65 مليون دولار صينية تعيد بريق الغزل والنسيج في السخنة.. المنطقة الاقتصادية لقناة السويس تتحول إلى منصة صناعية عالمية
تاريخ النشر: 21st, October 2025 GMT
في خطوة جديدة تعكس ثقة المستثمرين الدوليين في الاقتصاد المصري، استقبلت المنطقة الاقتصادية لقناة السويس استثمارات صينية جديدة بقيمة 65 مليون دولار في مجال صناعة الغزل والنسيج، وذلك داخل منطقة العين السخنة الصناعية.
هذه الاستثمارات تمثل إضافة نوعية لمسار التنمية الصناعية في مصر، خاصة وأنها تأتي في قطاع حيوي ارتبط طويلاً بتاريخ الصناعة الوطنية.
العقود الجديدة تشمل أربعة مشروعات كبرى لشركات صينية عاملة في مجال النسيج، تم توقيعها داخل مدينة "سخنة 360" الصناعية، على مساحة تمتد إلى 238 ألف متر مربع، ومن المنتظر أن توفر هذه المشروعات أكثر من 3 آلاف فرصة عمل مباشرة، إلى جانب مئات الفرص غير المباشرة في مجالات النقل والخدمات وسلاسل التوريد.
قناة السويس الاقتصادية.. من ممر عالمي إلى منصة صناعية متكاملةتشهد المنطقة الاقتصادية لقناة السويس تحولًا نوعيًا جعلها واحدة من أبرز الوجهات الاستثمارية في الشرق الأوسط وإفريقيا، بفضل ما تتمتع به من موقع استراتيجي فريد على مفترق الطرق بين آسيا وأوروبا وإفريقيا، إضافة إلى البنية التحتية المتطورة والحوافز الاستثمارية غير المسبوقة.
المنطقة تضم اليوم 6 موانئ بحرية و4 مناطق صناعية كبرى، ما يمنحها تكاملًا لوجستيًا وصناعيًا يجعلها قادرة على جذب مختلف القطاعات الإنتاجية، من الطاقة والبتروكيماويات إلى النسيج والإلكترونيات.
وتواصل الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية جهودها في تبسيط الإجراءات وتسريع تراخيص التشغيل لتسهيل دخول الاستثمارات الجديدة وبدء الإنتاج في أسرع وقت ممكن.
يمثل قطاع الصناعات النسيجية أحد الركائز التاريخية للاقتصاد المصري، إذ لعب دورًا مهمًا في دعم التصدير وتوفير فرص العمل لعقود طويلة.
اليوم، تسعى مصر إلى إحياء هذا القطاع الاستراتيجي من خلال إنشاء منظومات صناعية متكاملة تشمل جميع مراحل الإنتاج من الغزل والنسيج والصباغة والتجهيز وحتى التصنيع النهائي للمنتجات الجاهزة.
وتركز الرؤية الجديدة على تعميق التصنيع المحلي وزيادة القيمة المضافة، بما يعزز القدرة التنافسية للمنتجات المصرية في الأسواق الإقليمية والعالمية.
استقطاب الشركات الصينية العاملة في هذا المجال يعد خطوة مهمة نحو نقل التكنولوجيا الحديثة وتوطين الخبرات الفنية، إلى جانب خلق فرص عمل نوعية للشباب المصري في بيئة صناعية حديثة.
تُعد الاستثمارات الصينية الجديدة في منطقة العين السخنة انعكاسًا مباشرًا لثقة المستثمر الأجنبي في المناخ الاقتصادي والاستثماري بمصر.
المنطقة الصناعية شهدت في السنوات الأخيرة طفرة في تطوير البنية التحتية والخدمات الذكية، ما جعلها من أكثر المناطق جذبًا للمستثمرين في المنطقة.
وتعمل الهيئة الاقتصادية لقناة السويس على تطبيق أنظمة رقمية متطورة لإدارة المرافق والطاقة والنفايات، ضمن خططها للتحول إلى مناطق صناعية ذكية ومستدامة.
هذه الرؤية الحديثة ساهمت في تعزيز جاذبية المنطقة للشركات العالمية التي تبحث عن بيئة إنتاج آمنة وفعالة وقريبة من الأسواق الدولية.
خطوة استراتيجية نحو استعادة الريادة
قال الدكتور هاني الشامي، عميد كلية إدارة الأعمال بجامعة المستقبل، إنّ الاستثمارات الصينية الجديدة في منطقة العين السخنة الصناعية تمثل خطوة استراتيجية على طريق استعادة مصر لريادتها الصناعية القديمة، خاصة في صناعة الغزل والنسيج التي كانت أحد أعمدة الاقتصاد الوطني لعقود طويلة.
أوضح الشامي أن هذه الاستثمارات، التي بلغت 65 مليون دولار وتضم 4 مشروعات كبرى على مساحة 238 ألف متر مربع، تأتي امتدادًا لنهج الدولة في جذب الصناعات التحويلية وتوطين التكنولوجيا، مشيرًا إلى أن الغزل والنسيج ليس مجرد قطاع إنتاجي بل رمز للهوية الاقتصادية المصرية منذ عصر الصناعة الوطنية في منتصف القرن الماضي.
وأضاف أن التعاون مع الصين في هذا المجال يعيد إلى الأذهان دور مصر الريادي في المنطقة عندما كانت مركزًا للتصدير والصناعة في الخمسينيات والستينيات، مشيرًا إلى أن الشراكات الجديدة تمثل نقلة نوعية نحو التصنيع المتكامل، بدءًا من الغزل والنسيج مرورًا بالصباغة والتجهيز وحتى المنتج النهائي الجاهز للتصدير.
وأشار الشامي إلى أن منطقة “سخنة 360” الصناعية أصبحت نموذجًا مصغرًا لمفهوم المنطقة الاقتصادية الذكية، بفضل تكامل البنية التحتية والموقع الجغرافي الفريد على البحر الأحمر وقربها من قناة السويس، ما يمنحها ميزة تنافسية في النقل والتصدير إلى الأسواق الأوروبية والإفريقية والآسيوية.
وأكد أن جذب الشركات الصينية يعكس ثقة المستثمر الأجنبي في المناخ الاقتصادي المصري، خاصة بعد ما شهدته المنطقة الاقتصادية لقناة السويس من تحسينات تشريعية وحوافز ضريبية وجمركية، جعلتها ضمن أهم الوجهات الاستثمارية في المنطقة.
أضاف الشامي أن المشروعات الجديدة ستوفر أكثر من 3 آلاف فرصة عمل مباشرة إلى جانب فرص غير مباشرة في سلاسل التوريد والنقل والخدمات اللوجستية، موضحًا أن تعميق التصنيع المحلي من خلال هذه المشروعات يرفع القيمة المضافة للمنتج المصري، ويقلل من الاعتماد على الواردات، ما ينعكس إيجابًا على الميزان التجاري والعملة الصعبة.
كما أشار إلى أن دخول الشركات الصينية بخبراتها في إدارة سلاسل الإنتاج وتطبيق التكنولوجيا الحديثة سيساهم في نقل المعرفة ورفع كفاءة العمالة المحلية، لتتحول مصر من دولة مستوردة للمنتجات النسيجية إلى دولة مصدّرة ذات علامة تجارية وطنية قوية.
ويرى الشامي أن الدولة المصرية تخطو بثبات نحو جعل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس منصة متكاملة للصناعة والتصدير، مشيرًا إلى أنها تضم اليوم 6 موانئ بحرية و4 مناطق صناعية، وهو ما يمنحها تكاملًا لوجستيًا فريدًا لا يتوفر في كثير من المناطق المنافسة حول العالم.
وأكد أن الاستثمار في البنية التحتية وتطوير الحلول الذكية في إدارة المناطق الصناعية يجعل من السخنة وجهة مثالية للشركات العالمية التي تبحث عن مواقع إنتاج قريبة من الأسواق الكبرى بتكاليف تشغيل تنافسية.
ما تشهده منطقة العين السخنة اليوم من استثمارات صينية جديدة ليس مجرد توسع في حجم رؤوس الأموال الأجنبية، بل هو تجسيد عملي لرؤية مصر نحو اقتصاد إنتاجي حقيقي يعتمد على الصناعة والتصدير كمحركين رئيسيين للنمو.
فهذه المشروعات تمثل شراكة استراتيجية بين مصر والصين تقوم على تبادل الخبرات ونقل التكنولوجيا وتوطين المعرفة، بما يعزز مكانة البلاد على خريطة الصناعة العالمية.
إن ما يحدث في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس يعكس تحولًا نوعيًا في فلسفة التنمية من الاكتفاء بجذب الاستثمارات إلى بناء منظومات صناعية متكاملة تخلق فرص عمل وتدعم سلاسل التوريد وتنهض بالاقتصاد الوطني.
وبينما تواصل السخنة جذب المزيد من المستثمرين العالميين، فإنها تمضي بخطى واثقة نحو أن تصبح عاصمة الصناعة الحديثة في الشرق الأوسط، ومنارة جديدة تحمل شعار: “صنع في مصر.. بجودة عالمية ورؤية مستقبلية”.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: قناة السويس الاقتصاد الغزل النسيج مصر العين السخنة المنطقة الاقتصادیة لقناة السویس منطقة العین السخنة البنیة التحتیة العین السخنة ا الغزل والنسیج فی المنطقة إلى أن
إقرأ أيضاً:
رئيس الوزراء يلتقى مالك أروجلو العالمية لبحث إدارة وتشغيل مصانع الغزل والنسيج
التقى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، مساء اليوم بمقر الحكومة بالعاصمة الإدارية الجديدة، نور الدين أورجلو، مالك ورئيس مجلس إدارة مجموعة أروجلو القابضة العالمية، لبحث التعاون مع المجموعة في إدارة وتشغيل عددٍ من مصانع الغزل والنسيج التابعة لوزارة قطاع الأعمال.
وذلك بحضور، المهندس محمد شيمي، وزير قطاع الأعمال العام، ووليد جمال الدين، رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وعددٍ من المسئولين.
وفي بداية الاجتماع، أشاد رئيس الوزراء بمجموعة أروجلو القابضة العالمية التي تعمل في السوق المصري منذ فترة طويلة، ولها باع طويل في صناعة الغزل والنسيج، ليس فقط في مصر بل في عددٍ من الأسواق العالمية.
وقال الدكتور مصطفى مدبولي: افتتحت خلال الأسابيع الماضية أحد مصانع المجموعة التركية في منطقة القنطرة غرب، وفي أثناء ذلك عرضتُ على مسئولي المجموعة إمكانية التعاون معها في إدارة وتشغيل مصانع الغزل والنسيج التابعة للدولة بالشكل الأمثل الذي يحقق أفضل استفادة من هذه الأصول.
وأكد رئيس الوزراء ، أن الدولة ضخت استثمارات ضخمة في تطوير وإعادة إحياء هذه المصانع، وترغب في ضمان استدامة عمل هذه الأصول وتحقيقها أقصى معدلات ربحية عبر التعاون مع شركات عالمية في إدارة وتشغيل هذه المصانع.
وأضاف: كل ما يُهمنا الآن هو الحفاظ على هذه الاستثمارات الضخمة التي ضختها الدولة في عملية إعادة إحياء هذه الأصول، وألا تشهد مرة أخرى تدهورًا كالذي شهدته على مدار العقود الماضية نتيجة سوء الإدارة.
وخلال الاجتماع، قال وزير قطاع الأعمال العام إنه منذ اجتماع رئيس الوزراء الشهر الماضي مع مسئولي الشركة التركية، خلال افتتاح أحد مصانعها في منطقة القنطرة غرب، تم عقد عدد من الاجتماعات لبحث صور التعاون الممكنة مع الشركة.
وأضاف: قام فريق عمل الشركة بالفعل بزيارة إلى أحد مصانع الغزل والنسيج في مدينة المحلة الكبرى، ومن المتوقع زيارة مصنع آخر في محافظة أخرى خلال الأيام المقبلة، حيث أبدى هذا الفريق إعجابه الشديد بأعمال التطوير التي تمت في المصنع الذي زاروه بالأمس، من حيث كفاءة المباني والإنشاءات وكذلك من حيث حداثة الماكينات المستخدمة في هذا المصنع، مضيفًا: يتم الآن دراسة نماذج الشراكة الممكنة مع مجموعة أروجلو القابضة العالمية.
وأوضح وليد جمال الدين، رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، أنه منذ افتتاح المصنع التابع للشركة في منطقة القنطرة غرب، وبناء على توجيهات رئيس الوزراء، تم التواصل مع وزارة قطاع الأعمال؛ لاتخاذ الخطوات اللازمة لبحث صور الشراكة الممكنة مع الشركة التركية، وبدأنا أمس بزيارة مصانع الغزل والنسيج بمدينة المحلة الكبرى، مؤكدا أن هناك نتائج إيجابية للغاية لهذه الزيارة.
وخلال الاجتماع، قال نور الدين أورجلو، مالك ورئيس مجلس إدارة مجموعة أروجلو القابضة العالمية: بناء على الزيارة التي تمت أمس لمصانع الغزل والنسيج بالمحلة الكبرى، فإن شركتنا لديها الإمكانيات والخبرات التي تؤهلها للتعاون مع مصر في إدارة وتشغيل هذه الأصول، لاسيما مع ما رأيناه هناك من كفاءة عالية للمباني والإنشاءات، وحداثة الماكينات بهذه المصانع، التي يُمكن أن نصفها بأنها على أعلى مستوى من التقدم، حيث وجدناها أفضل مما توقعنا.
واستعرض " أورجلو" استثمارات الشركة في مصر التي تتركز في محافظتي الإسماعيلية ودمياط في مجال الغزل والنسيج والملابس الجاهزة، مشيرًا إلى أن محفظة استثمارات الشركة في السوق المصرية تبلغ نحو 350 مليون دولار، فيما تبلغ مبيعاتها نحو 460 مليون دولار، وتقوم الشركة بتصدير إنتاجها للسوقين الأمريكية والأوربية، كما يعمل بمصانع الشركة في مصر حوالي 10 آلاف عامل.
وأكد "أورجلو" رغبته في التعاون مع الحكومة المصرية في عدد من المصانع التابعة لوزارة قطاع الأعمال العام في قطاع الغزل والنسيج، قائلًا: نحن نحب مصر التي أصبحت الآن أكبر سوق جاذبة للاستثمار في قطاع الغزل والنسيج عالميًا، ونستطيع نحن كشركة لها خبرة كبيرة في هذا المجال أن نكون الشريك الأمثل للحكومة المصرية بما نمتلكه من خبرات كبيرة وفريق عمل مُدرب على أعلى مستوى لإدارة هذه النوعية من الاستثمارات، مؤكدًا: نحن متفائلون بأننا قادرون على إدارة هذا الملف بنجاح.
وأوضح مالك ورئيس مجلس إدارة مجموعة أروجلو القابضة العالمية أن مسئولي المجموعة يضعون في اعتبارهم جيدا أن هذا الملف بذلت فيه الحكومة المصرية جهودا واسعة من أجل النهوض بهذه المصانع، كما تحرص المجموعة على استدامة توفير فرص العمل للعاملين حاليًا في هذه المصانع دون أي تغيير، مؤكدًا: نحن نسعى لتحقيق المصلحة المشتركة بين الطرفين.
وفي ختام الاجتماع، طلب رئيس الوزراء من مسئولي الشركة التركية دراسة تفاصيل هذا الملف جيدًا، وعرض رؤيتهم حول صور الشراكة الممكنة معنا في هذا المجال، مؤكدًا: نحن منفتحون على جميع صور الشراكة المختلفة.