الأسلحة المتطورة .. رعب يفوق خيال البشر
تاريخ النشر: 13th, June 2025 GMT
تكشف تقارير ووثائقيات عديدة عن «أسرار تسليح الجيوش» حول العالم، وتلقي الدوريات والمجلات المتخصصة في العلوم العسكرية الضوء على الوجه القاتم الذي يعمل فيه خبراء التسليح في صمت، وسط تجارب متواصلة بحثًا عن نتائج ناجحة.
هؤلاء العلماء والباحثون يزاولون أعمالهم في أماكن «غاية في السرية»، بعيدة كل البعد عن أعين العامة.
أما العاملون في تلك المختبرات والمعامل، فيخضعون لبروتوكولات صارمة في تنقلاتهم وتحركاتهم، إذ ينصبّ جل اهتمامهم على هدف واحد: «إنتاج أسلحة دمار شامل» قادرة على إلحاق أفظع الأضرار بالأرض والإنسان معًا.
والمؤلم في هذا الواقع أن سباق التسلّح الدولي بلغ درجة مرعبة من التطور والفتك، تجعله قادرًا على تدمير كوكب بأسره في وقت قصير جدًا.
ترى الدول الكبرى أن امتلاك هذا النوع من الأسلحة ضرورة حتمية لحماية سيادتها ومصالحها الحيوية، وتأمين ممراتها ومناطق نفوذها من أي تهديد خارجي. فهي تعتبر هذه الترسانات وسيلة للردع والدفاع في حال التعرّض لغزو أو تدخل عسكري.
لكن الحقيقة الخفية تكشف عن محاولة فرض الهيمنة على العالم من خلال زرع الرعب في نفوس الشعوب والحكومات؛ إذ إن امتلاك أسلحة فائقة التدمير يمنح القوى المنتجة لها قدرة هائلة على بسط نفوذها دوليًا، لتصبح مصائر الشعوب معلّقة بما قد تُحدثه هذه الأسلحة إن استُخدمت.
ينتج العالم سنويًا كمًّا هائلًا من الأسلحة المتنوعة: قنابل بأصنافها، صواريخ قصيرة ومتوسطة وبعيدة المدى، وبعضها يُعدّ من أكثر الأسلحة تقدمًا على وجه الأرض، لما تحمله من قدرة تدميرية خارقة تستطيع محو مدنٍ بأكملها في دقائق.
أما آثارها، فتبقى لسنوات طويلة تنهش ما تبقّى من حياة، كما حدث في الحرب العالمية الثانية، حين أُلقيت القنابل النووية الأمريكية على هيروشيما وناجازاكي، مخلّفةً ملايين الضحايا، ولا تزال اليابان حتى اليوم تحيي ذكراهم سنويًا في مشهد مؤلمٍ لا يُنسى.
وفي إطار معالجة النزاعات الدولية، تمتلك الدول وسائل سلمية متعددة، كالمفاوضات الدبلوماسية، الوساطات، أو الاحتكام إلى المنظمات الأممية، قبل الوصول إلى الخيار العسكري. غير أن أخطر الطرق على الإطلاق هو اللجوء إلى الحرب، إذ تفضّل بعض الدول حسم النزاع بالقوة المسلحة، عبر الهجمات الصاروخية التي لا تترك على الأرض أثرًا لا لبشر ولا لحجر.
ولهذا تُعدّ هذه الأسلحة المتقدمة رأس الحربة في تكنولوجيا التسلّح الحديث.
بعض الصواريخ الحديثة تفوق سرعة الصوت بمرات عديدة، وتحمل في طياتها رؤوسًا نووية مدمّرة، قادرة على إصابة الأهداف بدقة مذهلة، وقد تتجاوز آثارها أضعاف ما خلفته قنبلتا هيروشيما وناجازاكي، إذ تصل قدرتها التدميرية إلى نحو ستة أضعاف.
ويبقى السؤال: ماذا نعرف عن هذه «الصواريخ النووية» أو ما تسميه بعض الجيوش بـ«الصواريخ الرهيبة»؟
بين الحين والآخر، تعلن جيوش قوية ككوريا الشمالية وروسيا عن نجاح تجارب صاروخية «مرعبة»، وتأتي تصريحاتها كرسائل واضحة للعالم: «نحن قادرون على محو مدن كاملة بهذه الأسلحة الفتاكة».
وقد تحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرارًا عن جاهزية بلاده لاستخدام السلاح النووي لإنهاء الحرب في أوكرانيا، مشيرًا إلى أن موسكو تملك القدرة الكاملة على الحسم العسكري متى أرادت، في إشارة مباشرة إلى تفوق روسيا القتالي والتكنولوجي.
رغم أن تلك التصريحات تُعدّ مستفزة بالنسبة للدول الغربية المتحالفة مع كييف، إلا أنها تكشف في الوقت ذاته عن رؤية روسية تسعى لإعادة رسم ملامح الواقع وصياغة المستقبل من منظور جديد.
وتلجأ بعض القوى الكبرى إلى سلاح «التصريحات الإعلامية» كوسيلة ردع، لتؤكد امتلاكها قدرة الرد والمواجهة في حال تعرّضها لأي تهديد، أو عند اعتراضها على قرارات لا تخدم مصالحها.
ومن يتابع وسائل الإعلام المتخصصة بدقة، يجد أن العالم يقف اليوم على حافة حرب عالمية ثالثة، وسط نزاعات واضطرابات سياسية متزايدة، وهو ما دفع الأمين العام للأمم المتحدة إلى التحذير من أن كوكب الأرض لم يعد يتحمل صراعات جديدة، في إشارة صريحة إلى أن النزاعات الحالية تهدد الوجود البشري والبيئة معًا.
وإذا عدنا إلى الحديث عن الصناعات العسكرية المتطورة، فسنجد أن بعض الصواريخ الحديثة يمكنها حمل ما يصل إلى عشر رؤوس نووية فرط صوتية دفعة واحدة، وتزن كل منها أكثر من ألف كيلوجرام، أي أن مدى دمارها يمكن أن يصل إلى أكثر من ثمانية آلاف كيلومتر، وهذه معلومات منشورة وموثقة عبر مواقع إلكترونية معتمدة.
وقد تم تصميم بعضها ليُحمَل على غواصات نووية، حيث تستطيع الغواصة الواحدة أن تنقل ما بين 12 إلى 16 صاروخًا، ما يجعلها قوة قادرة على محو دول صغيرة كاملة من على وجه الأرض.
في السياق ذاته، يؤكد الخبراء والمحللون أن هذه الأسلحة تفوق خيال البشر، إذ تتمتع بقدرة عالية على المناورة في الجو، لتفادي أنظمة الدفاع الجوي، كما أن اعتراضها شبه مستحيل نظرًا لسرعتها الفائقة، التي تصل إلى نحو 500 كيلومتر في الثانية.
إنها بالفعل «أسلحة رعب»، تُعدّ من أقوى الترسانات النووية على كوكب الأرض، بل الأخطر على الإطلاق. وهي بمثابة «كابوس نووي» يُهدد أمن العالم، وقد يغيّر وجه البشرية إن تم استخدامه... حينها، لن يكون هناك منتصر، بل فقط رماد!
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: هذه الأسلحة
إقرأ أيضاً:
مفاجأة علمية.. الببغاوات لا تقلدنا فقط بل تنتج اللغة مثلنا
عندما يتعلق الأمر بالكلام، تتميز الببغاوات بمهارة فائقة في تقليد البشر لدرجة أن اسمها أصبح مرادفًا للتكرار والثرثرة. مع ذلك، منذ أن عرف البشر قدرة هذه الطيور المذهلة على التعبير، ظلت كيفية إدارتها لمثل هذه الأصوات المعقدة والمرنة لغزًا.
لكن دراسة جديدة نُشرت في مجلة "نيتشر" تقدم حلًا لهذه المشكلة، وتُظهر أن أدمغة الببغاوات لا تقتصر على التقليد فحسب، بل تمتلك مراكز إنتاج لغة في الدماغ شبيهة بتلك الموجودة لدى البشر، مما قد يساعد العلماء على فهم آلية عمل الكلام لدى البشر وعلاجها اضطراباته بشكل أفضل.
وفي تصريحات للجزيرة نت، يقول مايكل لونغ عالم الأعصاب في مركز لانغون الطبي جامعة نيويورك والباحث الرئيسي للدراسة "تتميز الببغاوات -التي تُربّى عادةً كحيوانات أليفة- بقدراتها الصوتية المذهلة، فهي قادرة على تقليد مجموعة واسعة من الأصوات من البيئة، بما في ذلك أصوات الكلام".
تستكشف الدراسة آليات الدماغ الكامنة وراء أصوات الببغاوات الشائعة، المعروفة أيضًا باسم ببغاوات البادجي، وهي نوع صغير من الببغاوات الأسترالية الذكية واللطيفة، وتتميز بألوانها الأخضر والأصفر النيون، وتٌباع غالبًا كحيوانات أليفة.
وبعيدًا عن مظهرها، تعيش هذه الطيور في البرية في أسراب اجتماعية، وتتواصل عبر تغريد طويل، وتأكل البذور، وتطير في مجموعات إلى حيث يُحتمل أن تكون وجبتها التالية.
وداخل أقفاصها، تُعرف هذه الطيور بطابعها الاجتماعي وثرثارتها، من خلال تقليد العبارات البشرية، مما يجعلها مواضيع بحثيةً مثيرةً للاهتمام في دراسات اللغة.
ويقول لونغ "كانت دراستنا هي الأولى التي تقيس نشاط دماغ الببغاء أثناء إنتاجه للصوت، ووجدنا أن هناك تمثيلًا للأصوات في جزء من الدماغ يُشبه مركزًا رئيسيًا لإنتاج الكلام لدى البشر، وهذا أول نوع غير بشري يُلاحظ فيه وجود مثل هذه الخريطة الحركية الصوتية".
إعلانولفهم كيفية تقليد طيور البادجي للبشر بدقة وإنتاجها لهذا الكم الهائل من الأصوات الشبيهة بالكلام، قام لونغ -وزميلته زيتيان يانغ في مركز لانغون الطبي جامعة نيويورك- بزراعة مجسات دقيقة جراحيًا في أدمغة 4 من الطيور، وتتبعا سلوك الخلايا العصبية الفردية في أدمغتها أثناء إصدارها لأصواتها.
وركز الباحثان على المنطقة الأمامية في دماغ الطيور، التي تعرف باسم "أركوباليوم" وتتداخل جزئيًا مع مناطق مماثلة للوزة الدماغية لدى الثدييات، وتلعب دورًا حاسمًا في التحكم بالمخرجات الصوتية.
ثم جمعا النشاط العصبي لكل طائر أثناء نطقه، وقارنا بيانات البادجي ببيانات البشر وعصافير الزيبرا المغردة التي تُستخدم عادةً في الأبحاث العلمية وتتميز بعبارات صوتية أقل مرونة من الببغاوات.
ووجد مؤلفا الدراسة أن نشاط الخلايا، المُستقرة بهذا الجزء من دماغ البادجي، مُرتبط بالأصوات التي تُصدرها الطيور، وأن الأنماط العصبية المختلفة في هذه المنطقة الدماغية تتوافق مع الأصوات المختلفة، وهي عملية تعكس كيفية ترميز الدماغ البشري للكلام.
ويقول لونغ "عند البحث، وجدنا أن التنظيم الوظيفي لدماغ الببغاء بسيط بشكل مدهش". ويبدو أن خلايا الدماغ الفردية في الببغاء تُشفّر أصواتًا مختلفة يُصدرها الطائر، بما في ذلك طبقة الصوت. ونتيجةً لذلك، هناك تشابه جوهري بين دماغ الببغاء والبيانو، حيث تُؤدي المفاتيح المختلفة إلى نغماتٍ مختلفة.
ويضيف "طائر البادجي قادر على توليد أصوات عشوائية في عالمه بمجرد العزف على هذه المفاتيح الصوتية التي تُنتج مجموعة متنوعة من الأصوات والنغمات العالية والمنخفضة".
تشابه مع أدمغة البشرتتناقض النتائج التي توصل إليها العلماء في طيور البادجي بشكل حاد مع ما لاحظه العلماء في طيور الزيبرا (عصافير الحمار الوحشي الأسترالي) التي -على عكس طيور البادجي- لا تُقلّد الأصوات.
ووجد الباحثون أن منطقة دماغ الببغاء التي ركزوا عليها تعمل بشكل مشابه لأجزاء من القشرة المخية البشرية المرتبطة بوظيفة الكلام والحركة، مقارنةً بمنطقة نظيرتها لدى طيور الزيبرا التي يبدو أن أصواتها مُشفرة كأنماط جامدة وثابتة بمجموعات معقدة وغير قابلة للتفسير من نشاط الخلايا العصبية.
وتتعلم طيور الزيبرا الأغاني المعقدة وتكررها، لكن نشاط دماغها يشير إلى محدودية قدرتها على تعديل ما تعلمته أو الارتجال.
أما في طيور البادجي، فتسمح المنطقة الأمامية بأنماط كلام أكثر مرونة وارتجالية، مشابهة لتلك الموجودة لدى البشر الذين ترتبط لديهم حركات عضلات الشفتين واللسان المحددة بأنماط عصبية محددة في الدماغ.
وهذه الروابط واضحة بما يكفي لدرجة أن العلماء استخدموا سابقًا هذه الأنواع من إشارات الدماغ لتفسير وإعادة إنتاج الكلام المقصود لدى الأشخاص الذين فقدوا القدرة على التحدث بأنفسهم.
وتُضاف هذه الدراسة إلى مجموعة متنامية من الأبحاث حول الإدراك الحيواني، فالعديد من هذه الطيور تُظهر قدرات مذهلة في التعلم والعد والاستدلال، مما يُسلِّط الضوء على أنها قد تمتلك عمليات عصبية أكثر تطورًا مما كان يُعتقد سابقًا.
إعلانوبينما تُعرف الببغاوات بالفعل بذاكرتها المذهلة وقدراتها على استخدام الأدوات، يشكك هذا الاكتشاف أكثر في افتراض أن التحكم الصوتي المُعقّد ينفرد به البشر، ويظهر أن النشاط العصبي والسلوك الصوتي المرتبط به أقرب بين الببغاوات والبشر منه بين الببغاوات والطيور المغردة.
ووفقًا للونغ، تُؤثر اضطرابات التواصل على ما يقرب من 15% من الناس، وتشمل فقدان القدرة على الكلام بعد السكتة الدماغية، والاضطرابات العصبية التنكسية مثل مرض باركنسون والخرف المرتبط بالعمر، أو حالات النمو العصبي مثل التوحد، والتي يمكن أن تُضعف قدرة الشخص على إنتاج اللغة.
ويقول "بفضل قدرتها الصوتية المُشابهة لقدرة البشر، تجدد طيور البادجي الأمل في فهم العمليات الطبيعية التي تُشكل أساس التعلم الصوتي المرن، وكيف تتعطل هذه العمليات في مجموعة من الاضطرابات، وأفضل السبل لعلاج هذه الحالات".
وكتب جوشوا نونويبل عالم الأعصاب بجامعة ديلاوير، والذي لم يشارك بالدراسة -في مقالة مُصاحبة للدراسة بمجلة "نيتشر"- أن مثل هذه الدراسات تُقدم آفاقًا مُثيرة للأبحاث المُستقبلية "وتُبشر بتطوير علاجات النطق وإلهام تقنيات واجهة الدماغ والحاسوب".
مستقبل البحثوالآن، وبعد أن أصبح لدى العلماء معرفة أكبر بكيفية مساعدة أدمغة الببغاوات للطيور على الكلام، يُطرح أسئلة أخرى: كيف -على سبيل المثال- يختار الطائر إصدار أصوات معينة بدلًا من أخرى؟ وما الذي تتحدث عنه هذه الببغاوات؟
ويعمل فريق لونغ الآن مع باحثي التعلم الآلي بهدف ترجمة ما تتواصل به الببغاوات من خلال أصواتها، وتحديد معنى كل زقزقة وتغريدة، فربما تكون لغتها نفسها -وليس فقط طريقة تكوينها في الدماغ- مشابهةً للغة البشر.
وفي حال نجاح هذا العمل، قد يوفر رؤى أعمق حول ما تتواصل به هذه الطيور حقًا عند تقليدها للكلام البشري ونداءات بعضها البعض.
وقد تستكشف الدراسات المستقبلية أيضًا ما إذا كانت طيور مغردة أخرى عالية المهارة، مثل طيور القيثارة، تشترك في هياكل عصبية مماثلة، مما يُقدِّم فرصة إضافية لدراسة اللغة.
وبالإضافة إلى ذلك، يأمل الباحثون في تتبع كيفية تكيف المنطقة الأمامية في أدمغة الطيور بمرور الوقت وفحص كيفية تأثير التفاعلات الاجتماعية على التعلم الصوتي لدى الببغاوات.