سعد عبد الراضي (أبوظبي)

يترقّب المشهد الثقافي محلياً وعالمياً، افتتاح متحف زايد الوطني في الثالث من ديسمبر، لما يمثّله من قيمة وطنية عالية من ناحية، وما يضمه من مقتنيات وأقسام وتطور متحفي من ناحية أخرى. ولأننا في عام المجتمع ارتأينا أن نسلّط الضوء ونعرّف القارئ على ما سيقدمه ويعكسه المتحف للجمهور بمختلف فئاته السنية.

 

أخبار ذات صلة تدريب 500 معلم على تصميم محتوى تعليمي باستخدام الذكاء الاصطناعي متحف العين.. .. ذاكرة وطن برؤية معاصرة

وفي هذا الإطار، قالت نصرة البوعينين، مدير إدارة التعليم والمشاركة المجتمعية في متحف زايد الوطني، لـ«الاتحاد»: «إنه لا يمكن لأي متحف أن يروي قصة مجتمعه ما لم يكن هذا المجتمع في صميم رؤيته واهتمامه»، مؤكدة أن المتاحف لطالما ارتبطت بصورتها التقليدية كمؤسسات لصون التاريخ والمعرفة، حيث تُعرض القطع الأثرية وتُروى الحكايات الفريدة. وأضافت: أن «المتاحف اليوم أصبحت منصات حيّة للحوار والتواصل، وفي متحف زايد الوطني تتجاوز الرسالة مجرد سرد التاريخ، بل تتركّز على بناء روابط حقيقية ومُلهمة بين سرد المتحف وكل فرد من أفراد المجتمع».
وعبّرت البوعينين عن أن المتحف يستمد جوهر رؤيته من إرث الوالد المؤسس، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي أدرك قيمة الإرث التاريخي والثقافي المتجذِّر في هذه الأرض وسعى إلى نقله للأجيال القادمة ليغرس فيهم مشاعر الفخر والانتماء والوعي بتراثهم العريق. وأشارت إلى أن المتحف يجسّد هذه الرؤية من خلال حفظ الماضي وصونه، وإعادة تقديمه بأسلوب يجعل منه إرثاً نابضاً بالحياة، وسهل الوصول، وملهماً للجميع.

دور محوري 
وقالت البوعينين: «إن المتاحف تلعب دوراً محورياً في مد جسور الوصل ما بين الماضي والحاضر، وتربط بين البشر والأفكار، وبين الثقافات والتجارب. وأضافت: أن قوة المتحف تكمن في قدرته على إحياء هذا الترابط الإنساني، وترسيخ الوعي بأن التاريخ تجربة مشتركة». وأوضحت أنه «عندما يجد الزائر في المعروضات مما يعكس ذاته، تنشأ علاقة بينه وبين المكان، وتتحوّل الزيارة من مشاهدة عابرة إلى تجربة تفاعلية تعزز الشعور بالانتماء».
وأشارت إلى أنه في متحف زايد الوطني، سواء تأمّل الزائر مسيرة تمتد لأكثر من 300 ألف عام من التاريخ البشري، أو استكشف البدايات الأولى لوجود الإنسان في هذه الأرض، فسيجد في كل حكاية انعكاساً لذاته وصدى لتجربته الإنسانية.

مفهوم الشمولية 
وأضافت: أن مفهوم الشمولية في المتاحف لا يقتصر على مجرد تمثيل كل الفئات، بل يتطلب بذل جهود فعلية للوصول إلى المجتمعات التي لم تُتح لها سابقاً فرصة التفاعل مع المؤسسات أو المبادرات الثقافية. وأوضحت أن متحف زايد الوطني عمل على دراسة الفئات التي قد تستفيد من التواصل مع المتحف، وتهدف جهود التوعية المجتمعية إلى تقديم تجارب غنيّة ومؤثرة تترك أثرها في وجدان الزائر.
وبيّنت أن من الأمثلة على ذلك التعاون مع مستشفى الأمل، والتواصل مع كبار المواطنين المصابين بضعف الذاكرة لتقديم ورش عمل تساهم في تحسين جودة الحياة والتواصل. وأضافت أنه تم تصميم برنامج «ساعة الضحى» وهي ساعة متخصصة لكبار المواطنين تقام يوم الاثنين من ثاني أسبوع من الشهر، حيث تمكّن الفريق عبر برامج متخصصة من إيصال تجربة المتحف إليهم وتوفير فرص للتفاعل مع الحكايات والأنشطة الإبداعية. 

ركيزة جوهرية 
ختمت البوعينين بالقول: إن الشمولية ليست تفصيلاً يُضاف لاحقاً، بل تشكّل ركيزة جوهرية في رؤية المتحف وهدفاً استراتيجياً يُحرص على تجسيده في كل جانب من جوانب التجربة الثقافية. وأكدت الالتزام بتوفير التواصل مع من لم تُتح لهم فرص التعبير، وبضمان أن يجد كل زائر، مهما كانت قدراته أو خلفيته، مكاناً له في هذه المؤسسة الثقافية، لأن القصص التي يحتضنها المتحف لا تُعدّ مجرد مقتنيات تاريخية، بل هي شواهد حيّة على حياة الإنسان وتعبير صادق عن القيم التي تأسست عليها دولة الإمارات.

سهولة الوصول 
أوضحت البوعينين أن متحف زايد الوطني لا يُعرّف مفهوم سهولة الوصول بشكل منفصل عن أصحاب الهمم، بل ينطلق من الاستماع إليهم والتعاون معهم في تصميم حلول عملية تُراعي احتياجاتهم الفعلية. وأشارت إلى أن من أبرز المبادرات التي تم تنفيذها تطوير لوحات إرشادية بلغة برايل، وهو ما تطلّب فهماً عميقاً لآليات النظام باللغة العربية والإنجليزية، والتعاون المباشر مع أفراد من ذوي الإعاقة البصرية لضمان دقة المحتوى وفعاليته.
وأضافت: في إطار التزام المتحف بتوسيع نطاق الوصول، يتم العمل على استكشاف وسائل جديدة لتقديم تجارب حسية تتماشى مع احتياجات فئات متنوعة من المجتمع، ومن بين هذه المبادرات تطوير جولات متعددة الحواس تتيح لذوي الإعاقة البصرية التفاعل مع محتوى المتحف من خلال حاسة اللمس، إلى جانب اعتماد خرائط حسية تُحدّد المناطق ذات التحفيز العالي داخل المتحف لتسهيل حركة الزوّار من ذوي التنوع العصبي وتمكينهم من التنقل براحة وطمأنينة.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: التراث التعليم المتاحف الثقافة التاريخ متحف زايد الوطني متحف زاید الوطنی

إقرأ أيضاً:

أمل ضئيل.. استمرار التحقيقات لاستعادة المجوهرات المسروقة من متحف اللوفر

المحققون يدرسون الأدلة المتروكة من اللصوص لاستعادة جواهر التاج الفرنسي البالغ قيمتها 88 مليون يورو.

بعد خمسة أيام من السطو الجريء على جواهر التاج الفرنسي في متحف اللوفر، عبّرت المدعية العامة في باريس، لور بيكو، عن “أمل ضئيل” في استعادة المسروقات، مؤكدة في الوقت نفسه تفاؤلها بشأن تقدم التحقيق.

وتعمل السلطات الفرنسية على تحليل أكثر من 150 عينة من الحمض النووي وبصمات الأصابع وآثار أخرى تركها اللصوص على أدوات ومعدات السلامة المستعملة خلال السرقة.

وأشارت بيكو إلى أن النتائج الأولية قد توفّر خيوطاً جديدة إذا كان لدى الجناة سجلات جنائية سابقة.

ووفق التحقيقات، وصل أربعة لصوص إلى المتحف صباح الأحد في شاحنة مسروقة مزودة بسلم ومصعد بطول 30 متراً، حيث صعد اثنان منهم إلى قاعة أبولو في الطابق الأول، التي تضم جواهر التاج الفرنسي المتبقية، مرتدين سترات عاكسة لتشبه العمال. وكسروا نافذة غير مؤمّنة، واستخدموا قواطع لفتح صناديق العرض قبل الهروب على متن دراجات نارية يقودها زملاؤهم.

ورغم محاولة إحراق الشاحنة، فشل اللصوص وتركوا خلفهم خوذة وأدوات قطع وأغراض أخرى، يجري الآن تحليلها في مختبرات باريس والمناطق المجاورة.

كما ساعدت لقطات كاميرات المراقبة العامة والخاصة في تتبع مسارهم داخل العاصمة وضواحيها، وفق بيكو، التي رفضت كشف المزيد من التفاصيل.

Related شاهد: ناشطون بيئيون يرشون الطلاء على مبنى متحف اللوفر في باريسسرقة مجوهرات "لا تقدر بثمن" من متحف اللوفر في باريسماذا نعرف عن عملية سرقة متحف اللوفر في باريس؟

ويشارك في التحقيق أكثر من 100 محقق، بينهم ضباط فرقة مكافحة الجريمة المنظمة وخبراء في الفنون المنهوبة والسلع الثقافية.

ولفتت بيكو إلى أن التحقيق يشمل جميع الاحتمالات، بما فيها احتمال وجود مساعدين داخل المتحف. وأكدت أن العملية تحمل "علامات التنظيم وهي التخطيط الدقيق والجرأة في التنفيذ ونوع المجوهرات المستهدفة وطريقة الهروب"، علماً أن اللصوص قضوا أقل من أربع دقائق داخل القاعة، وتمكنوا خلالها من سرقة ثمانية قطع أثرية من القرن التاسع عشر، منها عقد زمردة ومرصع بالألماس كان قد أهداه نابليون الأول لزوجته الثانية ماري لويز، وتاج مرصع بـ212 لؤلؤة وحوالي 2000 ماسة يعود للإمبراطورة يوجيني، زوجة نابليون الثالث.

وبحسب صحيفة لو باريسيان، عجز اللصوص في البداية عن فتح صناديق العرض، لكنهم تمكنوا لاحقاً من كسر فتحات صغيرة لسحب المجوهرات.

وكانت أنظمة الإنذار في المتحف تعمل بشكل طبيعي، حيث انطلق أول إنذار عند الساعة 9:34 صباحاً بعد تحطيم اللصوص للنافذة المطلة على رصيف فرانسوا ميتيران.

من جهتها، اعترفت مديرة اللوفر، لورانس دي كارز، بـ”فشل أمني فادح”، مشيرة إلى أن كاميرات المراقبة الخارجية لم تغطِّ نقطة دخول اللصوص، وأن بعضها قديم. وأوضحت أن البرنامج الأمني الجاري، بتكلفة 80 مليون يورو، يشمل حالياً توسيع المراقبة لتغطية كامل الموقع البالغ 37 هكتاراً.

وسرق اللصوص ثماني قطع ثمينة، من بينها قلادة مرصعة بالزمرد والماس أهدىها نابليون الأول لزوجته، الإمبراطورة ماري لويز، وإكليل كان ملكًا سابقًا للإمبراطورة أوجيني ويضم نحو ألفَي ماسة.

ويتمتع متحف اللوفر بتاريخ طويل من السرقات الشهيرة، أبرزها سرقة لوحة الموناليزا عام 1911 على يد مصمم ديكور إيطالي كان قد عمل في المتحف لفترة قصيرة. وتنكر فينتشنزو بيروجيا بزي عامل، وعندما غاب المراقبون، أزال اللوحة وغادر، قبل أن يُلقى القبض عليه لاحقًا وتُستعاد اللوحة.

كما شهد المتحف حادثة بارزة أخرى عام 1956، حين ألقى أحد الزوار حجرًا على لوحة الموناليزا، مما تسبب في تقشر طفيف للطلاء قرب المرفق الأيسر، لتُنقل اللوحة بعدها مباشرة خلف زجاج واقٍ لحمايتها.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة

مقالات مشابهة

  • ميزة جديدة في Google Messages .. توفير الوقت وسهولة مشاركة الصور
  • "اللوفر" ينقل بعض مجوهراته الثمينة إلى بنك فرنسا بعد حادث السرقة
  • بعد "سرقة اللوفر".. المتحف ينقل مجوهراته إلى هذا المكان
  • إلهام أبو الفتح تكتب: حلم فاروق حسني
  • متحف اللوفر ينقل مجوهرات إلى بنك فرنسا بعد عملية السرقة
  • مثقفون : المتحف المصري الكبير علامة فارقة في إبراز الريادة الثقافية والحضارية لمصر
  • أمل ضئيل.. استمرار التحقيقات لاستعادة المجوهرات المسروقة من متحف اللوفر
  • أبرز الولايات التي نشر فيها ترامب قوات الحرس الوطني
  • مديرة اللوفر تعترف بالتقصير في حماية مقتنيات المتحف