لا ملوك.. حراك أميركي لمناهضة الطغيان والاستبداد
تاريخ النشر: 21st, October 2025 GMT
"لا ملوك" هو شعار حركة احتجاجية سلمية في الولايات المتحدة الأميركية تستمد روحها من أسس النظام الجمهوري، الذي بنيت عليه البلاد منذ استقلاها عام 1776 عن الاستعمار البريطاني. وتتلخص رسالة الحركة في معارضة ما ترى أنها "سياسات استبدادية" لإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وتقول إنه ليس ملكا وليس فوق القانون، وتدعو للتصدي إلى قراراته "ذات النزعة الفردانية" في إدارة شؤون البلاد.
وُلدت الحركة في الشوارع واستقطبت ملايين المتظاهرين الذين رفعوا اللافتات ورددوا الشعارات والهتافات في كل أنحاء الولايات المتحدة، للتأكيد على وحدة صفوف أبناء البلد "لمحاربة الدكتاتورية".
تؤكد الحركة في موقعها على الإنترنت أن "لا ملوك" ليس مجرد شعار، ولكنه الأساس الذي بنيت عليه أميركا وهي "ليست ملكا للملوك، ولا للطغاة ولا للمستبدين. إنها ملكنا نحن الشعب، الشعب الذي يهتم ويشارك ويناضل من أجل الكرامة وحياة كريمة وفرصة حقيقية. لا عروش، لا تيجان، لا ملوك".
تقول حركة "لا ملوك" إن الهدف من التظاهر في الشوارع هو التنديد والتصدي لما تسميه "تجاوزات ترامب الاستبدادية المتزايدة وفساده"، وقالت إن تلك التجاوزات تتجسد في أمور عدة بينها تكثيف عمليات ترحيل المهاجرين دون مراعاة الأصول القانونية.
وتسعى الحركة لمواجهة قرارات الرئيس ترامب الرامية -كما تقول- لتقليص الرعاية الصحية لذوي الدخل المحدود، والتلاعب بالخرائط الانتخابية لتقوية حظوظ المرشحين في الانتخابات التشريعية والرئاسية المقبلة، واهتمام إدارته بمصالح الأثرياء على حساب بقية المواطنين.
وترفض الحركة -التي تقول إنها مؤيدة للديمقراطية وللطبقة العاملة- "سياسات الرجل القوي" التي ينتهجها ترامب، وتتعهد بالنضال من أجل "تمكين المواطنين من التمثيل الذي يستحقونه".
وتعارض الحركة توجهات وسياسات إدارة ترامب في عهدته (2024-2028) وعلى رأسها استخدم أموال دافعي الضرائب للاستيلاء على السلطة، وإرسال قوات فدرالية للسيطرة على المدن الأميركية، والسعي إلى ولاية رئاسية ثالثة و"التصرف وكأنه ملك" وتحدي القضاء.
وتدعو الحركة الأميركيين للتظاهر تعبيرا عن رفضهم وغضبهم إزاء استهداف الحقوق المدنية وحرية التعبير، وارتفاع تكلفة العيش، وتدمير الخدمات الأساسية.
إعلانوتلخص الحركة هدفها العام في "بناء رفض وطني شامل وواضح وسلمي لهذه الأزمة"، وإظهار أن غالبية المواطنين يتحركون لوقف سياسات ترامب.
يقود مظاهرات "لا ملوك" ائتلاف من جماعات أهلية وعمالية وهيئات وتنظيمات نقابية وحقوقية ذات ميول يسارية، وانضمت إليها، وفق موقع الحركة، أكثر من 200 منظمة شريكة في الاحتجاجات.
ومن أهم الهيئات المؤطرة لحركة "لا ملوك"، منظمة "إنديفيسبل" وهي حركة تقدمية لها فروع في جميع أنحاء أميركا، وكذا الاتحاد الأميركي للحريات المدنية وجماعة "بابلِك سيتيزنز" المدافعة عن حقوق الإنسان.
ويضمّ الائتلاف أيضا تنظيمات نقابية، منها الاتحاد الأميركي للمعلمين والاتحاد الدولي لعمال الخدمات، إضافة إلى حركة الاحتجاج الجديدة "50501"، التي انطلقت في وقت سابق من عام 2025 داعية للاحتجاج في جميع الولايات الخمسين.
ومن بين الشركاء الآخرين في الحراك تنظيمات تعنى بحقوق الإنسان والبيئة وقضايا مجتمعية أخرى.
الشعار البصري (اللوغو)يصوّر شعار "لا ملوك" تاجا ذهبي اللون وأحيانا برتقاليا، فوقه علامة "إكس" حمراء، تشير بصريا إلى شطب التاج وترمز إلى رفض "الحكم الملكي الاستبدادي".
ويجسد ذلك التصميم روح الحركة الاحتجاجية المناهضة للحكم الفردي والمعارضة للنزعة الاستبدادية داخل الحكومة الأميركية، وتدعو في المقابل إلى الديمقراطية.
يطلب منظمو مظاهرات "لا ملوك" من المشاركين أن يرتدوا اللون الأصفر للإشارة إلى وحدة الصف والرؤية بطريقة بصرية لافتة، وللانسجام مع الحركات الأخرى المؤيدة للديمقراطية خارج الولايات المتحدة، وتحديدا في أوكرانيا وهونغ كونغ وكوريا الجنوبية.
ويصف المنظمون اللون الأصفر بأنه "رمزنا المشترك"، وبأنه "مشرق وجريء ولا يمكن تجاهله، وهو تذكير بأن قوة أميركا هي مِلك لشعبنا، لا للملوك".
مظاهرات يونيو/حزيرانحشدت الحركة أول مظاهرة لها في 14 يونيو/حزيران 2025، وذلك تزامنا مع عيد ميلاد الرئيس ترامب، الذي شارك في اليوم ذاته في استعراض عسكري بالعاصمة واشنطن.
وفي ذلك اليوم نزل أكثر من 4 ملايين شخص إلى الشوارع وأعلنوا بصوت واحد: "أميركا بلا ملوك"، وطغى صدى تلك المظاهرات على الموكب العسكري للرئيس الذي رفعت أمامه شعارات مناهضة لمساعيه نحو التفرد بالسلطة على الطريقة الملكية.
مظاهرات أكتوبر/تشرين الأولوفي 18 أكتوبر/تشرين الأول 2025، شارك أكثر من 7 ملايين أميركي في أكثر من 2700 فعالية في جميع ولايات البلاد الخمسين، في مظاهرات حاشدة تحت شعار "لا ملوك"، وتحولت إلى حراك وطني متواصل للاحتجاج على الاستبداد وللدفاع عن الديمقراطية.
وانتشرت في تلك الاحتجاجات صور للرئيس ترامب في هيئة ديكتاتور أو زعيم استبدادي يرتدي تاجا، في تعبير واضح عن رفضهم أن يتحول حكمه إلى حكم ملكي مطلق، أو دكتاتوري يفرض سلطته على الشعب الأميركي.
ويختار المنظمون أسلوب التظاهر بشكل موزع ومتناسق في المكان والزمان، بحيث يحتجون في مدنهم وبلداتهم المحلية بدلا من السفر إلى المراكز الحضرية الكبرى، وذلك وفق توقيت كل منطقة لإظهار أن السخط على ترامب موجود في جميع أنحاء الولايات المتحدة.
إعلان مشروع قانونوقبل أن يتحول شعار "لا ملوك" إلى حراك واسع عام 2025، كان العشرات من أعضاء الكونغرس الديمقراطيين قدموا في الأول من أغسطس/آب 2024 مشروع قانون يحمل الاسم نفسه، يهدف إلى إعادة تأكيد السلطة الدستورية للكونغرس لتحديد مدى التطبيق العام للقوانين الجنائية للولايات المتحدة، ولأغراض أخرى.
ولا يزال "مشروع قانون لا ملوك" قيد التداول والنقاش في المؤسسة التشريعية وجاء في أول بنوده أنه "لا أحد، بما في ذلك أي رئيس، فوق القانون" وأن "للكونغرس.. سلطة تحديد الأشخاص الذين تنطبق عليهم القوانين الجنائية للولايات المتحدة، بمن فيهم أي رئيس".
وجدد مشروع القانون التأكيد على أن "دستور الولايات المتحدة لا يمنح أي رئيس أي شكل من أشكال الحصانة (سواء كانت مطلقة أو افتراضية أو غير ذلك) من الملاحقة الجنائية، ويشمل ذلك الأفعال المرتكبة أثناء خدمته رئيسا".
موقف الجمهوريينردا على مظاهرات 18 أكتوبر/تشرين الأول 2025، شن مسؤولون جمهوريون هجوما على حركة "لا ملوك" ووصفوها بأنها "معادية لأميركا"، في حين نفى الرئيس ترامب أن يكون ملكا.
وقال "أنا لست ملكا، أنا أعمل بجد لاستعادة مجد بلادنا، هذا كل ما في الأمر، أنا لست ملكا على الإطلاق.. أنا أواجه صعوبات جمة قبل أن تتم الموافقة على قراراتي".
وقلل ترامب من شأن تلك المظاهرات وقال "إنها سخيفة"، وإن عدد المشاركين فيها قليل ولا يمثلون الشعب الأميركي، ولمّح إلى أن هناك أطرافا تمولها على رأسها الملياردير جورج سوروس.
وسخر ترامب من المحتجين عبر نشر فيديو تم توليده بتقنيات الذكاء الاصطناعي، يصوّره مرتديا تاجا، ويقود طائرة مقاتلة تحمل عبارة "الملك ترامب".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غوث حريات دراسات أکتوبر تشرین الأول الولایات المتحدة الرئیس ترامب لا ملوک أکثر من فی جمیع
إقرأ أيضاً:
تظاهرات تجتاح الولايات المتحدة ضد ترامب
عبر عدد كبير من المتظاهرين عن غضبهم ضد الرئيس الأميركي دونالد ترامب في كل أنحاء الولايات المتحدة، من نيويورك إلى سان فرنسيسكو، خلال يوم تعبئة حاشد انتقده اليمين، ووصفه بحركة "كراهية ضد أميركا".
وفي العاصمة واشنطن نُظمت تظاهرة حاشدة قرب الكونغرس، حيث حضّت الحشود ترامب على "الرحيل".
أما في فلوريدا، فرفع المتظاهرون لافتات تصور الرئيس على شكل ستالين وملكة إنجلترا قرب مقر إقامته في مارالاغو حيث يمضي عطلة نهاية الأسبوع.
واستنكر مسؤولون في حزب ترامب التظاهرات، وذهبوا إلى حد مقارنة المتظاهرين بإرهابيين.
ووصف زعيم الجمهوريين في مجلس النواب مايك جونسون المسيرات المقررة بأنها "تعبئة كراهية ضد أميركا"، قائلا "أراهن على أنكم سترون فيها أنصارا لحماس وأنتيفا" الحركة السياسية التي صنفها الرئيس الأميركي أخيرا على أنها "منظمة إرهابية".
وفي استهجان لهذا الخطاب، ارتدى العديد من المتظاهرين السبت أزياء غريبة تجسّد حيوانات البطريق والضفادع وحتى فرس النهر، بينما لوّح آخرون بفخر بالعلم الأميركي.
ووفقما قالت آشلي (37 عاما) المتظاهرة في حي فورست هيلز في نيويورك لوكالة فرانس برس "إنه (ترامب) ينتهك القانون والدستور بشكل كامل".
وينظم يوم التظاهرات هذا في خضم شلل الوكالات الفدرالية، وفيما ينشر ترامب قوات عسكرية في معاقل ديمقراطية يقول إن الهدف منها مكافحة الهجرة غير القانونية والجريمة.
ومن المقرر أيضا أن تقام تجمعات السبت في المدن التي نشر فيها ترامب الحرس الوطني، مثل شيكاغو ولوس أنجلوس.
وكتب كبير الديمقراطيين في مجلس الشيوخ تشاك شومر على موقع "إكس" صباح السبت "لا تدعوا دونالد ترامب والجمهوريين يُرهبوكم ويُسكتوكم".
وشاركت في الدعوة للاحتجاج أيضا المرشحة الديمقراطية للانتخابات الرئاسية لعام 2024 كامالا هاريس، ونجم هوليوود روبرت دي نيرو.