لجريدة عمان:
2025-06-22@13:27:57 GMT

مشاعر الانتقام.. شموع لا تنطفئ

تاريخ النشر: 13th, June 2025 GMT

مشاعر الانتقام.. شموع لا تنطفئ

كنا نعتقد أن المشاعر تموت، لكننا اكتشفنا بعد مرور نصف قرن من الحياة أن بعض المشاعر الغاضبة لا تزال تشتعل تحت الرماد، في مرحلة تجاوزت ثلاثة عقود ونصف العقد من الآن، كان طريق البحث عن فرصة عمل بحسب «ما نريد أن تأتي» غاية لا تدرك، وجبل صعب تسلق هاماته العالية، خاصة ممن لم يوفق في تكملة مشواره الدراسي واكتفى بالشهادة العامة بعد أن عجز عن تحقيق معدل دراسي يمنحه الفرصة لتكملة مشوار الدراسة.

كان الفراغ قاتلا، نظرة الأهل والمجتمع للباحث عن عمل في تلك الفترة العصية، نظرة تطارد البسطاء كخطيئة لا تغتفر، فلم تكن خيارات العمل متاحة مثل الآن، وكان الانخراط في الفرق التطوعية هو السبيل من أجل الخروج من المنزل، والبعد عن مشقة التفكير والشعور بالحزن، وبالتالي العمل التطوعي يوفر جزءا من الانشغال عن كل شيء منفر للنفس، وأيضا قد يكون في الوقت نفسه «شمعة تحترق ببطء شديد»، لكنها ربما تكون فاتحة خير لوظيفة عابرة حتى وإن كانت بسيطة، في الولاية البعيدة، تم تشكيل فريق عمل من بعض الذين لم يحالفهم الحظ في الدراسة، وانخرطنا في تنظيم المعارض والمشاركة في الحملات التثقيفية التي تقوم بها المؤسسات الحكومية والأهلية مثل: المركز الصحي والبلدية والنادي الرياضي وأيضا فعاليات المدارس، فلم تكن أي مناسبة وطنية أو دينية أو فعالية مجتمعية تخلو من وجودنا معهم كمنظمين أو مشاركين في الحدث.

في البدء كان الرهان على المركز الصحي ومن خلال الانتساب إلى «مجموعات دعم صحة المجتمع»، ففي كل مناسبة أو حملة تثقيفية «ناجحة» كانت الوعود تأتينا من المسؤول بخبر سار للقلب حيث يقول: «سوف نجد لكم وظيفة تقتاتون من ورائها فنحن بحاجة إليكم وإلى خدماتكم ولن نتخلى عنكم.. استمروا في العطاء». وخلال سنوات من العطاء المتواصل لم يحدث أي جديد بل ظلت الوعود تتجدد في كل مرة، فلم يكن لنا بديل سوى الاتجاه نحو البديل هو «البلدية» التي كانت في تلك الفترة تتنافس مع ولايات في مسابقة «شهر البلديات»، حيث تنظم البلدية على مدار العام مجموعة من الفعاليات حيث برز عمل الفرق التطوعية في تقديم أعمال متنوعة مثل تنظيف الشواطئ، والشوارع وحتى مكافحة الفئران، لم نترك فعالية واحدة إلا وكنا حاضرين معهم على أمل أن نجد موطئ قدم يضمن لنا الوظيفة والحياة والمستقبل.

كانت الوعود تأتي في كل مرة، وتذهب مثلما أتت، كما كان الحال بالنسبة للمركز الصحي الذي تخلى عن المطالبة بضمنا إلى العمل معهم تحت أي مجال أو على الأقل المطالبة لنا بمكافأة مالية تعيننا على متطلبات الحياة ولو بشكل يسير، بعد هاتين المحاولتين الفاشلتين اتجهنا نحو «النادي الرياضي» وهي المحطة الثالثة والأمل الجديد الذي يمكن أن ينقذنا من انتظار الوظيفة، ففي كل مناسبة رياضية أو ثقافية كنا نحن الوجوه الحاضرة معهم دعما ومشاركة وتنظيما، مرت الشهور والحال يزاد سوءا، أحيانا نخرج من منازلنا منذ الصباح الباكر ونعود مساء مجهدين متعبين بعد أن يحل الظلام على شوارع الولاية، وأحيانا نظل ساعات طويلة بدون أن نتذوق طعم الطعام لأن من نعمل لديهم لا يقومون بإعطائنا جزءا من الاهتمام بإطعامنا أو توفير أي من الخدمات الضرورية لنا.

سنوات من العمر انقضت، «لا وظيفة ولا دراسة ولا أمل» في أي منها، ملل ووعود من هنا وهناك، بعد أن بلغ إلياس مبلغه تفرق كل من كان معنا من الزملاء كلا ذهب إلى حال سبيله، وبعد سنوات طويلة وجدنا أنفسنا في أماكن أخرى كتب الله لنا فيها أبواب الرزق، ولما عدنا إلى تذكر ما سبق ذكره، اكتشفنا بأن كل شخص كان له يد في انكسار قلوبنا بعدم رغبته في مساعدتنا رغم الوعود الكاذبة انتهى به الأمر في موقع لم يتوقع أن يخسف الله به، البعض لا يزال حي يرزق والباقي في أعداد الموتى.

وبعد هذه السنوات الطويلة لا تزال رغبة الانتقام حاضرة في القلوب المكسورة، حتى وإن كان هذا الانتقام عبارة عن مصارحة لفظية وتذكير بالصفحة السوداء التي تركوها في قلوبنا، فيكفي أن نخرج كل الغضب القديم والحزن الدفين أمامهم حتى ترتاح قلوبنا من قسوة الأيام التي مرت في مرحلة الثمانينيات من القرن الماضي ولا نزال تشعرنا الذكريات بنوع من الألم النفسي.

تعلمنا من تلك التجربة إذا لم يكن باستطاعتنا مساعدة الناس، فلا داعي أن نطلق الوعود الكاذبة الخادعة، وإذا كنا بحاجة إلى عطاء الآخرين فعلينا أن لا نبخل عليهم بل نكرمهم قدر ما استطعنا حتى لو بكلمة طيبة تنسيهم العناء والتعب.

تعلمنا أن الأقدار قد تسوق لك الخير في وقت تظن بأنك الظروف تحاصرك من كل ناحية حتى وإن كانت رحلة الصمود متعبة وصعبة، لكن الله تعالى يأتي بالفرج وييسر الأمور.

من ذلك الوقت أصبح العمل التطوعي مجرد ذكرى موجعة بالنسبة لي ولزملائي القدامى، رغم أن التطوع بريء من خداع الآخرين ومآربهم الخبيثة ونظرتهم إلى أن التطوع هو عبارة عن استغلال لحاجة الآخرين إلى العمل.

إن ما فعله البعض في تلك المرحلة بقي علامة سوداء في سويداء القلب لكن مفهوم العمل التطوعي قد تغير كثيرا بعد أن استلمت زمام أموره شخصيات رائعة جعلت من هذا التطوع رسالة نبيلة وخدمة جليلة تستفيد منها جميع فئات المجتمع.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: بعد أن

إقرأ أيضاً:

كأس العالم للأندية.. مدافع دورتموند: مباراة صن داونز كانت مثيرة

أكد فالديمار أنطون، مدافع فريق بوروسيا دورتموند الألماني، أن مباراة فريقه أمام ماميلودي صن داونز الجنوب إفريقي بكأس العالم للأندية كانت صعبة.

بوروسيا دورتموند يفوز على صن داونز 4-3 في كأس العالم للأنديةتشكيل بوروسيا دورتموند أمام صن داونز في كأس العالم للأندية

وفاز فريق دورتموند على نظيره صن داونز، برباعية مقابل ثلاثة أهداف، في إطار الجولة الثانية من دور المجموعات ببطولة كأس العالم للأندية.

وقال مدافع دورتموند في تصريحات عبر الموقع الرسمي للنادي: “المباراة كانت مثيرة من البداية حتى النهاية، لكن أداءنا لم يكن على المستوى المطلوب، دخلنا اللقاء بشكل سيئ، وسمحنا لصن داونز بفرض أسلوبه في فترات كثيرة”.

وتابع: “كنا متأخرين بخطوات، ولم نحسن تأمين المساحات خلفنا، صحيح أننا فزنا واستحقينا الانتصار، لكننا ارتكبنا أخطاء كثيرة وجعلنا المهمة أسهل على الخصم”.

وعن صعوبة الأجواء المناخية، اختتم: “تعرّقت وكأنني خرجت لتوي من حمام ساونا، كانت الأجواء مرهقة جدًا، وهو أمر طبيعي للمنافس لكننا لم نكن في أفضل حالاتنا البدنية”.

طباعة شارك بوروسيا دورتموند أنطون صن داونز كأس العالم للأندية

مقالات مشابهة

  • كأس العالم للأندية.. مدافع دورتموند: مباراة صن داونز كانت مثيرة
  • استشاري يوضح أبرز الأساليب التي تساعد الأفراد على التكيف مع ضغوط العمل اليومية .. فيديو
  • فيديو نادر يظهر أبراج الكويت حينما كانت تحت الإنشاء
  • إذا كانت الملابس لا تناسب جسمك.. انتبه لهذه الأعراض الخطيرة التي تظهر دون ألم وراجع الطبيب فوراً
  • ترامب يكذب تصريحات مديرة الاستخبارات حول إيران: "كانت مخطئة"
  • بعيو: لو كانت درنة تحت حكم الدبيبة لما شهدت حياةً ولا إعمار  
  • شاهد بالفيديو.. سيدة سودانية تنهار بالبكاء على الهواء: (زوجي تزوج من مطربة شهيرة كانت تجمعه بها علاقة غير شرعية وأصبحت تصرف علينا بأموال الحرام ومن أموال المبادرات التي تطلقها)
  • لماذا جرش شعلة لا تنطفئ؟
  • عون: بيروت كانت وستبقى نبض الحياة
  • شعلته لن تنطفئ.. مهرجان جرش سيقام في موعده