على رأسها المتحف الكبير .. متاحف مصر حكايات الأمم وتطور الفنون وقصة البشرية
تاريخ النشر: 23rd, October 2025 GMT
تقف مصر، بعبق تاريخها الممتد لآلاف السنين، شاهدا حيا على تعاقب الحضارات الإنسانية العظيمة، لم تكن هذه الأرض مجرد مسرح للأحداث، بل هي مستودع كنوز يروي قصة البشرية في مختلف عصورها، وتأتي المتاحف الأثرية في مصر لتكون بمثابة بوابات زمنية تمكن الزائر من عبور هذه الحقب، حيث لا تعرض فيها القطع الأثرية فحسب، بل تجسّد حكايات الأمم وتطور الفنون والمعتقدات.
ويكشف استعراض أبرز المتاحف المصرية تنوعا مذهلا وغنى ثقافيا يميز هذا الوطن، فمن المتحف المصري بالتحرير الذي طالما كان أيقونة للحضارة الفرعونية ويحتضن كنوزاً لا تُقدر بثمن، إلى المتحف القومي للحضارة المصرية (NMEC) الذي يقدم رؤية بانورامية لتاريخ مصر عبر العصور بدءاً من عصور ما قبل الأسرات وصولاً إلى العصر الحديث، مروراً بموكب المومياوات الملكية المهيب الذي عزز مكانته كوجهة عالمية.
وفيما يلي استعراض لأهم وأشهر المتاحف المصرية
*- المتحف المصري الكبير
ويقام المتحف المصري الكبير على مساحة تتجاوز 300 ألف متر مربع، ليُعد واحدًا من أكبر المتاحف في العالم من حيث المساحة وعدد قاعات العرض، في مشروع يهدف إلى تقديم مصر كوجهة أولى لعشاق الحضارة الفرعونية حول العالم.
ويُعد المتحف المصري الكبير نقلة نوعية في عالم المتاحف، إذ يقدّم عرضًا متكاملًا لتاريخ مصر القديمة من خلال رؤية سردية حديثة تُعتبر الأضخم عالميًا، ليُعيد رسم صورة مصر الثقافية أمام العالم باعتبارها مركزًا للتراث الإنساني والحضاري.
*- المتحف المصري بميدان التحرير
يعد المتحف المصري بالتحرير أحد أهم المعالم التاريخية والسياحية بالقاهرة، فهو أقدم متحف أثري في الشرق الأوسط، وأول مبنى ينشأ في العالم ليكون متحفاً، بدأت فكرة إنشائه عام 1895، حين فاز المعماري الفرنسي مارسيل دورنيو بالمسابقة الدولية التي تم إقامتها لتصميم مبنى المتحف، وافتتحه الخديوي عباس حلمي الثاني عام 1902، وفي أبريل 2021، كان المتحف محط أنظار العالم حين ودع 22 مومياء ملكية لتُنقل إلى مكان عرضها الدائم بالمتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط في موكب مهيب.
يتسم تصميم مبنى المتحف بالطابع الكلاسيكي الحديث، ويتكون من طابقين يضمان مجموعات متميزة من الآثار المصرية تمتد من فترة ما قبل الأسرات وحتى العصرين اليوناني والروماني، من بينها لوحة الملك "نعرمر" التي تُخلد توحيد مصر العليا والسفلى تحت حكم ملك واحد، ومجموعة من التماثيل والقطع الأثرية لملوك عصر بناة الأهرامات، والمجموعة الجنائزية "ليويا وتويا، الملك جدي، الملك إخناتون، وكنوز تانيس"، بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من مومياوات الحيوانات، وورق البردي والتوابيت والحلي من مختلف العصور المصرية، وغيرها من القطع الأثرية التي تُكمل المجموعة المميزة لهذا المتحف.
*- المتحف القومي للحضارة
يُعتبر المتحف القومي للحضارة المصرية المتحف الأول من نوعه في مصر والعالم العربي، فهو يُعد مجمعاً حضارياً عالمياً متكاملاً يُتيح لزائريه فرصة للإبحار في رحلة عبر التاريخ للتعرف على الحضارات المصرية المتعاقبة.
بدأت فكرة إنشاء المتحف حين أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، بُناءً على طلب الحكومة المصرية، عن حملة دولية لإنشاء متحف النوبة بأسوان، والمتحف القومي للحضارة المصرية بالقاهرة عام 1982، تم وضع حجر الأساس عام 2002 في قلب مدينة الفسطاط، أول وأقدم العواصم الإسلامية في أفريقيا، وذلك بعد فوز المهندس المعماري المصري في مسابقة معمارية دولية لتصميم المتحف، تعثرت أعمال الإنشاء حتى انتهت تماماً وتم افتتاح قاعة للعرض المؤقت عن الحرف المصرية عبر العصور المختلفة عام 2017، بحضور السيدة "إيرينا بوكوفا" مدير عام اليونسكو السابق، لتعكس أربع حرف هي: الفخار، الأخشاب، النسيج، والحلي.
تم استكمال جميع التجهيزات الخاصة بالقاعات الأخرى للمتحف، وتفضل فخامة رئيس الجمهورية بافتتاح قاعة العرض المركزي واستقبال 22 مومياء ملكية تم نقلها من المتحف المصري بالتحرير في موكب مهيب عام 2021، كما تم افتتاح قاعة للنسيج المصري عام 2022، واستضاف المتحف مدرسة الحضارة المصرية في سبتمبر 2022، والتي تهدف إلى زيادة الوعي السياحي والأثري لدى المواطنين، فضلاً عن تعريف الأجانب المقيمين بالحضارة المصرية القديمة.
يضم المتحف مجموعة متنوعة من القطع الأثرية تلقي الضوء على التراث المادي واللامادي لمصر، مما يساعد الزائرين على فهم الحضارة المصرية عبر عصورها المختلفة بداية من عصور ما قبل التاريخ مروراً بالعصر المصري القديم، اليوناني، الروماني، القبطي، الإسلامي، والعصر الحديث والمعاصر، كما يضم المتحف قاعة للمومياوات وقاعة للنسيج المصري.
*- متحف الفن الإسلامي
يُعد متحف الفن الإسلامي أكبر متحف للآثار الإسلامية في العالم، يعرض مجموعات متنوعة من الفنون الإسلامية من مصر، الهند، الصين، الأندلس، الشام، الجزيرة العربية، شمال إفريقيا، وغيرها من بلاد العالم الإسلامي.
بدأت فكرة إنشائه في عهد الخديوي إسماعيل عام 1869، وافتتحه الخديوي عباس حلمي الثاني عام 1903، تم إغلاق المتحف لتطويره عام 2003، وتمت إعادة افتتاحه عام 2010.
تضرر مبني المتحف وحوالي 179 قطعة من مقتنياته عام 2014، إِثر حادث تفجير مبنى مديرية أمن القاهرة المواجهة له، حيث تم إغلاق المتحف والانتهاء من مشروع ترميمه وتطويره، وتفضل فخامة رئيس الجمهورية بإعادة افتتاحه عام 2017، يضم المتحف أكبر مجموعة لقطع أثرية من الفنون الإسلامية من مختلف أنحاء العالم الإسلامي، تنوعت موضوعاتها من فلك وطب وعمارة وغيرها، كما تنوعت مواد صناعتها من أعمال خشبية وقطع خزفية مزينة ومخطوطات، ويُعد مفتاح الكعبة الذي يرجع إلى العصر المملوكي من أهم كنوز المتحف.
*- المتحف القبطي
هو أكبر متحف للآثار القبطية في العالم، يعرض مجموعات متنوعة ونادرة من الفن القبطي ومدى تأثره بفنون الثقافات الأخرى، بدأت فكرة إنشائه عام 1898، حين أوصت لجنة حفظ الآثار العربية بإنشائه بعد المجهودات التي بذلها مرقس باشا سميكة، أحد الشخصيات المسيحية البارزة الذي كان مهتماً بحفظ التراث القبطي، وقد تم افتتاحه عام 1910، ليكون مجمعاً للآثار والوثائق التي تُسهم في إثراء دراسة الفن القبطي في مصر، وقد تم افتتاح الجناح الجديد للمتحف عام 1947 كما تم تطويره عدة مرات كان آخرها عام 2006، حين تم ربط الجناح القديم والجديد للمتحف بممر.
يتكون المتحف من جناحين يضمان أكبر مجموعة في العالم من المقتنيات الأثرية التي تعكس تاريخ المسيحية في مصر منذ بداياتها الأولى، من أبرزها مجموعة من المخطوطات المزخرفة، الأيقونات، المنحوتات الخشبية، الجداريات المزخرفة بالمناظر الدينية المأخوذة من الأديرة والكنائس القديمة، كما يضم المتحف مجموعات من القطع التي توضح تأثر الفن القبطي بجميع الثقافات السائدة بما في ذلك المصرية القديمة، اليونانية، الرومانية، والإسلامية.
*- متحف قصر الأمير محمد علي
هو أحد أجمل وأهم القصور التاريخية في مصر، فهو مدرسة فنية جامعة لعناصر الفنون الإسلامية المختلفة ليُمثل فترة هامة من تاريخ مصر الحديث، بدأت فكرة تحويل القصر إلى متحف بعد وفاة الأمير تحقيقاً لوصيته، تم إغلاق القصر عام 2005، وأعيد افتتاحه بعد الانتهاء من مشروع ترميمه عام 2015، كما أعيد افتتاح متحف الصيد بالقصر عام 2017.
شيد قصر الأمير محمد علي "توفيق" نجل الخديوي "محمد توفيق" في الفترة ما بين عامي 1900 و1929، حيث بدأ في بناء سراي الإقامة، ثم سراي للاستقبال، سراي العرش، المسجد، المتحف الخاص، متحف الصيد، برج الساعة، والقاعة الذهبية، جميعها بداخل سور ضخم شُيد على طراز حصون القرون الوسطي، أما باقي مساحة القصر فقد تم تخصيصها لتكون حديقة تضم عدد من الأشجار النادرة والنباتات التي قام الأمير بجمعها من مختلف دول العالم، كالصبار والتين الهندي والنخيل الملكي ذي الجذوع البيضاء والبامبو والفيكاس.
*- متحف المركبات الملكية
متحف المركبات الملكية أحد أعرق المتاحف النوعية على مستوى العالم، حيث هُيئ خصيصاً لعرض وحفظ التراث الثقافي الخاص بالمركبات الملكية التي ترجع لعصر أسرة محمد علي وكل ما يتعلق بها، كما يسلط الضوء على الاهتمام برعاية الخيول خلال هذه الفترة بمصر.
ترجع فكرة إنشاء المتحف إلى عهد الخديوي إسماعيل، فيما بين عامي 1863 و1879، فكان أول من بدأ في إنشاء مبنى خاص بالمركبات الخديوية والخيول، ثم أصبحت مصلحة للركائب الملكية، تحولت فيما بعد إلى متحف للمركبات الملكية بعد عام 1952.
تم إغلاق المتحف في ثمانينيات القرن الماضي لتطويره وترميمه، وتعثرت الأعمال على مدار الأعوام التالية بعد الغلق، حتى عام 2017 حيث بدأ استئناف الأعمال به مرة أخرى، وتفضل فخامة رئيس الجمهورية بافتتاحه، عبر الفيديو كونفرانس، عام 2020.
*- متحف ركن حلوان
متحف ركن حلوان أحد التحف المعمارية للمباني الملكية، التي شيدها الملك "فاروق الأول" عام 1942، لتكون استراحة شتوية له صُممت على هيئة قارب يرسو على شاطئ النيل، كما يوجد بها مرسى نهري لاستقبال اليخوت والسفن الكبيرة، وحديقة تضم برجولة خشبية وأكثر من 30 نوع من أشجار المانجو النادرة التي جُلبت من ألبانيا لزراعتها بالقصور الملكية.
بدأت فكره تحويل الاستراحة إلى متحف عام1976، بعد ضمها إلى قطاع المتاحف، بالمجلس الأعلى للآثار، وظل المكان بين الفتح والإغلاق، حتى تم أغلاقه عام 2011، ثم أعيد افتتاحه بعد الانتهاء من مشروع تطويره وترميمه عام 2016.
يضم المتحف عددا من القاعات بالإضافة إلى شرفة كبيرة وجناح للنوم، ويُعرض داخل هذه القاعات مجموعة قيمة من المقتنيات الملكية من أثاث، تحف، تماثيل، ولوحات، بالإضافة إلى المقتنيات الملكية المنقولة من استراحة الملك فاروق بالهرم.
*- متحف ايمحتب
هو أحد أهم متاحف المواقع الأثرية بمصر، وسمي بهذا الاسم نسبةً إلى المهندس والطبيب الشهير إيمحتب الذي قام ببناء المجموعة الهرمية للملك زوسر من عصر الأسرة الثالثة بالدولة القديمة.
بدأ إنشاء المتحف منذ عام 1997 إلى أن تم افتتاحه في أبريل 2006، ثم تم غلقه مرة أخرى في مارس 2022 لإتمام أعمال التطوير به، يتمحور سيناريو العرض للمتحف حول ثلاثة موضوعات عن المهندس "إيمحتب" وعن الطرز المعمارية والفنية بسقارة، وكذلك تطور أساليب الدفن خلال العصور المصرية القديمة.
يتكون المتحف من ست قاعات وهي قاعة سقارة، قاعة المكتبة، قاعة العمارة، قاعة مقابر سقارة، قاعة طرز سقارة، قاعة البعثات، يُعرض بها 289 قطعة أثرية منها مجموعة من الآثار من عصر الدولة القديمة، أهمها قاعدة تمثال للملك "زوسر" يظهر عليها عدة ألقاب لـ"ايمحتب"، وأيضًا تمثال لـ"إيمحتب" مصنوع من البرونز، ومومياء "مري إن رع" وهي أقدم مومياء ملكية من عصر الدولة القديمة، ومجموعة من العناصر المعمارية، ومنحوتات لنماذج خشبية وحجرية لكبار الموظفين وغيرها من القِطَع الأثرية المميزة.
*- متحف ملوي
يقع المتحف في قلب مدينة ملوي، افتتح فى 23 يونيو 1962 بالمنيا فى عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وأغلق عقب تعرضه للتخريب ونهب محتوياته في أغسطس ٢٠١٣م، ثم أعيد افتتاحه في سبتمبر 2016م عقب ترميم المبنى، واستعادة معظم القطع الأثرية المسروقة، وترميم الكثير من المقتنيات يستعرض المتحف تاريخ المنيا عبر مختلف العصور من خلال حوالي 1000 قطعة أثرية عثر عليها بالأشمونين، وتونا الجبل، وتل العمارن
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: المتاحف الأثرية في مصر القطع الأثرية المتحف المصري الكبير المتحف القومي للحضارة متحف الفن الإسلامي المتحف القبطي متحف ملوي المتحف القومی للحضارة المصریة المتحف المصری الکبیر القطع الأثریة یضم المتحف تم افتتاح بدأت فکرة فی العالم مجموعة من تم إغلاق عام 2017 التی ت فی مصر
إقرأ أيضاً:
المتحف المصري الكبير.. بوابة الحضارة الفرعونية إلى العصر الرقمي
من على مشارف هضبة الأهرامات، حيث يمتزج عبق الماضي بأفق المستقبل، يستعد المتحف المصري الكبير لكتابة فصل جديد في تاريخ الحضارة المصرية، ليس فقط من خلال ما يضمه من كنوز لا تقدر بثمن، بل عبر رؤية طموحة للتحول إلى متحف ذكي عالمي، يتفاعل مع الزوار في كل مكان، ويعيد تعريف مفهوم المتحف في العصر الرقمي.
فمنذ أن بدأت فكرة المشروع العملاق، كان الهدف أبعد من مجرد بناء صرح ضخم يضم الآثار المصرية، بل السعي إلى خلق تجربة رقمية عالمية تجعل المتحف متاحا لكل إنسان على وجه الأرض بضغطة زر.
ومع اقتراب افتتاحه المنتظر في الأول من نوفمبر المقبل، يترقب عشاق الحضارة الفرعونية حول العالم المتحف المصري الكبير باعتباره منصة ثقافية رقمية متكاملة تجمع بين التكنولوجيا، والتعليم، والتفاعل الإنساني.
- التحول الرقمي.. من المعروضات إلى العقول
وأعدت إدارة المتحف مشروع التحول الرقمي الشامل، الذي يهدف إلى رقمنة مقتنيات المتحف بالكامل، عبر قاعدة بيانات ضخمة تضم صورا ثلاثية الأبعاد، ووصفا تفصيليا لكل قطعة، ومعلومات تاريخية دقيقة باللغتين العربية والإنجليزية، مع إمكانية التصفح باللغات الأخرى مستقبلا.
ولا يقتصر الأمر على العرض الافتراضي، بل يمتد إلى تجارب تفاعلية تمكن الزائر من التجول داخل قاعات المتحف افتراضيا باستخدام تقنيات الواقع الافتراضي والمعزز (VR/AR)، وكأنه يسير بنفسه بين التماثيل والمومياوات.
والهدف من تطبيق هذه التقنيات ليس فقط جذب الزوار، بل تعزيز الوعي الثقافي العالمي بالحضارة المصرية من خلال تجربة تعليمية حديثة ومفتوحة، تربط بين المعرفة والترفيه، وتحوّل المتحف إلى فصل رقمي مفتوح للعالم.
وأحد أبرز ملامح خطة التحول الذكي هو إدخال أنظمة الذكاء الاصطناعي في إدارة تجربة الزائرين. فمنذ لحظة دخول المتحف، سيستقبل الزائرين تطبيق ذكي يرشدهم إلى مسار الزيارة الأمثل وفق اهتماماتهم، سواء كانت الآثار الملكية، أو الفن المصري القديم، أو المومياوات الملكية.
كما يتيح التطبيق إمكانية الحوار الصوتي مع مساعد افتراضي ناطق يجيب على الأسئلة التاريخية والثقافية فورا، مما يحول الزيارة إلى رحلة معرفية شخصية تتكيف مع كل زائر على حدة.
ولم ينس المتحف الجيل الجديد، إذ يقدم تجربة مخصصة للأطفال والشباب تعتمد على الألعاب التعليمية والاختبارات التفاعلية، مما يجعل التعلم عن التاريخ متعة رقمية لا تنسى.
وانطلاقا من فلسفة "المتحف للجميع"، عملت الإدارة على إطلاق منصة إلكترونية متكاملة تمكن الزوار من حجز التذاكر، والقيام بجولات افتراضية، ومتابعة الفعاليات الثقافية مباشرة عبر الإنترنت.
وتتيح المنصة أيضا محاضرات وورش عمل رقمية بالتعاون مع الجامعات العالمية، ما يجعل المتحف ليس مجرد مكان للعرض، بل مركزا عالميا للبحث والتعليم والتفاعل الحضاري.
كما يمكن في وقت لاحق عقد شراكات مع متاحف دولية ومؤسسات ثقافية كبرى لتبادل المحتوى الرقمي وتنظيم معارض افتراضية مشتركة، تتيح للجمهور حول العالم استكشاف الكنوز المصرية دون مغادرة بلدانهم.
ولا يقتصر التحول الذكي على الجانب التقني فحسب، بل يمتد إلى مفهوم الإدارة المستدامة. فالمتحف مزود بأنظمة تحكم ذكية في الطاقة والإضاءة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتقليل الاستهلاك والحفاظ على البيئة.
كما تستخدم تقنيات المراقبة الرقمية الدقيقة للحفاظ على درجات الحرارة والرطوبة المثلى داخل القاعات، بما يضمن حماية القطع الأثرية النادرة لأجيال قادمة.
وبهذه الخطوات، يتحول المتحف المصري الكبير إلى أكثر من مجرد وجهة سياحية أو صرح أثري، حيث سيصبح جسرا رقميا يربط الماضي بالمستقبل، ومثالا حيا على كيف يمكن للتكنولوجيا أن تعيد الحياة إلى التاريخ.
فبينما يقف الزوار أمام تمثال رمسيس الثاني في البهو العظيم، ستكون هناك ملايين الشاشات حول العالم تبث القصة نفسها بتقنيات ثلاثية الأبعاد، لتصبح الحضارة المصرية القديمة لغة عالمية جديدة للتواصل الثقافي.
ويبدو أن المتحف المصري الكبير لا يكتفي بأن يكون أكبر متحف في العالم للآثار، بل يسعى لأن يكون أذكاها وأكثرها تفاعلا، وأن يجعل من التحول الرقمي بوابة جديدة يطل منها العالم على الحضارة المصرية الفريدة.