كيف وضعت قطر نفسها على خارطة الوساطة بين أمريكا وفنزويلا؟
تاريخ النشر: 6th, September 2023 GMT
بينما تطور قطر علاقاتها في أمريكا اللاتينية، من الممكن أن تستفيد أيضًا من الاضطلاع بدور الوسيط الموثوق في الخصومات الدبلوماسية، وعلى رأسها في المفاوضات الأمريكية الفنزويلية.
هكذا يتحدث تقرير لمركز "كارنيجي"، مشيرا إلى أنه في ضوء علاقات قطر مع إيران، والدور الذي اضطلعت به تاريخيًا في الوساطة بين الولايات المتحدة وإيران، فإن ذلك يمنحها خصوصية في التعامل مع بلدان أمريكا اللاتينية التي تزداد تقاربًا مع طهران.
وينطبق هذا بصورة خاصة على فنزويلا في أعقاب زيارة رئيسها نيكولاس مادورو إلى إيران في عام 2022، حيث وقّع خطة تعاون لمدة 20 عامًا مع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي.
واستضافت قطر، في يونيو/حزيران الماضي، محادثات سرّية بين فنزويلا والولايات المتحدة، وذلك امتدادا لسجل حافل في مساعدة الولايات المتحدة في المفاوضات الحسّاسة، بما في ذلك عملية تبادل السجناء الأخيرة مع إيران والقنوات الخلفية بين الولايات المتحدة وحركة طالبان.
ووفق التقرير، ملأ صعود قطر في دور الوسيط في فنزويلا فراغًا خلّفه اتحاد أمم أمريكا الجنوبية وجهات فاعلة إقليمية أخرى تنشغل على نحو متزايد بالأزمات الاقتصادية والسياسية المحلية أو يُنظَر إليها بأنها تسعى إلى تنفيذ جداول أعمال منحازة.
قدّمت قطر نفسها في موقع الوسيط المحايد في فنزويلا مع حد أدنى من التشنّج مع جميع الأفرقاء المعنيين.
اقرأ أيضاً
بمكاسب عالية ومخاطر منخفضة.. قطر تبرز كوسيط بالأزمة الأمريكية الفنزويلية
ولم تصطف قطر إلى جانب الولايات المتحدة في دعمها لمرشح المعارضة المتصدّر خوان جوايدو لمنصب الرئيس الانتقالي في فنزويلا، ولا إلى جانب إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، حين فرضت عقوبات على مادورو، بموجب سياسة "الضغوط القصوى".
وقد ساهم هذا الحياد الاستراتيجي، مقرونًا بالموارد المالية الطائلة التي تمتلكها قطر وتاريخها في استضافة المفاوضات الأمريكية مع إيران وحركة طالبان، على التوالي، في تعزيز أوراق اعتمادها في مجال الوساطة.
ووفق التقرير، يتيح الاضطلاع بدور الوسيط في المحادثات الأمريكية الفنزويلية لقطر، حلًّا منخفض المخاطر للاستمرار في رأب سمعتها الدولية القائمة على الوساطة الحيادية، والتي أضعفتها سياستها التدخلية أثناء الربيع العربي.
ويسمح أيضًا للبلاد بالتحوّط في رهاناتها الأمنية من خلال إثبات أنها ذات فائدة للولايات المتحدة، وضامنة أساسية للأمن، في حين أنها حافظت على علاقاتها مع إيران التي تُعَدّ من أقرب الشركاء الاقتصاديين والعسكريين لفنزويلا في الأعوام الأخيرة.
ويتبدّل المشهد الجيوسياسي العالمي فيما تُقدِم البلدان، لا سيما تلك الشبيهة بفنزويلا التي تواجه تداعيات العقوبات الغربية، على تنويع علاقاتها الاقتصادية والسياسية بصورة متزايدة.
اقرأ أيضاً
أمير قطر يلتقي الرئيس الفنزويلي ويبحثان تطوير العلاقات
وقد سلّط صعود مجموعة "بريكس" المؤلّفة من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، والتي يبدي أكثر من 40 بلدًا رغبته في الانضمام إليها، الضوء على هذا الابتعاد عن أحادية القطب.
في قمة مجموعة بريكس في أغسطس/آب الماضي، تلقّت السعودية ومصر والإمارات، ودول أخرى من خارج منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، دعوة للانضمام إلى المجموعة.
ويشكّل ذلك، مقرونًا بتحوّل العديد من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نحو الصين للاضطلاع بدور الوساطة، على النحو الذي أظهره الاتفاق السعودي-الإيراني الأخير، جزءًا من انعطافة إقليمية أوسع نحو شركاء غير غربيين.
وتناقش قطر "التخلّي عن الدولار" في تبادلاتها التجارية مع روسيا، ولكنها لم تُظهر اهتمامًا بالانضمام إلى مجموعة "بريكس"، وأحد الأسباب هو أنها قد لا تكون مستعدة بقدر القوى الإقليمية الأخرى لتعريض ترتيباتها الأمنية مع الولايات المتحدة للخطر.
ويلفت التقرير إلى أنه "ربما تعتقد قطر أن بإمكانها الاستفادة من العلاقات مع بلدان أمريكا اللاتينية من دون الانضمام إلى مجموعة بريكس".
اقرأ أيضاً
أمير قطر يغادر المكسيك ويصل إلى فنزويلا في ختام جولته اللاتينية
ويضيف: "وقّعت قطر اتفاقات اقتصادية مع البرازيل وغيرها من دول أمريكا اللاتينية، ولا تصبّ هذه العلاقات في مصلحة الطرف الآخر فقط، بل من شأن الدوحة أن تستفيد أيضًا من تطوير علاقاتها مع فنزويلا في مجال الطاقة، فالأخيرة تملك أكبر حقول مثبَتة للنفط في العالم ويمكن أن تستفيد من الاستثمارات وتبادل المعرفة".
ولكن فيما تبدي طهران اهتمامًا متزايدًا بالتعاون الاقتصادي والعسكري مع أميركا اللاتينية، وفقًا لما كشفته تسريبات البنتاغون في أبريل/نيسان الماضي، قد تصبح قطر أيضًا وسيطًا بالغ الأهمية لها.
وحافظت الدوحة على علاقات مع طهران، وساهمت في تيسير المحادثات لتجديد الاتفاق النووي، والتقى مسؤولون قطريون كبار وزير الخارجية الإيراني هذا العام لتوطيد الروابط.
وساهمت أزمة الخليج في عام 2017 أيضًا في زيادة الانخراط بين البلدَين.
ويختتم التقرير: "في ضوء علاقات قطر مع إيران والدور الذي اضطلعت به تاريخيًا في الوساطة بين الولايات المتحدة وإيران، فإن ذلك يمنحها خصوصية في التعامل مع بلدان أمريكا اللاتينية التي تزداد تقاربًا مع طهران".
اقرأ أيضاً
رئيس فنزويلا: أمير قطر أبدى موافقته على عقد قمة لزعماء «أوبك»
المصدر | الخليح الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: فنزويلا قطر وساطة أمريكا أمريكا اللاتينية إيران أمریکا اللاتینیة الولایات المتحدة فنزویلا فی اقرأ أیضا مع إیران التی ت
إقرأ أيضاً:
مصادرة أمريكا لناقلة نفط ينذر بتفاقم الأزمة الاقتصادية في فنزويلا
تعرّض اقتصاد فنزويلا الدولة التي يحكمها نظام اشتراكي لضغوط شديدة منذ أن شدد الرئيس الأميركي دونالد ترمب القيود على تجارة النفط في وقت سابق من العام الجاري. وكان إمداد الحكومة بالدولارات - المرتبط في معظمه بمبيعات الخام- قد تراجع بالفعل بنحو 30% خلال الأشهر العشرة الأولى من 2025.
وأسهم هذا التضييق في الضغط على سعر الصرف ودفع الأسعار إلى الارتفاع، مع توقع أن يتجاوز معدل التضخم السنوي 400% بحلول نهاية العام، وفق تقديرات خاصة لخبراء اقتصاد محليين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم خشية التعرض للانتقام.
انهيار اقتصادي مطول في فنزويلا
بعد أن كانت في وقت ما من أغنى دول أميركا اللاتينية، عانت فنزويلا انهياراً اقتصادياً مطولاً يمتد لأكثر من عقد، دفع نحو ربع سكانها إلى الهجرة بحثاً عن فرص أفضل في الخارج. تُهدد عملية مصادرة الناقلة الاستيلاء الأسبوع الجاري، التي كانت تحمل ما يصل إلى مليوني برميل من النفط، بفتح فصل جديد من المتاعب.
طالع المزيد: واشنطن تحتجز ناقلة نفط قبالة سواحل فنزويلا في تصعيد خطير للتوترات
قال خبير الاقتصاد الفنزويلي فرانسيسكو رودريغيز، أستاذ الشؤون الدولية في جامعة دنفر: "إن استمرار سياسة المصادرات سيؤدي إلى تراجع حاد في قدرة فنزويلا على الاستيراد، ما سيدخل البلاد في ركود جديد".
يأتي هذا التدهور المتجدد في ظل نقص حاد في البيانات الاقتصادية، مع تشديد الحكومة حملتها على الإحصاءات المستقلة. فقد اعتقلت السلطات ما لا يقل عن 8 خبراء اقتصاد ومستشارين خلال العام الحالي بسبب نشرهم تقديرات تتعلق بالتضخم والنشاط الاقتصادي وسعر الصرف الموازي.
توقع خبراء اقتصاد بالفعل تباطؤاً اقتصادياً في 2026 قبل التحرك الأميركي التصعيدي. رغم أن السلطات لا تنشر بيانات منتظمة، زعم البنك المركزي الفنزويلي مؤخراً أن الاقتصاد سجل نمواً بنسبة 8.7% في الربع الثالث من العام الجاري. يقارن ذلك بتقديرات محلية تشير إلى نمو بنحو 5% في 2025، وانكماش بنسبة 1% العام المقبل، حتى قبل مصادرة الناقلة.