سلط الباحث الباكستاني محمد شهزاد أكرم، الضوء على مسار وأسباب بروز تركيا على الساحة العالمية كمصنع ومصدر رئيس للطائرات المسيرة، مستعرضا في الوقت ذاته دور التطور التقني الذي حققته أنقرة بمجال تكنولوجيا الدفاع للوصول لهذه المرحلة.

جاء ذلك في مقال نشره شهزاد أكرم المتخصص في شؤون السياسية الدولية، في موقع أوراسيا ريفيو، وترجمه الخليج الجديد.

وذكر أن تركيا -التي تعد تركيا حاليا أكبر مصدر للطائرات المسيرة في جميع أنحاء العالم- لعبت مسيراتها وخاصة بيرقدار تي بي 2، دورًا رئيسيًا في الحرب الروسية الأوكرانية، حيث استهدفت الدبابات الروسية بشكل فعال.

وأضاف أن تطوير تكنولوجيا الطائرات المسيرة التركية من قبل الشركة التركية لصناعات الفضاء، وشركة بايكار المتخصصة في تقنيات الطائرات المسيرة، سمح لأنقرة بالتغلب على التحديات التي واجهتها في الحصول على طائرات مسيرة من بلدان أخرى ووضع تركيا كلاعب رئيسي في السياسة العالمية.

علاوة على ذلك، فإن نجاح الطائرات المسيرة التركية في صراعات مثل ليبيا وناجورنو كاراباخ وتوفقها على نظيراتها من الولايات المتحدة وإسرائيل والصين، ساعد في إعادة تشكيل الجغرافيا السياسية العالمية.

ولفت إلى أن استخدام تركيا للطائرات المسيرة في صراعها مع الحركة الانفصالية الكردية المسلحة، حزب العمال الكردستاني، سلط الضوء على أهمية تكنولوجيا الطائرات المسيرة للأمن القومي التركي.

وبشكل عام، فإن التقدم الذي حققته تركيا في تكنولوجيا الطائرات المسيرة جعلها لاعبًا رئيسيًا في السياسة العالمية والجغرافيا السياسية.

تحديات ونجاحات

بعد مواجهتها تحديدات في الحصول على طائرات مسيرة من دول أخرى، لتعقب المتمردين في المناطق التي يصعب الوصول إليها، لجأت تركيا إلى تطوير تكنولوجيا الطائرات المسيرة الخاصة.

ولعبت شركة صناعات الفضاء التركية وشركة بايكار دورًا حاسمًا في تصنيع مسيرات مسلحة للجيش التركي، وأثبتت هذه الطائرات وعلى رأسها بيرقدار تي بي 2، أنها فعالة للغاية في جمع المعلومات الاستخبارية والمراقبة وتوجيه الضربات لمختلف الجماعات المتمردة داخل تركيا وخارجها.

كان نجاح المسيرات التركية في الحرب واضحا خلال الاشتباكات مع الجيش السوري في محافظة إدلب، حيث ألحقت خسائر فادحة بالقوات السورية.

كما برزت المسيرات التركية كقوة هائلة في صراعات مثل ليبيا وناجورنو كاراباخ، وتفوقت على نظيراتها المصنعة في الولايات المتحدة وإسرائيل والصين.

في حين أن الولايات المتحدة وإسرائيل تفرضان قيودًا على تصدير طائراتهما المسيرة، فقد تمكنت تركيا من الاستفادة من الطلب العالمي بسبب صناعتها مسيرات ذات الأسعار معقولة وفي الوقت ذاتها متقدمة تقنيًا.

كما ساعد موقع تركيا الاستراتيجي وعضويتها في حلف شمال الأطلسي (الناتو) في إبرام اتفاقيات دفاعية مع دول أخرى.

وأدى نجاح الطائرات المسيرة التركية في معارك العالم الحقيقي إلى تعزيز سمعتها على الصعيد العالمي.

اقرأ أيضاً

الكويت تبرم صفقة ضخمة لشراء طائرات بيرقدار من تركيا (فيديو)

بالإضافة إلى ذلك، فإن الاكتفاء الذاتي لتركيا في إنتاج المسيرات، حيث يتم تصنيع معظم الأجزاء محليًا، يقلل من الاعتماد على الموردين الأجانب.

بشكل عام، أصبحت صناعة المسيرات في تركيا مصدرًا للفخر الوطني وأعادت تشكيل الجغرافيا السياسية العالمية.

بيرقدار تي بي 2 الأشهر 

وفق الباحث الباكستاني فإن تطور تكنولوجيا الطائرات المسيرة يعد أمرًا بالغ الأهمية للقدرات الدفاعية لأي بلد وتأثيره في السياسة العالمية، إذ يسمح للدول بتأكيد قوتها، وحماية حدودها، وربما تشكيل ديناميكيات العلاقات الدولية.

في البداية، اعتمدت تركيا على شراء طائرات مسيرة من إسرائيل، ولكن بعد منعها من شراء طائرات مسيرة أمريكية من طراز ريبر، اضطرت إلى أنقرة البدء في إنتاج طائراتها الخاصة.

أدى ذلك إلى تطوير الطائرة المسيرة بيرقدار تي بي 2، والتي أصبحت الطائرة المسيرة الأكثر شهرة في العالم، إذ أثبتت أنها خيار رخيص ولكنه فعال، بعد استخدامها على نطاق واسع في عمليات مكافحة التمرد والإرهاب داخل تركيا.

وأثبتت بيرقدار تي بي 2 خلال استخدامها في الصراع غرب ليبيا وشمال سوريا وناجورنو كارابخ في أذربيجان قدراتها التدميرية للقوات المعارضة، وحظيت نتيجة لذلك بشهرة وتقدير عالمي، وباتت تقارن بنظيراتها ريبير الأمريكية ولونج هورن الصينية.

علاوة على ذلك، لعبت بيرقدار تي بي 2 دورا حاسما في انتصار أذربيجان في الصراع ضد أرمينيا، حيث ساعدت في اجتياح الدفاعات الأرمينية واستعادة الأراضي المفقودة، كما لعبت دورا مهما فى المراحل الأولي الحرب الأوكرانية الروسية.

وبعد ذلك، أثبت فعالية بيرقدار تي بي 2 خلال معركة كييف التي حاولت روسيا اختراق الدفاعات المحيطة.

وواجهت روسيا خلال ذلك حاجة ماسة للإمدادات، ونظرًا لاعتمادها على السكك الحديدية في النقل وعدم وجود خطوط سكك حديدية رئيسية في المنطقة، اضطرت روسيا إلى استخدام القوافل على الطرق لتزويد وحداتها في أوكرانيا.

 وفي هذا الصدد، اثبتت بيرقدار تي بي 2 فعالياتها من خلال ضرب وتدمير أنظمة صواريخ أرض-جو الروسية وقطع المدفعية والدبابات وغيرها من المعدات الروسية بشكل مستمر.

كما ساعدت الطائرة المسيرة ذاتها على في شن هجمات على قوافل روسية في مناطق أخرى، مما عزز سمعة تركيا كقوة للطائرات المسيرة.

وقد أدى نجاح بيرقدار تي بي 2، إلى اعتماد استخدامها من قبل العديد من البلدان الأخرى، مما عزز مكانة تركيا في الشؤون العالمية كمصنع رئيس للطائرات المسيرة.

اقرأ أيضاً

تركيا: مسيرات بيرقدار المتعاقد عليها مع الكويت جاهزة للتسليم

 

المصدر | محمد شهزاد أكرم/ أوراسيا ريفيو- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الطائرات المسيرة التركية الحرب الروسية الأوكرانية للطائرات المسیرة طائرات مسیرة المسیرة ا

إقرأ أيضاً:

حصاد المشروع الاستعماري في فلسطين

لم تعد إسرائيل تشكل خطرًا على المنطقة وحدها، بل أصبحت تشكل خطرًا على النظام العالمي القائم بعد الحرب العالمية الثانية بأسره؛ لأنها تعمل باختصار على هدم وخرق كل الاتفاقات والمعاهدات الدولية، وهي أكثر الدول في العالم خرقًا لحقوق الإنسان؛ بتقارير الأمم المتحدة. وهي -كما هو واضح- أصبحت السبب في تهديد وإضعاف منظمات الأمم المتحدة بشكل مباشر، وهي المنظمات التي أنشأها النظام العالمي بعد الحرب الثانية للحفاظ على عالم أكثر استقرارا وأمنا، عالم تحترم دوله وأنظمته المعاهدات والحقوق الدولية والاتفاقيات. لكن إسرائيل أصبحت تدوس على اتفاقيات العالم ولا تبالي به أدنى مبالاة، وتستخدمه لأغراضها، وهذا ما يجعل صورة النظام العالمي تتهاوى في وجدان الأجيال المعاصرة، ونرى المظاهرات الغربية المتتالية وهي لا تعبر فقط عن احتجاجها على إسرائيل، بل كذلك عن احتجاجها على السقوط الأخلاقي والإنساني والحضاري الذي يرعاه الغرب ودوله بدعمهم المباشر لبربرية إسرائيل.

هكذا نرى اليوم أن خبر إبادة الناس وسط مجاعة غزة أصبح الخبر الثانوي مع نشوب خبر الحرب الإسرائيلية الإيرانية الذي أصبح يتصدر الأخبار، بعد أن كدنا نرى بعض التململ الغربي من الكارثة المحققة المستمرة الفصول التي تديرها إسرائيل في غزة، عبر تجويعها المستمر لسكان القطاع، واستهدافها المباشر للغزاويين الجياع، في سياسات إسرائيل المتواصلة والخارجة عن حدود الإنسانية بتجويع الناس، واعتبارهم أهدافًا، واصطيادهم عند نقاط توزيع المساعدات الشحيحة، وما زال الضحايا يتساقطون يوميًا، وهو ما يدفعنا لتأمل هذا الحصاد الإسرائيلي وهذه الدولة التي أصبحت حرفيًا دولة إرهابية.

ما الفرق بين هذه الصهيونية وبين الجماعات الإرهابية المسلحة؟ وما الذي قامت به الجماعات الإرهابية ولم تقم به الدولة الإرهابية هذه؟ بل إن جرائم إسرائيل أشنع؛ فقد قامت بذبح الأطفال أمام الشاشات، وها هي لا تكتفي بالتجويع بل تستهدف الجياع، وهذا ما لم تجرؤ الجماعات الإرهابية أن تفعله، وأن تجد هذه الأفعال الخارجة عن حدود الإنسانية دعمًا غربيًا غير محدود فهذا يعني بكل وضوح أن الذهنية الغربية الحاكمة أصبحت ذهنية سقيمة، وتشترك مع الصهيونية في المرض العقلي نفسه.

يحدث هذا بينما يتابع الناس في كل مكان وقائع الحرب الإسرائيلية الإيرانية، ويطلق ترامب تصريحاته المتناقضة، ولا ينتج شيء عن الجهود الدبلوماسية . فلا يزال الضحايا في غزة يسقطون يوميًا، وتحولت أجزاء من غزة إلى فوضى كبيرة يقوم فيها المسلحون بنهب الناس في الطرقات كما كتبت الأسبوع الماضي إسراء أبو قمر في مقالها بالجارديان، الذي ترجمه بدر الظفري لجريدة عمان.

يتأمل المرء أفعال هذه الدولة الإرهابية ولا يرى غير الخطأ، والجريمة الاستعمارية الفادحة التي هجرت اليهود من موطنهم الطبيعي في أوروبا لتزرعهم في فلسطين بوهم إعادة اليهود إلى وطنهم المزعوم قبل 5 آلاف سنة! وما النتيجة التي يحصدها العالم المعاصر غير دولة معادية بشكل سافر لكل مكونات محيطها الطبيعي، عبر كيان شاذ وغريب، لا يقيم أي صداقات ولا حسن جوار مع محيطه، وكل ما أقامه طوال عمره هو الحروب. فلم تبق دولة مجاورة لإسرائيل لم تدخل معها في حرب مباشرة أو غير مباشرة، والآن تشن حربها المباشرة الأولى مع إيران لا لشيء إلا لتؤكد حجم العدائية المتأججة التي تحملها، والتي لا تجد لها أي تصريف غير في مزيد من الدمار والقتل وتشريع الإرهاب، وأين سيفضي بها وبنا كل هذا؟

لا معنى أمام الكارثة المحققة للحديث عن التاريخ والحقوق، وما ذنب الأبرياء وأولهم الفلسطينيون والعرب وغيرهم من ضحايا هذا المشروع الاستعماري الأحمق المتمثل بالزج ببقايا اليهود الغربيين الذين عملوا على حشد يهود العالم في دولة واحدة ترى أن هدفها هو تفجير المنطقة باليهود؟ وما هذه الأجيال الإسرائيلية المعاصرة التي لم تجد ولم تفهم عبرة تستخلصها من تاريخها غير معاداة الآخرين وتدميرهم وقهرهم وإبادتهم والتسلط عليهم؟

إن إسرائيل اليوم لم تعد مشكلة تهدد الدول المحيطة بها فحسب، بل هي كارثة محققة على داخلها أولًا، والضحايا الفلسطينيون لهذه الدولة، داخل إسرائيل وخارجها، دليل على أن إسرائيل عبء حقيقي على نفسها وداخلها. وما يدفعه الإسرائيليون اليوم من حياة الحرب اليومية ليس إلا تأكيدًا على أن الكيان المؤسس على الحرب وزرع الرعب لا يمكن أن يجني السلام والأمن والاستقرار لمواطنيه، بل سيجني بكل تأكيد ما زرعت يداه.

لم تنجح إسرائيل خلال العقود السبعة من تاريخها في كسب دولة صديقة واحدة في محيطها الإقليمي، ولم تفلح في تحقيق علاقة وثيقة لا مع محيطها العربي ولا مع بقية المحيط الجغرافي، ولولا الضغط الغربي والأمريكي للقبول بإسرائيل فإنها لم تكن لتنجح أبدًا في تكوين علاقات وثيقة، أو احترام متبادل بينها وبين جيرانها ومحيطها، ولم تبق دولة من الدول القريبة والبعيدة عنها لم تدخل معها في حرب مباشرة أو غير مباشرة. والآن ها هي تهاجم إيران بكل صفاقة، وخطاب رئيس وزرائها المهووس يستدعي التاريخ من جديد ليفضح بذلك الإطار الذي ينظر منه إلى العالم المعاصر، والهدف الذي يرسمه لنفسه ودولته وفق ذلك الإطار الماضوي المندثر.

كل ذلك بينما الأطفال والنساء والشيوخ والسكان في غزة لا يزالون تحت حصار متجرد من كل إنسانية، وإسرائيل تتعامل مع الناس تعاملًا منحطًا خارجًا عن أبسط الحدود والأعراف، وهي لا تفضح بذلك غير هويتها التدميرية، ووجودها العدواني، وشخصيتها الجنونية، فلا يوجد اليوم في العالم بأكمله نظام يبلغ من الظلامية والإجرام هذا المبلغ، ويتباهى علناً بذلك؛ بسبب السقوط الأخلاقي الذريع لحماته الغربيين، خاصة الدول الكبرى التي تدعم وتبرر له جرائمه المحققة ضد الإنسانية، وتعجز أن تحرك ساكنًا لإيقافه. ولعل الحقيقة هي أن هذا الكيان أصبح خارجًا عن السيطرة منذ أمد طويل حتى بالنسبة لحماته ورعاته الغربيين.

لم يعد الأمل اليوم إلا أن تتكاتف دول المنطقة والعالم لدرء هذا الخطر الذي لم يعد ينذر بالكارثة فحسب، بل هو ينتجها منذ عقود، ويعمل عليها، ولم يقدم لدول المنطقة ولمحيطه غير الدمار وتهديد النظم المستقرة والقتل والهدم. فمن الجلي والواضح أن النظام الإسرائيلي عاجز عجزًا هيكليًا عن التقدم خطوة واحدة باتجاه السلام والاستقرار، رغم كل العروض السخية التي قدمت إليه، ولكنه لا يجد ما يقدمه بالمقابل غير الخراب، لنفسه ومحيطه منذ تأسس إلى اليوم. ولم تفض كل اتفاقيات السلام الكثيرة معه إلا لصيغة واحدة هي الاستسلام له كليًا منذ كامب ديفيد والقاهرة إلى آخر اتفاق في لبنان خلال هذه الحرب مرورًا بأوسلو المخيبة.

يبدو أن إسرائيل دخلت فعليًا في متوالية تفجير ذاتية، وهي تبحث طوال الوقت عن مبرر لاستمرار انحلالها وتفسخها ودمارها الذاتي، وإن جنون القوة الذي أصابها حتى أصبحت تستبيح الأجواء بطائراتها الحربية في كل جهة ليس إلا الذروة التي تعقبها السقوط. وليس العجز الغربي عن مداراة هذه الفضيحة الأخلاقية التي تمثلها إسرائيل أمام العالم بأسره إلا دليلًا على حجم الانفصام الأخلاقي الناتج عن دعم هذا المشروع الصهيوني الأخرق. وهذا الحل المختلق لم يحترم معطيات التاريخ، ولا احترم قيمة اليهود وأدوارهم في بلدانهم الأصلية، وبالتالي ها هي إسرائيل تهدر كل قيمة إنسانية غير قيمتها، ربما لأن القيمة هي عقدتها الأزلية.

إبراهيم سعيد شاعر وكاتب عُماني

مقالات مشابهة

  • الطائرات التركية تشن هجوماً على مواقع لـالعماليين شمالي دهوك
  • وزارة الرياضة تنظم ورشة عمل بالأقصر لتفعيل دور مراكز ونوادي تكنولوجيا المعلومات
  • شديد الحرارة ورطوبة وشبورة.. الأرصاد تحذر من طقس الـ6 أيام المقبلة
  • ما قصة المسيرة الإيرانية شاهد 101 التي سقطت في العاصمة الأردنية؟
  • مفوضية حقوق الإنسان تطالب مصر وليبيا بمحاسبة المسؤولين عن قمع نشطاء “المسيرة العالمية إلى غزة”
  • الهجرة النبوية في وعي المسيرة القرآنية .. من ذكرى إلى مشروع نهوض أمة
  • لماذا أصبحت العلامات التجارية الفاخرة أغلى من أي وقت مضى؟
  • الحرس الثوري: تكنولوجيا إيران النووية لن تدمر.. وتوقعوا الرد
  • الإستخبارات الإيرانية تضبط عددا كبيرا من الطائرات المسيرة في بوشهر
  • حصاد المشروع الاستعماري في فلسطين