لجريدة عمان:
2025-12-12@08:37:31 GMT

ترك الأبناء.. أول مباعث الخوف!

تاريخ النشر: 24th, October 2025 GMT

بعد رحلة طويلة في الحياة، أجدني متعبًا هذا الصباح، رأسي مثقل بالتفكير بعد أن عدت ظهر أمس من عيادة الطبيب الذي شخص لي ما أعانيه منذ فترة من وهن وضعف، أكد بأن الأمراض المزمنة بدأت تشحذ قواها نحو جسدي، أوصاني بأن أنتبه إلى نفسي وأصغي إلى كل عضو يبدأ في الشكوى أو ببث إشارات الألم.

نصحني وهو يعلم بأن الاهتمام الراغب فيه لن أستطيع أن أصنعه على أكمل وجه، تحدث الطبيب طويلًا عن مراحل العمر والضعف الذي يتعرض له الإنسان عندما يتقدم به الزمن، قرأ كثيرًا عن حالتي الصحية، ثم أغلق مدونة البحث من ملفي الإلكتروني، دعاني إلى رمي كل أوراق التفكير في سلة المهملات، ذكرني بأن الماضي لن يعود ويقصد "أيام الشباب"، وأن الحاضر هو الذي يجمعني به في هذه الغرفة، أما المستقبل فلا يعلم عنه شيئًا، فهو في علم الغيب، لكنه قال بأنه متفائل جدًا طالما أنني أحترس من مضاعفات المرض.

عندما تأمل نتائج الفحوصات السنوية، وجدته تارة يهز رأسه، وتارة أخرى يدقق النظر في وجهي، قال بأن الفحوصات ليست على أحسن حال، قطعت وعدًا على نفسي أن الفحص القادم سيكون للأفضل، عندها نسيت أن أخبره بأنني إنسان مثقل بالالتزامات وأوجاع الحياة، إنسان يتأثر بما يدور حوله وبما هو معلّق في رقبته من أعباء ومسؤوليات لا تنتهي، شدد على أن أتجنب الضغوطات النفسية مثل الحزن العميق والتفكير المفرط في الأشياء، مؤكدًا لي بأنها قد تزيد حالتي سوءًا، نصحني وهو يغلق أبواب النقاش: "اهتم بنفسك.. وأراك بعد أربعة أشهر".

قبل أن أوصد الباب خلفي، وأنصرف من عيادته، أدركت بأن ثمة وجعًا آخر لن أخبر به أحدًا "غير نفسي"، فأنا على دراية تامة بأن هناك تناقصًا يوميًا في قوة البصر، مرجعه مضاعفات الأمراض المزمنة من الضغط والسكر والخوف من وصولها إلى القلب.

كل يوم أرى بأن غيومًا سوداء تلاحقني، وهاجسًا مخيفًا ينتابني، ويومًا أسود سيأتي ليحجب عني رؤية وجوه أبنائي ويجبرني على الجلوس في البيت، عاجزًا عن رؤية الحياة بألوانها الجميلة، فالمرض يسرق منا الكثير من مباهج الحياة، ومع توقعي المسبق لكل السيناريوهات المقبلة، أجد أنه ليس لي قوة سحرية لدفع هذا البلاء القادم ببطء، بل يجب أن أتماسك أكثر من أي وقت قد مضى حتى أكمل مشوار ما تبقى من العمر بهدوء.

خرجت من العيادة وأنا مثقل بكل كلمة قالها الطبيب، وجدت نفسي عاجزًا عن الخروج من مواقف السيارات كعادتي كل مرة، حاولت أن أخفف على نفسي من وجع الروح قبل الجسد، أحسست بأن ثمة جرحًا قديمًا قد فُتح مجددًا.. لكن لا فائدة من الانتظار في المكان.. انصرفت ومعي كل خوفي وأوجاعي.

في وقت آخر من اليوم، عدت إلى الذاكرة، تمنيت لو سألني عن الذي يخيفني أكثر من أي شيء في الوجود؟ عندها لن أتردد في البوح وأخبره بأن كل مخاوفي تتجسد في "ترك عائلتي"، وعندها أنا متأكد جدًا بأنه سيقول لي: لماذا لم تذكر نفسك بقدر ما ذكرت الآخرين!

وبعد أن مضيت وقتًا على انصرافي من المكان الماضي، كان لدي رغبة شديدة في الحديث عن حب العائلة ومنزلتهم في القلب، تذكرت الوعد الذي قطعته على نفسي وأنا أهم بالانصراف من أمام الطبيب المعالج: "بأنني سوف أحاول أن ألتفت إلى نفسي قليلًا، ليكون الموعد القادم أفضل من اليوم".

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

استشارية تغذية تكشف أسرار بناء مصداقية الطبيب.. فيديو

أكدت الدكتورة نهلة مسعد، استشاري التغذية العلاجية، أن السوشيال ميديا أصبحت المنصة الأولى لبناء ثقة المريض، مشيرة إلى أن تقديم المعلومات الطبية الصحيحة عبر الإنترنت أهم بكثير من مجرد الشهرة أو الظهور الإعلامي.

 

طلاب الطب يحتجون على وزيرة التعليم العالي الإيطالية خلال مؤتمر "أتريو" إصابة طبيب فلسطيين برصاص الاحتلال في جنين

وأضافت خلال مشاركتها في برنامج "خط أحمر" الذي يقدمه الإعلامي محمد موسى على قناة الحدث اليوم، أن المرضى اليوم يتعرفون على الطبيب ويتفاعلون معه أولًا عبر المنصات الرقمية، قبل أن يحجزوا موعدًا في العيادة، مؤكدة أن العلم الحقيقي والمعلومة الموثوقة هي التي تكسب الاحترام والمصداقية، وليس الحملات الدعائية أو اللافتات التقليدية.

وحذرت الدكتورة نهلة مسعد من صفحات مجهولة وغير مختصة تقدم نصائح مضللة قد تضر بالصحة، مؤكدة أن دور الأطباء الحقيقيين يكمن في تصحيح المفاهيم الخاطئة وتوجيه الجمهور نحو المصادر الموثوقة فقط.

كما شددت على أن السوشيال ميديا لم تعد رفاهية، بل أداة أساسية للوعي الصحي، وأن أي تجاهل لها يعرض الطبيب والمريض على حد سواء لمخاطر التضليل والمعلومات المغلوطة.
https://www.facebook.com/MohamedMusaOfficial/videos/1607747776899004/

مقالات مشابهة

  • الفرق بين الطبيب الموثوق والمتطفل على السوشيال ميديا
  • استشارية تغذية تكشف أسرار بناء مصداقية الطبيب.. فيديو
  • زمن الخوف الفني.. كيف أصبحت صناعة الإبداع رهينة الرقابة الذاتية وصوت الجمهور الغاضب؟
  • متى يستلزم الأرق استشارة الطبيب؟ تعرف على الأسباب والعلاج الفعّال
  • من همس متقطع إلى صوت يصل إلى الجميع.. رحلة شفاء من التأتأة بالكتابة
  • ‫الأرق.. متى يستلزم استشارة الطبيب؟
  • الوجوه المتعددة للبذاءة (2)
  • أمين الإفتاء يحذر من مراهنات الألعاب الإلكترونية: يجب مراقبة الأبناء
  • لا خوف على الوحدة الخوف على الانفصال
  • بيت خالتك حكاية لا يعرفها إلا أبناء سوريا فما قصتها؟