ آمون الذهبي، لن يشعر أحد بالانفصال عن التاريخ. فالتكنولوجيا جعلت من الآثار كائنا حيا يتحدث إليك ويشرح لك أسراره، والذكاء الاصطناعي أصبح مرشدا يفتح أبواب الماضي بلمسة إصبع.

ومع افتتاحه المرتقب في الأول من نوفمبر المقبل لن يصبح المتحف المصري الكبير مجرد مكان لحفظ التراث، بل جسرا بين الإنسان المعاصر وأجداده، حيث تمتد يد الحضارة القديمة لتصافح تكنولوجيا المستقبل في مشهد فريد غير مسبوق.

اقرأ أيضاً218 عازف كورال وراقص مصري يشاركون في حفل افتتاح المتحف المصري الكبير

أضخم حدث ثقافي.. موعد افتتاح المتحف المصري الكبير وأسعار التذاكر للمصريين والأجانب

من أوزيريس إلى المتحف المصرى الكبير.. مصر تعيد تعريف الاستدامة كما عرفها الأجداد

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: المتحف المصري الكبير الذكاء الاصطناعي المتحف جدران المتحف المصری الکبیر الذکاء الاصطناعی ثلاثیة الأبعاد

إقرأ أيضاً:

حكم استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لمراقبة الموظفين.. الإفتاء تجيب

تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا يقوب صاحبه: ما هو حكم استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لمراقبة الموظفين في بيئة العمل؟ وهل يجوز أن يمتد ذلك إلى تتبع خصوصياتهم خارج نطاق الوظيفة؟

وأجابت الإفتاء عن السؤال قائلة: استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في بيئة العمل إن كان لمتابعة إنجاز المهام، وضبط أوقات الدوام، وحماية البيانات، ونحو ذلك من الأغراض المشروعة، فلا حرج في ذلك شرعًا إذا روعي فيه أن يكون مقصورًا على نطاق العمل، وفي حدود الضوابط التي تنظمها القوانين واللوائح المعمول بها.

وأمَّا استخدامها في غير ذلك من نحو تتبع الحياة الخاصة للموظفين وتتبع عوراتهم، أو مراقبة ما لا يتعلق بالعمل، أو جمع بياناتهم واستغلالها خارج ما تسمح به اللوائح والقوانين -فإن ذلك يكون مُحرَّمًا شرعًا، ومُجرَّمًا قانونًا.

ما حكم التَّحدُّث في الحمَّام أثناء قضاء الحاجة؟..الإفتاء تجيبما حكم الكلام أثناء الوضوء؟ الإفتاء تجيبهل لمس عورة الطفل ينقض الوضوء؟.. الإفتاء تجيبعقوق الأب والأم من كبائر الذنوب.. الإفتاء: اتقوه بـ5 حقوق للوالدين

الحكم الشرعي لاستخدام الذكاء الاصطناعي
بالنظر إلى الحكم الشرعي لاستعمال هذه التقنيات، فإنَّ الأصل في استخدام الذكاء الاصطناعي هو الإباحة، ما لم يندرج في صورةٍ مُحرَّمةٍ شرعًا، وذلك عملًا بالقاعدة الفقهية المقررة أن "الأصل في الأشياء الإباحة".

قال العلامة شيخي زاده في "مجمع الأنهر" (3/ 568، ط. دار إحياء التراث العربي): [واعلم أنَّ الأصل في الأشياءِ كلِّها سوى الفروج الإباحة] اهـ.

وقال الإمام الزُّرقَاني في "شرح مختصر خليل وحاشية البناني" (1/ 320، ط. دار الكتب العلمية): [الأصل في الأشياء الإباحة حتى يثبت النهي] اهـ. وينظر: "الأشباه والنظائر" للإمام الحافظ السُّيُوطي (ص: 60، ط. دار الكتب العلمية)، و"مطالب أولي النهى" للعلامة الرُّحَيبَاني (6/ 218، ط. المكتب الإسلامي).

ضوابط استخدام الذكاء الاصطناعي في بيئة العمل
استخدام الذكاء الاصطناعي وإن كان مباحًا من حيث الأصل لما تقرر، إلا أنه تابعٌ في الحكم لمقصوده، فمتى كان وسيلة لأمر مشروع أخذ حكم المشروعية، ومتى كان وسيلة لأمرٍ منهيٍّ عنه أخذ حكمه؛ لما تقرَّر في الشرع الشريف من أنَّ "للوسائل أحكام المقاصد"، كما في "قواعد الأحكام" للإمام عز الدين بن عبد السلام (1/ 53، ط. مكتبة الكليات الأزهرية).

ومن ثَمَّ فإنَّ استخدامَ تقنيات الذكاء الاصطناعي في بيئة العمل يَختلف حكمه باختلاف الغرض والكيفية منه، فإذا كان الاستخدام داخل بيئة العمل لمتابعة إنجاز المهام، وضبط أوقات الدوام، وحماية بيانات الشركة، وصيانة مصالح العمل والعملاء، ونحو ذلك، فهو جائزٌ من حيث الأصل لما تقدَّم، على أن يلتزم بجملة ضوابط؛ أهمها:

- إعلام الموظفين مسبقًا بهذه الرقابة؛ تحقيقًا لمبدأ الشفافية.

- ألَّا يتجاوز النظامُ حدودَ العمل إلى الحياة الخاصة واتباع العورات.

- أن يقتصر على القدر الضروري لتحقيق المصلحة للعمل ومقتضياته.

حكم استخدام الذكاء الاصطناعي لتتبع الخصوصيات والحياة الشخصية للموظفين
أمَّا إذا كان الاستخدام لتتبع خصوصيات الموظفين خارج نطاق العمل، أو الاطلاع على حياتهم الشخصية وما لا صلة له بأداء وظائفهم، فهو أمرٌ محرَّمٌ شرعًا؛ لاشتماله حينئذ على عدة محظورات، من أبرزها: انتهاك الخصوصيات والتعدي عليها، والتجسس على الناس، وتتبع عوراتهم.

ومن المقرَّر في الشريعة الإسلامية صونُ حرمة الحياة الخاصة للأفراد، واعتبارها من الحقوق الشرعية التي لا يجوز انتهاكها أو التعدي عليها بغير مسوِّغ شرعي.

ومن أبرز مظاهر ذلك: ما قرره الشرع الشريف من وجوب الاستئذان في دخول البيوت؛ حفظًا لخصوصية الإنسان في هيئته وشؤونه؛ ذلك لأن المرء في بيته غالبًا ما يكون في صورة غير التي يقابل بها الناس، فحفظ الإسلام له ذلك الحق، وأمر المسلمين ألا يدخلوا بيوتًا غير بيوتهم إلا بعد أن يستأذنوا، بل ويشعروا بالاستئناس بهم أيضًا، قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا﴾ [النور: 27].

قال الإمام الطبري في "جامع البيان" (19/ 149، ط. مؤسسة الرسالة): [إن الاستئناسَ الاستفعالُ من الأُنس، وهو أن يستأذن أهل البيت في الدخول عليهم، مخبرًا بذلك مَن فيه، وهل فيه أحد؟ وليؤذنهم أنه داخل عليهم، فليأنس إلى إذنهم له في ذلك، ويأنسوا إلى استئذانه إياهم] اهـ.

كما قررت السُّنة النبوية قاعدة عامة في صيانة خصوصيات الناس وترك التدخل فيما لا يعنيه، فعن أَبِي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مِن حُسنِ إِسلَامِ المَرءِ تَركُهُ مَا لَا يَعنِيهِ» أخرجه الإمامان: الترمذي، وابن ماجه.

كما نهى الشرع الحنيف عن التجسُّس وتتبع عورات الناس، وتحسُّس أفعالهم وأقوالهم، وحذَّر أيَّما تحذيرٍ من الإقدام على أيٍّ من هذه الأفعال، حتى وإن كان الهدفُ إنكارَ المنكر؛ لما في ذلك من تعدٍّ على حُرمة الآخرين، وإفسادٍ للعلاقات الطيِّبة بينهم، وجلبٍ للكراهية والبغضاء، فقال تعالى: ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾ [الإسراء: 36]، والمعنى: لا تتبع ما لا تعلم ولا يعنيك، كما في "الجامع لأحكام القرآن" للإمام القُرطُبي (10/ 257، ط. دار الكتب المصرية).

وقال عزَّ وجلَّ: ﴿وَلَا تَجَسَّسُواْ﴾ [الحجرات: 12]، أي: ولا يتتبع بعضكم عورة بعض، ولا يبحث عن سرائره، يبتغي بذلك الظهور على عيوبه، كما في "جامع البيان" للإمام الطبري (22/ 304، ط. مؤسسة الرسالة).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِيَّاكُم وَالظَّنَّ؛ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكذَبُ الحَدِيثِ، وَلَا تَحَسَّسُوا، وَلَا تَجَسَّسُوا، وَلَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخوَانًا» أخرجه الإمامان: البخاري واللفظ له، ومسلم. ولهذا عدَّ الإمامُ الحافظُ الذهبي في كتابه "الكبائر" (ص: 159، ط. دار الندوة الجديدة) "الكبيرة الثانية والأربعون: التسمع على الناس وما يسرون" من جملة الكبائر التي توعد الله تعالى مرتكبها بالعقاب.

بل قد شدَّد الشرع الشريف في التحذير من التجسس، والخوض في أعراض الناس والتنقيب عن عوراتهم، مبينًا أن من اعتاد ذلك عرَّض نفسه للفضيحة، إذ يفضحه الله تعالى ولو كان في جوف بيته، فعن ثوبان رضي الله عنه أن رسول صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا تُؤذُوا عِبَادَ اللهِ، وَلَا تُعَيِّرُوهُم، وَلاَ تَطلُبُوا عَورَاتِهِم؛ فَإِنَّهُ مَن طَلَبَ عَورَةَ أَخِيهِ المُسلِمِ طَلَبَ اللهُ عَورَتَهُ حَتَّى يَفضَحَهُ فِي بَيتِهِ» أخرجه الإمامان: أحمد واللفظ له، والطبراني في "المعجم الأوسط".

كما حذَّر الشرع من التطلع إلى ما كل ما يخص المسلم من مكتوبٍ أو نحو ذلك دون إذن صاحبه، فجاء الوعيد الشديد لمن تعمد ذلك، سواء أكان بالنظر أو بالاستماع، حتى عُدَّ ذلك في كلام بعض أهل العلم نوعًا من السرقة.

فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا تَستُرُوا الجُدُرَ، مَن نَظَرَ فِي كِتَابِ أَخِيهِ بِغَيرِ إِذنِهِ فَإِنَّمَا يَنظُرُ فِي النَّارِ» أخرجه الأئمة: أبو داود، والطبراني، والحاكم وصححه.

قال الإمام ابن الأثير في "النهاية في غريب الحديث والأثر" (4/ 147-148، ط. المكتبة العلمية): [هذا تمثيلٌ: أي كما يَحذَر النارَ فليَحذَر هذا الصنيع. وقيل: معناه: كأنما ينظر إلى ما يُوجِبُ عليه النارَ. ويحتمل أنه أراد عقوبة البصر؛ لأن الجناية منه، كما يعاقب السمع إذا استمع إلى حديث قومٍ وهُم له كارهون، وهذا الحديث محمولٌ على الكتاب الذي فيه سرٌّ وأمانةٌ يَكرَهُ صاحبُهُ أن يُطَّلَعَ عليه. وقيل: هو عامٌّ في كل كتاب] اهـ.

وعنه أيضًا رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنِ استَمَعَ إِلَى حَدِيثِ قَومٍ وَهُم لَهُ كَارِهُونَ، أَو يَفِرُّونَ مِنهُ، صُبَّ فِي أُذُنِهِ الآنُكُ يَومَ القِيَامَةِ» أخرجه الإمام البخاري.

قال الإمام ابن هبيرة الشيباني في "الإفصاح عن معاني الصحاح" (3/ 196، ط. دار الوطن): [المستمع إلى حديثِ مَن لا يُحِبُّ استماعَهُ سارقٌ، إلا أنه لم يسرق بتناول دراهم فكانت تُقطَعُ، ولكنه تناول ذلك عن باب السمع فَصُبَّ فيه الآنُك، والآنُك: نوعٌ من الرصاص فيه صلابة] اهـ.

وقال العلامة الصنعاني في "سبل السلام" (2/ 679، ط. دار الحديث): [والحديث دليل على تحريم استماع حديث من يكره سماع حديثه، ويُعرف بالقرائن أو بالتصريح] اهـ.

طباعة شارك الذكاء الاصطناعي استخدام الذكاء الاصطناعي ضوابط استخدام الذكاء الاصطناعي في بيئة العمل حكم استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لمراقبة الموظفين التجسس الإفتاء

مقالات مشابهة

  • هالة السعيد: مصر تمضي بخطوات واثقة نحو بناء استراتيجية رقمية يقع الذكاء الاصطناعي في قلبها
  • شركات التكنولوجيا العملاقة تموّل برامج لتدريب المعلمين على الذكاء الاصطناعي
  • حكم استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لمراقبة الموظفين.. الإفتاء تجيب
  • معاون وزير السياحة: المتحف المصري الكبير يسعى لتقديم تجربة استثنائية
  • السياحة: إطلاق الموقع الإلكتروني للمتحف المصري الكبير نقلة نوعية في تجربة الزائر
  • أثرية بالعرض المتحفي: المتحف المصري يوفر تجربة متحفية غير مسبوقة في قلب الحضارة المصرية
  • مركز الترميم بالمتحف المصري الكبير يكشف تفاصيل عمله
  • عاجل.. إطلاق الموقع الإلكتروني الرسمي للمتحف المصري الكبير
  • إطلاق الموقع الإلكتروني الرسمي للمتحف المصري الكبير