هل تشير الضغوط الأميركية على أوكرانيا إلى اقتراب نفاد صبر ترامب؟
تاريخ النشر: 26th, November 2025 GMT
واشنطن- كرّر الرئيس دونالد ترامب عبارة، أن هناك "تقدما كبيرا" في المحادثات لإنهاء حرب أوكرانيا. ولم تكن المرة الأولى التي يشير فيها الرئيس الأميركي إلى تقدم، فبعد أن حدد موعدا ينتهي غدا الخميس لموافقة كييف على خطته لإنهاء الحرب، تراجع أمس الثلاثاء، وقال "الموعد النهائي بالنسبة لي هو عندما ينجز الأمر".
وكان وزير الخارجية ماركو روبيو قد وصف عرض السلام الأميركي الذي اعتبر قريبا من تطلعات روسيا لوقف القتال بأنه "وثيقة حيّة تتنفس"، لكنها في الواقع تطلب من أوكرانيا التنازل عن كامل منطقة دونباس، بما فيها مناطق لا تسيطر عليها روسيا الآن.
وتقدم الخطط الأميركية ضمانات أمنية غامضة، سواء من الولايات المتحدة أم من الدول الأوربية، ويشمل ذلك الخطة الأصلية والمكونة من 26 نقطة، أو الخطط المعدلة التي طرحتها واشنطن بعد مباحثات طويلة وشاقة مع أوكرانيا في 19 نقطة، وشارك في صياغتها مستشارو الأمن القومي في ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة.
ضعف أوكرانييبدو موقف كييف التفاوضي ضعيفا، وخصوصا بعد فضيحة الفساد في وزارة الدفاع وعقود الطاقة، وما تبعها من أزمة سياسية على مدى أسبوعين، بالإضافة إلى تقدم روسيا ومكاسبها العسكرية على الأرض.
وترى إدارة ترامب أنه وبعد ما يقرب من 4 سنوات من القتال، وعدم قدرة أوكرانيا على استرداد أراضيها عسكريا، فإن أفضل ما يمكنها فعله هو التفاوض على شروط واقعية الآن، لأن أي صفقة قادمة بعد شهور ستكون أسوأ.
وفي ظل التقدم العسكري الروسي، تزداد المطالب الأميركية من كييف بتقبل الواقع الجديد، وقال السيناتور الجمهوري إريك شميت "هؤلاء الذين ينتقدوننا الآن، ليس لديهم خطة أخرى، هم يعيشون في عالم خيالي بأن جولة أخرى من العقوبات، أو من شحن الأسلحة، أو من المساعدات المالية ستحل المشكلة، هذا لن يحدث".
في حين يرى الجانب الأوروبي ضرورة تضمين أي اتفاق سلام ظروفا عملية موضوعية، ليس فقط لوقف القتال لفترة قصيرة، بل لفرض سلام دائم.
إعلانمن جانبها تؤكد كييف أنها تريد السلام، لكن ليس بأي ثمن، وبرهنت على ذلك بأنه عندما بدأت الولايات المتحدة بالضغط عليها للموافقة على اتفاق بحلول عيد الشكر، وبشروط بدت أقرب للاستسلام، ردت أوكرانيا ودفعت بكبار مسؤوليها بسرعة إلى المحادثات في جنيف.
وفي حديث للجزيرة نت، رأى خبير السياسة الخارجية والدبلوماسي السابق ولفغانغ بوستزتاي، أن المفاوضات الجارية تختلف عن المحاولات السابقة غير الناجحة لوقف القتال، وأضاف أن "ترامب يمارس حاليا ضغوطا كبيرة على أوكرانيا للموافقة على معظم مطالب روسيا".
وأوضح أن "خطة الولايات المتحدة تحتوي على عدة مقترحات إيجابية، ولكن أيضا بعض الأفكار المثيرة للجدل، وعلى وجه الخصوص مطالبة أوكرانيا بقبول احتلال روسيا للأراضي الأوكرانية، وتسليم السيطرة على الأجزاء المتبقية من مقاطعة دونيتسك للطرف المعتدي"، معتبرا أن ذلك سيدشن إمكانية تغيير الحدود بالقوة داخل أوروبا.
من جهة أخرى، يبعث وجود كل من ستيف ويتكوف مبعوث الرئيس ترامب، وصهره جاريد كوشنر، إلى جوار وزير الخارجية روبيو على رأس الوفد الأميركي، رسالة هامة للأوكرانيين والأوروبيين، تكشف جدية واشنطن هذه المرة.
وبعد ضغوط وتدخلات من الزعماء الأوروبيين، يبدو من المتوقع أن تقبل أوكرانيا بالخطة المعدلة، ولهذا السبب انتقل ترامب من توبيخ المسؤولين في كييف، إلى قوله إن "شيئا جيدا قد يكون قادما"، بعد أن أظهروا الامتنان لواشنطن.
وذكر ستيفن سيستانوفيتش، المسؤول السابق بالخارجية والخبير في مجلس العلاقات الخارجية والأستاذ الفخري بجامعة كولومبيا، للجزيرة نت، أن "التشابه الكبير بين هذه المحادثات والسابقة، هو أن ترامب يريد من الطرفين التوصل إلى تسوية، لكنه لا يفعل كثيرا لدفع الروس في هذا الاتجاه".
وأوضح أن العقوبات الأميركية التي فرضت على روسيا لم تدخل حيز التنفيذ بعد، بينما لم يتم استئناف تقديم المساعدات العسكرية لأوكرانيا.
لكنه أضاف أن "هناك فرقا أيضا، حيث يبدو أن الرئيس ترامب قد نفد صبره، لذا يضغط مستشاروه الكبار على الأوكرانيين بقوة أكبر للحصول على اتفاق"، موضحا "لهذا السبب تشعر العديد من الحكومات الأوروبية بالقلق، ومثلها العديد من أعضاء الكونغرس، فهم قلقون من أن يوافق ترامب على صفقة سيئة".
ضمانات غامضة
تحدث عدة مسؤولين، بمن فيهم رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، عن حصول أوكرانيا على حماية، على غرار المادة الخامسة من ميثاق حلف الناتو، مما يعني إلزام الولايات المتحدة بالدفاع عن أوكرانيا إذا غزتها روسيا مرة أخرى، وهذه هي القضية الرئيسية التي تقول أوكرانيا، إنها لا تستطيع التفاوض عليها، ولا تقبل إلا بها.
ومن جهته يرى ماثيو والين، الرئيس التنفيذي لمشروع الأمن الأميركي، وهو مركز بحثي يركز على الشؤون العسكرية، أنه من غير الواضح، حتى الآن، مدى التراجع الأوكراني لقبول الضغوط الأميركية.
وقال "يبدو أن الرئيس ترامب عاد إلى الضغط على أوكرانيا بدلا من الضغط على روسيا، هذه ليست المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك، ما رأيناه هو مسودة اقتراح مزعومة تضمنت قائمة بالمطالب الروسية، وتجبر الأوكرانيين على تنازلات كبيرة".
إعلانواعتبر أن هذه الضغوط دفعت الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى إصدار بيان مطول للشعب الأوكراني، يوضح فيه "صعوبة هذه اللحظة في تاريخ أوكرانيا"، حيث إنها مخيرة بين فقد كرامتها في قبول السلام، أو فقد شريك رئيسي وهي الولايات المتحدة.
وكشفت بيانات البيت الأبيض المتتالية أن الجانبين انخرطا في محادثات صريحة ومفصلة، وجاء في بيان صدر الاثنين الماضي أن "الوفد الأوكراني تطرق بشمولية إلى جميع شواغله الرئيسية، وهي الضمانات الأمنية، والتنمية الاقتصادية طويلة الأجل، وحماية البنية التحتية، وحرية الملاحة، والسيادة السياسية"، وأعرب عن تقديره للمقاربة المنهجية المُعتمدة ودمج ملاحظاته ضمن كل مكوّن من مكونات إطار التسوية المقترح.
أكدت واشنطن التزامها بـ"ضمان محورية سيادة أوكرانيا وأمنها وازدهارها المستقبلي ضمن العملية الدبلوماسية القائمة، وأن هذه الجهود تستند إلى هدف الرئيس ترامب المتمثل بإنهاء الحرب التي أودت بحياة الملايين، ومنع خسارة المزيد من الأرواح من السلام الدائم والقابل للتنفيذ".
وفي بيان آخر صدر في اليوم التالي، أكد الوفد الأوكراني من جديد "امتنانه للالتزام الراسخ للولايات المتحدة، وللرئيس دونالد ترامب شخصيا، وجهودهما الدؤوبة الرامية إلى إنهاء الحرب ووقف الخسائر في الأرواح".
لكنّ مراقبين يرون أنه مع ضبابية وغموض طبيعة الضمانات الأمنية المقدمة، قد تضطر أوكرانيا للانصياع لرغبة ترامب الشخصية، في إنجاز وقف إطلاق النار بين الطرفين، وقبول تحولها إلى دولة محايدة، مع تعهدها بعدم الانضمام إلى حلف الناتو.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات الولایات المتحدة الرئیس ترامب
إقرأ أيضاً:
روسيا تعلق بعد إجراء تعديلات على خطة ترامب الأصلية للسلام في أوكرانيا
(CNN)-- قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الثلاثاء، إن أي خطة معدلة للسلام في أوكرانيا يجب أن تعكس "روح ونص" المحادثات التي جرت بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال قمتهما في ألاسكا في أغسطس/آب الماضي.
وأضاف لافروف خلال مؤتمر صحفي في موسكو، أن روسيا رحبت بالنسخة الأصلية من خطة السلام، التي طُرحت الأسبوع الماضي، والتي اعتُبرت منحازة بشدة لموسكو. وعقب المحادثات الأمريكية الأوكرانية في سويسرا، تم تقليص الخطة الأصلية المكونة من 28 نقطة إلى خطة من 19 نقطة، والتي ورد أنها أزالت بعض البنود التي اعتبرتها كييف غير مقبولة لها.
واتهم لافروف أوروبا وأوكرانيا بمحاولة "تحريف" الخطة الأصلية، التي كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يدعمها، وقال إن روسيا تنتظر استلام النسخة المعدلة من الولايات المتحدة.
وأضاف وزير الخارجية الروسي: "إذا ضاعت روح ونص اتفاقية أنكوريج في التفاهمات الرئيسية التي وثقناها، فسيكون الوضع مختلفا كليا. ولكن حتى الآن، أكرر، لم يُبلغنا أحد رسميا بأي شيء".
ومن جانبه، قال الكرملين، الثلاثاء، إن خطة السلام الأولية المكونة من 28 نقطة، والتي ظهرت الأسبوع الماضي وتعرضت لانتقادات واسعة النطاق لاعتبارها تصب في صالح لموسكو، يمكن أن تشكل "أساسا جيدا" لمحادثات إنهاء الحرب في أوكرانيا.
وتدعو الخطة المكونة من 28 نقطة، والتي نشرها موقع أكسيوس لأول مرة الأسبوع الماضي، أوكرانيا إلى التنازل عن أراضٍ لروسيا، وتقليص حجم جيشها، والتخلي عن طموحها بالانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو). لكن بعد محادثات بين الولايات المتحدة وأوكرانيا في سويسرا، تم تقليص هذه الخطة إلى اتفاق سلام من 19 نقطة لتصبح أكثر ملائمة لكييف، وتم إزالة بعض القضايا الأكثر صعوبة منها، حسبما قال مسؤول أوكراني كبير لصحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، الاثنين.
وأعلن الكرملين منذ ذلك الحين أنه يؤيد الخطة الأصلية، والتي أمهل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أوكرانيا في البداية أقل من أسبوع لقبولها. ويبدو أن هذا الموعد النهائي قد تم إلغاؤه منذ ذلك الحين.
وقال الكرملين: "خطة ترامب هي الخطة الأساسية الوحيدة حاليا، ويمكن أن تكون بمثابة أساس جيد للمفاوضات".
وزعم الكرملين أن مسودة هذه الخطة "تم التوصل إليها بناء على التفاهمات" بين الولايات المتحدة وروسيا خلال قمة ألاسكا في أغسطس.
لكن خطة السلام الأصلية المكونة من 28 نقطة ظلت موضع خلاف. ووصف عضو في مجلس الشيوخ الأمريكي الخطة بأنها "قائمة أمنيات" روسية، وأشار محللون إلى أن النص احتوى على العديد من التلميحات الروسية المحتملة، مما أثار تساؤلات حول الجهة التي صاغت المسودة. ومع ذلك، أصرت وزارة الخارجية الأمريكية على أن الخطة من إعداد الولايات المتحدة، "بمساهمة من الروس والأوكرانيين".
وقال الكرملين، الثلاثاء، إن هناك "هوسا إعلاميا" حول خطة السلام، "مع العديد من البيانات والتصريحات المتناقضة".