من هانوي إلى عمّان… كيف تتحوّل الزيارة إلى بوابة استثمار وتعليم وابتكار؟
تاريخ النشر: 17th, November 2025 GMT
من #هانوي إلى عمّان… كيف تتحوّل الزيارة إلى #بوابة_استثمار وتعليم وابتكار؟
الأستاذ #الدكتور_أمجد_الفاهوم
يشكّل الدور الملكي حجر الأساس في صياغة استراتيجية علاقات دولية تمنح الاقتصاد الأردني ما يحتاجه من أفق جديد وزخم متجدد. فبرؤية هادئة وحنكة تُقرأ بها المتغيرات الإقليمية والدولية، يقود جلالة الملك مساراً دبلوماسياً يهدف إلى تحويل الشراكات الخارجية إلى رافعة اقتصادية حقيقية، لا مجرد بروتوكولات سياسية.
ولا يسعنا التذكير بأن قيمة الزيارات الرسمية لا تكمن في البروتوكول ولا في الصور التذكارية، بل في قدرتها على فتح نوافذ جديدة لاقتصادٍ يبحث عن فرص، ولمجتمعٍ يتطلع إلى تحوّل حقيقي يشعر به الناس في حياتهم اليومية. وهنا تبرز فيتنام كنموذجٍ ملهم؛ دولة انتقلت خلال ثلاثة عقود من حدود الفقر إلى واحدة من أسرع الاقتصادات نموّاً في آسيا، مستندة إلى التصنيع، والتعليم المهني، والتصدير، وجذب الاستثمارات النوعية. ومن هذا الباب يمكن للأردن أن يبني على الزيارة وأن يحوّلها إلى منصة عملية تعود بالنفع المباشر على الاقتصاد والمجتمع.
إنّ التجربة الفيتنامية تقوم على ركيزتين واضحتين: بناء قاعدة صناعية تعتمد على التكنولوجيا والكفاءات، وخلق بيئة تعليمية تربط الطالب بسوق العمل منذ اليوم الأول. هذا النموذج تحديداً ينسجم مع احتياجات الأردن الذي يسعى لرفع قدرته الإنتاجية وتعزيز تنافسيته الإقليمية. فالاستفادة من العلاقة مع فيتنام تبدأ بفتح قنوات تعاون في الصناعات التحويلية، خصوصاً مجالات الإلكترونيات، الأغذية، النسيج، الصناعات الخفيفة، وتكنولوجيا التصنيع، وهي قطاعات تمتلك فيتنام فيها خبرة تراكمية يمكن ترجمتها إلى مصانع مشتركة أو خطوط إنتاج في المناطق التنموية والصناعية الأردنية، ما يعني فرص عمل مباشرة، وزيادة في الصادرات، وبناء سلسلة قيمة محلية كاملة.
مقالات ذات صلة الاستثمار… والمناصير… والعصافير..! 2025/11/17ويمكن للأردن كذلك أن يستفيد من التجربة الفيتنامية في جذب الشركات العالمية التي تتخذ من هانوي وهوشي منه منصات إنتاج بديلة في سلاسل التوريد العالمية. فالأردن يملك موقعاً جغرافياً حيوياً، واتفاقيات تجارة حرة، وطاقة بشرية عالية التعليم، وهذه عوامل كافية لتشكيل “منطقة تصنيع مشترك” بين البلدين، خصوصاً في الصناعات التي تبحث عن بيئات مستقرة وآمنة وقريبة من الأسواق. الاستثمار الفيتنامي في الأردن قد لا يأتي بحجمه الكامل فوراً، لكنه يبدأ بشركات صغيرة ومتوسطة يمكن أن تنمو مع الوقت، خاصة إذا توفرت حوافز مدروسة وبنية تنظيمية واضحة.
وفي التعليم، يمكن للزيارة أن تتحول إلى مدخل لتأسيس شراكات في التعليم التقني والمهني، مستلهمة التجربة الفيتنامية في المدارس التقنية والمعاهد الصناعية التي صنعت طبقة من الفنيين والمهندسين الشباب القادرين على قيادة اقتصاد صناعي حديث. التعاون في هذا المجال يمكن أن يتخذ شكل برامج مشتركة، ودبلومات مهنية، وتبادل خبرات في التعليم التطبيقي، وصولاً إلى فتح تخصصات جديدة في الجامعات والكليات التقنية الأردنية، تركز على المهن المطلوبة في السوق العالمي وليس المحلي فقط. وهنا تتلاقى التجربتان: الأردن الذي يحتاج مهارات جديدة، وفيتنام التي تمتلك نماذج ناجحة يمكن تكييفها محلياً.
أما الابتكار، فهو محور لا يمكن تجاوزه. فقد استطاعت فيتنام إنشاء بيئة حاضنات ومسرّعات أعمال تستقطب آلاف الشركات الناشئة في مجالات التكنولوجيا، الذكاء الاصطناعي، الأمن السيبراني، والزراعة الذكية. هذا النموذج يمكن نقله إلى الأردن عبر برامج مشتركة للريادة، وتبادل الشركات الناشئة، وإطلاق صناديق صغيرة للابتكار، وتسهيل انتقال الخبرات بين حاضنات الأعمال في البلدين. فالتعاون في الابتكار لا يتطلب حجماً كبيراً، بل منظومة عمل مرنة تشجع التجربة والتطبيق السريع، وتربط الشباب الأردنيين بنظرائهم في شرق آسيا، بما يفتح آفاقاً جديدة للمشاريع التقنية ذات القيمة العالية.
والأهم أن البناء على الزيارة يجب ألا يبقى في إطار الأمنيات. المطلوب أن تتحول كل فكرة إلى برنامج، وكل فرصة إلى اتفاق، وكل لقاء إلى مسار متابعة. فالأردن قادر على تحويل العلاقة مع فيتنام إلى نموذج جديد من التعاون الدولي القائم على الإنتاج لا الاستهلاك، وعلى التعليم التطبيقي لا التلقين، وعلى الابتكار لا التقليد، وعلى استثمارات تتوجه للقطاعات التي تُحدث فرقاً في حياة الناس.
بهذه الروح، يمكن للزيارة أن تفتح باباً نحو مرحلة جديدة يتحول فيها الأردن إلى وجهة صناعية، وشريك تكنولوجي، وبيئة تعليمية متقدمة، ومحرك إقليمي للابتكار. وفي عالم سريع التغيير، لا يكسب إلا من يبني على الفرص فور ظهورها، ويحوّل الزيارات إلى نتائج، والرؤى إلى مشاريع، والأحلام إلى واقع اقتصادي واجتماعي يلمسه الجميع.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: هانوي بوابة استثمار التی ت
إقرأ أيضاً:
دمية Labubu تتحوّل إلى مشروع سينمائي ضخم
في خطوة مفاجئة لعشّاق دمى Labubu، أكدت تقارير عالمية توقيع شركة Sony Pictures صفقة رسمية لتطوير فيلم سينمائي مستوحى من هذه الدمية الشهيرة، التي تحوّلت خلال السنوات الأخيرة إلى واحدة من أبرز الظواهر الثقافية على المستوى العالمي. تسعى Sony، التي تقف خلف سلسلة أفلام ناجحة مثل Jumanji وأعمال الأنيميشن مثل KPop Demon Hunters، لاستكشاف عالم Labubu بأسلوب فني مبتكر، وقد يكون الفيلم بداية لسلسلة سينمائية كاملة في حال حقق المشروع نجاحًا جماهيريًا.
اقرأ ايضاًالمشروع لا يزال في مراحله الأولى، ولم يُعلن بعد عن أي تفاصيل تتعلق بالإخراج أو فريق الإنتاج، كما لم يُحدد بعد ما إذا كان الفيلم سيُقدّم بنمط لايف أكشن أو أنيميشن، مع بقاء الاحتمالين مطروحين على الطاولة. ومن جانبها، رفضت شركة Sony الإدلاء بأي تعليق حول تفاصيل المشروع.
ظهرت دمى Labubu لأول مرة على يد الفنان الصيني المقيم في أوروبا، Kasing Lung، الذي ابتكر شخصية الدمى الوحشية اللطيفة ضمن مشروع لشركة How2Work. لكن الانتشار العالمي الفعلي بدأ عام 2019 بعد أن تولت شركة Pop Mart الصينية إنتاج الدمى وتوزيعها، ليكون عام 2024 نقطة التحول الكبرى حين ظهرت الدمية كإكسسوار لعارضة فرقة BLACKPINK الشهيرة، ليسا، ما أثار ضجة واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي وزاد الطلب العالمي على الدمى.
اقرأ ايضاً
لم تعد العلاقة بين الألعاب والسينما كما كانت سابقًا، حيث كانت الأفلام الناجحة تُلهم صناعة الألعاب، بل تحوّل الأمر في السنوات الأخيرة لتصبح الألعاب نفسها مصدر إلهام لعالم السينما. ومن أبرز الأمثلة على ذلك فيلم The Lego Movie (2014) الذي حقق نجاحًا جماهيريًا واسعًا، وفيلم Barbie الذي تجاوزت إيراداته مليار دولار عالميًا وحصد 8 ترشيحات للأوسكار، إضافة إلى أفلام مستوحاة من ألعاب كلاسيكية مثل View Master.
بهذا المشروع، يبدو أن Labubu في طريقها للانتقال من عالم الألعاب إلى شاشة السينما، لتصبح ظاهرة جديدة في عالم الترفيه العالمي.
كلمات دالة:فيلم لابوبواخبار المشاهيراعمال المشاهيرافلام تابعونا على مواقع التواصل:InstagramFBTwitter© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)
محررة في قسم باز بالعربي
الأحدثترنداشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن
اشترك الآن