ما معنى الصلاة على النبي؟.. الإفتاء توضح المقصود الشرعي
تاريخ النشر: 3rd, December 2025 GMT
جعل الله تعالى الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عبادة عظيمة فقد أمرنا سبحانه في كتابه الكريم بها في قوله عز وجل: «إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا»، مما يدل على شرف هذه العبادة، ولكن يتساءل عدد كبير من الناس عن ما المعنى المقصود من أن نصلي على النبي؟ وقد وضحت دار الإفتاء المعنى الصحيح وسوف نعرض ذلك في السطور التالية.
وضّحت دار الإفتاء المعنى المقصود من أن نصلي على النبي، مشيرة إلى أن الأمر بالصلاة على النبي الشريف معناه: الاعتناء بإظهار شرفه وفضله وحرمته، والثناء عليه بكمال خِلْقته وفطرته، وجميل أخلاقه وشمائله وسيرته، وتمجيده بكريم مكانته ورفيع درجته، وتعظيم شأنه وذكره بعظيم ما أولاه مولاه، وتنزيهه عمَّا لا يليق بجنابه الشريف، والانقياد لأمره، وبذل الجهد واستفراغ الوسع في ذلك كله قولًا وفعلًا، على قدر ما تصل إليه القدرة وتستطيعه الطاقة.
معنى الصلاة على النبيوأضافت دار الإفتاء، في فتوى عبر موقعها الرسمي، أن الله أمر المؤمنين بإظهار شرف نبيّه المبين، وتعظيم شأن سيّد المرسلين صلى الله عليه وآله وسلم وعليهم أجمعين، واستغراق الوسع في ذلك بالمدح وكثرة الثناء، وتمام المتابعة والاقتداء، وذلك كلُّه مضمَّن في الأمر الإلهي بالصلاة والسلام على الجناب النبوي صلى الله عليه وآله وسلم في قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56]. والصَّلاةُ: هي التعظيم.
وذكرت دار الإفتاء آراء عدد من الفقهاء حول توضيح ما المقصود من أن نصلي على النبي ومنهم:
كما قال الإمام الحليمي [ت 403هـ] في "شعب الإيمان" (2/ 133، ط. دار الفكر)، وهي: الدّعاء، والتّبريك، والتّمجيد، كما نقله الراغب [ت 502هـ] في "المفردات" (ص: 490، ط. دار القلم) عن كثير من أهل اللغة.
قال حجة الإسلام الغزالي -فيما نقله الإمام الزركشي في "تشنيف المسامع" (1/ 105، ط. مكتبة قرطبة)-: [الصلاة موضوعة للقدر المشترك؛ وهو: الاعتناء بالمصلى عليه] اهـ.
وقال الإمام البيضاوي [ت 685هـ] في "تفسيره بحاشية الشهاب" (7/ 184، ط. بولاق 1283هـ): [﴿إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ﴾ [الأحزاب: 56] يعتنون بإظهار شرفه وتعظيم شأنه ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ﴾ اعتنوا أنتم أيضًا؛ فإنكم أولى بذلك] اهـ، قال العلامة الشهاب الخفاجي [ت 1079هـ] في حاشيته عليه "عناية القاضي وكفاية الراضي": [الصلاة بمعنى الدعاء تجوّز بها عن الاعتناء بصلاح أمره وإظهار شرفه] اهـ بتصرف.
وقال الشيخ ابن القيم الحنبلي [ت 751هـ] في "جلاء الأفهام" (ص: 168، ط. مجمع الفقه): [معنى الصلاة: هو الثناء على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والعناية به، وإظهار شرفه وفضله وحرمته، كما هو المعروف من هذه اللفظة] اهـ.
وقال الإمام الحافظ ابن الجزري [ت 833هـ] في "مفتاح الحصن الحصين" (ق: 21أ، خ. الأزهرية): [الصلاة في الأصل: التعظيم، وإذا قلنا: "اللّهُمّ صَلِّ عَلَى مُحَمّد" فالمعنى: عظِّمْه في الدنيا بإعلاء ذكره، وإظهار دعوته، وإبقاء شريعته، وفي الآخرة بتشفيعه في أمته، وتضعيف أجره ومثوبته] اهـ.
وقال الإمام الخطيب الشربيني [ت 977هـ] في تفسيره "السراج المنير" (3/ 268، ط. بولاق 1285هـ): [أي: حيُّوهُ بتحيّة الإسلام وأظهروا شرفه بكل ما تصل قدرتُكم إليه؛ من حسن متابعته، وكثرة الثناء الحسن عليه، والانقياد لأمره في كل ما يأمر به] اهـ.
فتحصَّل من ذلك: أن مُفَاد الأمر بالصلاة والسلام على الجناب النبوي: الاعتناء بإظهار شرفه وفضله وحرمته، والثناء عليه بكمال خِلْقته وفطرته، وجميل أخلاقه وشمائله وسيرته، وتمجيده بكريم مكانته ورفيع درجته، وتعظيم شأنه وذكره بعظيم ما أولاه مولاه، وتنزيهه عمَّا لا يليق بجنابه الشريف، وتسليمه عما لا يناسب مقامه المنيف، والانقياد لأمره، وبذل الجهد واستفراغ الوسع في ذلك كله قولًا وفعلًا، على قدر ما تصل إليه القدرة وتستطيعه الطاقة.
صيغ الصلاة على النبيالصلاة على النبي من أعظم القربات التي يتقرب بها العبد إلى الله تعالى، كما أن العلماء وأجمعوا على أن الإكثار من الصلاة على النبي سبب لرفع البلاء وتفريج الهمّ وفتح أبواب الخير، وقد رد عن السلف الصالح بعض الصيغ التي يستحب ترديدها مثل:
- «اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد».
- «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد في الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ، وَفِي الْمَلأِ الأَعْلَى إِلَى يَوْمِ الْدِّينِ. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه عدد ما في علم الله، صلاةً دائمة بدوام ملك الله».
- «اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه عدد كمال الله وكما يليق بكماله».
- «اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله عدد حروف القرآن حرفًا حرفًا، وعدد كل حرف ألفًا ألفًا، وعدد صفوف الملائكة صفًا صفًا، وعدد كل صف ألفًا ألفًا، وعدد الرمال ذرة ذرة، وعدد ما أحاط به علمك، وجرى به قلمك، ونفذ به حكمك في برك وبحرك، وسائر خلقك».
- «اللهم صَلِ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ أَصْلِ الأُصُول، نُورِ الْجَمَالِ، وَسِرِّ الْقَبُول، أَصْلِ الْكَمَالِ، وَبَابِ الْوُصُول، صلاةً تَدُومُ وَلاتَزُول، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمِّدٍ أَكْرَمِ نَبِيٍّ، وَأَعْظَمِ رَسُول مَنْ جَاهُهُ مَقْبُول، وَمُحِبُّهُ مَوْصُول، الْمُكَرَّمُ بِالصِّدْقِ فِي الْخُرُوجِ وَالدُّخُول، صلاةً تَشْفِي مِنَ الأَسْقَامِ وَالنُّحُول وَالأَمْرَاضِ وَالذُّبُول، وَنَنْجُو بِهَا يَوْمَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ مِنَ الذُّهُول، صلاةً تَشْمَلُ آلَ بَيْتِ الرَّسُول وَالأَزْوَاجَ وَالأَصْحَابَ، وَتَعُمُّ الْجَمِيعَ بِالْقَبُول، الشَّبَابَ فِيهِمْ وَالْكُهُول، وَسَلِّمْ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِه أجمعين».
-«اللهم صلِّ وسلم على صاحب الخُلق العظيم والقدر الفخيم مَن أرسلته رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، وألحقنا بخُلقه وأدّبنا بأدبه، وأحيي فينا وفي أُمته هذه المعاني يا كريم».
- «اللهم صَلِّ وسلم على سيدنا محمد صلاة تحل بها عقدتي، وتفرج بها كربتي، وتمحو بها خطيئتي، وتقضي بها حاجتي».
- «اللهم صلّ صلاة كاملة وسلّم سلاما تامًا على سيدنا محمد النبي الأميّ الذي تنحل به العقد، وتنفرج به الكرب، وتُقضى به الحوائج، وتنال به الرغائب وحسن الخواتم، ويستسقى الغمام، وعلى آله وصحبه عدد كل معلوم للۚه».
- «اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آله، صلاة تكون لنا طريقًا لقربه، وتأكيدًا لحبه، وبابًا لجمعنا عليه، وهدية مقبولة بين يديه، وسلم وبارك كذلك أبدًا، وارض عن آله وصحبه السعداء، واكسنا حُلل الرضا».
- «اللهم صل وسلم على سيدنا محمد صلاة تهب لنا بها أكمل المراد وفوق المراد، في دار الدنيا ودار المعاد، وعلى آله وصحبه وبارك وسلم عدد ما علمت وزنة ماعلمت وملء ما علمت».
-«اللهم صل على سيدنا محمد صلاة تنجينا بها من جميع الأهوال والآفات، وتقضي بها جميع الحاجات، وتطهرنا بها من جميع السيئات، وترفعنا بها عندك أعلى الدرجات، وتبلغنا بها أقصى الغايات من جميع الخيرات في الحياة وبعد الممات، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا ».
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: معنى الصلاة على النبي النبي دار الإفتاء الإفتاء على سیدنا محمد وعلى آله الصلاة على النبی وعلى آله وصحبه صلى الله علیه دار الإفتاء معنى الصلاة وسلم وبارک وبارک على وسلم على اللهم ص صلاة ت ل وسلم
إقرأ أيضاً:
أزهري يوضح معنى قوله تعالى وأما بنعمة ربك فحدث وخطابات القرآن الثلاثة
ورد سؤال إلى د. عطية لاشين، أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون وعضو لجنة الفتوى بالأزهر، يقول صاحبه: ما المراد من قوله عز وجل: (وأما بنعمة ربك فحدث).
وأجاب د. لاشين عبر صفحته الرسمية قائلاً: الحمد لله رب العالمين القائل في الذكر الحكيم: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس).
والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم روت عنه كتب السنة أنه قال للناس في حجة الوداع: (اللهم هل بلغت)؟ فقال الناس نعم قال سيدنا محمد رسول الله: (اللهم فاشهد).
وبعد: فإن خطابات القرآن الواردة فيه على أقسام: أولاً، أن تخاطب النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة فيكون ما جاء فيها خاصاً به صلى الله عليه وسلم من مثل قوله تعالى: (لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن).
ومن مثل قوله تعالى: (ألم نشرح لك صدرك)،ومن مثل قوله تعالى: (إنا أعطيناك الكوثر). وغير ذلك كثير في آيات الذكر الحكيم.
ثانياً، وإما أن تكون خطاباً للأمة في شخص الرسول صلى الله عليه وسلم، من مثل قوله تعالى: (يا أيها النبي اتق الله) فهذا أمر بالتقوى يشمل النبي صلى الله عليه وسلم وأمته. ومن مثل قوله تعالى: (يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة).
فهذا أمر بالطلاق السني الذي لا يكون في حيض ولا في طهر جومع فيه يشمل النبي صلى الله عليه وسلم وأمته، وغير ذلك كثير في آيات الذكر الحكيم.
ثالثاً، النوع الثالث من الخطاب القرآني خطاب موجه للجميع النبي صلى الله عليه وسلم وأمته على حد سواء من مثل قوله تعالى: (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأقرضوا الله قرضا حسنا).
ومن مثل قوله تعالى: (فاذكروني أذكركم واشكروا ولا تكفرون). وهذا النوع الأخير من الخطاب القرآني هو الغالب في آيات الذكر الحكيم.
وبخصوص واقعة السؤال نقول إن الآية الكريمة محل السؤال إحدى آيات سورة الضحى والخطاب الوارد في السورة من أولها لآخرها خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم وعلى ذلك يحمل قوله تعالى: (وأما بنعمة ربك فحدث).
فالمراد بالنعمة هنا نعمة النبوة والرسالة وقوله تعالى: (فحدث) أي بلغها الناس. فتكون الآية أمراً للرسول صلى الله عليه وسلم بأن يبلغ رسالة الله إلى الناس.
ووضح أنه يمكن أن نولد معنى آخر بالإضافة إلى ما سبق لهذه الآية ذكرتنا بهذا المعنى سنة النبي صلى الله عليه وسلم والذي يقول فيها المعصوم صلوات ربه وسلامه عليه: (إن الله يحب أن يرى آثر نعمته على عبده).
ويكون هذا أمراً لكل ذي نعمة أن يشكر الله شكراً عملياً على ما أنعم به الله عليه وأن يجعل للخلق نصيباً في هذه النعمة.