موسكو: قريبون من حل دبلوماسي للصراع في أوكرانيا
تاريخ النشر: 26th, October 2025 GMT
عواصم (وكالات)
أعلن كيريل دميترييف، المبعوث الخاص للرئيس الروسي فلاديمير بوتين لشؤون الاستثمار والتعاون الاقتصادي، أمس، أنه يعتقد أن روسيا والولايات المتحدة وأوكرانيا تقترب من التوصل إلى حل دبلوماسي لإنهاء الحرب الروسية في أوكرانيا. وفي حديثه لشبكة «سي.إن.إن» بعد وصوله إلى واشنطن لإجراء محادثات مع مسؤولين أميركيين، قال ديمترييف: إن الاجتماع بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب وبوتين لم يتم إلغاؤه، كما وصفه الرئيس الأميركي، ومن المرجح أن يلتقي الزعيمان في وقت لاحق.
وكانت القمة المقرر عقدها قد تم تعليقها يوم الثلاثاء الماضي، إذ ألقى رفض روسيا للوقف الفوري لإطلاق النار بظلاله على محاولات التفاوض. وقال ترامب إنه ألغى الاجتماع المزمع عقده مع بوتين في بودابست بسبب عدم إحراز تقدم في الجهود الدبلوماسية نحو إنهاء الحرب والشعور بأن التوقيت غير مناسب. ومع ذلك، قال ديمترييف، أمس: «أعتقد أن روسيا وأميركا وأوكرانيا قريبة جداً في الواقع من التوصل إلى حل دبلوماسي». ولم يقدم ديمترييف تفاصيل حول ما سيترتب على ذلك.
وقال دبلوماسيون أوروبيون هذا الأسبوع: «إن الدول الأوروبية تعمل مع أوكرانيا على اقتراح جديد لوقف إطلاق النار في الحرب على طول خطوط القتال الحالية، يتضمن بشكل أساسي أفكاراً قيد المناقشة بالفعل مع الضغط لإبقاء الولايات المتحدة في دور محوري».
وقال ديمترييف: «إنها خطوة كبيرة من الرئيس زيلينسكي أن يعترف بأن الأمر يتعلق بخطوط القتال، كما تعلمون، كان موقفه السابق هو أن روسيا يجب أن تغادر تماماً، لذا في الواقع، أعتقد أننا قريبون بشكل معقول من حل دبلوماسي يمكن التوصل إليه».
وتأتي زيارة ديمترييف إلى الولايات المتحدة لعقد اجتماع مخطط له منذ فترة طويلة على خلفية العقوبات الأميركية التي أعلنتها الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة على اثنتين من أكبر شركات النفط الروسية، وهي خطوة تهدف إلى الضغط على بوتين لإنهاء الحرب.
وعلى الرغم من هذه الخطوة، قال ديمترييف: إن الحوار بين روسيا والولايات المتحدة سيستمر.
وأضاف: «سيستمر الحوار الروسي الأميركي، ولكنه بالتأكيد لا يكون ممكناً إلا إذا أُخذت مصالح روسيا في الاعتبار وحظيت بمعاملة تتسم بالاحترام». وأحجم دميترييف عن الإفصاح عمن سيلتقيهم خلال الزيارة، وتوقع أن تأتي العقوبات النفطية الأميركية بنتائج عكسية.
ميدانياً، قتل ثلاثة أشخاص أحدهم مسعف وأصيب العشرات في مناطق مختلفة من أوكرانيا في ضربات روسية بمسيرات وصواريخ على ما ذكرت السلطات الأوكرانية أمس. وقالت وزارة الداخلية عبر وسائل التواصل الاجتماعي: «قتل مسعف وأصيب آخر جراء إطلاق صواريخ عدة على بلدة بيتروبافليفسكا في منطقة في دنيبروبيتروفسك» في وسط البلاد الشرقي.
وفي المنطقة نفسها «قتلت امرأة وأصيب سبعة أشخاص» على ما أضافت الوزارة، موضحة أن «أضراراً لحقت بآليات إطفاء وأبنية سكنية ومتاجر».
واستهدفت موسكو كذلك العاصمة كييف في ضربات ليلية ما ألحق أضراراً بأبنية ومنازل في أحياء مختلفة من المدينة، ما أدى إلى مقتل شخص وإصابة عشرة بجروح بحسب مسؤول الإدارة العسكرية في العاصمة تيمور تكاتشينكو. وكتب رئيس بلدية كييف فيتالي كليتشكو على تطبيق تلغرام «انفجارات في العاصمة، المدينة تتعرض لهجوم صاروخي».
ونشرت أجهزة الانقاذ الوطنية صوراً تظهر عناصر إطفاء يكافحون الحرائق فيما اندلعت نيران كبيرة في حيي ديسنيانسكي ودارنيتسكي. وقال سلاح الجو الأوكراني: إن روسيا أطلقت خلال الليل باتجاه أوكرانيا تسعة صواريخ بالستية، و64 مسيرة هجومية، مؤكداً أنه دمر 50 مسيرة وأربعة صواريخ. أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: روسيا فلاديمير بوتين أوكرانيا كييف موسكو حل دبلوماسی
إقرأ أيضاً:
الحرب الروسية – الأوكرانية.. هل تفرض موسكو سيطرتها وتُجبر أوكرانيا على الرضوخ؟
حرب استنزاف تقترب من نهايتها.. وتحركات روسيا قد تعيد رسم موازين القوة في أوروبا
بعد أكثر من ثلاث سنوات على اندلاع الحرب الروسية-الأوكرانية، يبدو المشهد أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى. فهذه الحرب لم تعد صراعًا ثنائيًا بين أوكرانيا وروسيا، بل تحولت إلى مواجهة دولية معقدة يشارك فيها الاتحاد الأوروبي والناتو بشكل مباشر وغير مباشر، حيث أصبح الدعم الأوروبي والأمريكي حجر الزاوية في استمرار النزاع.
الناتو وأوروبا: الدعم مقابل المصالح
لا يخوض الجيش الأوكراني الحرب بمعزل عن الدعم اللوجستي والميداني الأوروبي، ما يعكس مشاركة فعلية للناتو في النزاع. هذا الدعم يستند إلى مبرر حماية أوروبا من “التمدد الروسي”، إلا أن جدية هذا الموقف موضع تساؤل، خصوصًا في ظل مصالح أوروبا الاقتصادية والسياسية المتشابكة مع روسيا.
بريطانيا تتبنى موقفًا متشددًا وعدائيًا ضد موسكو، لكنها تواجه قيودًا اقتصادية وسياسية قد تحد من قدرتها على الاستمرار بالدعم طويل المدى. فرنسا وألمانيا تواجهان ضغوطًا داخلية: الأولى في ظل أزمة اقتصادية واجتماعية متفاقمة، والثانية كانت شريكًا اقتصاديًا لروسيا لعقود، ما يجعل موقفهما الحالي غير مستقر. كما تظهر معارضة دول مثل المجر وسلوفاكيا، التي ترتبط مصالحها بالقومي الروسي، إضافة إلى صعود أحزاب يمينية في دول أوروبية قد يعيد تشكيل سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه الحرب.
يبقى التساؤل: هل أوروبا صادقة في مخاوفها من التمدد الروسي، أم أنها تستخدم النزاع لأهداف استراتيجية تجارية وسياسية؟ وهل تستطيع الاستمرار في الدعم في ظل استفادة واشنطن من “فاتورة الحرب” عبر بيع الأسلحة والطاقة، بينما مصلحة أمريكا الفعلية في إنهاء الحرب تبقى مشكوكًا فيها؟
الولايات المتحدة: مصالح متناقضة
تعهد ترامب سابقًا بمحاولة إنهاء الحرب، وشهدت السنوات الأخيرة محاولات دبلوماسية متعددة، منها لقاء ألاسكا والاقتراح بقمة بودابست، إلا أن هذه المحاولات اصطدمت بمطالب روسية رفضتها أوكرانيا بدعم غربي، ما أفرغها من فعاليتها. موقف ترامب المتذبذب، بين تهديده بتزويد أوكرانيا بصواريخ توما هوك ثم التراجع بعد لقاء زيلنسكي، يعكس سياسة أمريكية قائمة على المزاجية والمصالح المباشرة. العقوبات الأخيرة على قطاع الطاقة الروسي جاءت في هذا السياق ذاته، مؤشراً على أن إدارة ترامب تبحث دائمًا عن المردود الاقتصادي والسياسي قبل أي حل حقيقي.
مآلات الحرب: استنزاف الجميع
أوكرانيا فقدت أجزاء كبيرة من أراضيها وبنيتها التحتية، وتعاني ضغوطًا اقتصادية واجتماعية هائلة، بينما أوروبا نفسها مثقلة بالضغوط المالية والسياسية للدعم المستمر. روسيا، من جانبها، تعتبر الحرب مسألة أمن قومي ودفاع عن مكانتها كقوة كبرى، وتصر على الاحتفاظ بالمناطق التي سيطرت عليها، بما فيها القرم. هذا التعقيد يجعل أي حل سياسي معقدًا، خاصة مع استمرار تدخل الناتو بشكل غير مباشر في العمليات العسكرية.
تمارين روسيا الصاروخية والنووية الأخيرة تحت إشراف بوتين ترسل رسالة واضحة: موسكو دولة قوية ومستعدة للدفاع عن نفسها، وأن أي استفزاز إضافي قد يرفع تكلفة النزاع إلى مستويات أعلى.
بعد أكثر من ثلاث سنوات من الحرب، يسعى دونالد ترامب لإنهائها سريعًا لتسجيل نصر سياسي، بينما يتضح تفوق روسيا العسكري والاقتصادي مقابل هشاشة النفوذ الغربي. تحت ضغط شديد، تواجه أوكرانيا وأوروبا واقعًا جديدًا، ويرى بعض المحليين أن الاعتراف بموسكو كلاعب رئيسي أصبح أمرًا لا مفر منه، ما يمهد لصياغة مرحلة دولية براغماتية جديدة تقوم على إيجاد صيغة جديدة للتعامل مع روسيا، والاعتراف بمخاوفها من توسع حلف الناتو، وفتح آفاق للتعاون وخلق توازن استراتيجي أكثر وضوحًا في المنطقة.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.