مرحلة ما بعد حرب غزة.. جهود مصرية لإنهاء الانقسام الفلسطيني والاتفاق على إدارة مؤقتة للقطاع
تاريخ النشر: 28th, October 2025 GMT
قلق من مماطلة إسرائيل في تنفيذ المرحلة الثانية.. وواشنطن تقترح «فايجن»
- مسار جديد يختبر قدرة الأطراف.. وخطة ترامب تدخل مفترقًا حاسمًا
تتواصل الجهود المصرية لتوحيد الصف الفلسطيني بعد وقف الحرب على غزة، عبر تفاهمات جديدة بين الفصائل تقوم على إدارة مدنية مؤقتة للقطاع تحت إشراف دولي، تمهيدًا لمرحلة ثانية أكثر تعقيدًا تشمل إعادة الإعمار، وملف السلاح، وبين التقدم السياسي والضغوط الإسرائيلية، تقف القضية أمام اختبار حقيقي.
وبعد النجاحات المتوالية التي أحرزتها مصر، وتُوّجت بوقف الحرب على غزة في «مؤتمر السلام» في شرم الشيخ، استطاعت القاهرة، مؤخرًا، جمع الفصائل الفلسطينية على مائدة حوار واحدة، للعمل على توحيد الصف الفلسطيني في مواجهة التحديات الوجودية التي تواجه القضية الفلسطينية، وهو ما أدى إلى تقارب كبير في وجهات النظر بعد نحو 18 عامًا من الانقسام الشديد بين «فتح»، و«حماس»، الذي كانت انتخابات عام 2007م، في غزة، وفوز «حماس» فيها من أسوأ صوره، إذ شهد القطاع سفك الدم الفلسطيني على يد الفلسطينيين أنفسهم.
وفي بيان صدر مساء يوم الجمعة الماضي عن الفصائل المجتمعة بالقاهرة، أعلنت الفصائل موافقتها على تسليم إدارة غزة إلى لجنة مؤقتة من التكنوقراط، كما وافقت على إنشاء لجنة دولية للإشراف على تمويل وتنفيذ إعادة إعمار القطاع، واستصدار قرار أممي بشأن قوات لمراقبة وقف إطلاق النار.
وجاء في البيان الذي أصدرته القوى والفصائل الفلسطينية المجتمعة في القاهرة، توافقها على تسليم إدارة غزة إلى لجنة فلسطينية مؤقتة من أبناء القطاع، تتشكل من المستقلّين التكنوقراط، تتولى تسيير شؤون الحياة والخدمات الأساسية بالتعاون مع الأشقاء العرب والمؤسسات الدولية، وعلى قاعدة من الشفافية والمساءلة الوطنية.
ويبدو أن اجتماع الفصائل الفلسطينية، الذي جاء بدعوة مصرية، واستمر على مدار يومي الخميس والجمعة الماضيين، قد أنهى حقبة من الانقسامات الفلسطينية التي أدّت إلى تراجع كبير في القضية الفلسطينية، وكان الكيان المحتل يُغذّي هذا الانقسام كي يظل ذريعة للمساومة على الحقوق الفلسطينية، مستغلًا حالة الانقسام التي افتعلها، وظل يكرّسها على مدى عقود.
جاء التحرّك المصري السريع في اقتناص الظرف المواتي، مستغلًا حالة الزخم التي شهدتها القضية عقب النجاح التاريخي لمؤتمر شرم الشيخ، الذي شهده الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ومعه نحو 34 زعيمًا عربيًا وإسلاميًا وأجنبيًا، ووقّعت عليه كل من الولايات المتحدة ومصر وتركيا وقطر بوصفهم الوسطاء الذين سعوا إلى هذا الاتفاق، الذي أدّى إلى وقف حرب الإبادة الجماعية على القطاع، والتي استمرت نحو عامين.
واقترحت مصر مجموعة من أسماء الفلسطينيين التكنوقراط من أبناء القطاع الذين ظلّوا فيه خلال الحرب، وأبلغت هذه الأسماء إلى الفصائل التي أبدت موافقتها على تلك الشخصيات. وجاء هذا التوافق على حكم غزة بواسطة فريق من التكنوقراط المستقلين كنقطة بداية للدخول في المرحلة الثانية من خطة ترامب لوقف إطلاق النار، خاصة في ظل التوجس من احتمالات تراجع نتنياهو وحكومته المتطرفة، إذ لا يوجد موعد محدد لبداية هذه المرحلة.
ومن المتوقع أن تتضمن هذه المرحلة نزع سلاح «حماس»، واستبعادها من حكم القطاع، كما ستشمل بدء عملية إعادة إعمار غزة، وهي المرحلة التي ترى «حماس» أنها بحاجة إلى مزيد من النقاش بشأن بعض البنود الغامضة، كما تحتاج إلى ترتيبات إضافية مع الوسطاء.
وكانت «حماس» قد أعلنت أنها أوفت بالالتزامات المطلوبة منها في المرحلة الأولى من الاتفاق، والمتمثلة في تسليم جميع المحتجزين الأحياء لديها، كما قامت بتسليم معظم جثامين المحتجزين، وتسعى إلى استخراج بقية الجثامين رغم بعض الصعوبات التقنية. وتأتي «قوة الاستقرار الدولية» بندًا لا يزال يحمل الكثير من الجدل حول مكوناته، خاصة أن الولايات المتحدة أشارت إلى إمكانية مشاركة كل الدول الراغبة في ذلك. كما أعلنت الخارجية الأمريكية اقتراح اسم ستيفن فايجن، سفيرها السابق في اليمن، لتولي الإدارة المدنية لـ«مركز تنسيق اتفاق غزة»، وأهم بنود المرحلة الثانية، بحسب خطة ترامب، هو بدء التفاوض بشأن سلاح «حماس»، وهو البند الذي لا يزال بحاجة إلى موافقة واضحة من المقاومة التي يبدو أنها منقسمة حوله. كما تتضمن المرحلة الثانية انسحابًا كاملًا لجيش الاحتلال من قطاع غزة، بالإضافة إلى إعادة هيكلة قوة أمنية دولية انتقالية من المتوقع أن تضم عناصر من الولايات المتحدة ودول عربية وإسلامية وأوروبية.
وتتضمن المرحلة الثانية أيضًا الحصول على عفو، أو مخرج لقادة «حماس» الذين يتخلّون عن السلاح، إذ توفر الخطة خيارًا لعناصر الحركة بتسليم الأسلحة مقابل حصولهم على عفو، أو ممر آمن للخروج من غزة ضمن إطار ما يسمى «إعادة تأهيل»، أو «دمج» لهذه العناصر.
كما تتضمن المرحلة الثانية إطلاق آليات جديدة للحكم والنشاط المدني تحت إشراف دولي، فبعد التهدئة سيتم الانتقال إلى إنشاء هيكل إدارة مؤقتة يتألف من فنيين فلسطينيين، وخبراء دوليين، ويشرف عليه «مجلس سلام دولي»، مع الانتقال لاحقًا إلى تسليم الإدارة تدريجيًا للسلطة الفلسطينية بعد تنفيذ الإصلاحات المطلوبة منها.
ومما أثار حالة من القلق لدى البعض، الاتهامات المتكررة من نتنياهو لـ«حماس» بشأن إخفاقها في إعادة جثث المحتجزين في المواعيد المحددة في المرحلة الأولى، حيث اتهمها بالتلكؤ في إعادة هذه الجثامين، وشدّد على أنه لن يتم الدخول في المرحلة الثانية قبل إعادة جميع الجثامين، وهو الموقف ذاته الذي أكدته مصادر في جيش الاحتلال، التي أعادت التحذير من أن المرحلة الثانية لن تبدأ قبل إعادة كل جثامين المحتجزين.
ورغم حالة التوجس، والتخوف من عدم وفاء الجانب الإسرائيلي بالاتفاق، فإن حالة الزخم التي شهدتها المنطقة على مدى أيام الأسبوع الماضي، والتي شهدت حضور المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف إلى جانب جيرارد كوشنر صِهر الرئيس ترامب، بالإضافة إلى حضور نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس، واختُتمت بزيارة وزير الخارجية الأمريكي مارك روبيو الذي شدد على ضرورة التمسك بنجاح خطة ترامب، لأنها لا تملك بديلًا آخر قابلًا للنجاح، وكذلك تأكيدات الجميع، بمن فيهم ترامب، بضرورة الاستمرار في خطة وقف إطلاق النار التي أصبحت واقعًا على الأرض في العاشر من أكتوبر الحالي.
وبالإضافة إلى ذلك، أعاد الرئيس ترامب تأكيد التزامه بأن الضفة الغربية لن يتم ضمّها إلى الكيان المحتل، وذلك رغم قيام مجموعة من المتطرفين الإسرائيليين بمناقشة هذا الأمر في الكنيست، وهو ما أثار تخوفات بعض الأطراف العربية التي رأت في ذلك احتمالًا لانتكاسة كبيرة في الملف الفلسطيني.
ومما يشير إلى أن خطة ترامب تسير في اتجاهها المرسوم نحو تعزيز، وتثبيت وقف إطلاق النار، قيام جيش الاحتلال بتسريح عدد كبير من جنود الاحتياط، وكذلك تقليص مدة تجنيد بعض الجنود.
ومن جانبها، تحركت مصر لدى كل من واشنطن وتل أبيب لإبلاغهما بما توصلت إليه بشأن ترتيبات المرحلة الثانية، بما في ذلك رؤيتها لحكم، وإدارة قطاع غزة، بما يتوافق مع الرؤية المصرية التي وافق عليها قادة الفصائل في ختام اجتماعاتهم بالقاهرة مساء الجمعة الماضي، على أن يُعاد الاجتماع في القاهرة خلال مدة لا تتجاوز شهرًا لمتابعة ما يستجد من الأوضاع على الأرض.
اقرأ أيضاًانطلاق قافلة شاحنات مساعدات إنسانية من مصر إلى قطاع غزة
الهلال الأحمر الفلسطيني: إعادة بناء البشر في غزة أصعب من إعادة إعمار البيوت المدمّرة
أكثر من 400 شاحنة مساعدات عبرت إلى قطاع غزة ضمن مبادرة «زاد العزة»
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: تسليم إدارة غزة توحيد الصف الفلسطيني حماس غزة مرحلة ما بعد الحرب في غزة وقف الحرب على غزة المرحلة الثانیة وقف إطلاق النار فی المرحلة خطة ترامب قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
جهود مصرية متواصلة لتجميع المساعدات الدولية تمهيدا لإدخالها عبر المعابر لغزة
قال همام مجاهد، مراسل قناة القاهرة الإخبارية، إن منطقة العريش تشهد هذه الأيام حركة نشطة في المراكز اللوجستية التي خصصتها الدولة المصرية لاستقبال وفرز المساعدات الموجهة إلى قطاع غزة، موضحاً أنه يتواجد حالياً في واحدة من أبرز هذه النقاط التي تسبق المعبر بشكل مباشر.
وأضاف أن هذا المركز يعد أحد سبعة مراكز لوجستية أنشأتها الحكومة المصرية لتجميع وفرز المساعدات القادمة سواء من داخل مصر أو من الخارج، استعداداً لنقلها إلى المعابر المؤدية إلى القطاع، وعلى رأسها معبري رفح وكرم أبو سالم، بالإضافة إلى معبر العوجة.
وأشار مجاهد في مداخلة عبر قناة القاهرة الإخبارية إلى أن المركز الذي يتواجد فيه يختص تحديداً بالمساعدات الدولية، حيث يتم فيه فحص المواد الإغاثية والإنسانية قبل السماح بمرورها إلى قطاع غزة.
ولفت إلى أن ما يشهده على الأرض يعكس حجم الجهود المبذولة، إذ تتكدس في المكان مئات الشاحنات المحملة بمواد غذائية وطبية وإغاثية ولوجستية بانتظار ترتيب دخولها إلى القطاع، مضيفاً أن من بين تلك المساعدات ما يضم البطاطين والأغطية الموجهة للفلسطينيين، في ظل حاجة ملحة لمثل هذه المواد مع اقتراب فصل الشتاء.
وأكد مجاهد أن الهلال الأحمر المصري يتولى تنسيق عملية استقبال هذه المساعدات وتوزيعها داخل المراكز اللوجستية، مشيراً إلى أن المساعدات تتنوع بين ما يُرسل من مؤسسات مصرية وأخرى عربية ودولية.
وأضاف أن بين الشحنات التي رصدها مساعدات إنسانية مقدمة من حكومة وشعب باكستان، موضحاً أن هذه الدفعات تحتوي على مواد إغاثية متنوعة لمساندة الأسر الفلسطينية في ظل الظروف الإنسانية الصعبة التي يعيشها القطاع.
استمرار تدفق المساعدات من مختلف دول العالموشدد مراسل القاهرة الإخبارية على أن استمرار تدفق هذه المساعدات من مختلف دول العالم يعكس حجم التضامن الإقليمي والدولي مع الفلسطينيين، لافتاً إلى أن التنسيق المصري المستمر بين الجهات الحكومية والهلال الأحمر يهدف إلى ضمان وصول الدعم الإنساني في أسرع وقت ممكن إلى مستحقيه داخل قطاع غزة.