أين يكمن تضارب المصالح الخطير في دور جاريد كوشنر بغزة؟
تاريخ النشر: 19th, October 2025 GMT
نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا أعده مراسلها في واشنطن أندرو روث تناول فيه "تضارب المصالح" في مركز صفقة جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوقف إطلاق النار في غزة.
وقال روث إن رجلا مثل كوشنر لعب دور المبعوث الدبلوماسي الخاص للرئيس ترامب في الشرق الأوسط، ولم تكن له أنه أي صفة رسمية تربطه بالبيت الأبيض/ وفي الوقت الذي قام به الرئيس ترامب بـ"جولة النصر الصاخبة" له في المنطقة، وقف كوشنر في ساحة الأسرى بتل أبيب حيث سخر وصرخ الحضور عندما ذكر اسم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووسط هتاف المعتصمين الحماسي "شكرا، ترامب".
قال كوشنر الذي تخلى عن بدلته الرسمية وارتدى قميصا أسود بسيطا: "7 تشرين الأول/ أكتوبر بالنسبة لي يوم صادم، منذ ذلك الوقت لم يتعافى قلبي"، مضيفا أنه شعر بواجب "رؤية عودة الأسرى إلى عائلاتهم ورؤية نهاية محنتها كما تستحق ويتوقف الكابوس. وأيضا، رؤية نهاية معاناة أهل غزة الذين، بالنسبة لمعظمهم، كانوا يعانون من هذا الأمر دون أي ذنب، سوى أنهم ولدوا في وضعٍ رهيب".
وعلّق روث أن كلمات كوشنر كانت عاطفية من شخص هدد صهره بفتح "أبو الجحيم" في غزة. إلا أن الرجل الذي يتحدث بهدوء والوريث لإمبراطورية والده العقارية، أصبح بمثابة القناة الرئيسية لتواصل ترامب مع الشرق الأوسط، مستفيدا من قائمة قادة المنطقة الذين يعرفهم، ومحضرا نفسه للفوز بمكاسب كبيرة إذا تحقق هدف إعادة تطوير غزة.
وقال روث إن عودة كوشنر إلى الساحة السياسية كانت ملحوظة، وبخاصة بعدما تخلى هو وزوجته إيفانكا ترامب عن السياسة فعليا بعد أعمال الشغب التي اندلعت في مبنى الكابيتول الأمريكي في 6 كانون الثاني/ يناير والتي أعقبت خسارة ترامب في انتخابات 2020.
والآن، يجلس كوشنر، الذي يدير مليارات الدولارات من الاستثمارات، بعضها من السعودية وصندوق الثروة السيادي القطري في شركته الاستثمارية "أفينيتي بارتنرز" في مركز السلطة بواشنطن العاصمة.
وقال مات داس، نائب الرئيس التنفيذي في مركز السياسة الدولية، الذي وصف استغلال النفوذ في الإدارة بأنه فساد علني: "بالطبع هناك تضارب هائل في المصالح هنا"، مضيفا "ما هو غريب، في جزء منه، هو أن مؤسسة ترامب تتمتع بنفوذ كبير في الشرق الأوسط لدرجة أن الفساد قد يسهم في استمرار وقف إطلاق النار. ولأنهم جميعا يحققون أرباحا طائلة، فهناك مصلحة وحافز لوقف الحرب نوعًا ما".
وقد نفت فيه الإدارة وجود تضارب في المصالح في العمل الدبلوماسي لكوشنر، بينما يواصل إدارة صندوق استثماري بمليارات الدولارات من صناديق سيادية حكومية سعودية وإماراتية وقطرية.
وكان رد المتحدثة الإعلامية للبيت الأبيض، كارولين ليفيت، شاجبا بشدة على سؤال طرحه صحافي أثناء إحاطة إعلامية هذا الشهر وألمح فيه إلى إمكانية تضارب المصالح في جهود كوشنر. وكان ردها: " من الحقارة بمكان، محاولة الإيحاء أنه من غير المناسب لجاريد كوشنر، الذي يحظى باحترام واسع النطاق في جميع أنحاء العالم ويتمتع بثقة وعلاقات كبيرة مع هؤلاء الشركاء الأساسيين في هذه البلدان، أن يضع خطة شاملة ومفصلة من 20 نقطة، لا يمكن لأي إدارة أخرى تحقيقها". وأضافت: "يتبرع جاريد بطاقته ووقته لحكومتنا، ولرئيس الولايات المتحدة، لضمان السلام العالمي، وهذا أمر نبيل للغاية".
ولم تكن لكوشنر، المولود لعائلة يهودية أرثوذكسية في نيوجيرسي، أي خبرة سابقة في الدبلوماسية قبل أن يقترحه والده، مطور العقارات النيويوركي تشارلز كوشنر، للانضمام إلى إدارة ترامب الأولى. وتعرض للسخرية بعد مقابلة أجريت معه في بداية ولاية ترامب الأولى عندما قال إنه "يدرس هذا الأمر منذ ثلاث سنوات. قرأت 25 كتابا عنه وتحدثت إلى كل قائد في المنطقة وإلى كل من شارك في هذا".
والآن، أعاد جيه دي فانس وغيره من مؤيدي الإدارة نشر هذه التصريحات لتبرير مشاركته.
وعندما عاد ترامب إلى البيت الأبيض في كانون الثاني/يناير، بقي كوشنر وإيفانكا في قصرهما الضخم في ميامي، الذي تبلغ قيمته 24 مليون دولار، ولم يتوليا أي دور رسمي في عملية الانتقال، وحافظا على مسافة بعيدة من الإدارة مقارنة بفترة ترامب الأولى.
وبالنسبة للكثيرين، ظل الدور المحوري لكوشنر في المفاوضات مجهولا حتى شارك هو وتوني بلير في اجتماع بالبيت الأبيض في آب/ أغسطس لمناقشة التخطيط لحكم ما بعد الحرب وإعادة إعمار غزة. وقال ترامب في الأسبوع الماضي بعد وقت قصير من الإعلان عن الصفقة: "وضعت جاريد لأنه شخص ذكي جدا، ويعرف المنطقة ويعرف الناس، ويعرف الكثير من الأطراف الفاعلة".
وفي مقابلة مع صحيفة "نيويورك تايمز"، أوضح كوشنر الأمر ببساطة: هو وستيف ويتكوف، مبعوث الرئيس إلى الشرق الأوسط، كانا من "خبراء الصفقات"، وهما خبيران مخضرمان في مجال العقارات في نيويورك ويدركان ما يحرك الناس". وقال: "كثير من القائمين على هذا العمل أساتذة تاريخ، لخبرتهم الواسعة أو دبلوماسيين. الأمر مختلف تماما أن تكون خبيرا في الصفقات، إنها مجرد رياضة مختلفة".
وبحسب مسؤولين أمريكيين، منح كوشنر وويتكوف سلطة شبه مطلقة من ترامب لحمل الطرفين على الموافقة على وقف إطلاق النار: بدءا من اجتماع مغلق بين ترامب وقادة عرب خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة لاختبار مدى جدية اقتراحٍ من 20 نقطة بشأن غزة، وصولا إلى إقناع نتنياهو بتقديم رسالة اعتذار إلى رئيس وزراء قطر بعد غارة جوية إسرائيلية في الدوحة الشهر الماضي، وصولا إلى اجتماع غير مسبوق بين مسؤولي البيت الأبيض وحماس أدى إلى تهيئة الظروف لأفضل فرصة من أجل إنهاء الحرب في غزة منذ بدايتها في تشرين الأول/أكتوبر 2023.
وقال دبلوماسي أمريكي سابق عن كوشنر: "كانت إحدى نقاط قوته أنه لم يكن يحمل صفة رسمية"، لكنه كان لا يزال يتمتع بإمكانية الوصول المباشر إلى ترامب و"كان بإمكانه العمل في الخفاء، ومن خلال مصالحه التجارية لربط جميع هذه الأطراف وبناء مصداقية كافية للمساعدة في إتمام الصفقة".
وروج كوشنر أثناء ولاية ترامب الأولى إلى رؤية مفادها أن الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني هو عقبة تمنع تقارب دول عربية مع إسرائيل وهو تقارب إن حدث سيحدث تحولا اقتصادية بالمنطقة.
بعد الغارة الإسرائيلية على قطر في وقت سابق من هذا الشهر، قيل إن كوشنر وويتكوف شعرا بوجود فرصة، إذ ازداد قلق القادة العرب من أن الهجوم قد يشكل سابقة لهجمات أخرى في المنطقة.
وفي حوار نشر لأول مرة في صحيفة "وول ستريت جورنال"، ثم أكده مسؤولون أمريكيون، أملى كوشنر وويتكوف الاعتذار لرئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، والذي قدمه نتنياهو عبر الهاتف قبل وقت قصير من ظهوره مع ترامب في قمة البيت الأبيض أواخر سبتمبر. وقال مسؤول أمريكي مطلع على جهود ويتكوف وكوشنر للتفاوض على وقف إطلاق النار: "كان هذا من النوع الذي يفعله الأشخاص الناضجون. لقد منحنا ذلك بعض النفوذ".
ويرى المراقبون أن بصمة كوشنر على سياسة الشرق الأوسط كانت واضحة منذ بداية إدارة ترامب الثانية، فإعادة تطوير غزة لتصبح منطقة عقارات راقية على البحر طرحه كوشنر لأول مرة في فعالية بجامعة هارفارد عام 2024.
واتهم النقاد ترامب بالترويج للتطهير العرقي بعد أن قال إنه يمكن إخلاء الفلسطينيين قسرا من غزة قبل إعادة التطوير، وهي فكرة طرحها كوشنر أيضا أولا.
ويتذكر آرون ديفيد ميلر، الدبلوماسي السابق والمفاوض في شؤون الشرق الأوسط، والزميل البارز في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، لقاءه بكوشنر خلال ولاية ترامب الأولى، ووصف نهجه الدبلوماسي غير المتعاطف للمنطقة. ويتذكر ميلر: "قال [كوشنر]: 'لا تتحدث معي عن التاريخ'. أنا لست مهتما بالتاريخ. نحن نفعل الأشياء بشكل مختلف هنا".
وحافظت عائلة كوشنر على روابط وثيقة مع نتنياهو لعقود، وبخاصة من خلال والده، تشارلز كوشنر، الذي كان متبرعا دائما للقضايا المؤيدة لإسرائيل. وكانت العلاقة وثيقة لدرجة أن نتنياهو أقام ذات مرة في منزل عائلة كوشنر في نيوجيرسي، وفقا لصحيفة "نيويورك تايمز".
وعلى الرغم من ذلك، أخبر كوشنر ميلر أن أحد مفاتيح دبلوماسية ترامب في ولايته الأولى هو أنه "سيجعل من المستحيل على أي رئيس وزراء إسرائيلي أن يقول لا له". وقال ميلر: "لم أكن أعلم ... أن هذا المبدأ التأسيسي سيخلق وضعا لا يتشابه مع أي رئيس أمريكي آخر عملت معه أبدا". وفي وصفه للمحادثات، قال مسؤول أمريكي إن دعم ترامب الصريح لإسرائيل مكن كوشنر وويتكوف من العمل بشكل وثيق مع القادة العرب وحتى الاجتماع مباشرة مع حماس دون تنفير حكومة نتنياهو.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية كوشنر غزة الولايات المتحدة الولايات المتحدة غزة إعادة الإعمار كوشنر صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة وقف إطلاق النار کوشنر وویتکوف ترامب الأولى الشرق الأوسط ترامب فی
إقرأ أيضاً:
ما العامل الحقيقي الذي حقق به ترامب صفقة غزة؟
ترجمة: أحمد شافعي
كثرت الإشادات بدبلوماسية الرئيس ترامب في وساطته لإبرام اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وتركز أغلبها على كيفية إقناعه بنيامين نتنياهو بقبول الاتفاق. فافترض كثيرون أن الرئيس ترامب هدد بسحب الولايات المتحدة لدعمها من إسرائيل أو أنه ضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بطريقة أخرى من أجل التسليم.
لكن نجاح الرئيس ترامب له تفسير آخر أكثر إقناعا. فبعيدا عن محض تهديد نتنياهو بعواقب الأمور، جاء تدخل الرئيس الأمريكي أساسا بإعطاء شريان حياة سياسي لرئيس الوزراء الإسرائيلي ذي الشعبية الضئيلة بشدة. فكان سر نجاح الرئيس ترامب مع نتنياهو يكمن في عرضه جزرات في السياسة الداخلية، لا عصيًا في السياسة الخارجية.
ثمة عوامل خارجية مهمة بطبيعة الحال هي التي وضعت الأساس للاتفاق. فقد انتهت إسرائيل وحماس كلتاهما أخيرا إلى أن استمرار الحرب طرح خاسر. فبالنسبة لحماس، كانت عمليات إسرائيل على مدار العام الماضي مهلكة؛ إذ تعثرت قدرة الحركة على المناورة وإعادة تزويد نفسها بالإمدادات، وانقطعت مصادر تمويلها، فضلا عن القضاء على كبار قادتها، وخارج غزة، ضعف أنصار حماس في محور المقاومة أيضا بسبب غارات إسرائيل على لبنان وسوريا واليمن وإيران نفسها، ووجدت حماس نفسها معزولة في المنطقة ورأت شعبيتها ماضية في التراجع داخل غزة.
وبالنسبة لإسرائيل، بلغت الحرب نقطة القشة التي تقصم ظهر البعير. فلم تعد مكاسبها من العمليات العسكرية تغلب انهيار مكانة إسرائيل الدولية، وتآكل الدعم الأمريكي من الحزبين بسبب وفيات المدنيين في غزة أو الضغط على الجيش الإسرائيلي المنهك بسبب الحرب. وجاءت مرحلة الحرب الجديدة التي أعلنها نتنياهو في الصيف ـ وسعت منها إسرائيل إلى السيطرة على أغلب قطاع غزة وإخلاء شمال غزة مرة أخرى من حماس ـ فألزمت القوات الإسرائيلية باستنزاف لا يمكن احتماله للذخيرة والقوة البشرية.
وكانت الضربة التي نفذتها إسرائيل في وضح النهار لقادة حماس السياسيين في الدوحة لتمثل فرجة هي الأخرى. فقد كان غضب العالم الإسلامي المتصاعد منذ عامين بسبب آلام غزة يفرض بالفعل ضغطا على القادة في أرجاء الشرق الأوسط. وكان الكثير يناصرون سرا تفكيك حماس لكنهم ما كانوا ليخاطروا بردة فعل محلية إذا ما ظهر أنهم يدعمون حملة إسرائيل العسكرية. ثم جاءت ضربة إسرائيل للدوحة فجلبت الحرب عليهم، مهددة بإلغاء العقود غير المكتوبة بين الحكم والمحكومين. وأصغى ترامب لقادة دول الخليج المستائين، فاستغلوا ذلك.
يمضي بنا هذا إلى دور الرئيس ترامب الذي لم ينصب إسهامه المهم على الضغط على نتنياهو بقدر ما غاص عميقا في مستنقعه السياسي. لم يتردد الرئيس بايدن قط في دعمه لحملة إسرائيل الرامية إلى تفكيك حماس بعد أهوال السابع من أكتوبر. لكن فريق الرئيس بايدن مارس أيضا ضغوطا ـ من قبيل منع ذخائر معينة والشجب العلني لبعض جرائم الحرب الإسرائيلية ـ ليدفع إسرائيل إلى حماية المدنيين وزيادة المساعدات الإنسانية. وعندما رجع الرئيس ترامب إلى السلطة، أنهى أي حالة من الوضوح مع نتنياهو بشأن غزة. فلم يعترض الرئيس ترامب حينما أوقفت إسرائيل جميع المساعدات الإنسانية لغزة في مارس. ولم يهدد بسحب الدعم الأمريكي، برغم مؤشرات تنذر بمجاعة في قطاع غزة وتكاثر التقارير عن وفيات المدنيين.
افترض كثير من المحللين أن نتنياهو ـ المعرض للضغط من ائتلافه اليميني المتطرف ـ لن يقبل أي إنهاء للحرب دونما استسلام تام من حماس. فأي تسوية تستطيع بها حماس إعادة تأكيد وجودها قد تؤدي إلى انتخابات مبكرة في إسرائيل، وتكلف نتنياهو رئاسة الوزراء وتنزع عنه أسلحته في مواجهة محاكماته في قضايا الفساد.
ونقض الرئيس ترامب هذا السيناريو. فقد أغدق الرئيس الأمريكي الثناء على نظيره، موفرًا له الحماية السياسية الناجمة عن شعبية الرئيس ترامب الطاغية في إسرائيل. وفي المقابل، وافق نتنياهو على مقترح الرئيس ترامب بإطلاق سراح الرهائن والسماح لحماس بالنجاة في الوقت الراهن.
وفي يونيو، ظهرت بادرة مبكرة لهذا التدخل السافر في السياسة الداخلية الإسرائيلية، حينما نشر ترامب على موقع «تروث سوشيال» منشورًا عن اتهامات الفساد التي يواجهها نتنياهو واصفًا إياها بأنها «مطاردة ساحرات سياسية» وداعيًا إلى إلغاء هذه المحاكمات. وبعد أسابيع، في خطوة غير معهودة إلى حد كبير، حضر السفير الأمريكي لدى إسرائيل مايك هوكابي إحدى جلسات محاكمة نتنياهو.
وبعد الفتح الذي تم الأسبوع الماضي، جلس مبعوث ترامب الخاص ستيف ويتكوف وصهره جاريد كوشنر عن يمين نتنياهو وشماله في اجتماع بمجلس الوزراء الإسرائيلي، منخرطين انخراطًا مباشرًا في جدال داخلي حول الموافقة على اتفاقية وقف إطلاق النار. ومضى ويتكوف وكوشنر إلى الثناء على نتنياهو في مسيرة بميدان الرهائن بتل أبيب، برغم صيحات الاستهجان من الجموع المشاركة. وأخيرا، وفي الواقعة الأشد غرابة، توقف الرئيس ترامب خلال خطبة الانتصار التي ألقاها أمام الكينيست الإسرائيلي وحث الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتزوج على العفو عن رئيس الوزراء في اتهامات الفساد الجاري محاكمته بسببها.
هذا هو العامل الحقيقي الذي استعمله ترامب في اتفاق غزة: الضغط بالإبهام الرئاسي على ميزان العملية الانتخابية والقانونية في إسرائيل.
وثمن المنجز الذي تحقق اليوم سوف يكون السبب في الاضطراب غدا. فمن أجل الحفاظ على دعم القادة العرب والمسلمين لاتفاق وقف إطلاق النار، سوف تحتاج إسرائيل إلى ضبط النفس حينما تواجه مقاومة حماس الحتمية لنزع السلاح. لقد تحدت حماس وقف إطلاق النار في غضون ثمان وأربعين ساعة فقط من إبرامه بإطلاق النار على مقربة من خط الانسحاب الإسرائيلي بما جعل الجيش الأمريكي يصدر تحذيرًا مقتضبًا.
سيكون الواقع الجهم متزايد القسوة على نتنياهو خلال موسم الحملة الانتخابية القادم إذ يستمر الهجوم عليه لقبوله الاتفاق الذي يبقى حماس في موضعها. وقد يستدرج الرئيس ترامب إلى موضع أعمق في السياسة الإسرائيلية في ظل سعيه إلى حماية نتنياهو من حصار اليمين في مجلسه الوزاري ويمنع انهيار وقف إطلاق النار الهش.
كل هذا يجعل السلام مضطربا. فالرئيس ترامب يربط الولايات المتحدة بزعيم ضئيل الشعبية قاوم حتى الآن أي محاسبة له على دوره في كارثة السابع من أكتوبر وعواقبها. ويبدو أن نجاة نتنياهو السياسية الآن تعتمد على الرئيس ترامب شخصيا برغم الشكوك المتزايدة من اليمين واليسار الأمريكيين في دعم الولايات المتحدة لإسرائيل. وفي الوقت الذي يمضي فيه كلا البلدين إلى انتخابات تشريعية تشهد الكثير من المنافسة والاستقطاب والضراوة في العام القادم، فقد يجد الرئيس ترامب عما قريب أن اللعب في سياسات غيره أمر محفوف بالخطر.
دانا سترول مديرة الأبحاث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى ونائبة مساعد وزير الدفاع الأمريكي السابقة لشؤون الشرق الأوسط.
الترجمة عن نيويورك تايمز