الباروكة القضائية بأفريقيا.. إرث استعماري يثير الجدل
تاريخ النشر: 31st, October 2025 GMT
عندما انسحبت الإمبراطورية البريطانية من أفريقيا، تركت وراءها أكثر من حدود مرسومة وبيروقراطيات مترهلة.
فقد ورثت القارة أيضا رموزا بصرية للسلطة القضائية، أبرزها الباروكات البيضاء الطويلة التي ارتداها ملوك إنجلترا ومحاموها منذ القرن الـ17.
ورغم أن بريطانيا نفسها تخلت تدريجيا عن هذه التقاليد، ما زالت الباروكات حاضرة بقوة في محاكم العديد من مستعمراتها السابقة.
                
      
				
وبينما ينقسم الرأي العام بين من يراها رمزا للانضباط والهيبة، ومن يعتبرها بقايا استعمارية منفصلة عن الواقع الاجتماعي والثقافي الأفريقي، يوضح تقرير لموقع أفريكا ريبورت أن النقاش حول هذه الرمزية يتجدد اليوم بوتيرة متسارعة.
بريطانيا تتحرر وأفريقيا تتمسكأثار قرار مجلس نقابة المحامين في بريطانيا مؤخرا بالسماح للمحامين بالتخلي عن الباروكات إذا كانت "غير مريحة أو غير عملية" نقاشا واسعا في أفريقيا.
فقد جاء القرار بعد شكاوى من محامين سود اعتبروا الباروكات غير ملائمة للشعر الأفريقي وتحمل دلالات ثقافية مستفزة.
لكن في القارة، كما يذكر أفريكا ريبورت، ما زالت الصورة مختلفة، إذ تتمسك العديد من الأنظمة القضائية بالإرث البريطاني وتعتبره جزءًا من هيبة القضاء.
في غانا، ما زال القضاة والمحامون يرتدون الزي البريطاني الكامل، رغم تصاعد الدعوات لإلغائه باعتباره منفّرا للجمهور.
غير أن المحكمة العليا دافعت عن الباروكات باعتبارها ضمانة للانضباط وحماية لهيبة المهنة، وفق ما أوردته أفريكا ريبورت.
أما في نيجيريا، فما زالت الباروكات إلزامية في المحاكم العليا، لكن الحرارة الخانقة كثيرا ما تجبر القضاة على خلعها، خاصة في مبان قديمة تفتقر إلى التهوية.
وأشار التقرير إلى أن هذه المفارقة تعكس التناقض بين التمسك بالرمز والواقع المناخي الصعب.
وفي غامبيا، ما زالت المحاكم تعكس صورة الاستعمار، حيث يظهر القضاة والمحامون بالباروكات والرداء الأسود، بينما يطرح بعض المحامين الشباب تساؤلات خجولة عن جدوى التمسك بهذا الرمز.
إعلانوقال أحد المحامين لـأفريكا ريبورت: "الباروكات لا تجعل العدالة أكثر عدلا".
وفي سيراليون، يدافع كبار القضاة عن الباروكات باعتبارها رمزا للحياد والوقار، لكن منتقدين يرون أن البلاد بحاجة إلى هوية قضائية أكثر استقلالا عن الرموز الموروثة.
أما بوركينا فاسو، فقد كسرت القاعدة، إذ استبدلت الزي الأوروبي بملابس محلية من قماش "فاسو دان فاني"، في خطوة ضمن مسار أوسع لإعادة الاعتبار للثقافة الوطنية.
ويصف أفريكا ريبورت هذه الخطوة بأنها جزء من "موجة قارية لإعادة تملك الرموز الثقافية".
في كينيا، ما زالت الباروكات إلزامية في المحاكم العليا، حيث يرى المدافعون عنها أنها تعكس الاحترام للمؤسسة القضائية، بينما يعتبرها المنتقدون حاجزا بين القضاء والجمهور.
وفي أوغندا، أثارت تكلفة الباروكات المستوردة، التي تصل إلى 6500 دولار للقطعة الواحدة، غضبا عاما، خصوصا بين القضاة الشباب الذين يرونها عبئا ماليا ورمزا متجاوزا لعصره، بحسب أفريكا ريبورت.
أما في تنزانيا، فما زال الزي البريطاني قائما، رغم أن التمسك به يبدو متناقضا مع خطاب الهوية الوطنية الذي تبنته البلاد بعد الاستقلال.
في زيمبابوي، تصف منظمات حقوقية الباروكات بأنها "مخيفة" وتعيد إنتاج الهرمية الاستعمارية، بينما يصر القضاة على أنها رمز للانضباط والاستمرارية.
وفي زامبيا، ما زالت المحاكم متمسكة بالزي البريطاني، لكن أصواتًا أكاديمية بدأت تدعو إلى استبداله بملابس محلية تعكس الهوية الوطنية.
أما في ملاوي، فقد أعادت موجة حر عام 2019 النقاش إلى الواجهة، بعدما اضطرت المحاكم إلى تعليق ارتداء الباروكات مؤقتا، قبل أن تعود إليها لاحقا.
وفي ليسوتو وإسواتيني، لا تزال الباروكات جزءا من المشهد القضائي، دون أن يثير الأمر نقاشا عاما واسعا.
أما جنوب أفريقيا، فقد اتخذت مسارا مختلفا بعد نهاية الفصل العنصري، فألغت الباروكات واعتمدت أردية بسيطة بألوان مختلفة حسب نوع القضايا، في خطوة رمزية نحو "عدالة متحررة من الاستعمار"، كما يوضح أفريكا ريبورت.
رمزية تتجاوز القارةلم يقتصر النقاش على أفريقيا، ففي الولايات المتحدة، لفتت القاضية كيتانجي براون جاكسون الأنظار خلال حفل تنصيب رئاسي عام 2025 بارتدائها طوقا من أصداف الكاوري فوق ردائها الأسود التقليدي، في إشارة إلى جذور أفريقية ورمزية ثقافية عميقة.
ويشير أفريكا ريبورت إلى أن هذه اللفتة اعتُبرت "تمردًا صامتا" داخل مؤسسة قضائية طالما ارتبطت بالرموز الاستعمارية والذكورية.
يبقى السؤال مفتوحا: هل الباروكات مجرد زي رسمي يرمز إلى الانضباط والهيبة، أم أنها بقايا استعمارية تعيق بناء هوية قضائية أفريقية مستقلة؟ بين من يتمسك بالتقاليد ومن يسعى إلى ضرورة "أفريقانية" العدالة، يبدو أن معركة الرموز في المحاكم لم تُحسم بعد، كما خلص تقرير أفريكا ريبورت.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غوث حريات دراسات أفریکا ریبورت فی المحاکم ما زالت
إقرأ أيضاً:
إسرائيل تتهم حماس بإخفاء رفات رهائن.. ومقطع فيديو يثير الجدل
تصاعد التوتر بين إسرائيل وحركة حماس مجددًا ، بعد اتهامات وجهتها تل أبيب للحركة بإخفاء معلومات حول مواقع دفن رفات الرهائن الإسرائيليين داخل قطاع غزة.
إسرائيل تتهم حماس بإخفاء رفات رهائن
ووفقا لتقرير عرضته فضائية “العربية”، اتهمت إسرائيل حركة حماس بإخفاء معلومات تتعلق بمواقع دفن رفات الرهائن الإسرائيليين داخل قطاع غزة، قائلة إن الحركة «تعرف أماكن الجثث لكنها ترفض الكشف عنها».
وقالت الحكومة الإسرائيلية، إنها نشرت مقطع فيديو يُظهر عملية دفن أحد الرهائن ثم استخراج رفاته أمام ممثلي اللجنة الدولية للصليب الأحمر، معتبرة أن المشاهد «دليل إضافي» على ما تصفه بـ«ممارسات حماس اللاإنسانية».
وأرجأت حماس، تسليم الجثمانين لرهائن إسرائيليين، بسبب ما وصفتها بخروقات إسرائيل، مؤكدة أن أى تصعيد سيعيق علميات البحث والحفر وإنتشال الجثامين، مما سيؤدي إلى تاخير إستعادة إسرائيل لمواطنيها.
وقالت هيئة البث الإسرائيلية، إن تل أبيب قررت وقف دخول ومرافقة عناصر حماس للصليب الأحمر داخل الخط الأصفر للبحث عن رفاة الرهائن الإسرائيليين، بسبب مقطع فيديو نشره الجيش الإسرائيلي اليوم أثار الكثير من الجدل.
ترامب: وقف إطلاق النار ليس في خطر 
وعرضت قناة القاهرة الإخبارية، خبرا عاجلا يفيد بأن الرئيس الأمريكي ترامب، قال إن وقف إطلاق النار ليس في خطر لكن إن لم تلتزم حماس سيتم القضاء عليها.
وأفادت فضائية العربية، بارتفاع حصيلة الشهداء في غزة جراء القصف الإسرائيلي العنيف إلى أكثر من 65 شهيدًا بينهم 24 طفلاً في غارات استهدفت منازل وخيام النازحين.
وشنَّ جيش الاحتلال الإسرائيلي، طوال ساعات الليل قصفًا على مخيمات النازحين بمدينة دير البلح وسط غزة, بالإضافة إلى المناطق الشرقية لمدينة خان يونس جنوبي القطاع.
وأطلقت البحرية الإسرائيلية ، مدافعها باتجاه الفلسطينيين في قطاع غزة، وجاء القصف بتوجيه من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وقال مكتبه ، في بيان: "على ضوء التطورات الأخيرة أوعز رئيس الوزراء للجيش الإسرائيلي بتنفيذ غارات عنيفة على قطاع غزة فورا".
 الجالية المصرية في فرانكفورت تتابع باهتمام المتحف المصري الكبير عبر بث مباشر
الجالية المصرية في فرانكفورت تتابع باهتمام المتحف المصري الكبير عبر بث مباشر