حكم عمرة البدل عن الحي.. هل تجوز لشخص غريب؟
تاريخ النشر: 6th, September 2023 GMT
حسم الأزهر الشريف، حكم عمرة البدل عن الحي، والتي شغلت الرأي العام خلال الساعات الماضية، بعد تداول منشورات تروج لفكرة عمرة البدل عن الحي من خلال تطبيق إلكتروني بمقابل مادي 4000 جنيه.
حكم عمرة البدل عن الحيوقال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إن حكم عمرة البدل عن الحي، يدور بين السّنة والواجب، منوها أن الرَّاجح هي سنة مؤكدة تؤدى في العُمر مرة واحدة، بشرط الاستطاعة في جهتيها البدنية والماديّة؛ فعلى المسلم أن يبادر إلى أدائها حال استطاعته بدنيًّا وماديًّا.
وأشار مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إلى أن عدم توافر شرط الاستطاعة المادية والبدنية يرفع الحرج عن الإنسان في الأداء بنفسه أو إنابة غيره؛ لقوله تعالى: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران:97].
وأضاف، أن الأصل في العمرة أنها عبادة بدنية لا تجوز الإنابة فيها إلَّا عن كبير السن وأصحاب الأمراض المزمنة التي تعجزهم عن الأداء بأنفسهم.
عمرة البدل عن الميتوقال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إنه لا مانع شرعًا أن يُعطَى المعتمِر عن غيره من أصحاب الأعذار نفقات سفره وإقامته في الأراضي المقدسة، على ألا تكون مهنة بغرض التربح؛ يترتب عليها تهوين الشعيرة في نفوس الناس، وتنافي المقصود منها.
وأفتى مركز الأزهر العالمي للفتوى، أن من استطاع العمرة وتوفي قبل أن يؤديها، فالأولى أن تؤدى عنه من تركته خروجًا من خلاف من أوجب العمرة على المستطيع كالحج.
عمرة بالنيابةوأعلن مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، عن شرط القائم بما يسمى عمرة بالنيابة عن غيره أن يكون قد اعتمر عن نفسه.
وأوضح مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، أن الأعذار المبيحة للإنابة يقدرها أهل الاختصاص بقدرها المشروط في الشريعة الإسلامية، وتكون الفتوى بإجازة الوكالة فردية، وليست حكمًا عامًّا لجميع الناس، فضلًا عن امتهان الوكالة فيها، فإنه خروج على الأصل الذي ذكرنا، ومناقض لمقاصد الشريعة الإسلامية، وذريعة للتهوين من الشعائر ومحاولة طمسها، وباب للممارسات غير المشروعة
أكد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، أن تعظِيم شعائر الله واجبٌ على كلِّ مسلم، ويتعيّن أن يؤديها بنفسه، متى كان قادرًا على أداء مناسكها، لما يحققه قصد بيت الله الحرام وزيارة سيدنا رسول الله من تعزيز التواصل الرّوحي، والإيمان بالله، والتعلق به سبحانه.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: عمرة البدل الأزهر مرکز الأزهر العالمی للفتوى الإلکترونیة
إقرأ أيضاً:
جان دارك والضمير الحي
حمد الناصري
تُعد جان دارك، الفتاة الفرنسية ذات الستة عشر ربيعًا، بطلة قومية خالدة في الذاكرة الأوروبية. وُلدت في وسط فرنسا الفِلاحي عام 1412 ميلادية، وتنحدر من عائلة بسيطة، لكنها سرعان ما صعدت إلى صفحات التاريخ حين ادعت تلقيها وحيًا إلهيًا يأمرها بطرد الإنجليز من الأراضي الفرنسية. تمكنت جان دارك من قيادة فرنسا إلى سلسلة انتصارات خلال حرب المائة عام، ومهدت بذلك الطريق لتتويج شارل السابع ملكًا على فرنسا.. وقد عُرفت بلقب "العذراء والقديسة"، لكنها قُبض عليها في سن التاسعة عشرة، إثر خيانة داخلية، وسُلمت للإنجليز، حيث حُوكمت بتهمة "الزندقة والعصيان"، وأُعدمت حرقًا عام 1431م.
لكن الكنيسة الكاثوليكية أعادت النظر في قضيتها. ففي عام 1456م، أي بعد 25 عامًا من إعدامها، شكل البابا كاليستوس الثالث لجنة أعادت مُحاكمتها وخلصت إلى براءتها، مُعلنة إياها "شهيدة". وفي عام 1909، تم تطويبها رسميًا، وهي خطوة كنسية تسبق إعلان القداسة. ثم في عام 1920، أعلنت الكنيسة الكاثوليكية جان دارك قديسة، وجعلتها من شُفعاء فرنسا، إلى جانب القديس مارتن المعروف بتضحيته الإنسانية حين اقتسم معطفه مع فقير يرتجف بردًا.
ادعت جان دارك أنها رأت الله في رؤيا يأمرها بمساعدة الملك شارل السابع واستعادة فرنسا من الاحتلال الإنجليزي.. وبعد وفاتها، ألهمت شخصيتها كثيرًا من الكُتاب والفنانين، وظهرت في أعمال أدبية وسينمائية، حتى صارت رمزًا للبطولة والإيمان والتضحية.
إن موقف الإعلامي البريطاني بيرس مورغان، كان صدى حديث للضمير في عصرنا الحالي، فالضمير الحي يُؤدي إلى مشاعر النَّدم والحسرة والأسف عند ارتكاب سلوك يتعارض مع القِيَم أو فِعل يتنافىَ مع الأخلاق .. فقدرة الضمير الحي، على تحمل المسؤولية، تنعكس على الوعْي والثقة بالنفس وعلى الجد والمُثابرة والعزم.. وفي موقف المُتضامنين مع أهل غزة بإدانة الكيان الغاصب والمناصرين لقضية فلسطين، المحتل للأراضي الفلسطينية، والمؤمنين بحل الدولتين، يؤكدون بأنَّنا نحتاج إلى من يرفع الصوت في وجه الظُلم، لا سيما حين تكون المأساة أمام أعين الجميع، كما هو الحال في غزة.
وهنا يبرز الإعلامي البريطاني الشهير بيرس مورغان، الذي وقف وقفة جريئة ومُشرفة حين واجه سفيرة إسرائيل في بريطانيا، تسيبي هوتوفلي، بقوله: "إسرائيل تقتل الأطفال كل يوم، وتمنع دخول الصحفيين إلى غزة بحجة الخوف على سلامتهم... نحن لسنا أغبياء".
بهذا التصريح، عرى مورغان نوايا الاحتلال، وأحرج السفيرة التي تهربت من الرد.. كانت لحظة حاسمة في الإعلام الغربي، أثبت فيها أنَّ الكلمة الحرة ما زالت قادرة على إرباك منظومة الظُلم، مهما عظُمت قوتها الدعائية.
خلاصة القول.. إن ما يجمع بين جان دارك، الفتاة التي أنقذت فرنسا بروحها وعزيمتها، وبين أصوات حرة في عالم اليوم، كالإعلامي بيرس مورغان، هو الوقوف في وجه الظُلم مهما كان شكله أو مصدره.. جان دارك لم تكن فقط فتاة تقود الجيوش؛ بل ضمير أمة حي، والمواقف التي تتكرر اليوم في مواجهة العدوان، مهما اختلفت الأدوات، تؤكد أنَّ البطولة ليست محصورة بالسيف، بل قد تكون في الكلمة التي تُقال بوجه الطُغيان. فحين يسكت الجميع، تظل الحقيقة بحاجة إلى من يتجرأ على قولها.. وهذا ما فعله مورغان، حين تحدى الزيف الإعلامي، وانحاز إلى الحق الإنساني المجرد، تمامًا كما فعلت جان دارك منذ ستة قرون.