غزة تختبر ضمير العالم.. الظلم ومصير الطغاة وفق سنة الله
تاريخ النشر: 31st, October 2025 GMT
(قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ).
إن آثار الظلم على المجتمع الإنساني كله كبيرة وكثيرة وكارثية وخطيرة ومدمرة على جميع المستويات: سواء كانت مادية، أو أخلاقية، أو حضارية.
                
      
				
فالظلم لا يقتل فقط الضحايا المباشرين، بل ينتهك الروح العامة، ويخرب نسيج المجتمعات. وأي ظلم أكبر مما يشهده العالم من انتهاكات جسيمة في غزة، وقتل للأبرياء والأطفال والشيوخ والنساء، وهدم الديار على رؤوس ساكنيها، واستخدام العنف ضد الفلسطينيين في أبشع صوره. إنهم يمارسون حرب إبادة تجرمها كل القوانين. إنها حرب عنصرية تمثل جريمة حرب دولية بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بالموافقة على (ميثاق عقوبة جريمة إبادة العنصر) في ديسمبر ����م. وقد وُجِّهَ الاتهام حينذاك لأركان النظام النازي، والمجتمع الدولي وعصبة الأمم يجب عليه أن يوجه الاتهام إلى أركان النظام الصهيوني في تل أبيب؛ فهو يمارس قتل الفلسطينيين ويهدم ديارهم، ويستولي على ممتلكاتهم، ويسعى إلى إبادتهم على مرأى ومسمع من العالم. إن تقديم الزعماء الذين يؤيدون استخدام العنف في غزة، ويقرون التصفيات الجسدية برعونة وطيش منقطعي النظير، إلى محكمة الجنايات الدولية، سيعيد بارقة أمل في مصداقية المجتمع الدولي.
إن ما تشهده غزة من انتهاكات، وقتل للمدنيين، وتدمير المساكن على رؤوس ساكنيها، وما تتعرض له من عنف، يندى له جبين العالم الحر. وهو ما يجعلنا نناشد المجتمع الدولي والضمير الإنساني الحي، وكل من يؤمن بالعدالة والكرامة الإنسانية، إلى التحرك الفوري، وتحريك الآليات الدولية، بضرورة إحالة هذه الانتهاكات إلى المحاكم الجنائية الدولية، لمحاسبة أركان النظام الصهيوني في تل أبيب، وفرض العقوبات، ودعم المساعدات الإنسانية، وضمان وصولها دون عوائق إلى غزة.
إننا نقف اليوم أمام اختبار حقيقي لمبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي ينص في المادة [�]: “لكل فرد حق في الحياة والحرية والأمان على شخصه”. وفي المادة [�]: “الجميع سواسية أمام القانون، ولهم الحق في الحماية المتساوية من أي تمييز”. وفي المادة [��]: “لكل شخص حق في نظام اجتماعي يحقق حقوق الإنسان والحريات الأساسية”.
فهذا الإعلان يدعو إلى حماية الجميع بدون تمييز. فهل يا ترى سيتم محاسبة النظام اليهودي الصهيوني في تل أبيب؟ فإن ذلك يتوافق مع أحكام القانون الدولي، ومع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
إن هدم آلاف المساكن في غزة، وقتل أكثر من ��� ألفاً وإصابة أكثر من ��� ألفاً من أبناء غزة دون أن يهتز له الضمير الإنساني أمر يدل على تدني الأخلاق وعدم الاحترام لتقارير المنظمات الدولية مثل هيومن رايتس، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، والأمم المتحدة نفسها، التي تدين هذه الممارسات الفضيعة، ومع ذلك فإن محكمة العدل الدولية قد أصدرت قرارات سابقة بخصوص جدار الفصل العنصري، الأمر الذي يعني استمرار الصهيونية اليهودية وأركان النظام في تل أبيب لسياسات تم إدانتها، والمؤمل من المجتمع الدولي وعصبة الأمم ومجلس الأمن المسارعة لفرض عقوبات على هذا النظام المتهور وتعليق عضوية النظام الصهيوني من أجل إرغامه على التوقف عن هذه الممارسات البشعة، فكم هناك من طفل فقد عائلته تحت الإنقاذ، وطبيب يعمل دون كهرباء فعلى المجتمع الدولي والإنساني أن يتذكر بأن الضحايا بشر أمثالنا، وأن الكرامة الإنسانية قيمة عالمية، فلماذا يصمت المجتمع الدولي أو يتعامل بازدواجية؟
إن انتهاكات أركان النظام في تل أبيب لحقوق الشعب الفلسطيني يشهدها العالم كله، ولم يعد لكرامة الإنسان في ضمير الجيش الإسرائيلي ومن يمارسون جرائم الإبادة في غزة، وفي قاموسهم، أي وجود. فمن يمارس الإبادة والظلم صار ديدنه الفساد في الأرض.
وإذا كان البعض يتذرع بحق الدفاع عن النفس فإن قتل الأطفال، وهدم المنازل لا يمكن أن يندرج تحت هذا المبدأ، بأي حال من الأحوال، وفقاً للقانون الدولي الإنساني.
إذا كان التاريخ لا يرحم المجتمعات التي سمحت للظلم أن ينتشر أو صمتت عنه، فإن الظلم قد جعله الخالق سبحانه وتعالى أساس زوال المجتمعات وهلاكها. ومهما طال أمده، فإنه لا يدوم. فتلكَ سُنَّةُ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ، وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا.
إن المجتمعات والدول التي تؤيد الظلم وتطيع الطغاة سيكون مصيرها الهلاك.
وهذا فرعون حين استخف قومه فأطاعوه، كان مصيرهم جميعاً الهلاك، كما ذكر الله في القرآن العظيم: (فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ، فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ، فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِلْآخِرِينَ).
فهل يعي نتنياهو وأركان حكومته وجيشه ورعيته ذلك؟ وأن الحضارات التي قامت على القمع مصيرها الانهيار بشكل مأساوي؟ ومع ذلك، فإن الظلم يولد الانتقام، ويدخل المجتمعات في دوامة لا تنتهي.
إن ما يجري في غزة، وما أعلنه ترامب، يكشف الواقع وبما لا يدع مجالاً للشك أن ذلك ليس خطة سلام، بل مخططاً للظلم، وشرعنة للفساد، ومحاولة لتصفية القضية الفلسطينية من أساسها. وهيهات أن يتم لهم ذلك.
فمحور المقاومة وأنصار الله وحزبه وكل أحرار العالم لهم بالمرصاد، ولن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام هذه الانتهاكات، وسيرفعون راية الجهاد لقتال هؤلاء المفسدين في الأرض، في القريب العاجل بإذن الله.
فمحاربة الظلم ليست خياراً، بل ضرورة وجودية لأي مجتمع يريد أن ينهض ويعيش بكرامة.
والقرآن الكريم يخاطب جميع المسلمين: (انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ)، (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ).
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
مدبولي: نضع خبراتنا المهنية قيد إفادة المجتمع الدولي للرقابة خلال رئاسة الإنتوساي
أكد رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، أن مصر ومن مُنطلق إيمانها الراسخ بأهمية العمل الرقابي كركيزة أساسية للتنمية والبناء، وإذ تَشْرُف اليوم باستضافة الجمعية العامة، تضع جميع إمكاناتها وخبراتها المهنية وتجاربَها الرائدة قَيْد إفادة المجتمع الدولي للرقابة خلال الدورة الرئاسية القادمة للمنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية (الإنتوساي).
جاء ذلك في كلمة رئيس مجلس الوزراء، خلال مشاركته، اليوم الأربعاء في فعاليات افتتاح المؤتمر الدولي الخامس والعشرين للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة، بمدينة السلام شرم الشيخ، المقام تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، وبحضور عدد من الوزراء، وفيتال دي ريجو رئيس منظمة (الإنتوساي) المنتهية ولايته رئيس محكمة الحسابات الفيدرالية البرازيلية، والدكتورة مارجريت كراكر الأمين العام لمنظمة (الإنتوساي) ورئيس محكمة المراجعة بجمهورية النمسا الاتحادية، والمستشار أحمد سعيد خليل رئيس مجلس أمناء وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والمستشار محمد الفيصل يوسف رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات رئيس منظمة (الإنتوساي) الجديد، وعدد كبير من رؤساء الأجهزة الرقابية من مختلف دول العالم، ومسئولي الجهات والهيئات، وممثلي المؤسسات المالية الدولية.
وقال مدبولي: "يُسعدني في البداية أن أُرحب بحضراتكم جميعاً على هذه البقعة المُباركة من أرض مصر، مهد الحضارة ومنبع الحكمة والعلوم والفنون، وفجر الضمير الإنساني، المُشرق بنوره من نحو سبعة آلاف عام، مبشرا بالمحبة وراعيا للسلام وداعيا إلى قِيم العدل والمساواة بين البشر.. أرحب بكم ضيوفا أعزاءَ في مدينة شرم الشيخ، التي طالما شهدت حوارا موصولا بين مختلف الشعوب، عبر العديد من القمم الدولية والإقليمية التي احتضنتها، مداً لجسور التعاون وسعياً إلى ترسيخ الأمن والاستقرار والتنمية".
وأعرب رئيس الوزراء عن تمنياته بالتوفيق في أعمال المؤتمر مُستحضرا الرسالة السامية للمنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية، حيث برهنت المنظمة، منذ نشأتها وعبر تاريخها الممتد لنحو ما يزيد على سبعين عاماً، على قدرات مؤسسية فائقة، عملت من خلالها على صَكْ وتطوير المعايير الدولية للمراجعة العامة، وبناء وتنمية القدرات الذاتية للأجهزة العليا للرقابة وعززت التواصل فيما بينها - ومِن مُختلف ربوع العالم - حتى غَدَتْ منصةً دولية رائدة لتداول الخبرة المهنية وتبادل المعرفة، وهكذا أصبحت اليوم بَيْتَ الخبرةِ العالمي الجامع لأجهزة الرقابة والداعم لأداء الحكومات والساعي دوماً نحو ترسيخ النزاهة والشفافية.
واعتبر مدبولي أن الدور الجليل الذي باشرته "الإنتوساي" عبر مسارها التاريخي، ومازالت تُباشره بفاعلية واقتدار، هو المُحقق لمناط العمل الرقابي بمفهومه الصحيح، كما تُؤْمن به مصر وكما تُمارسه واقعاً حياً، مشيراً إلى أن الرقابة - في جوهرها - ليست فقط أداة لرصد القُصُور وَتَصيُّد الخطأ وتقويض الأداء، وإلا غدت مِعْوَلاً للهدم لا مِعْوَلاً للبناء، بل هي ترصد القُصُور لِتَرْصُدَ معه مُقْترح الاستدراك وخياراته، في ظل فَهْمٍ واعٍ لبيئة العمل وَمُمْكناته، وَتَكْشف الخطأ لِتُصحح المسارَ، تَوَسُّلاً بالقانون وَأَخْذاً بِقِيَم المُساءلة والحساب، وَتُقَيّم الأداء العام سعياً إلى تعزيز كفاءته لا إلى تقويضه.
وأشار إلى أن مصر أولت جهازها الأعلى للرقابة المالية، الجهاز المركزي للمحاسبات - العريق في محيطه الإقليمي - دعماً غير محدود، وحرصت على استقلاله تمام الاستقلال، ليس فقط على مستوى الضمان الدستوري والتشريعي، بل وعلى مستوى الممارسة العملية في تمكينه من أداء مَهَامه على الوجه الأكمل، ووضع ملاحظاته وتوصياته موضع النفاذ والاعتبار.
ولفت مدبولي إلى التجربة المصرية المُلهمة في التكامل بين الأداء الحكومي والممارسة الرقابية، قُوامها الثقة المتبادلة والشفافية في تداول المعلومات والبيانات، فتَهَّيأَ بذلك السبيل نحو منجزات هائلة، في أقل من عِقْدٍ واحد، من المشروعات القومية العملاقة على مستوى التنمية الاقتصادية والاجتماعية وعلى مستوى الإصلاح المالي والإداري، مستطرداً: "فمن تشييد العديد من المدن الذكية التي تجمع بين الحداثة والاستدامة - وفي صدارتها العاصمة الإدارية الجديدة - إلى إعادة بناء شبكة متكاملة من الطرق والأنفاق وفق أعلى المعايير الدولية، ومن إطلاق وتفعيل مبادرة "حياة كريمة" كأحد أكبر مشروعات التنمية الريفية على مستوى العالم، لتغيير واقع الحياة في القرى المصرية وتحقيق العدالة المكانية والاجتماعية، إلى بناء شبكة حماية اجتماعية وصحية شاملة عبر مبادرات فعالة (منها تكافل وكرامة و100 مليون صحة).. .من هذه وغيرها الكثير تجسد إيمان الدولة بحقوق الإنسان وفق مفهوم شامل للحق في رعاية صحية وحياة آمنة كريمة، كل ذلك إلى جانب تخطيط وتنفيذ برامج إصلاح هيكلي اقتصادي شامل، عززت كفاءة الإنفاق العام ورفعت قدرات الدولة الإنتاجية وَحسَّنت جودة أداء القطاع الحكومي الخدمي، إضافة إلى حوكمة الاستثمارات العامة ووضع سياسات جديدة لملكية الدولة للأصول، بما قدم نموذجاً إقليمياً رائداً في التوازن بين النمو الاقتصادي والحماية الاجتماعية".
وأكد رئيس الوزراء، أن هذه الإنجازات- وغيرها الكثير- لَمْ تَكُن مُمْكِنة التحقق في آجال زمنية محدودة، بغير هذا التكامل الوثيق بين أجهزة الرقابة والمؤسسات الحكومية، في إطار من الاستقلالية والمهنية والمسئولية المشتركة.
وأشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى أن مصر وهي تَتَهَيَّأُ لرئاسة منظمة (الإنتوساي)، تُعْلن التزامها الكامل بالعمل المشترك مع جميع الأجهزة العُليا للرقابة المالية، الأعضاء بالمنظمة، لتعزيز قدراتها ودعم جسور التعاون البنَّاء معها عبر شراكات مؤسسية تَهْدُف إلى تبني أدوات ومنهجيات الرقابة الحديثة، فلقد كشفت الأزمات الاقتصادية التي شهدها عالمنا المُعاصر في سنواته الأخيرة عن الحاجة الماسة لأنظمة رقابية قوية وفعالة، قادرة على التعامل مع الظروف الاستثنائية، بأعلى قدر من المرونة والشفافية، في هذا السياق أيضاً، فرضت التطورات التقنية المتسارعة واقعاً جديداً، يتطلب الأخذ بسبل توظيف تلك التقنيات - وفي مقدمتها الذكاء الاصطناعي المسئول - لخدمة أهداف المراجعة العامة، وبما يكفل دقة مخرجات الرقابة وَيُعزز كفاءتها.
وقال رئيس الوزراء: نحن جميعاً نتشارك الهدف ذاته، وهو ضمان الاستخدام الأمثل للموارد العامة وتعزيز الشفافية والمساءلة، وسبيلنا إلى ذلك هو العمل المشترك والحوار الموصول بين الأجهزة العليا للرقابة تحت مظلة مُنظمتكم العريقة، فالمستقبل الأفضل رهين بالتعاون لا التنافس، والشراكة لا الانعزال.
وأضاف رئيس الوزراء: أجدد الترحيب بكم جميعاً في بلدكم الثاني مصر، راجياً لأعمال جمعيتكم العامة الخامسة والعشرين كل النجاح والتوفيق ولمنظمة (الإنتوساي) دوام العطاء والريادة.
اقرأ أيضاًمدبولي: مصر ملتزمة بالكامل بالتعاون مع الأجهزة العليا للرقابة في الإنتوساي
مدبولي: العالم بحاجة ماسة لأنظمة رقابية تتعامل مع الظروف الحالية بمرونة
مدبولي يؤكد موقف مصر الثابت والراسخ في التعامل مع مختلف القضايا الإقليمية والدولية
 المنتخب الوطني العراقي لكرة السلة يستعد لتصفيات كأس العالم
المنتخب الوطني العراقي لكرة السلة يستعد لتصفيات كأس العالم