السفير نبيل فهمي: فلسطين المحك الحقيقي للعدالة العالمية.. والسماح بالاحتلال والظلم الدائم نفاق دولي
تاريخ النشر: 3rd, November 2025 GMT
شهدت فعاليات اليوم الأول من الدورة الثانية من منتدى القاهرة الدولي (CAIRO FORUM 2)، الذي ينظمه المركز المصري للدراسات الاقتصادية، جلسة هامة بعنوان "معضلة الشرق الأوسط: إلى أين؟ هل سنصل يومًا إلى ما بعد؟ وكيف سيبدو الأمر؟"، سبقتها كلمة للسفير الدكتور نبيل فهمي، وزير الخارجية المصري الأسبق.
. 3 نوفمبر
حذر السفير الدكتور نبيل فهمي، وزير الخارجية المصري الأسبق، من واقع دولي وإقليمي بالغ الخطورة. وأكد فهمي أن أسس النظام الدولي ذاتها تتآكل، حيث أفسح النظام ثنائي القطب المجال أمام مشهد سئ ومتنازع عليه وغير متوقع، وتُطبق القواعد فيه انتقائيًا على الضعفاء ولكن نادرًا على الأقوياء. كما لفت إلى تشابك التحديات العالمية مع هذه الأزمات، وأننا نشهد عالمًا تتقدم فيه القوة غالبًا على المبادئ وتتجاوز المصالح العدالة.
وأوضح فهمي أن المؤسسات التي بُنيت لدعم الأمن الجماعي تعثرت، قائلًا: "مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مشلول، والقانون الدولي يُنتهك روتينيًا في وضح النهار، والقوة العسكرية تُستخدم بشكل استباقي خارج الأطر الشرعية". وفي هذا السياق، شدد على ضرورة أن ينهض الجنوب العالمي بالتعريف الأوسع لاستعادة التوازن وإعادة تأكيد مبادئ المساواة والسيادة وعدم التدخل، مستلهمًا روح مؤتمر باندونغ قبل 70 عامًا.
وفي سياق الوضع الإقليمي، وصف السفير فهمي الشرق الأوسط بأنه ليس مراقبًا سلبيًا، بل هو مسرح مركزي تتقاطع فيه التنافسات العالمية والطموحات الإقليمية والتطلعات المحلية. وأشار إلى أن المنطقة تشهد إعادة تشكيل هيكلية عميقة تتمثل في ثلاثة مسارات: أولًا، إعادة توزيع القوة الإقليمية وظهور فاعلين جدد، ما أدى إلى تنافسات متزايدة. ثانيًا، انهيار الأطر الأمنية التقليدية والاعتماد المفرط على قوى خارجية، مؤكدًا أنه لا يمكن لأي نظام مستدام أن يستقر على أكتاف الغرباء. وثالثًا، الصراع على الهوية والانتماء، في محاولة لتذويب الهوية العربية في مفهوم شرق أوسطي مبهم. وحذر قائلًا: "إذا لم نحدد مستقبلنا بأنفسنا، فسيحدده الآخرون لنا، وليس بالضرورة وفقًا لتطلعات شعوبنا".
ولم تغفل كلمة السفير فهمي القضية الفلسطينية، التي وصفها بـ"المحك الحقيقي للعدالة العالمية". وأدان النفاق الذي يسمح بالاحتلال الدائم والظلم اليومي، مؤكدًا أن عالمًا يسمح بالاحتلال الدائم والظلم اليومي لا يمكنه التحدث بمصداقية عن القانون أو المساواة. وطالب بموقف ثابت يُنهي الاحتلال، ويعترف بدولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية، ويُفعل آليات المساءلة عن انتهاكات القانون الدولي.
وعن اتفاق غزة الأخير، اعتبره السفير فهمي اتفاقًا إطاريًا مكتوبًا بقلم رصاص، مشيرًا إلى أن التجمع في القدس حول الاتفاق كان أداءً في السياسة الداخلية لكل من أمريكا وإسرائيل، وليس خارطة طريق للسلام. ودعا إلى تعزيز دولي للاتفاق عبر مجلس الأمن، ودعم إنساني مستدام لغزة، وانسحاب إسرائيلي كامل وتدريجي منها، والتصدي لما يحدث في الضفة الغربية من التهام للأراضي واستخدام للعنف بهدف إنهاء التطلعات الفلسطينية بالكامل.
وذكر فهمي أن الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي ليست عضوًا في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية هي إسرائيل. كما دعا إلى استلهام اقتراح مصر وإيران عام 1974 بإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط.
واختتم السفير نبيل فهمي كلمته بتأكيد أن العالم العربي يقف على مفترق طرق، ويمتلك جغرافيا استراتيجية وموارد طاقة هائلة وسكانًا شبابًا وإرثًا حضاريًا. ودعا إلى التحرك على خمس جبهات: إدراك التحديات بصدق، تبني إصلاحات وطنية وإقليمية مستمرة، تشجيع مشاركة مكونات المجتمعات، الانتقال من الوحدة الخطابية إلى التكامل العملي، والاستثمار في رأس المال البشري. مؤكدًا أن التاريخ لا يقدم أي توقف. إما أن نصنع المستقبل أو يصنعنا، وأن الخيار لنا في تشكيل شرق أوسط يكرم تاريخه ويصون مستقبله.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: نبيل فهمي الشرق الأوسط نبیل فهمی
إقرأ أيضاً:
وعد بإقامة وطن لليهود.. كيف غيّر بلفور وجه الشرق الأوسط؟
جاء الوعد في ذروة الحرب العالمية الأولى، حين كانت الإمبراطورية العثمانية ،التي كانت فلسطين جزءًا منها، تترنّح على حافة الانهيار. وفي تلك الأثناء، كانت بريطانيا، كإحدى القوى العالمية البارزة، تضع خططها لما بعد الحرب.
قبل أكثر من قرن، وتحديداً في 2 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 1917، وجّه وزير الخارجية البريطاني آرثر بلفور رسالة إلى المصرفي اليهودي البريطاني البارون روتشيلد، أعلن فيها دعم بلاده لتأسيس "وطن قومي لليهود في فلسطين".
ولم تكن الرسالة طويلة، لكنها كانت كفيلة بإعادة تشكيل خريطة الشرق الأوسط لعقود، وإشعال أحد أطول الصراعات في العصر الحديث.
وجاء "وعد بلفور"، كما عُرف لاحقاً، في لحظة فارقة من الحرب العالمية الأولى، بينما كانت الإمبراطورية العثمانية تلفظ أنفاسها الأخيرة، وتسعى القوى الاستعمارية الكبرى إلى اقتسام تَرِكتها. وقد مثّل الوعد حينها خطوة سياسية مدروسة من بريطانيا، التي رأت فيه وسيلة لكسب دعم الجاليات اليهودية المؤثرة، خصوصاً في الولايات المتحدة، بهدف تقوية موقعها في الحرب ودفع واشنطن للانضمام إلى صف الحلفاء.
نص الرسالةالرسالة التي حملت توقيع بلفور، وجّهها إلى اللورد روتشيلد بعبارات مقتضبة لكنها واضحة، وتضمنت:
"يسرّني جدًا أن أبلّغكم، بالنيابة عن حكومة جلالة الملك، التصريح التالي الذي يُعبّر عن التعاطف مع طموحات اليهود، والذي قُدِّم إلى الحكومة ونالت موافقتها عليه:
إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى إنشاء وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل قصارى جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يُفهم بوضوح أنه لن يُتخذ أي إجراء من شأنه أن يَمسّ الحقوق المدنية والدينية للطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين، أو الحقوق والوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد آخر."
ويسرّني أن أطلب منكم إبلاغ هذا التصريح إلى الاتحاد الصهيوني".
ورغم أن النص لم يشر صراحة إلى "دولة"، فإن مضمونه فتح الباب أمام المشروع لإقامة دولة إسرائيل عام 1948، أي بعد 31 عاماً من صدور الرسالة.
Related لندن: الآلاف يحيون ذكرى النكبة ويطالبون بوقف الحرب في غزة"النكبة لن تتكرر"... فلسطينيون وأردنيون يحيون ذكرى النكبة أمام مبنى الأمم المتحدة بعمّان فيديو: في ذكرى النكبة.. فلسطيني مسن يتذكر بأسى الترحيل القسري و"الدعاية العربية التي خدعتهم" من وعد إلى واقعتحوّل وعد بلفور إلى نقطة انطلاق لمرحلة جديدة من تاريخ المنطقة، إذ شجع على موجات هجرة يهودية واسعة إلى فلسطين بين الحربين العالميتين، في ظل تصاعد العداء لليهود في أوروبا. كما شكّل دعماً سياسياً ومعنوياً كبيراً للحركة الصهيونية التي كانت تبحث عن اعتراف دولي بمشروعها.
وتعدّدت التفسيرات وراء إصدار الوعد، فبينما يرى بعض المؤرخين أنه جاء نتيجة حسابات سياسية بريطانية بحتة هدفها كسب النفوذ اليهودي العالمي، يرى آخرون أن خلفيات دينية لعبت دوراً في القرار، انطلاقاً من اعتقاد بعض الساسة البريطانيين بأن "الكتاب المقدس يمنح اليهود حقاً تاريخياً في أرض فلسطين".
ومنذ ذلك التاريخ، لم يتوقف النقاش حول وعد بلفور وما ترتب عليه. فبينما اعتبرته الحركة الصهيونية أساس "الشرعية الدولية" لإسرائيل، ينظر إليه الفلسطينيون والعرب على أنه "وعد من لا يملك لمن لا يستحق" و"مصدر المأساة التي ما زال الشعب الفلسطيني يعيش فصولها حتى اليوم".
جدير بالذكر أنه في مايو 2022، قدمت منظمات حقوقية فلسطينية دعوى قضائية ضد بريطانيا أمام محكمة بريطانية، متهمةً إياها بالتسبب في معاناة الفلسطينيين عبر وعد بلفور الصادر عام 1917. وقالت المنظمات إن الوعد شكّل "أساساً غير قانوني لتهجير الشعب الفلسطيني بأكمله"، ويمثّل "انتهاكاً صارخاً لحقوق الفلسطينيين خلال فترة الانتداب البريطاني".
وكانت بريطانيا قد اعترفت في سبتمبر/أيلول الماضي بالدولة الفلسطينية.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة اليهودية إسرائيل فلسطين
Loader Search
ابحث مفاتيح اليوم