أخبارنا المغربية - عبدالاله بوسحابة

بين الأمس القريب واليوم، ما الذي تغير حتى صار أباء وأولياء التلاميذ يتهافتون على "المجازر الخاصة"، عفوا أريد أن أقول "المدارس الخاصة"، التي صارت اليوم تستنزف جيوبهم بلا رحمة، وتطالبهم بداية كل موسم بمبالغ مالية خيالية، بين واجبات التسجيل والتأمين والنقل، إلى جانب المقررات الدراسية باهظة الثمن، وكأن من سيطالعها سيحصل بقدرة قادر على شهادة الدكتوراه.

أتذكر، وأنا من جيل ثمانينيات القرن الماضي، أنني لم ألج يوما روض الأطفال، بل درست ما تيسر من الشهور في كتاب القرآن، عند "فقيه الحومة"، الذي كان يتقاضى مقابل هذه الخدمة "درهما واحد" كل أسبوع، كنا نسميها آنذاك "لاربعية"، ومع ذلك تمكنت بفضل الله من حفظ الحزب الستين (قصار السور)، كما انهيت فترة الدراسة بـ"الجامع" وأنا أجيد قواعد النحو والكتابة والإملاء..

بعدها، ولجت المدرسة العمومية، حيث مجانية التعليم، ولم أذكر أبدا أن اشتكيت يوما من صعوبة في الفهم أو التحصيل، وكنا على سبيل العادة، نلجأ إلى من يكبرنا سنا من أجل الإعداد لدروس الغد، كان بمبدأ التكافل الدراسي هو السائد في "الحومة"، وهكذا استمرت الحكاية إلى أنهيت مشواري الدراسي، دون مشاكل كبيرة تذكر، رغما أن جيلنا حرم كثيرا من ميزات التكنولوجيا الجديد، إلى جانب ضعف القدرة على اقتناء كتب ومراجع دراسية ضرورية، عكس اليوم، حيث يسهل الحصول على أي معلومة بنقرة بسيطة.

ما الذي تغير بين الأمس القريب واليوم، حتى صار الآباء وأولياء التلاميذ بهذا الخنوع غير المفهوم، يسلمون رقابهم كما جيوبهم بكل سخاء للوبي التعليم الخصوصي، وكأن الدراسة بالتعليم الخاص هي الجسر الآمن لتأمين مستقبل مشرق. في هذا الصدد، أتذكر أننا كنا في السابق نسخر من الفارين إلى المدارس العمومية نحو الخاصة، و كنا نصفهم آنذاك بـ"كوسالا"، قبل أن تنقلب الأمور رأسا على عقب، وتسير في اتجاه الطرف المتضرر منه بشكل كبير هو جيوب المواطنين.

ما زاد الطين بلة، هو أن التعليم بالقطاع الخاص، أضحى مدعاة للتفاخر ( أنا كنقري ولدي في.. وكنخلص عليها القد والقد..)، ما تسبب في كثير من الإحراج بالنسبة لفئات عريضة في المجتمع، غير قادرة على مجاراة إيقاع وأسعار هذه المؤسسات الخصوصية، وبالتالي ظهور سلوكات غير مسبوقة، من قبيل "الكريدي"، "جوع كرشك باش تقري ولدك"، "نسمح فراسي ونقري ولدي".

صحيح أن منظومتنا التعليمية، تشوبها اختلالات واسعة وكثيرة، تستوجب الإصلاح العاجل والتقويم الضروري من أجل إعداد وتخريج جيل متفوق دراسيا، لكن هذا لا يعني أننا نحن جيل الأمس كنا نتمتع بمنظومة في المستوى، الفرق بيننا وبين جيل اليوم يكمن في تراجع مؤشر الرغبة في تحقيق الذات، والإصرار على تغيير الواقع المعيشي، بما أننا كنا جلنا من الطبقة الفقيرة، لكن اليوم، وبما أن جل التلاميذ يحصلون على كل شيء دون أي مجهود يذكر، تصبح الرغبة لديهم في تحقيق نفس طموحاتنا في تراجع مستمر إلا من رحم ربك.

أعتقد أن دور المدرسة يكمن فقط في التوجيه والتأطير، بيد أن شطري العمل يكون في المنزل، وهنا يأتي دور الآباء في تنزيل هذه المعادلة الصعبة والمهمة، لأن أغلبهم يفضل دفع المال عوض "فريع الراس"، دون أي مراعاة لإمكانية فشل هذه الخطوة والقرار.. فعلا الموضوع يحتاج إلى نقاش طويل، لمعرفة الأسباب الحقيقية التي جعلت تعليمنا يتغير بشكل كبير بين الأمس القريب واليوم..

فما هو رأيكم فيما جرى ذكره من معطيات وتفاصيل؟؟

المصدر: أخبارنا

إقرأ أيضاً:

الكويت تلزم العمال الأجانب في القطاع الخاص الحصول على "إذن مغادرة" قبل السفر

الكويت- أعلنت السلطات الكويتية الأربعاء 11 يونيو 2025، قرارا يلزم العمّال الأجانب في القطاع الخاص اعتبارا من بداية تموز/يوليو المقبل، الحصول على إذن من صاحب العمل قبل مغادرة البلاد، في خطوة تمثّل تراجعا في مسار إصلاح نظام الكفالة.

وقالت الهيئة العامة للقوة العاملة في بيان على منصة إكس "أصدر النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الشيخ فهد يوسف سعود الصبح تعميما وزاريا يلزم العمالة الوافدة في القطاع الأهلي بالحصول على +إذن مغادرة+ من أصحاب العمل المسجلين عليهم قبل مغادرة البلاد".

وأوضحت الهيئة أن الإجراء يُعد "خطوة تنظيمية تهدف إلى تعزيز الرقابة على حركة العمالة الوافدة"، إلى جانب "تقليل المخالفات المرتبطة بمغادرة البلاد دون إشعار مسبق وضمان التوازن بين حقوق العمال وأصحاب العمل".

وتفرض السعودية قيودا مماثلة على العمال الوافدين، إذ يجب عليهم أخذ تصاريح من أصحاب العمل لمغادرة البلاد والعودة إليها.

ولطالما انتقدت المنظمات  الحقوقية هذا الإجراء المعتمد في بعض دول الخليج التي تستقدم عددا كبيرا من العمال الأجانب.

وتُعد هذه التصاريح ركيزة نظام "الكفالة" الذي تندد به المنظمات الحقوقية باعتباره "عبودية حديثة"، لأنه يخوّل الكفيل، سواء كان شركة أو شخصا، بمنع العامل من مغادرة البلاد أو تغيير مكان العمل.

من جهتها، كانت قطر بدأت إلغاء تأشيرات الخروج الإلزامية لمعظم العمالة الوافدة في العام 2018، وشمل ذلك لاحقا العمال المنزليين أيضا في العام 2020.

أمّا في الإمارات، فيحظر القانون على أصحاب العمل منع موظفيهم من مغادرة البلاد إلا في حال وجود قرار من المحكمة، كما يحظر الاحتفاظ بجوازات سفر الموظفين.

مقالات مشابهة

  • مؤرخ في جحيم غزة.. خبير فرنسي يكتب عن القطاع الذي اختفى
  • نافذة جديدة لعُمان نحو التميّز الطبي والسياحة العلاجية
  • وزير التعليم: لا تهاون في عمليات الغش بالثانوية العامة وتطبيق القانون الخاص بشأن مكافحة أعمال الإخلال بالامتحانات
  • فؤاد من إيطاليا: لا بد من إلغاء القطاع العام والدعم وتشجيع القطاع الخاص وإلا الإفلاس
  • الكويت تلزم العمال الأجانب في القطاع الخاص الحصول على "إذن مغادرة" قبل السفر
  • مراسلة سانا: أكثر من 3 آلاف طالب وطالبة في محافظتي الحسكة والرقة سجلوا اليوم على التقديم لامتحانات شهادة التعليم الأساسي، بعد إعلان وزارة التربية والتعليم إجراء هذه الامتحانات في المنطقة الشرقية، والتسجيل مستمر حتى يوم الإثنين الـ 16 من حزيران الجاري
  • مدبولي يوجه بطرح الفرص الاستثمارية بالقطاع الطبي على القطاع الخاص
  • مصر تصادق على أول تعاقد للطاقة الخضراء بين جهات القطاع الخاص بقدرة 400 ميجاواط
  • لكي نبقى..!
  • المؤتمر: دعوة القطاع الخاص للاستثمار في النقل النهري تحتاج حوافز جاذبة