النزاعات والفقر.. إحصائيات مرعبة عن ظاهرة عمل الأطفال في العالم العربي
تاريخ النشر: 3rd, December 2025 GMT
واصلت الجلسة التمهيدية التي عقدت ضمن فعاليات مؤتمر “عمل الأطفال وسياسات الحماية الاجتماعية في الدول العربية”، الذي ينظمه كل من المجلس العربي للطفولة والتنمية، وجامعة الدول العربية، ومنظمة العمل العربية، وبرنامج الخليج العربي للتنمية “أجفند” أعمالها.
يعقد المؤتمر في القاهرة بمشاركة فايز علي المطيري، المدير العام لمنظمة العمل العربية، والوزيرة لبنى عزام، مدير إدارة الأسرة والطفولة بجامعة الدول العربية، والوزيرة حنين السيد، وزيرة الشؤون الاجتماعية بالجمهورية اللبنانية، والوزيرة وفاء أبو بكر الكيلاني، وزيرة الشؤون الاجتماعية بدولة ليبيا، إضافة إلى ممثلون عن منظمات أصحاب الأعمال والاتحادات العمالية، وعدد بارز من المنظمات العربية والإقليمية والدولية، وشخصيات وخبراء في مجال حماية الأطفال، إضافة إلى منظمات المجتمع المدني.
أكد الدكتور حسن البيلاوي، أمين عام المجلس العربي للطفولة والتنمية، أن عام 2025 يجب أن يمثل بداية قوية للعمل العربي المشترك من أجل إنهاء ظاهرة عمل الأطفال، باعتبارها واحدة من أخطر التحديات الاجتماعية والإنسانية التي تواجه المنطقة والعالم.
مكافحة ظاهرة عمل الأطفالوقال البيلاوي، إن الأمم المتحدة كانت قد أعلنت عام 2021 عامًا للبدء في إنهاء عمل الأطفال، إلا أن جائحة كورونا أربكت المسار العالمي، وأدت إلى ارتفاع أعداد الأطفال العاملين نتيجة التداعيات الاقتصادية والاجتماعية التي ضربت الأسر الفقيرة، وانقطاع ملايين الأطفال عن التعليم، وفقدان الكثير من الأسر مصادر دخلها.
وأوضح أن تقرير اليونيسيف ومنظمة العمل الدولية لعام 2025 كشف استمرار الصورة “المخيفة” لانتشار الظاهرة عالميًا، حيث يعمل 68% من الأطفال في الزراعة، مقابل 20% في الخدمات و10% في الصناعة، إضافة إلى أن نسبة كبيرة من الأطفال العاملين خارج المدرسة، ما يعمّق دوائر الفقر والجهل ويجعل الخروج منها أكثر صعوبة.
وأفاد أمين عام المجلس بأن الوضع في الدول العربية لا يختلف كثيرًا عن بقية المناطق الأكثر تضررًا، مشيرًا إلى أن أعمال الزراعة والحيازات الصغيرة تمثل النسبة الأكبر لعمل الأطفال، خصوصًا في المناطق الريفية، إضافة إلى قطاعات الخدمات والصناعات الصغيرة. كما لفت إلى صعوبة رصد عمل الفتيات بسبب الطابع الخفي للأعمال المنزلية الشاقة التي يقمن بها دون حماية أو رقابة.
وأشار البيلاوي إلى أن الفقر، محدودية التعليم، ضعف التفتيش على العمل، ورخص أجور الأطفال تمثل الأسباب البنيوية لاستمرار الظاهرة، بينما تضيف الحروب والإرهاب والنزوح والعدوان على غزة طبقات جديدة من العنف الذي يدفع الأطفال إلى ساحات العمل أو حتى النزاعات المسلحة، سواء كعمال جبريين أو مقاتلين مجبرين بين عمر 15 و17 عامًا.
وأضاف أن الطفل في بيئات العنف والفقر يعيش داخل “حلقة مفرغة” من التخلف والقهر، تنتج أجيالًا جديدة محرومة من حقوقها الأساسية، موضحًا أن العنف ضد الأطفال يرتبط بشكل وثيق بالعنف ضد المرأة، باعتبارهما ضحيتين لنفس البنى الثقافية والاجتماعية المتخلفة.
ودعا البيلاوي إلى نهج شامل لمكافحة عمل الأطفال يقوم على ثلاثة محاور رئيسية هي:
التعليم والتنوير عبر نشر نماذج مرنة للمدارس المجتمعية ومدارس الفصل الواحد في القرى والمناطق المهمشة، ودمج التكنولوجيا لضمان وصول التعليم للجميع.تنمية البيئات المحلية من خلال مشاريع إنتاجية صغيرة ومتوسطة تخلق فرص عمل وتحارب الفقر وتغيّر الثقافة السلبية تجاه التعليم والعمل، وتربط التنمية بالتعليم بشكل مترابط،.ترسيخ العدالة الاجتماعية عبر مفهوم شامل يدمج الوعي والإنصاف وتنمية القدرات، ويضمن أن تكون التنمية وسيلة لتمكين الفئات الأقل حظًا، وتحويلهم من متلقين للمساعدات إلى شركاء فاعلين في الإنتاج والحياة.وأكد البيلاوي، أن تحرير الطفل من العنف والاستغلال لا يتحقق بالخطابات والتوصيات فقط، وإنما بالمشاركة الواعية في التعليم والعمل والتنمية، وأن بناء العدالة الاجتماعية والمواطنة هو الطريق الحقيقي للخروج من دوائر التخلف والفقر نحو مستقبل تنموي آمن لجميع أطفال العرب.
تجربة المغرب للحد من الظاهرةمن جانبها استعرضت نور العمارتي، مديرة دائرة التعاون الدولي والشراكة بوزارة الإدماج الاقتصادي والتشغيل والكفاءة بالمملكة المغربية، تجربة المغرب الرائدة في القضاء على عمل الأطفال، مؤكدة أن هذه القضية تمثل أولوية استراتيجية ترتبط بحقوق الطفل والتنمية الشاملة، مشددة على أهمية هذا المؤتمر الذي يشكل منصة عربية لتبادل الخبرات وتعزيز جهود الحماية الاجتماعية في مواجهة الظاهرة.
وأوضحت أن المغرب يستعد لاحتضان المؤتمر الدولي السادس للقضاء على عمل الأطفال بمدينة مراكش، بشراكة مع منظمة العمل الدولية، في خطوة تعكس مكانته كدولة رائدة ضمن التحالف الدولي المعني بالهدف 8.7 من أهداف التنمية المستدامة، الهادف إلى القضاء على جميع أشكال تشغيل الأطفال بحلول عام 2030.
واستعرضت أربع ركائز أساسية تعتمدها المغرب في سياستها الوطنية للحد من الظاهرة، تمثلت الأولى في الوقاية عبر مكافحة الفقر والإقصاء الاجتماعي وتعزيز التعليم والحماية الاجتماعية، أما الركيزة الثانية فتركز على الحماية وتطبيق القانون وتطوير المنظومة التشريعية وتعزيز آليات التفتيش، فيما تعنى الثالثة بإعادة التأهيل والمواكبة لضمان إدماج الأطفال المنتشلين من سوق العمل في المنظومة التعليمية والاجتماعية، أما الركيزة الرابعة فتتعلق بتعزيز الشراكات الداخلية والتعاون الإقليمي والدولي.
وأشارت إلى أن المملكة تمكنت، بفضل سياساتها المتعاقبة، من خفض معدل عمل الأطفال إلى أقل من 3.1%، مع تركز ما تبقى من الحالات في أنشطة موسمية بالوسط القروي، كما كثفت جهود محاربة الهدر المدرسي من خلال برامج مبتكرة مثل “مدرسة الفرصة الثانية” والتكوين بالتدرج المهني في عدة قطاعات.
وأكدت المملكة أن التحديات العالمية في مجال حماية الطفولة تفرض تعزيز العمل الجماعي وتطوير أنظمة الرصد والتقييم القائمة على البيانات الدقيقة، داعية إلى تعبئة عربية ودولية واسعة لتحقيق هدف القضاء النهائي على الظاهرة.
ووجهت المملكة دعوة مفتوحة للمشاركة في مؤتمر مراكش الدولي في فبراير المقبل، تعزيزًا للالتزام المشترك بحماية حقوق الطفل.
فيما كشفت مروة صلاح، مدير مشروعات مكافحة عمل الأطفال بمكتب منظمة العمل الدولية بمصر، عن إحصائيات عمل الطفل، مشيرة إلى أن تغطية البيانات قد زادت بشكل كبير مقارنة بالدراسات السابقة للأطفال من عمر 5 إلى 17 سنة المشمولة في التقديرات العالمية لعمل الأطفال لعام 2024، حسب المنطقة، ونسبة الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و17 سنة المشمولة بالبيانات المستخدمة في تقديرات عمل الأطفال العالمية لعام 2020 مقارنة بعام 2024، والتي بلغت 60%.
كما كشفت عن أن عمل الأطفال يزيد بشكل كبير من احتمال حرمان الطفل من فرصة الذهاب إلى المدرسة، ونسبة الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و17 عامًا غير الملتحقين بالمدرسة، حسب العمر وحالة عمل الأطفال (منخرطين في عمل أو غير منخرطين).
أوضحت أن نسبة الأطفال المنخرطين في عمل الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و14 عامًا تشمل وتستثني الأعمال المنزلية التي تُنجز لمدة 21 ساعة أو أكثر في الأسبوع، حسب العمر والجنس.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: المجلس العربي للطفولة والتنمية جامعة الدول العربية الأمم المتحدة مملكة المغربية المغرب منظمة العمل الدولية ظاهرة عمل الأطفال عمل الأطفال كورونا منظمة العمل العربية منظمة العمل الدولیة الدول العربیة إضافة إلى إلى أن
إقرأ أيضاً:
مركز الشباب العربي يختتم المرحلة الأولى من «القيادات العربية الشابة في القطاع الثالث»
أبوظبي (الاتحاد)
برعاية كريمة من سمو الشيخ ذياب بن محمد بن زايد آل نهيان، رئيس مركز الشباب العربي، اختتم المركز المرحلة الأولى من برنامج «القيادات العربية الشابة في القطاع الثالث» بعد استكمال جميع مراحله التدريبية والمعرفية والعملية، بمشاركة 24 شاباً وشابة من 19 دولة عربية.
ويُعد البرنامج مبادرة نوعية تهدف إلى تأهيل جيل من القيادات الشابة العربية العاملة في القطاع الثالث، بما يشمل المنظمات غير الحكومية، والجمعيات الخيرية، والمشاريع الاجتماعية، وتمكينهم من تطوير أدوات عملهم ومضاعفة أثر مبادراتهم في مجتمعاتهم، وذلك بشراكة استراتيجية مع مؤسسة إرث زايد الإنساني، ومؤسسة عبدالله الغرير، وشراكة معرفية مع عدد من المؤسسات الرائدة في القطاع الثالث.
المبادرات الشبابية
وبدأ اليوم الختامي من البرنامج بجلسة تدريبية بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي حول موضوع «السياسات والمناصرة»، قدّمتها ليندا حدّاد، مديرة مشروع الشباب الإقليمي – برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وركّزت على الآليات العملية لفهم السياسات المرتبطة بالقطاع الثالث، وأدوات المناصرة، وكيفية تحويل المبادرات الشبابية إلى تأثير مستدام في مجتمعاتهم.
وبدأت ليندا حدّاد الجلسة بالتأكيد على أن البرنامج وفّر للشباب سلسلة من الورش التدريبية المتقدمة، التي مكّنتهم من فهم أعمق للتحديات المجتمعية وآليات التعامل معها، وطرحت سؤالاً محورياً: «لو كان بإمكانك معالجة مشكلة واحدة في مجتمعك… أيّ قضية ستختار؟». وانطلقت من هذا التساؤل لفتح المجال أمام المشاركين لاستعراض أبرز التحديات، مثل التعليم والصحة وإدارة النفايات وضعف الالتزام بقوانين المرور، إضافة إلى ظواهر اجتماعية كتسوّل الأطفال والتحديات التي يواجهها أصحاب الهمم.
وأكدت حدّاد أن هذه التحديات يختبرها الشباب يومياً، مشيرة إلى حاجتهم لجهات تعالج تلك الإشكاليات. وقالت: «هنا يأتي دور السياسات ودوركم أنتم في صياغتها». ولفتت إلى أن صناعة السياسات تبدأ بفهم مراحلها الخمس: صياغة الأجندة، العصف الذهني للحلول، موافقة متخذي القرار، تنفيذ الجهات المعنية، ثم قياس النتائج والتحقّق من التأثير.
العمل الإنساني والتنموي
واستكمل المشاركون تدريبهم المتخصّص مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي عبر جلسة قدّمتها ليال وهبة، اختصاصية الشباب الإقليمي، التي أوضحت أن رسم السياسات لا يقتصر على البرلمانات والوزارات والجهات الحكومية، بل يشمل الإعلام ومجموعات المصالح ومنظمات المجتمع المدني، مؤكدة على الدور المحوري والأساسي الذي يلعبه الشباب، حيث إنهم يشكّلون النسبة الأكبر من مجموع القوى البشرية في العالم العربي. وتطرّقت وهبة إلى مفهوم المناصرة ودورها في التأثير على صناع القرار، والفروقات بينها وبين النشاط المجتمعي، مشددة على أن المناصرة الفعّالة تقوم على الأدلة والبيانات والقصص الحقيقية.
وفي إطار الجلسات استضاف البرنامج أحمد الهنداوي، المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأوروبا الشرقية في منظمة إنقاذ الطفل، الذي قدّم مداخلة حول دور القيادات الشابة في العمل الإنساني والتنموي، وأهمية بناء الشراكات الفاعلة وتوسيع أثر المبادرات في القطاع الثالث، مؤكداً أن البرنامج يشكّل خطوة مهمة في تمكين جيل يفهم هذا القطاع الحيوي.
وشهد اليوم الختامي من البرنامج عدداً من جلسات التوجيه والإرشاد بالتعاون مع مؤسسة الفنار للعمل الخيري الاستثماري، التي دعّمت المشاركين في تطوير مبادراتهم قبل العرض النهائي عبر مراجعة نماذج العمل وخطط التنفيذ وأدوات قياس الأثر.
وركّز المرشدون على تحديد خريطة طريق القيادات الشابة، وطرق التقييم، وتحديد الرؤية والأهداف، مع مناقشة نماذج من أعمال الشباب وتحديد مجالات التحسين، إضافةً إلى استعراض أثر البرنامج على طريقة تفكيرهم والمهارات التي اكتسبوها.
وقدّم البرنامج نموذجاً تدريبياً متكاملاً استهدف تطوير قدرات القيادات العربية الشابة وبناء مهاراتهم القيادية والمؤسسية، من خلال مسار تدريبي مصمَّم لتعزيز قدرتهم على تصميم وتنفيذ مبادرات فعّالة تحقق أثراً مستداماً في مجتمعاتهم.
وتضمّن البرنامج مراحل شملت تدريباً نظرياً متقدماً، وورش عمل تطبيقية متخصّصة، وزيارات ميدانية لمؤسسات عاملة في مجالات التنمية والعمل الإنساني.
الشركاء
يحظى البرنامج بدعم شبكة واسعة من الشركاء الذين أسهموا بخبراتهم في إثراء تجربة المشاركين، وفي مقدمتهم الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، واللجنة الوطنية لأهداف التنمية المستدامة، ومؤسسة عبدالله الغرير، ووزارة تمكين المجتمع، وهيئة المساهمات المجتمعية «معاً»، والمركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء، ومؤسسة القلب الكبير، ومنظمة إنقاذ الطفل، كما شاركت مؤسسات دولية وإقليمية بارزة بمعارفها ضمن الجلسات التدريبية، ومنها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا، مجموعة البنك الدولي، مؤسسة الفنار، ڤجن نست، مركز القيادة الجماعية، مجموعة Bridgespan، منظمة الشفافية الدولية – لبنان، Sustainable Square، شبكة العمل الخيري للمشاريع الآسيوية، اللجنة الدولية للصليب الأحمر، منظمة أشوكا، أفريلانثروبي، إضافة إلى كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية.
التدريب
يستمر مسار التدريب في برنامج «القيادات العربية الشابة في القطاع الثالث» من خلال عمل المنتسبين على تطوير مبادرات تعالج قضايا واقعية في مجتمعاتهم، بعدها يخوضون انتداباً مهنياً لمدة شهرين لاختبار أفكارهم في بيئة عمل حقيقية. وفي المرحلة الختامية، يعرض المشاركون نتائج مشاريعهم أمام لجنة تقييم متخصّصة تختار ثلاث مبادرات للحصول على الدعم والتطوير لضمان تنفيذها وتحقيق أثرها على أرض الواقع.