علماء معهد ماساتشوستس يبتكرون طريقة للنظر داخل الذرة
تاريخ النشر: 31st, October 2025 GMT
في إنجاز علمي لافت، طور فيزيائيون من معهد ماساتشوستس للتقنية في الولايات المتحدة طريقة مبتكرة لدراسة نواة الذرة، من دون الحاجة إلى مُسرعات الجسيمات العملاقة باهظة الثمن، والتي تمتد على مسافة كيلومترات.
حيث تقوم مسرعات الجسيمات بصدم جسيمات دون ذرية بعضها ببعض على سرعات هائلة، ثم دراسة المكونات الخارجة من ذلك التصادم، ومن ثم معرفة التركيب الداخلي للذرات على أدق مستوى.
                
      
				
لكن التقنية الجديدة أبسط من ذلك، حيث على استخدام إلكترونات الذرة نفسها كـ"رسل" تحمل معلومات من داخل النواة، بحسب بيان صحفي رسمي من المعهد.
الفريق استخدم جزيئا يسمى "أحادي فلوريد الراديوم"، يتكون من ذرة راديوم مرتبطة بذرة فلور، وداخل هذا الجزيء، تتحرك إلكترونات الراديوم في بيئة شديدة الانضغاط، ما يزيد احتمال أن تخترق النواة للحظة وجيزة ثم تخرج منها وهي "تحمل" تغيرا طفيفا في طاقتها، أشبه برسالة من داخل النواة.
وبحسب الدراسة، التي نشرها الفريق في دورية ساينس المرموقة، قام الفريق بتبريد أحادي فلوريد الراديوم إلى درجات منخفضة للغاية، ومرروها في غرف مفرغة من الهواء، وأضاءوها بأشعة ليزر محسوبة بدقة، بحيث يمكن قياس طاقات الإلكترونات وهي تدور داخل الجزيء.
وعندما قارنوا القياسات بالنماذج النظرية المعروفة، اكتشفوا انحرافا طفيفا (واحد على مليون من طاقة الفوتون الليزري المستخدم)، لا يمكن تفسيره إلا بأن الإلكترونات اخترقت النواة بالفعل وتفاعلت مع مكوناتها من بروتونات ونيوترونات.
هذا الانحراف الصغير كان بمثابة توقيع واضح على أن التجربة نجحت في لمس ما بداخل النواة لأول مرة بطريقة غير تصادمية.
في الماضي، كانت مثل هذه التجارب تحتاج إلى منشآت ضخمة، مثل مصادم الهادرونات الكبير في سويسرا، لتسريع الإلكترونات إلى طاقات هائلة وجعلها تصطدم بالنوى مباشرة.
إعلانلكن الطريقة الجديدة التي طورها علماء معهد ماساتشوستس تقدم بديلا مختبريا صغيرا، يمكن أن يجرى على طاولة، ويمنح نتائج مماثلة من دون عنف أو تدمير للذرات.
داخل الجزيء، الحقول الكهربائية التي تختبرها الإلكترونات أقوى بآلاف المرات مما يمكن توليده في المختبرات التقليدية، وهو ما يجعل احتمال تفاعلها مع النواة أكبر بكثير.
لكن الطريق ليس سهلا. فالراديوم عنصر مشعّ قصير العمر، وتكوينه في المختبر يتطلب تجهيزات معقدة، كما أن الجزيئات الناتجة تتفاعل بسرعة.
لذلك احتاج الفريق إلى أدوات قياس شديدة الحساسية، قادرة على التقاط تغيرات طاقة صغيرة جدا في إلكترونات قليلة.
ورغم أن هذه التجارب لا تزال في مراحلها الأولى، إلا أن نتائجها تعد فتحا علميا جديدا. فبدلا من تدمير النواة لمعرفة تركيبها، كما تفعل المسرّعات، يمكن الآن "الإنصات" إليها وهي تتحدث من خلال إلكتروناتها.
هذه الفكرة تفتح الباب أمام نوع جديد من فيزياء النوى، يعتمد على التفاعل الكهرومغناطيسي داخل الجزيئات نفسها، ما يجعلها مختبرات طبيعية مصغّرة للكون.
ويتطلع العلماء الآن إلى المرحلة التالية، وهي تبريد الجزيئات أكثر والتحكم في اتجاه نوى الراديوم داخلها، بحيث يمكن رسم خريطة دقيقة للبنية الداخلية للنواة وتوزيع القوى والمغناطيسية فيها.
تصوير الجزيئاتهذه ليست المرة الأولى لفريق الأبحاث في المعهد لتحقيق خطوات رائدة في فيزياء الذرات والجزيئات، ففي مايو/أيار 2025، أعلن المعهد عن التوصل إلى تقنية تصوير تُمكّن العلماء من التقاط "الصور الأولى" لذرات حرة تتحرك وتتفاعل في الفضاء، بحسب دراسة نشرت في دورية "فيزكال ريفيو ليترز"
في ذلك العمل، طوّر الباحثون أسلوبا يعرف باسم "المجهرية المحلِّلة للذرات"، تم أولا إدخال ذرات مبردة جدا في فخ من الليزر الضعيف يسمح لها بالتحرك بحرية، ثم فجأة تم تفعيل شبكة من الضوء لتجميد مواقع الذرّات، وبعدها تم تصويرها بمنظار ليزري سريع.
بهذا، استطاع الباحثون رؤية بُنى التراكب والتفاعل بين الذرات، وتسجيلها بشكل مباشر، واستخدامها لدراسة هذا العالم الغامض.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غوث حريات دراسات معهد ماساتشوستس
إقرأ أيضاً:
باحثون يبتكرون دواء جديدًا بقدرة استثنائية ضد أنواع متعددة من السرطان
ابتكر فريق بحثي عاملا كيميائيا جديدا قد يحدث نقلة نوعية في علاج السرطان، بعد أن أظهر قدرة استثنائية على تدمير الأورام في الدراسات ما قبل السريرية.
وأطلق العلماء، بمشاركة فريق من جامعة فيينا الطبية ومركز أبحاث HUN-REN للعلوم الطبيعية وجامعة Eötvös Loránd في بودابست، على المركب الجديد اسم LiPyDau، وهو علاج تجريبي أثبت فعاليته ضد عدة أنواع من السرطانات، بما في ذلك سرطان الجلد والرئة والثدي، حتى في الحالات المقاومة للعلاجات التقليدية.
ويعد العلاج الكيميائي أحد الركائز الأساسية في مواجهة السرطان منذ عقود، إلا أنه ما زال يواجه تحديات كبيرة أبرزها الآثار الجانبية السامة ومقاومة الأدوية. ومن هذا المنطلق، ركّز الفريق بقيادة البروفيسور جيرجيلي سزاكاكس على تطوير دواء أكثر أمانا وفاعلية يمكنه تجاوز هذه العقبات.
وصمم العلماء مشتقا جديدا من فئة الأنثراسيكلينات، وهي مجموعة من الأدوية الكيميائية الفعالة في علاج السرطان. واعتمد الفريق على تعديل مركب معروف يسمى "داونوروبيسين" لإنتاج صيغة أكثر قوة تعرف بـ "2-بيرولينو-داونوروبيسين"، لكنها كانت شديدة السمية عند استخدامها مباشرة.
وللتغلب على هذه المشكلة، ابتكر العلماء تقنية لتغليف الدواء داخل حويصلات دقيقة تسمى "ليبوزومات"، ما سمح بإيصال الدواء مباشرة إلى الخلايا السرطانية وتقليل تأثيره على الأنسجة السليمة. وأُطلق على هذا الشكل الجديد اسم LiPyDau.
وفي التجارب التي أُجريت على الفئران، حقق LiPyDau نتائج مذهلة؛ إذ أدت جرعة واحدة منه إلى تثبيط شبه كامل لنمو الأورام في نموذج سرطان الجلد، كما كان فعالا ضد سرطان الرئة وسرطان الثدي العدواني. وفي بعض الحالات الوراثية الصعبة من سرطان الثدي، نجح العلاج في القضاء التام على الأورام.
وتنبع فعالية LiPyDau من آلية فريدة، إذ يقوم الدواء بربط سلسلتي الحمض النووي (DNA) داخل الخلايا السرطانية بشكل دائم، ما يسبب تلفا جينيا لا يمكن إصلاحه، فتفقد الخلايا قدرتها على الانقسام وتدخل في عملية الموت الخلوي.
يذكر أن أدوية الأنثراسيكلين مثل "داونوروبيسين" تُستخدم على نطاق واسع حول العالم، وتدرجها منظمة الصحة العالمية ضمن قائمة الأدوية الأساسية. إلا أن استخدامها التقليدي يظل محدودا بسبب السمية العالية والمقاومة الدوائية، وهو ما قد يغيره LiPyDau بفضل تقنيته القائمة على التغليف الليبوزومي.
وقال البروفيسور سزاكاكس: "تظهر نتائجنا أن تغليف مركب "2-بيرولينو-داونوروبيسين" داخل "ليبوزومات" يتيح استخدام دواء قوي كان يعتبر سابقا شديد السمية. الخطوة التالية ستكون التحقق من إمكانية تطبيق هذه النتائج الواعدة في التجارب السريرية على البشر".
 سعر الذهب الآن اليوم الخميس 30 أكتوبر 2025.. تحديث لحظي
سعر الذهب الآن اليوم الخميس 30 أكتوبر 2025.. تحديث لحظي