اكتشف باحثون أن دودة طفيلية مجهرية تدعى " شتاينرنيما كاربوكابساي" تقفز في الهواء حتى 25  ضعف طولها لتلتصق بحشرات طائرة، مستفيدة من الكهرباء الساكنة التي تولد قوة جذب بينها وبين الفريسة.

الدراسة، التي أعدها فريق من جامعتي إيموري وكاليفورنيا بيركلي ونشرت يوم 14 أكتوبر/تشرين الأول في مجلة "بي إن إيه إس" تكشف عن حيلة فيزيائية مذهلة تساعد الدودة على البقاء والانتشار.

وتعيش هذه الدودة في التربة وتستخدم على نطاق متزايد في المكافحة الحيوية للآفات الزراعية، وعندما تشعر بمرور حشرة فوقها تلتف على هيئة حلقة ثم تنطلق كالزنبرك إلى أعلى.

ولو قسنا ذلك على البشر، فالقفزة تعادل القفز فوق مبنى من 10 طوابق، وفقا للمؤلف المشارك بالدراسة "فيكتور أورتيجا-خيمينيث" أستاذ علم الأحياء التكاملي المساعد بجامعة كاليفورنيا بيركلي، في تصريحاته للجزيرة نت.

وإليك فيديو قصير يوضح آلية قفز هذا النوع من الديدان:

أجنحة تولد شحنات

يقول خيمينيث إنهم عرفوا الآلية الفيزيائية التي تمكن الدودة من إصابة هدفها "وأثبتنا أهميتها لبقائها. ارتفاع الجهد، مع نفخة هواء خفيفة، يضاعف فرص التصاق الدودة بالحشرة".

ويوضح الباحث أن الفكرة بسيطة بقدر ما هي مدهشة: تفرك أجنحة الحشرات أثناء الطيران الهواء المتأين فتولد مئات الشحنات.

والتأين عملية تكتسب بها الذرة أو الجزيء شحنة كهربية سالبة أو موجبة عن طريق اكتساب أو فقدان الإلكترونات. وهذه الشحنة تحرض شحنة معاكسة داخل جسم الدودة القافزة فيما يعرف بظاهرة التحريض الكهروستاتيكي، فتنجذب إلى الحشرة كما لو أن مغناطيسا خفيا شدها.

وبدون هذا الشد الكهربائي، تصبح مقامرة القفز مكلفة وخطرة بلا جدوى.

وقد أجرى الفريق التجارب باستخدام كاميرا عالية السرعة تلتقط 10 آلاف إطار/ثانية لرصد مسارات القفز شبه غير المرئية. وللتحكم في الشحنة، ثبت أسلاكا دقيقة على ظهور ذباب الفاكهة وربطها بمصدر جهد عال في مهمة تستغرق أحيانا نصف ساعة لكل ذبابة.

إعلان

كما بنى الفريق نفق رياح صغيرا لمحاكاة النسيم الطبيعي، وحددوا ظروف الانطلاق بدقة، من خلال تخضير ورق مرطب بدرجة مناسبة مع نفخة هواء لطيفة أو اهتزاز خفيف يناسب مزاج الديدان للقفز.

وحلل الباحثون نحو 60 مقطع فيديو لمسارات قفز الديدان باستخدام خوارزمية لاختبار آلاف التركيبات من القيم مثل سرعة الانطلاق، وأبعاد الدودة. وجاءت النتائج واضحة، كاشفة أنه من دون كهرباء ساكنة لا تصيب الدودة هدفها إلا في حالة واحدة من كل 19 قفزة، وعند شحنة قدرها 100 فولت يبقى احتمال الإصابة دون 10%، في حين يرتفع عند 800 فولت إلى نحو 80%. ويزيد نسيم خفيف للغاية من فرص الالتصاق أكثر، إذ يسهم في توجيه الدودة نحو الحشرة أثناء الطيران.

الباحثون استخدموا ذبابة الفاكهة في التجارب (جامعة إيموري)التحريض الكهروستاتيكي

يقول المؤلف المشارك بالدراسة إنه "باستخدام الفيزياء، تعلمنا شيئا جديدا عن إستراتيجية تكيفية لدى كائن دقيق. ومن دون كهروستاتيك (دراسة الشحنات الكهربائية الساكنة أو البطيئة جدا وحقولها وتأثيراتها) لا معنى تطوريا لسلوك القفز".

ويضيف أن نموذج الفريق لآلية الشحن يتوافق مع تنبؤ قدمه ماكسويل عام 1870 حول التحريض الكهروستاتيكي فـ"التاريخ العلمي مليء بالكنوز المدفونة، وأحيانا يكون العالم أشبه بعالم آثار".

والتحريض الكهروستاتيكي طريقة لإعادة توزيع الشحنات الكهربية داخل جسم متعادل (يحتوي عددا متساويا تقريبا من الشحنات الموجبة والسالبة).

وتكشف المشاهد المصورة تفاصيل بهلوانية، فخلال الطيران تدور الدودة نحو ألف دورة/ثانية لتعدل وضعيتها. وإذا أصابت الهدف، تتسلل عبر فتحة طبيعية مثل الفم أو الثقوب التنفسية، وتطلق بكتيريا تكافلية قاتلة تميت الحشرة خلال 48 ساعة.

ثم تتغذى الديدان على البكتيريا وأنسجة الحشرة، وتتكاثر لأجيال داخل "جثة المضيف" قبل أن يخرج الصغار إلى التربة بحثا عن ضحايا جدد. ولهذا تعد هذه الدودة أداة واعدة لمكافحة آفات التربة بطريقة طبيعية تقلل الاعتماد على المبيدات الكيميائية.

وتنسجم هذه النتائج مع دلائل متزايدة على أن الكهرباء الساكنة تلعب أدوارا خفية في عالم الكائنات الصغيرة، من شباك العناكب التي تعزّز اصطياد الحشرات بشحنتها، إلى نحل العسل الذي يستفيد من الشحنة في جمع حبوب اللقاح، مرورا بحشرات وعتات تتنقل مجانا عبر الالتصاق الكهربي بفراء الطيور والثدييات.

والجديد هنا أن الديدان الخيطية القافزة انضمت إلى القائمة كأبطال "كهرستاتيكيين" بامتياز.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: غوث حريات دراسات

إقرأ أيضاً:

تقرير دولي: بنغازي تفتح باب التنمية عبر الترفيه وسياحة المغامرات

تقرير دولي: بنغازي تتحول من ساحة حرب إلى فرصة للتنمية عبر الترفيه وسياحة المغامرات

ليبيا – سلّط تقرير تحليلي نشرته منظمة «ديموكراسي إن أفريكا» الدولية الضوء على التحول الذي تشهده مدينة بنغازي، من منطقة صراع إلى فضاء واعد للنهوض الاقتصادي عبر الترفيه وسياحة المغامرات، في مسار تقوده مبادرات شبابية محلية.

القفز المظلي كإشارة لتحول حضري
وأوضح التقرير، الذي تابعت صحيفة المرصد وترجمت أبرز ما ورد فيه من رؤى تحليلية، أن فعالية قفز مظلي نفذها شباب ليبيون فوق ساحل بنغازي خلال الأسبوع الماضي كشفت عن «قوة الرياح» بوصفها رمزًا لمسار المدينة نحو التنمية المستدامة، مؤكدًا أن الإبداع والعزيمة الهادئة باتتا سمة بارزة لدى شبابها.

تحدي الصورة النمطية عن بنغازي
وأشار التقرير إلى أن المقطع المصور للفعالية لاقى صدى واسعًا، متحديًا تصورات دولية راسخة عن المدينة التي عانت لأكثر من عقد من مواجهات مسلحة وانهيار مؤسسي وتفتت حضري وعدم استقرار.

إعادة بناء من القاعدة الشعبية
وبحسب التقرير، تشهد بنغازي عملية إعادة بناء نادرًا ما تُدرج في التحليلات الدولية، حيث يجسد مشروع القفز المظلي المحلي، الذي يقوده شباب، تحولًا مجتمعيًا من «منطقة حرب» إلى «منطقة رياح»، في إشارة إلى التحرك نحو الإمكانات والمشاركة المدنية والتنمية المستدامة انطلاقًا من القاعدة الشعبية.

دلالات سياسية للأنشطة اليومية
وأوضح التقرير أن هذه المبادرات برزت في ظل استمرار عدم اليقين بشأن التسوية السياسية في ليبيا، لافتًا إلى أن القفز المظلي، رغم بساطته الظاهرية، يحمل دلالات سياسية في بيئات ما بعد النزاع، حيث تعكس الأنشطة اليومية مؤشرات على التعافي وبناء الثقة.

مؤشرات جاهزية وسلامة عامة
وبيّن التقرير أن القفز المظلي يفتح نافذة على تعافي بنغازي الحضري، إذ يفترض وجود تنسيق فعال للطيران المدني، وقدرة على الاستجابة للطوارئ، ومعدات منظمة، ومستوى من السلامة العامة، إلى جانب إمكانات للتنويع الاقتصادي وخلق مسارات تنموية جديدة.

التنويع يبدأ بمبادرات صغيرة
وأضاف أن المبادرة تعكس بُعدًا استراتيجيًا، إذ إن التنويع الاقتصادي لا يبدأ بالضرورة بمشاريع بنية تحتية ضخمة، بل بمبادرات مجتمعية صغيرة تُنشئ سلاسل قيمة جديدة وتُظهر سبل عيش بديلة.

سياحة المغامرات فرصة غير مستغلة
ووصف التقرير سياحة المغامرات بأنها إحدى الفرص الواعدة في ليبيا، نظرًا لثرواتها الطبيعية والثقافية الاستثنائية، بما في ذلك نحو 1900 كيلومتر من السواحل، ومناظر صحراوية خلابة، وسلاسل جبلية، ومواقع تراثية عريقة، مؤكدًا أن هذا القطاع لا يزال غير مستغل بالشكل الكافي.

فرص عمل وانبعاثات منخفضة
وأشار التقرير إلى أن السياحة القابلة للتوسع بقيادة الشباب يمكن أن توفر فرص عمل للطيارين والمدربين وفرق الخدمات اللوجستية والمصورين وخدمات النقل والمقاهي والقطاعات المرتبطة، فضلًا عن مساهمتها في خفض الانبعاثات الكربونية.

الشباب ومحفز التعافي الاقتصادي
وأكد التقرير أن قيادة الشباب للمبادرة تكتسب أهمية خاصة في ظل ارتفاع معدلات البطالة في ليبيا، معتبرًا أن الابتكار الشبابي قادر على تحفيز التعافي الاقتصادي وترسيخ أسس السلام على المدى الطويل، حتى مع جمود السياسة الوطنية.

الرياح والطاقة المتجددة
واختتم التقرير بالإشارة إلى أن «الرياح» التي حملت القافزين مظليًا فوق بنغازي ترمز لمسار تنموي جديد، لا يقتصر على الترفيه والسياحة، بل يمتد إلى إنتاج الكهرباء النظيفة، في مسار يصنعه فاعلون سياسيون ومواطنون مصممون على تجاوز تركة الصراع.

ترجمة المرصد – خاص

مقالات مشابهة

  • ثاني رقم قياسي.. "مجنون فرنسي" يقفز بالحبال من 16 موقعًا حول العالم
  • تقرير دولي: بنغازي تفتح باب التنمية عبر الترفيه وسياحة المغامرات
  • فيديو.. مظلي ينجو من حادث خطير خلال قفزة جماعية
  • اعتماد "خزائن البري" محطة رئيسية لتجميع وتوزيع الشحنات المجزأة
  • أتعرفون وائل؟
  • صادرات مصر الزراعية تقفز بأكثر من 9% في 2025
  • توقيع بإنشاء مركز متكامل لتجميع وتوزيع الشحنات المجزأة بميناء خزائن البري
  • وزيرة الثقافة تعلن عن عملية استثمارية كبرى لترميم المدينة القديمة بقسنطينة
  • روضة الحاج: يا بلادي أنا بالبابِ وفي كفي الأناشيدُ التي كنتِ تحبينَ
  • تجارة بكين الخارجية تقفز إلى 2.93 تريليون يوان خلال 11 شهراً