1. مقدّمة

في 24 تشرين الثاني/ نوفمبر 2025، وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمرا تنفيذيا يُمَكّن من بدء عملية تقييم لتصنيف بعض فروع جماعة الإخوان المسلمين كـ "منظمات إرهابية أجنبية" (Foreign Terrorist Organizations – FTO)، و/أو كـ"إرهابيين عالميين مصنفين" (Specially Designated Global Terrorists – SDGT)، والهدف المعلن هو منع وصول موارد مالية ودعم مادي إلى فروع يُزعم أنها تساهم بحملات عنف أو زعزعة استقرار ضد مصالح الولايات المتحدة وحلفائها.

القرار يُعدّ تطورا استراتيجيا مهما في سياسة واشنطن تجاه الإخوان، وله تبعات محتملة واسعة على المستوى السياسي، والقانوني، والأمني، والدبلوماسي.

2. الإطار القانوني للإجراء

يُستخدم في الأمر التنفيذي قانون الهجرة والجنسية الأمريكي (INA) لتصنيف الفروع كـ"منظمات إرهابية أجنبية" وفقا للبند "8 U.S.C.1189". كما يُستند إلى قانون السلطات الاقتصادية الطارئة الدوليّة (IEEPA 50 U.S.C. 1701) وما بعدها، وأمر تنفيذي سابق (EO 13224) لتجميد الأصول وفرض عقوبات مالية على من يتم تصنيفهم.

وحسب الأمر التنفيذي، يتوجب على وزير الخارجية ووزير الخزانة، بالتعاون مع المدعي العام ومدير الاستخبارات الوطنية، تقديم تقرير متكامل في مهلة 30 يوما حول التوصية بالتصنيف. بعد التقرير، يتم منح مهلة إضافية حتى 45 يوما لاتخاذ قرارات التصنيف (designation) إذا أوصت الجهات المختصة بذلك. ويتم تنفيذ أي تصنيف لاحق بالتزام مع القوانين ذات الصلة، وبما يتوافق مع الإمكانيات المالية والقانونية المتاحة.

3. دوافع القرار وسياقه

يرى البيت الأبيض أن شبكة جماعة الإخوان تمتد عبر الحدود، وتُسهّل أو تشارك في أنشطة تهدّد الاستقرار الإقليمي لمصالح الولايات المتحدة. ويشير إلى أن فروعا في لبنان ومصر والأردن قد تكون متورطة في دعم أو تسهيل حملات عنف أو زعزعة استقرار.

والبيان الصحفي يربط القرار بالأحداث التي أعقبت هجمات 7 أكتوبر 2023، ويقول إن بعض فروع الإخوان شاركت في دعم هجمات صاروخية أو دعم لحماس. والهدف الاستراتيجي المعلن هو "إلغاء قدرات هذه الفروع، حرمانها من الموارد، وإنهاء أي تهديد تمثّله لمواطنين أمريكيين أو لمصالح الولايات المتحدة".

4. تحليل الأثر حسب الدول المعنية

مصر

البُعد السياسي والدبلوماسي: مصر تمنع الإخوان منذ سنوات، وتصنيف أمريكي يمكن أن يُعتبر تأييدا دوليا لموقف القاهرة، ويمنح السيسي شرعية إضافية في السياسة الدولية ضد الجماعة.

- البعد الأمني والقانوني: قد يمكّن التصنيف من تجميد أصول أفراد أو كيانات ذات صلة، ويزيد من التعاون الاستخباراتي بين واشنطن والقاهرة، خاصة إذا أظهرت التحقيقات أن بعض الفروع تدعم أنشطة توصف بأنها "متطرفة".

- مخاطر الانعكاس الداخلي: الحكومة المصرية قد تستغل التصنيف لمزيد من الضغط على الجماعة أو الأفراد المرتبطين بها، لكن يجب الحذر من أن تكون هذه المطالبات ذريعة لقمع سياسي واسع، مما قد يثير ردودا شعبية أو دولية.

الأردن

- المنظور الداخلي: في الأردن، الجماعات الإسلامية (أو فروع ذات صلة بالإخوان) لها تاريخ سياسي ومجتمعي، والتصنيف يمكن أن يؤدي إلى توترات بين الحكومة والجماعات الإسلامية المعتدلة.

- التعاون مع الولايات المتحدة: قد تستفيد عمّان من ذلك لتعزيز شراكة أمنية مع واشنطن، والاستفادة من المعلومات الاستخباراتية، لكن ذلك قد يتطلب موازنة دقيقة لمنع تصعيد داخلي.

- المخاطر: إذا تم التصنيف لأفراد أو مؤسسات في الأردن، فقد يؤدي ذلك إلى عزلة مالية لتلك الكيانات، وقد تثير المعارضة المدنية مخاوف من قمع سياسي يتجاوز المسار القانوني.

لبنان

- التعقيدات الأمنية: لبنان أكثر عرضة لتداعيات التصنيف، خاصة إذا شملت الفروع ذات العلاقات المسلحة أو المليشيات، إذ يمكن أن يؤدي التجفيف المالي إلى تغيير في معادلات القوة المحلية.

- العواقب المالية: العقوبات قد تضغط على شبكات التمويل، لكن ذلك قد يؤدي أيضا إلى مزيد من العزلة أو الانقسامات داخل القوى السياسية المحسوبة على الإخوان.

- المخاطر الدبلوماسية: التصنيف أمر حساس قد تؤدي ردود الفعل فيه إلى استخدامه كذريعة من فصائل محلية للضغط على الدولة أو أطراف إقليمية، ما قد يعيد تشكيل بعض الموازنات السياسية.

5. سيناريوهات مستقبلية محتملة

1- سيناريو تصنيف محدد

- التوصية بتسمية عدد محدود من الفروع أو الأفراد، دون تعميم على الجماعة كلها.

- تأثير معتدل: تجميد بعض الأصول، إجراءات قانونية، لكن دون زوبعة سياسية كبيرة.

2- سيناريو تصعيد شامل

- قرار واسع النطاق يشمل فروعا في عدة دول.

- عواقب كبيرة: عقوبات مالية، وردود سياسية محلية وإقليمية، وتصاعد التوترات الأمنية في دول مثل لبنان.

3- سيناريو تدريجي/ تكتيكي

- تنفيذ جزئي: أولا تجميد أصول، ثم مراقبة، دون إعلان تصنيفات نهائية على الفور.

- هذا يمنح واشنطن مرونة ويمنع رد فعل معاد قوي أو شعور بالتهديد لدى بعض الجماعات.

7. الخلاصة

• قرار ترامب يُمثّل نقطة استراتيجية مهمة في السياسة الأمريكية تجاه جماعة الإخوان: ليس مجرد إعلان، بل عملية قانونية قابلة للتنفيذ تحت مبرر أمني.

• الآثار المحتملة تختلف من دولة إلى أخرى: في مصر قد يُستخدم لتعزيز موقف النظام، في الأردن قد يمثل اختبارا للتوازن بين الاستقرار والمصالح الأمنية، أما في لبنان فالمخاطر كبيرة جدا من الناحية المالية والأمنية.

• إدارة هذا القرار داخليا يتطلب حكمة من الدول المتأثرة: ليس فقط من ناحية تنفيذ العقوبات، بل أيضا من حيث التوازن الاجتماعي والسياسي.

المراجع:

The White House, Fact Sheet: President Donald J. Trump Begins Process to Designate Certain Muslim Brotherhood Chapters as Foreign Terrorist Organizations and Specially Designated Global Terrorists, 24 November 2025.

The White House, Designation of Certain Muslim Brotherhood Chapters as Foreign Terrorist Organizations and Specially Designated Global Terrorists – Executive Order, 24 November 2025.

 

Washington Post, Trump designates chapters of Muslim Brotherhood ‘foreign terrorist organizations’, 24 November 2025.
العربي الجديد، ترامب يوقع أمرا تنفيذيا لتقييم إمكانية تصنيف فروع من الإخوان المسلمين "منظمات إرهابية".

إيلاف، تصنيف ترامب للإخوان جماعة إرهابية يشملهم في مصر والأردن ولبنان, 24 تشرين الثاني/ نوفمبر 2025.

Congress Research Service, Foreign Terrorist Organization (FTO) Designations, CRS Report PDF, 2024.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء ترامب إرهابية لبنان مصر مصر لبنان امريكا إرهاب اخوان قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد رياضة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة جماعة الإخوان

إقرأ أيضاً:

ماذا يعني توقيع ترامب مرسوما بشأن دراسة تصنيف فروع للإخوان المسلمين منظمات إرهابية؟

#سواليف

أعاد الرئيس الأمريكي دونالد #ترامب طرح ملف تصنيف #جماعة_الإخوان_المسلمين #منظمة_إرهابية إلى واجهة المشهد السياسي الأمريكي والدولي، بعد توقيعه أمرا تنفيذيا جديدا يُلزم المؤسسات الأمريكية بإعداد تقارير خلال 30 يوما، تليها فترة 45 يوما للشروع في تنفيذ إجراءات عملية قد تُفضي إلى إدراج فروع محددة للجماعة في دول مثل #مصر و #ليبيا و #الأردن على #قائمة_الإرهاب.

ويمثل القرار خطوة هي الأكثر تقدما منذ النقاش الذي دار خلال ولاية ترامب الأولى، والذي لم يصل حينها إلى مرحلة الإجراءات التنفيذية الرسمية، وسط تعقيدات سياسية وقانونية داخل الولايات المتحدة.

وقال البيت الأبيض في بيان رسمي إن ترامب أوعز لوزير الخارجية ماركو روبيو ووزير الخزانة سكوت بيسنت ببدء الإجراءات القانونية اللازمة لاتخاذ قرار نهائي بشأن التصنيف، على أن تقدّم الوزارتان تقريرا مشتركا خلال 30 يوما يتضمن تقييمات استخبارية وقانونية حول فروع الجماعة المستهدفة.

مقالات ذات صلة الداية يكشف لأول مرة: عرفات اغتيل بالسم عبر الدواء ومقربون متورطون (فيديو) 2025/11/26

وأشار بيان الرئاسة الأمريكية إلى أن القرار يهدف إلى “حماية المصالح القومية للولايات المتحدة، ومنع أي تهديد قد يشكله دعم الجماعة لأعمال عنف أو زعزعة استقرار في المنطقة”.

وبحسب نص المرسوم التنفيذي، تستند الخطوة إلى معلومات تقول واشنطن إنها حصلت عليها خلال العامين الماضيين، وتشير إلى انخراط فروع للجماعة، خصوصا في لبنان، فيما تعتبره واشنطن “أنشطة مسلحة” ترافقت مع أحداث طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وجاء في المرسوم أن “الجناح العسكري لفرع الإخوان المسلمين في لبنان” شارك في إطلاق هجمات صاروخية باتجاه أهداف داخل إسرائيل بالتنسيق مع حركة حماس وحزب الله اللبناني، وهو ما تعتبره الإدارة الأمريكية تهديدا مباشرا لأمن مواطنيها وشركائها في المنطقة.

كما أشار القرار إلى تصريحات نُسبت إلى قياديين داخل الجماعة في مصر والأردن عقب أحداث 7 أكتوبر، وصفها البيت الأبيض بأنها “تحريض على العنف ضد شركاء الولايات المتحدة”، في حين أشار المرسوم إلى تقديم دعم مالي ولوجستي لحركة حماس من شخصيات مرتبطة بالجماعة في الأردن.

خلفية تاريخية

وتعد جماعة الإخوان المسلمين التي تأسست عام 1928 في مصر على يد حسن البنا إحدى أوسع الحركات الإسلامية انتشارا، إذ تمتلك فروعا أو تأثيرا في نحو 90 دولة.

وشكلت الجماعة محور جدل إقليمي ودولي واسع خلال السنوات الماضية، بين دول تصنفها “منظمة إرهابية”، وأخرى ترى فيها جزءا من البنية السياسية والاجتماعية.

وبموجب المرسوم الجديد، ستبدأ الولايات المتحدة إجراءات تشمل فرض عقوبات اقتصادية وتجميد أصول، ومنع أي تعامل مالي أو تجاري مع الفروع التي ستدرج رسميا لاحقا على القوائم الأمريكية. وينص القرار على مهلة إضافية تمتد 45 يوما تبدأ بعد تسليم التقرير، يشرع خلالها وزير الخارجية أو الخزانة، وفق الاختصاص، في اتخاذ الخطوات النهائية للتصنيف وفق قانون الهجرة والجنسية وقانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة.

ومن المتوقع أن يثير القرار جدلا واسعا داخل الولايات المتحدة وخارجها، وسط توقعات بردود متباينة بين حكومات ترحب بالخطوة وتعتبرها “دعما لمواجهة التطرف”، وأخرى ترى أنها قد تزيد من تعقيد المشهد السياسي في المنطقة.

كما يتوقع أن تواجه الإدارة الأمريكية انتقادات من منظمات حقوقية وجمعيات تمثل الجاليات المسلمة، التي تخشى من انعكاسات القرار على المنظمات الإسلامية في الغرب، خصوصا ذات الطابع المدني أو الحقوقي المرتبط بالجماعة أو المتأثر بها.

ويعكس المسار الجديد انتقال إدارة ترامب الحالية من مرحلة النقاش النظري أو السياسي إلى مرحلة تنفيذية قابلة للتطبيق، تضع القرار داخل إطار زمني واضح وتفتح الباب أمام إجراءات مالية وقانونية واسعة في حال صدور التصنيف النهائي.

مقالات مشابهة

  • منظمة حقوقية: قرار ترامب تصنيف بعض فروع الإخوان منظمات إرهابية يفتح آفاقا جديدة للاستقرار
  • ماذا يعني توقيع ترامب مرسوما بشأن دراسة تصنيف فروع للإخوان المسلمين منظمات إرهابية؟
  • ترامب يبدأ عملية تصنيف فروع لـ«الإخوان» منظمات إرهابية
  • الآثار المحتملة لبدء تصنيف فروع الإخوان المسلمين بقرار رئاسي أمريكي
  • "مشاد الحقوقية": قرار ترامب تصنيف بعض فروع الإخوان كمنظمات إرهابية يفتح آفاقًا جديدة للاستقرار
  • ماذا بعد بدء واشنطن خطوات تصنيف الإخوان المسلمين منظمة إرهابية؟
  • البخيتي: ندين التصنيف الامريكي للاخوان المسلمين ..
  • أمريكا تدرس تصنيف الاخوان المسلمين في 3 دول عربية كمنظمات إرهابية
  • ترامب يوقّع أمراً لتصنيف فروع «الإخوان المسلمين» كمنظمات إرهابية