توجيهات إيرانية وراء انسحاب الحوثيين من مجمع الأمم المتحدة بصنعاء
تاريخ النشر: 21st, October 2025 GMT
يبدو أن اتفاق الإفراج عن موظفي الأمم المتحدة الذين احتجزتهم ميليشيا الحوثي في مجمع الأمم المتحدة بصنعاء قبل أيام لم يكن نتيجة تفاوض عفوي، بل تجلٍ لسطوة نفوذ إيراني خلف الكواليس، مدعومًا بوساطة عُمانية. هذا التفسير يكتسب منطقًا مع ما أعلنته الأمم المتحدة وما تظهره التطورات على الأرض، بأن الحوثيين استجابوا لتوجيهات عليا بضرورة الانسحاب ورفع الحصار عن سكن الموظفين الأمميين.
في 18 أكتوبر، اقتحمت ميليشيا الحوثي مجمّع سكن تابع للأمم المتحدة في صنعاء واحتجزت نحو 20 موظفًا، منهم 15 أجنبيًا، و5 يمنيين، ومنعت التنقل في المجمع أو إجراء الاتصالات والتحرك بحرية. وبعد يومين من الإقامة الجبرية والعزل تحت تهديد السلاح انسحبت الميليشيات بصورة مفاجئة وتم إطلاق سراح الموظفين اليمنيين في حين سمح للأجانب بالتحرك والتنقل واستخدام الأجهزة والهواتف للاطمئنان على صحتهم.
وصرح المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، أن الأمين العام أنطونيو غوتيريش تواصل هاتفياً مع وزراء خارجية السعودية وإيران وسلطنة عمان، ضمن الجهود الرامية لحل الأزمة. وأضاف أن الموظفين الدوليين باتوا قادرين على التحرك داخل المجمع والتواصل مع الأسر ووكالاتهم، لكن المخاوف تظل قائمة.
من جانبها، نشرت وكالة الأنباء العُمانية أن غوتيريش عبّر في اتصاله بوزير الخارجية العُماني (البوسعيدي) عن "شكره وتقديره البالغ" لجهود الوساطة التي ساهمت في معالجة وضع بعض الموظفين. تلك الأحداث تُشير إلى أن التحرّك لم يكن محليًا بحتًا، بل استند إلى اتصالات ومعادلات دبلوماسية إقليمية، خاصة مع طهران وعُمان.
مصادر يمنية قالت أن ما جرى يحمل دلالات التوجيهات الإيرانية في خلف الكواليس من خلال انصياع الحوثيين، فإيران تُعد الداعم الأساسي والأفضل تجهيزًا لميليشيا الحوثي، سواء عبر الدعم المالي أو العسكري أو اللوجستي، وقد أظهرت أدوارًا سياسية في ضبط سلوك الحوثي في مناسبات سابقة. هذا الربط يجعل من الصعب على الجماعة أن تنفذ خطوة بهذا الحجم — الانسحاب من مجمع تابع للأمم المتحدة والإفراج عن محتجزين — دون موافقة علنية أو ضمنية من طهران.
فإذا ما صدقت المعلومات التي ترددت بأن الحوثيين تلقوا توجيهًا بضرورة الانسحاب من المجمع ورفع الحصار، فهذا يدعم فكرة أن القرار كان سياسيًا وليس تكتيكيًا محليًا كما حاول زعيم الميليشيات وقيادات الحكومة تبريره عبر إلصاق التهم ضد الموظفين العاملين مع الأمم المتحدة ومنظماتها في صنعاء.
وأشارت المصادر أن تحرك طهران ورفع الحصار عن الموظفين الأمميين في صنعاء ما هو إلا عرض قوة إيرانيّ في الساحة اليمنية، فطهران من خلال هذه الخطوة تثبت أنها الفاعل الذي يملك القدرة على ضبط مسار الحوثيين، سواء نحو التصعيد أو نحو التهدئة. الإفراج الفوري، مقابل التوجيه، يرسّخ صورة بأن الحوثي يتبع بصورة أو بأخرى سياقًا يتلقاه من الخارج، وليس بوصلة مستقلة بالكامل.
وأضافت أن اعتماد الأمم المتحدة على سلطنة عُمان في الوساطة ليس حادثًا عرضيًا، مسقط لطالما حافظت على علاقات متوازنة مع جميع الأطراف اليمنية والإقليمية، وهي صاحبة ثقة نسبية لدى الحوثيين وإيران معًا. وفي هذه الحالة، لعبت دورًا تحفيزيًا وربما طرفًا ناقلًا لرسائل طهران أو داعمًا لها. مشيرة إلى أن التنسيق بين طهران وعُمان يظهر أن الصفقة لم تكن مجرد اتصالات مزدوجة، بل ضمن شبكة دبلوماسية متكاملة تديرها أطراف إقليمية مؤثرة.
ويرى مراقبون أن قبول الميليشيات الحوثية بتوجيهات إيران يمهد لوضع شروط ومكاسب سياسية ومالية، من خلال الحصول على معلومات أو أموال مشاريع إنسانية مقرر تنفيذها في محافظات محررة وإعادة المساعدات المنقطعة وغيرها من الامتيازات التي تبحث عنها الميليشيات عبر ورقة الابتزاز الأمني.
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: الأمم المتحدة
إقرأ أيضاً:
الفظائع التي تتكشّف في السودان “تترك ندبة في ضمير العالم”
يقول مسؤولون بريطانيون إن صور الأقمار الاصطناعية من الفاشر تُظهر تجمُّعات لجثث، وأرضاً مُخضّبة بالدماء، ومقابر جماعية يُشتبه بوجودها – وذلك في سياق ما تصفه المملكة المتحدة بأنه “حملة ممنهجة” لبثّ الرُعب والسيطرة على المدينة عبر الإرهاب.
التغيير: وكالات
فرضت المملكة المتحدة عقوبات على قادة في قوات الدعم السريع شبه العسكرية السودانية مُتّهمين بارتكاب عمليات قتل جماعي، وعنف جنسي وهجمات متعمَّدة ضد المدنيين في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور غربي البلاد.
وأكدت وزيرة الخارجية البريطانية إيفيت كوبر أن “الجرائم الشنيعة… لا يمكن أنْ تمرّ من دون عقاب”.
وأُعلن عن هذه العقوبات يوم الخميس، وهي تستهدف أربع شخصيات في قوات الدعم السريع، بينهم عبد الرحيم دقلو، نائب قائد القوات وشقيق قائدها محمد حمدان دقلو الشهير بـ “حميدتي”.
وبموجب هذه العقوبات، باتت الشخصيات الأربعة تواجه تجميداً لأصولهم وحظراً على السفر.
ويقول مسؤولون بريطانيون إن صور الأقمار الاصطناعية من الفاشر تُظهر تجمُّعات لجثث، وأرضاً مُخضّبة بالدماء، ومقابر جماعية يُشتبه بوجودها – وذلك في سياق ما تصفه المملكة المتحدة بأنه “حملة ممنهجة” لبثّ الرُعب والسيطرة على المدينة عبر الإرهاب.
وقالت إيفيت كوبر إن الفظائع التي تتكشّف في السودان “تترك ندبة في ضمير العالم”، متهمةً قوات الدعم السريع بالتورط في عمليات إعدام جماعية، واستخدام التجويع كسلاح، و”الاستخدام الممنهج والمخطط له سلفاً” للاغتصاب كأداة حرب.
وأكدت وزيرة الخارجية البريطانية أن “العقوبات التي فُرضت اليوم على قادة الدعم السريع تستهدف بشكل مباشر أولئك الذين تلطخت أيديهم بالدماء، فيما ستقدّم حزمة المساعدات المعزَّزة لدينا دعماً منقذاً للحياة لمن يعانون”.
وتعهّدت إيفيت: “المملكة المتحدة لن تدير ظهرها، وسنظل دائماً إلى جانب الشعب السوداني”.
تمويل إنساني إضافي
وإلى جانب العقوبات، أعلنت المملكة المتحدة عن تقديم ما قيمته 21 مليون جنيه إسترليني إضافية كمساعدات إنسانية للمجتمعات المتضررة من النزاع.
وستموّل هذه الحزمة توفير الغذاء والمياه النظيفة والخدمات الصحية والحماية للنساء والأطفال في المناطق الأكثر تضرراً من العنف.
وبحسب وزارة الخارجية البريطانية، ستدعم هذه المساعدة الجديدة 150 ألف شخص على صعيد الرعاية الطبية والمأوى، إضافة إلى المساهمة في إبقاء المستشفيات قادرة على العمل.
وترفع هذه المساهمة إجمالي الدعم الإنساني البريطاني للسودان هذا العام إلى 146 مليون جنيه إسترليني.
وتؤكد المملكة المتحدة أن الوضع الإنساني في السودان هو الآن الأسوأ في العالم؛ إذ يحتاج حوالي 30 مليون شخص إلى المساعدة، بينما شُرّد داخلياً نحو 12 مليون شخص، وفرّ ما يقرب من خمسة ملايين إلى دول الجوار.
ورفعت لندن مستوى ضغطها الدبلوماسي خلال الأشهر الماضية؛ ففي نوفمبر/تشرين الثاني، اعتمد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قراراً تقوده المملكة المتحدة يكلّف بفتح تحقيق عاجل في فظائع الفاشر.
كما قدّمت المملكة المتحدة دعماً فنياً لآليات العدالة الدولية، واستثمرت 1.5 مليون جنيه إسترليني في مشروع “سودان ويتنس” لتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك الهجمات على المدنيين والعاملين في مجال الإغاثة.
ويقول مسؤولون إن عقوبات إضافية قيد النظر، في إطار الجهود المبذولة لـ”إنهاء الإفلات من العقاب”.
وحثّت الحكومة البريطانية جميع أطراف النزاع – بما في ذلك قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية – على السماح بوصول غير مقيّد للعاملين في مجال الإغاثة، وضمان سلامة المدنيين المحاصرين جرّاء القتال.
مَن هم الذين شملتهم العقوبات؟
عبد الرحيم حمدان دقلو: نائب وشقيق قائد قوات الدعم السريع، “حميدتي”؛ يُشتبه بتورّطه في عمليات قتل جماعي، وإعدامات تستهدف مجموعات إثنية، وعنف جنسي ممنهج، واختطاف مقابل الفدية، وهجمات على مرافق صحية وعاملين في مجال الإغاثة. جدّو حمدان أحمد: قائد قوات الدعم السريع في شمال دارفور؛ يُشتبه بضلوعه في عمليات قتل جماعي، وعنف جنسي، واختطاف وهجمات على طواقم طبية وإنسانية. الفاتح عبد الله إدريس: عميد في قوات الدعم السريع؛ يُشتبه بأنه أشرف على أعمال عنف تقوم على أساس إثني وديني ونفّذ هجمات ضد المدنيين. تيجاني إبراهيم موسى محمد: قائد ميداني في قوات الدعم السريع؛ يُشتبه بمسؤوليته عن الاستهداف المتعمّد للمدنيين في الفاشر.المصدر: BBC عربي
الوسومالعنف الجنسي المملكة المتحدة حرب الجيش والدعم السريع حقوق إنسان عقوبات على الدعم السريع