عين ليبيا:
2025-11-17@13:10:00 GMT

البعثة الأممية لا تدير حوارًا بل تدير زمنًا

تاريخ النشر: 17th, November 2025 GMT

بينما ينتظر الليبيون بصيص أمل يخرجهم من هذا النفق الذي طال كثيرًا، تفاجئهم البعثة الأممية مرة أخرى بجرعة جديدة من العبث السياسي المغلّف بكلمة “حوار”.

وما يُسمّى بالحوار المهيكل لم يعد سوى منتج جديد من منتجات البعثة، يتم تسويقه كل مرة بعبوات مختلفة ونكهات جديدة، لكن المحتوى واحد: فراغ سياسي وتمطيط للأزمة لا أكثر.

فمنذ أيام فقط أعلنت البعثة معايير واضحة للمشاركة في هذا الحوار، وما إن اعتقد الليبيون أن الأمر جاد حتى عادت لتغير الشروط كما لو كانت تعدّل مزاجها في لحظة. مرة تتحدث عن تمثيل شامل، ثم تتراجع لتحدثنا عن خبراء، ثم تعود لتطرح “تصنيفًا جديدًا” للمشاركين، وكأن ليبيا مجرد لعبة لوحية يعيدون ترتيب أحجارها كلما شعروا بالملل.

ما تقوم به البعثة لم يعد يُقرأ بوصفه ارتباكًا أو سوء إدارة، بل أصبح نهجًا مقصودًا لإبقاء الأزمة في حالة حركة دون أن تصل إلى أي نقطة نهاية. إنهم يبدلون المعايير كما تُبدَّل الأقنعة في مسرحية رديئة، ويظنون أن الليبيين لا ذاكرة لهم ولا قدرة على الربط بين البارحة واليوم.

المشكلة ليست في تغيير الشروط، بل في أن البعثة أصبحت تتصرف وكأن ليبيا مختبر تجارب، وكأن الشعب الليبي حقل تجارب لصياغة “حوار تجريبي” لا هدف له سوى تجميل الفشل المستمر منذ سنوات. فمنذ متى تُدار الحوارات الجادة بهذه الطريقة؟ ومنذ متى أصبح الحل يبدأ كل مرة من الصفر لأن البعثة “أعادت تقييم المعايير”؟ الحقيقة أن ليبيا ليست بحاجة إلى طاولات جديدة ولا لجان جديدة ولا مسميات جديدة، بقدر حاجتها إلى خروج البعثة من دور “مهندس الأزمة” والعودة إلى دورها الطبيعي: تسهيل الحل لا صناعة عراقيل جديدة.

إن ما يجري الآن ليس سوى حلقة جديدة من حلقات العبث الذي لا ينتهي، حيث تتبدل الشروط وتتغير الأسماء وتبقى النتيجة واحدة: أزمة أطول، معاناة أكبر، وضياع وقت لا يقدَّر بثمن.

في كل مرة يقترب فيها الليبيون من خطوة نحو الأمام، تظهر مبادرة جديدة تعيد الجميع إلى الخلف خطوة أخرى. ولأن البعثة تُدرك أن هذه اللعبة لم يعد يسهل تمريرها، فإنها تلجأ للتبرير الممل المعتاد: “بناءً على طلب الأطراف الليبية”، وكأن الليبيين يؤمنون فعلًا بأن هذه الأطراف تُستشار، أو أن صوتهم يُسمع أصلًا. في الواقع، الحوار الذي تتحدث عنه البعثة لا يختلف في مضمونه عن برنامج من برامج الترفيه السياسي، حيث يجتمع أشخاص مختارون بعناية لتصوير “مشهد ديمقراطي” جميل يُقدَّم للمجتمع الدولي على أنه إنجاز، بينما يعرف الليبيون جيدًا أنه مجرد تمثيل لا يغيّر شيئًا على الأرض.

والسؤال الذي يخشاه الجميع لكنه يجب أن يُطرح هو: لمن يفيد هذا العبث؟ ولماذا لا تريد البعثة نهاية للأزمة؟ فمن الواضح أن كل تغيير في المعايير وكل مبادرة جديدة وكل إعلان معدّل لا يهدف سوى لإطالة عمر الفوضى، وكأن الأزمة أصبحت رأسمالًا يجب الحفاظ عليه. وإذا كانت هناك نية حقيقية للحل لما تغيّر شيء من الشروط إلى هذا الحد، ولما كانت كل خطوة جديدة تُعيد الليبيين إلى نفس النقطة التي بدأوا منها قبل عشر سنوات.

إن البعثة اليوم لا تدير حوارًا بل تدير زمنًا، وتتحكم في إيقاع الأزمة، وتضمن استمرارها بطريقة محسوبة: لا انفجار كامل ولا حل كامل، فقط استمرار يضمن بقاء الجميع في أماكنهم.

ولأن الشعب الليبي ليس غافلًا، فقد بات واضحًا له أن ما يحدث مجرد عبث سياسي مقصود أو غير مقصود، لكنه في النهاية يؤدي إلى نتيجة واحدة: استمرار معاناة الليبيين وتأجيل أي حل حقيقي.

ليبيا لا تحتاج لحوار مهيكل ولا غير مهيكل؛ ليبيا تحتاج إلى إرادة دولية عادلة، وإلى موقف صريح يقول إن الحل يبدأ من احترام إرادة الليبيين لا من تغيير قوائم المشاركين كل أسبوع.

وما دام المشهد يُدار بهذه الطريقة المتقلبة، فإن ليبيا ستظل عالقة في منتصف الطريق، لا تسقط ولا تتعافى، فقط تدور في حلقة لا تنتهي… حلقة يديرها من لا يريدون لها أن تنتهي.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: حوار ا

إقرأ أيضاً:

أكد أنه حق تاريخي ثابت وفقًا للقرارات الأممية.. رئيس البرلمان العربي: ندعم استقلال فلسطين حتى يتحقق على أرض الواقع

أكّد رئيس البرلمان العربي محمد بن أحمد اليماحي أن استقلال فلسطين حق تاريخي ثابت يدعمه البرلمان حتى يتحقق على أرض الواقع، وأن تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وتسريع إعادة الإعمار بإدارة فلسطينية هو واجب دولي لا يقبل التأجيل، داعيًا المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته الأخلاقية والقانونية تجاه هذا الحق العادل، ورفض كل الممارسات العدوانية وسياسات الاستيطان والتهجير والاعتداءات المستمرة على الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية والقدس.

جاء ذلك في بيان نشره أمس بمناسبة الذكرى الـ”37″ لإعلان استقلال دولة فلسطين، وأضاف فيه: “إن هذا الحدث التاريخي يجدد التأكيد على الحق الثابت والمشروع للشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها مدينة القدس، وتجديد العهد بمواصلة النضال السياسي والبرلماني والدبلوماسي، دفاعًا عن الحقوق المشروعة وغير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني”.

وأوضح اليماحي أن كيان الاحتلال الإسرائيلي لا يمكن أن يغيّب الحقيقة الثابتة، بأن الشعب الفلسطيني يمتلك كامل الحق في إقامة دولته المستقلة والتمتع بالسيادة الكاملة، وفقًا لقرارات الشرعية الدولية ومبادئ القانون الدولي.

اقرأ أيضاًالعالمرابطةُ العالم الإسلامي تُدين التفجيرَ الانتحاريَّ قُربَ مجمع المحاكم في إسلام آباد

وأشار إلى استمرار تحرك البرلمان العربي، والبرلماني والدبلوماسي؛ لدعم الحقوق الفلسطينية المشروعة في نيل الاستقلال التام، مجددًا دعوة البرلمان العربي لكافة البرلمانات الإقليمية والدولية للاعتراف بدولة فلسطين، وتقديم الدعم الكامل لها في المحافل الدولية، ودفع الحكومات لاتخاذ خطوات عملية تتوافق مع التزاماتها القانونية والأخلاقية تجاه القضية الفلسطينية.

وشدد رئيس البرلمان العربي على وقوف البرلمان الدائم والثابت إلى جانب الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية غير القابلة للمساومة، وعلى مواصلة جهوده في الدفاع عن هذه الحقوق حتى نيل الدولة الفلسطينية استقلالها الكامل وعضويتها الكاملة في الأمم المتحدة.

مقالات مشابهة

  • الإصلاح الاقتصادي في ليبيا.. الطريق المسدود رغم وضوح الحلول
  • ترامب يلمّح لإمكانية فتح حوار مع مادورو
  • تجمع الأحزاب الليبية: البعثة الأممية فقدت المصداقية و«الحوار المهيكل» بلا جدوى
  • تعذر الوصول لموقع البعثة الأممية في اليمن منذ أيام
  • اكتشافات نفطية جديدة ترفع احتياطي ليبيا وتُعزّز خطط زيادة الإنتاج في 2026
  • أكد أنه حق تاريخي ثابت وفقًا للقرارات الأممية.. رئيس البرلمان العربي: ندعم استقلال فلسطين حتى يتحقق على أرض الواقع
  • لماذا منشآت النفط ؟.. عقلية الربح والخراب التي تدير الحرب بالوكالة
  • شبكة إلكترونية تستهدف حسابات الليبيين.. عملية أمنية محكمة تكشف التفاصيل!
  • البعثة الأممية لتقصي الحقائق تطالب بوقف الحرب وحماية المدنيين في الفاشر غرب السودان