إعادة إعمار غزة.. جباية حوثية جديدة تعمق الجوع في اليمن
تاريخ النشر: 28th, October 2025 GMT
في مشهد يعكس مأساة اليمنيين المستمرة تحت سلطة ميليشيا الحوثي، يواجه المواطنون أعباءً مزدوجة ومتزايدة؛ إذ يعانون من مستويات غير مسبوقة من الجوع والفقر، فيما تتصاعد محاولات الجماعة لابتزاز التجار وأصحاب رؤوس الأموال تحت شعارات دعم غزة و"إعادة إعمارها".
لا يقتصر أثر هذه السياسات على الطبقة التجارية فحسب، بل يمتد ليطال الأسر العادية، التي تكافح يوميًا من أجل تأمين لقمة العيش وسط تضخم الأسعار وارتفاع تكاليف المعيشة.
تضاف إلى ذلك عشر سنوات من انقطاع الرواتب الرسمية للموظفين، ما جعل الكثيرين يعيشون تحت خط الفقر المدقع، ويجعل المدن الخاضعة لسيطرة الجماعة مسرحًا للجوع المتفشي، مع عجز شبه كامل في الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه والصحة والتعليم. هذا الواقع أدى إلى ظهور طوابير الجياع أمام المطاعم والخدمات الخيرية، حيث باتت لقمة الطعام رحلة يومية محفوفة بالحرمان والقلق، فيما تتكدس قيادات الجماعة بالأموال والعقارات، في تناقض صارخ مع معاناة السكان اليومية.
كما يعكس استمرار هذه السياسات توسع دائرة الضغط النفسي والاجتماعي على المواطنين، إذ يضطرون لمواجهة انعدام الأمان الاقتصادي والاجتماعي، مع الخوف المستمر من الحملات الجباية المفاجئة، وابتزاز الأموال بالقوة أو التهديد، في حين تتزايد المخاطر الصحية والغذائية نتيجة نقص الغذاء وضعف الوصول إلى الخدمات الأساسية. كل ذلك يؤكد أن الأزمة ليست مجرد نقص في الموارد، بل نتيجة متعمدة من الجماعة لتركيع السكان واستغلال معاناتهم لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية.
تفشي الجوع
في مشهدٍ يلخص مأساة اليمنيين، اصطفّت عشرات الأسر المنهكة ظهرًا أمام أحد المطاعم في شارع 14 أكتوبر بصنعاء، في طابور طويل من الجوعى، ينتظرون الحصول على وجبة طعام مجانية يسديها صاحب المطعم لتخفيف معاناتهم اليومية.
وأظهرت الصور التي نشرها الصحفي فارس الحميري رجالًا ونساءً وأطفالًا بملامح أنهكها الجوع والخذلان، وقد تحوّل البحث عن لقمة إلى كفاح يومي من أجل البقاء، في مدينة كانت يومًا تعج بالحياة قبل أن تُغلق الميليشيا الحوثية أبواب الأمل وتفتح أبواب المعاناة. وأشار الحميري إلى أن هذه الطوابير أصبحت عادة يومية أمام المطاعم، حيث يتزاحم المواطنون أملاً في لقمة تسد الرمق أو بقايا طعام لأطفالهم في البيوت الخاوية.
ويؤكد مراقبون أن المشهد يعكس الانهيار المعيشي والاقتصادي المتسارع في مناطق سيطرة الحوثيين، حيث يعيش غالبية السكان تحت خط الفقر رغم تدفق مليارات الريالات من الإيرادات العامة، فيما تكدس قيادات الجماعة الأموال والعقارات.
ويصف ناشطون هذه الطوابير بـ"صفوف الكرامة المهدورة"، مؤكّدين أن الجوع أصبح مظهراً دائماً للانهيار الإنساني نتيجة سياسات الجباية والنهب المتواصلة بحق المواطنين والموظفين.
وفي وقت حذّرت فيه تقارير أممية من تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، بما يُنذر بانزلاق ملايين الأشخاص نحو المجاعة. مشيرة إلى أن الخطر يهدد حياة نحو مليون شخص في اليمن بسبب الجوع، مع احتمال وفاة كثيرين، بحلول فبراير (شباط) المقبل. مؤكدة أن الأزمة الإنسانية المستمرة "جرّدت الناس من أبسط مقوّمات الحياة وجعلت من كل يوم صراعاً من أجل البقاء".
حملة مسعورة
على وقع الأزمة الإنسانية، أرغمت الجماعة الحوثية التجار وأصحاب رؤوس الأموال في العاصمة صنعاء على دفع إتاوات نقدية وعينية، بزعم التبرع لسكان غزة وإعادة إعمارها. وقالت مصادر مطلعة إن مشرفين حوثيين، ترافقهم عربات مسلحة تابعة لمكاتب تنفيذية، شنّوا حملات واسعة على متاجر ومؤسسات تجارية في مديريات الوحدة والسبعين وأزال وبني الحارث ومعين، وأجبروا أصحابها على تقديم التبرعات.
وأضافت المصادر أن الجماعة فتحت حسابات بنكية جديدة لنقل الأموال ونشرت إعلانات لاستقبال التبرعات، وسط تأكيدات السكان بأن هذه الأموال ستنتهي إلى جيوب قادة الجماعة كما حدث في حملات سابقة باسم دعم فلسطين. ومنحت الجماعة التجار مهلة حتى نهاية أكتوبر لتقديم الأموال، مهددة بإغلاق المتاجر واعتقال مالكيها الرافضين.
وأبدى التجار استياءهم من فرض الإتاوات الجديدة، متهمين قادة الحوثيين بسرقة المبالغ التي جُمعت سابقًا باسم فلسطين. وأشاروا إلى أنهم فشلوا في إقناع مسؤولي الجبايات بحجم المعاناة الناتجة عن تراجع المبيعات وضعف القدرة الشرائية للسكان، مشيرين إلى أنهم يُجبَرون على الدفع القسري رغم الظروف الصعبة.
وقال أحد التجار إن مسلحين حوثيين داهموا متجره لبيع ألعاب الأطفال في حي الأصبحي بمديرية السبعين وفرضوا عليه دفع 100 ألف ريال يمني (نحو 190 دولاراً)، مهددين بإغلاق المتجر واعتقاله في حال الرفض. وتفرض الجماعة مبالغ تقديرية على التجار بحسب حجم تجارتهم وكميات بضائعهم، فيما يشتكي العاملون من حملات نهب تُجبرهم على التبرع تحت التهديد بالسجن.
وأدت هذه الحملات التعسفية المتكررة خلال السنوات الماضية إلى نزوح مئات التجار وأصحاب رؤوس الأموال إلى مناطق الحكومة الشرعية بحثاً عن الأمن التجاري والاستقرار الاقتصادي.
وعود كاذبة
وعلق الناشط السياسي في صنعاء آزال الجاوي على مصير الوعود التي ظلت سلطة الحوثيين تطلقها طيلة السنوات الماضية، من السيادة والتحرير إلى السلام والرخاء ثم الإصلاح والتغيير الجذري، دون أن يتحقق شيء من ذلك، داعيًا الجماعة إلى مراجعة نفسها والكشف عن مكامن الخلل بدل البحث عن شماعة تعلق عليها الفشل.
وقال الجاوي في تغريدة على منصة إكس: "قبل عشر سنوات، حين اندلعت الحرب، وُعِدنا بالسيادة والتحرير، ولم يتحقق شيء. وقبل أربع سنوات، عند توقيع الهدنة، وُعِدنا بالسلام والرخاء، ولم يتحقق شيء. وقبل عامين، وُعِدنا بالإصلاح والتغيير الجذري، ولم يتحقق شيء. أما آن الأوان أن نُراجع أنفسنا، ونكشف مكامن الخلل بدل البحث عن شماعة نعلّق عليها الفشل، ونستمر في الأخطاء والتكرار؟".
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: یتحقق شیء إلى أن
إقرأ أيضاً:
إعادة إعمار غزة.. تكرِيسًا لرِسالة السيسى الخالدة
إن دعوة سيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى، لإعادة إعمار القطاع ومناشدته لجموع المصريين بالتبرع له، هو تجديد للعهد فى دعم مسيرة الأشقاء الفلسطينيين، والمساهمة فى إعادة بناء ما أفسدته آلة الحرب الإسرائيلية، بعد أن تعرض القطاع إلى أشر الآفات العدوانية، من مجازر وحشية وإبادة جماعية، اِسْتَنْزَفَ فيها دماء شهداء الحق والعزة والكرامة، يحبون الموت شهداء فِداءً لتراب وطنهم المقدس، حتى ضاعت بنيته التحتية وصارت حُطَامًا ورُكَامَا، وهذا ما حصلت عليه غزة من عقاب جماعى، على يد مجرمين حرب فى حكومة الكيان الإسرائيلى، ولم يَصُدَّهم عن هذا الهلاك المدمر، إلا مؤتمر شرم الشيخ للسلام، الذى أوقف وتيرة الحرب ورَحَاهَا، بعد أن قام الرئيس السيسى بدورًا مُهِمَّا وعَظِيمًا مَحْمُودَا، فى وقف سعير نيرانها المشتعلة المتأججة، منذ اندلاعها فى السابع من أكتوبر عام 2023، حتى يصور للعالم أجمع الوضع الكارثى فى القطاع، والمأساة الإنسانية التى بقيت للسكان، بعد هذه الجرائم العدوانية الدامية، وماجرته ويلاتها من خراب ودمار، مع ضرورة توافق دول العالم أجمع، على المساهمة والتبرع فى إعادة الإعمار، لإعادة الأمل لحياة طبيعية طيبة لأهل غزة المستضعفين من أذى العدوان.
نعم يجب على العالم أن يتفق ويتعاون، فيما دعا إليه سيادة الرئيس، من أجل بناء نهضة معمارية مادية لقطاع غزة، وتلك المبادئ الجوهرية يجب على الضمير الإنسانى العالمى، أن يتفق عليها والعمل بها، وأن يسلك مسلك سيادته فى الدعوى لها، وكلنا ثقة فى أن المصريين موافقون كمبدأ ديني وأخلاقي وإنساني وعروبة الأخوة والدم، على نداء الرئيس بالمساهمة فى تنمية هذا القطاع لإصلاح أحوال أبناء الشعب الفلسطينى، لكى ينهض وينعم بالحياة وتستقام له الأمور، والإسلام بشرعه ألزم أهله بالتعاون فى وقت الشدائد والمحن والكروب، ونجدة صراخ المستغيثين من أجل إعلاء كلمة الحق العليا، وإعلاء شأن أمتنا الإسلامية والعربية، وهذا ما يدعو إليه الرئيس السيسى، ويكرسه عن عقيدة إيمانية صالحة صادقة للبناء والعمران وتهيئة الأرض للسلام، ما يدلل على الدور الفعال الذى يقوم به سيادته فى إصلاح أحوال الأمم والشعوب.
وعلى هذا نطالب الدولة أن تقوم بتنظيم الضوابط القانونية السليمة، التى من خلالها يستطيع المواطنون القيام بالتبرع لإعادة إعمار القطاع، ثم أهيب بالشعب المصرى العظيم تلبية نداء سيادة الرئيس فى هذا الصدد، وعدم النقد بتعبيرات غير مستحبة، لمن يتصنع ويدعى رأيا من الآراء، فيها كره وتباغض، بإنكار التبرع وتعطيله أو الانتقاص منه أو ازدراء القائمين عليه، ما يجعل الشخص يحول عن أداء عمله الإنسانى النبيل، لأن سيادة الرئيس لا يريد أن يَشقَى المواطن فى هذا التبرع أو يلزمه بقانون، ولعل فخامته أراد أن يتفق المصريين على المساهمة فى إعادة الإعمار وألا يختلفوا عليه، لأن فيه إلزام إلهى بأن الْمُؤْمِنُينَ إِخْوَةٌ، ونظرة سيادته صادقة إلى هذا الشعب الذى يقوم بأعماله الصالحة من الصدقات، فى الظاهر والخفاء للتقرب إلى الله وابْتِغَاءَ مرضاته، بمقتضى قوله تعالى: «وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ»، والآية الأخرى لقوله تعالى «الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ» الآيات رقم (272 -274) من سورة البقرة.
وإذا نظرنا لمعنى مناشدة الرئيس بالتبرع، نجد أن سيادته قد أطلق العمومية لكل الشعب، بقوله البليغ أناشد المصريين بالتبرع لإعادة إعمار غزة، ولم يختص بهذا النداء فئة محددة أو حزب بعينه، أو مؤسسة من مؤسسات المجتمع المدنى أو الأهلى، ولكنه قال يا مصريين وإن شاء الله تعالى سوف يستجيب الشعب لهذا النداء، ومن الحق أن يقال ولا يستطيع أى إنسان أن ينكر ذلك، بأن سيادته يعتبر حاجزًا قوّيًا وصخرة عثرة، تحطمت عليها كل محاولات المخطط الغربى، للنيل من قطاع غزة وتهجير أهله قَسْرًا، وكان لموقف سيادته عظيم الأثر فى ذلك، مؤكدًا حمايته لحقوق الشعب الفلسطينى، وتكرِيسًا لمبدأ إقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.