إنشاء الطرق والكباري له أهداف أمنية

هناك نخبة مصرية "تستعرّ" من أصولها

النموذج المهيمن على النخب السياسية والاقتصادية هو التأثر بنموذج دبي

العاصمة الإدارية تحاكي قصر فرساي الذي بناه لويس 14 لينأى بنفسه عن باريس وشعبها

ما يجري داخل القاهرة التاريخية هو تشويه وليس تطويرا.. بهذه الكلمات وصف المؤرخ والأكاديمي المصري، خالد فهمي، عمليات الإزالة والهدم التي تجري على قدم وساق في العديد من المناطق التاريخية القديمة بالعاصمة المصرية بدعوى إقامة جسور وطرق جديدة تربط أواصر العاصمة الكبيرة المترامية الأطراف.



وقدم فهمي، الذي يعمل أستاذا لتاريخ الشرق الأوسط الحديث بجامعة تافتس الأمريكية، في حوار صحفي مع "عربي21" رؤيته الخاصة للغرض من بناء الكباري وإنشاء الطرق في كل أحياء القاهرة وأنحاء البلاد، والتي تنطلق من زاوية أمنية بحتة تخالف الرواية الرسمية التي تقوم على تسهيل حركة المرور، ولكنها في الحقيقة تسهل من تشديد القبضة الأمنية على المدينة من خلال إمكانية وصول القوات الأمنية إلى أي نقطة.

يعتقد المؤرخ المصري حيث ينصب اهتمامه على التاريخ الاجتماعي والثقافي للشرق الأوسط الحديث، خاصة تاريخ القانون والطب والجيش والشرطة في مصر طوال القرن التاسع عشر، أن مشروع تحديث أو تطوير القاهرة خلا من أهم ركيزتين وهما الاهتمام بالصحة والتعليم، وبالتالي أصبح مثل الحفر في الرمال على شاطئ البحر دون جدوى.

ورأى فهمي أن فكرة العاصمة الإدارية الجديدة هي محاكاة لفكرة بناء قصر فرساي في فرنسا في القرن الـ17 عشر عندما نقل الملك لويس الـ 14 مقر الحكم خارج باريس للنأي بنفسه عن المدينة والشعب والعامة وجمع حوله طبقة من النخبة، ولكن التجربة لم تدم طويلا.




وتاليا نص الحوار:

مرت عصور مختلفة على العاصمة المصرية القاهرة، وشهدت قيام دول وسقوط دول بثقافات وديانات ولغات مختلفة.. برأيكم كيف استطاعت الجمع بين كل ذلك في وحدة تاريخية متجانسة، وحافظت على مكانتها؟

تاريخ القاهرة مرتبط بشكل وثيق بتاريخ مصر نفسها، يطلق عليها مصر أو مصر المحروسة لأنها كانت مركز الحكم لآلاف السنين، وكان نفوذها يمتد بحسب قوة الدولة المركزية، إذا كانت الدولة قوية يصل نفوذ المدينة إلى أبعد نقطة، والعكس.

ظلت القاهرة عصب ومركز الحياة الاقتصادية والثقافية والدينية والأدبية في الإقليم العام الذي نطلق عليه مصر بشكل يطغى على المدن الأخرى الشهيرة، وتأثيرها قوي جدا، وهناك علاقة مهمة يجب الإشارة إليها وهي علاقة (الأخذ والعطاء) بين الحاكم أو الدولة والشعب أو المحكومين خاصة في حيز القاهرة، حتى في العصور الحديثة وما قبلها.

السيطرة على القاهرة كانت تعني حكم مصر، كما أنها كانت مركزا للصراع بين الحاكم والمحكومين.. كيف كان ذلك؟

سور القاهرة الذي بناه الحاكم صلاح الدين الأيوبي (582هـ/1176م) حول الفسطاط والقاهرة الفاطمية يقال إنه بناه لحماية العاصمة من الأخطار الخارجية وتحديدا من الصليبيين، لكن القراءة الحديثة تقول العكس؛ إن هذا السور حول القلعة (مركز الحكم) هو لحماية النظام من المحكومين الأهالي، واستمر هذا الوضع حتى حكم محمد علي باشا في القرن الـ 19، الحاكم طوال الوقت كان يقبع في الأعلى، والشعب يعيش أسفلها، ويصعد إلى أعلى عندما يريد أن يوصل رسالة إلى الحاكم، وأحيانا كان الحاكم يغلق على نفسه أسوار القلعة ويضرب المدينة بالمدافع.

عندما نتحدث عن القاهرة نتحدث عن مستويات مختلفة وعديدة من التاريخ: القاهرة كمقر للحكم، وكمركز ثقافي وديني وفني وأيضا، والقاهرة كمركز صراع بين الحاكم والمحكومين والأهالي. ما نراه في العاصمة الإدارية الجديدة هو قلعة جديدة لحماية النظام لكن بشكل مرتبك.

كيف تغير مفهوم طريقة الحكم في القاهرة التي كانت مركزا للحكم ومركزا للصراع؟

في القرن الـ 19 حدث تحول مهم في حكم مصر؛ ألا وهو نزول الحاكم من القلعة إلى الحكم من قصر عابدين بقلب القاهرة. حدث هذا، في عهد الخديوي إسماعيل الذي حكم مصر ما بين عامي (1863م – 1879م).

هذا التحول ليس في طريقة الحياة إنما في فلسفة الحكم، الحاكم يترك المكان الآمن المرتفع وينزل بقصره إلى المدينة، ورمزية هذا التحول كاشفة عن منطق جديد للحكم، هنا الحكم والسياسية ليس بالضرب من أعلى القلعة إنما بالتحكم في الأمن بنظام أمني بوليسي يحمي أمن الحاكم وأمن المجمتع في الوقت نفسه.

هل ما يحدث الآن من بناء عاصمة جديدة في منطقة صحراوية هو ردة على فلسفة الحكم من بين الناس ومن قلب القاهرة؟

ما نراه الآن هو ردة على هذا المنطق الأمني السياسي الحديث الذي واكب نزول الخديوي إسماعيل من القلعة لعابدين، نرى الحاكم بعد ثورة 2011 يخاف من المدينة ويقرر أنه لن يكون في مأمن إلا إذا ترك المدينة برمتها، هنا يظهر نموذج مغاير، وهو أقرب إلى نموذج فرساي في باريس (القرن الـ17 ميلادي)، فرساي لم يكن قصرا فحسب خارج باريس بل مدينة بكاملها بناه الملك لويس الـ 14 وكانت لتكون مقرا للحكم المطلق الجديد خارج باريس، ونأى بنفسه عن المدينة وشعبها، ولكن مقر الحكم الجديد لم يلبث كثيرا حتى قامت ثورة في عهد لويس الـ 16 من باريس القديمة وتم إعدامه، هذا النموذج ليس ناجعا إلا لبعض الوقت.




منذ تغير فلسفة الحكم في القرن الـ19 تغيرت ملامح القاهرة الفاطمية إلى القاهرة الخديوية، هل فرض التطور انطلاقا وانفصالا بين القاهرتين؟

القصة تقول إن الخديوي إسماعيل كان مبهورا بباريس بعد زيارته لها للمرة الثانية عام 1867 وانتهز الفرصة لتوجيه دعوة لملوك وأمراء أوروبا لحضور حفل افتتاح قناة السويس 1869، ويقال إنه كان يريد أن تصبح القاهرة باريس، ويحاكي باريس في جمالها وتخطيطها العمراني، ولم يكن لديه الوقت الكافي لإعادة تخطيط المدينة بكاملها، فترك القاهرة القديمة (الفاطمية)، وبنى في غربها مدينة جديدة وهي وسط البلد أو القاهرة الخديوية، وحدث نتيجة لذلك ثنائية بين القاهرة الفاطمية والقاهرة الجديدة، القاهرة الفاطمية بأسبلتها وجوامعها القديمة وطرقها الضيقة والمتعرجة، والقاهرة الحديثة بشوارعها العريضة والمستقيمة والطراز المعماري الحديث، لكن في رأيي هذه الثنائية لم تكن كذلك بهذا التباعد والتنافر.

هل التطور والتحول من القاهرة الفاطمية إلى القاهرة الخديوية يشبه ما يجري الآن بالقاهرة؟ وما الاختلاف؟

القاهرة الفاطمية لم تهمل ولم تترك ترزح تحت أعباء زيادة السكان والأمراض والفقر كما يعتقد البعض، بل كان هناك اهتمام بالغ بالصحة والتعليم. صحيح أننا لم نر طرقا جديدة ولا أبينة حديثة، لكن هذا ليس المعيار الوحيد لقياس تمدن المدينة واهتمام الحاكم بها، ماذا يريد سكان القاهرة؟ يريدون فرص العمل وخدمات مثل الصحة والتعليم، وكدارس لتاريخ الصحة في القرن الـ 19 أكاد أجزم أن صحة الأهالي في القاهرة القديمة تحسنت وارتقت لأن الدولة لم تهمل هذا الشق من المدينة، بل وفتحت مكاتب صحية مجانية، وتم القضاء على أوبئة وأمراض كثيرة مثل الجدري والطاعون والكوليرا في كل أحياء القاهرة. هذا الإنجاز لا يمكن رؤيته على الخريطة لأنه ليس له معالم بصرية، وتم أيضا افتتاح أقسام بوليس لحماية البلد، بالتالي لم تهمل المدينة القديمة بأي حال من الأحوال، كان هناك توازن بين القاهرة الفاطمية والقاهرة الخديوية.

لكن ما نراه الآن يختلف تماما عما كان يجري في القرن الـ 19، ما نراه الآن هو إهمال لحاجات الناس الحيوية في المدينة القديمة للمدينة الحقيقية وإهمال للخدمات الأساسية، والاهتمام منصب فقط على الطرق والكباري.

من ملامح "الجمهورية الجديدة" شق الطرق الجديدة وبناء الكباري الضخمة لتسهيل الحركة.. ولكنه يأتي على حساب مناطق تصنف على أنها تاريخية وتراثية.. هل يبرر ذلك هدمها؟ وهل يتعارض إنشاء الجمهورية الجديدة مع التراث القديم؟

يمكن النظر للطرق والكباري على أنها تعمل على تشجيع الاتصال بين السكان. ولكن أيضا يمكن النظر إليها كوسيلة من وسائل احتجاز الناس وقطع التواصل بعضها بين بعض، وكلنا نرى كيف تم اختراق أحياء القاهرة بالطرق والكباري التي شوهت الأحياء سواء التاريخية أو الحديثة، وقطعت الأواصر بين الأحياء. ويمكن أيضا النظر لهذه الطرق والكباري على أنها تمكن السلطات من استخدامها لنشر قوات الأمن والوصول إلى أي نقطة احتجاج بأسرع وقت ممكن.

قراءتي الشخصية أن الغرض من بناء هذه الكباري هو غرض أمني بحت، بالإضافة لقطع أواصر الترابط الاجتماعي والمجتمعي الذي يجمع الناس، من ناحية والوصول بالقوات الأمنية إلى أصغر حارة وتدمير هذه الأزقة أو الشوارع والحارات في الحال لمنع أي حراك شعبي.




هل هناك علاقة بين طبيعة النظام العسكرية وبين عدم إدراك مغبة ما يجري من عمليات هدم وإزالة سواء لأبنية تراثية أو معالم أو رموز ثقافية وأدبية وفنية وسياسية حديثة؟ أم أن هناك أسباب أخرى تدفعهم للتعامل باستخفاف مع تلك هذه المعالم والرموز؟

لا أرى علاقة بين طبيعة النظام العسكري وبين ما يجري من عمليات هدم وتدمير وإزالة، المشكلة أعقد من ذلك وأعمق، لدينا مجموعة عوامل متكتلة في لحظة تجعل مدينتنا مهددة، أولها منطق السوق؛ أي طغيان المنطق الرأسمالي وهو موجود في كل مكان في العالم. هذا المنطق  الذي ينظر إلى أي كل شيء على أنه سلعة بغض النظر عن تاريخه وقيمته.

الأمر الثاني، النموذج المهيمن على النخب السياسية والاقتصادية هو التأثر بنموذج دبي التي ينظر إليها على أنها مثال التطور، والقاهرة لا يمكن أن تكون مثل دبي إلا إذا دمرناها بالكامل، ويا ليتهم بنوا العاصمة الإدارية الجديدة على نمط دبي وتركوا لنا القاهرة على حالها.

الأمر الثالث، هذه النخبة رغم فهمها لأهمية التراث والأبنية الأثرية والتراثية في القاهرة التي نشأوا فيها، لكن على أحسن الفروض، ترى أن قيمتها التجارية أفضل من قيمتها الأثرية؛ وعلى أسوأ الفروض، فيمكن القول إن هذه النخب تشعر بالعار من أصولها، وهو ما أرجحه، فجزء من الطبقة الحاكمة التي تعود أصولها إلى مناطق قديمة بالقاهرة مثل الجمالية والسيدة زينب وعابدين وتريد التبرء من هذه الأصول، ولديها شعور بالغل والمرارة تجاه تلك المناطق وهذه طامة كبرى.

هل نحن إذن أمام آلة هدم لكل ما هو أثري وتاريخي على حساب العوامل الثلاثة الأخيرة، وهل من سبيل لوقفها ودحرها والحفاظ على ما تبقى؟

نعم، لذلك نجد الكباري والطرق تمر فوق مناطق تراثية وأثرية وتدمرها ولا يعتد بالاعتراض والاحتجاج، لذلك فهي أزمة مستحكمة، عندما حدث ما يشبه هذا الأمر في إنجلترا في القرن الـ19 في أوج الثورة الصناعية بعد أن تعرضت إلى هجمة مماثلة وطغت لغة البيزنس وتمت عمليات تدمير واسعة للقصور القديمة والمباني التراثية وللحدائق والريف الإنجليزي، وقف مواطنون عاديون أمام هذا المشهد العبثي وبدأوا في تشكيل جمعيات أهلية من الأهالي اشتهرت منها جمعيتان؛ مؤسسة التراث القومي أو "National Trust" وهيئة التراث الإنجليزي "English Heritage".

وبالفعل، نجحتا في الحفاظ على الأبنية التراثية والتاريخية وحولت العديد منها إلى مزارات سياحية، وفي الوقت نفسه حافظ الملاك الرئيسيون على أملاكهم، المشكلة في مصر أنه ليس لدينا إمكانية فعل ذلك لأنه غير مسموح بإنشاء جمعية لهذا الغرض تعارض توجهات النظام، إذا كان الأمن لا يسمح بوجود تجمع لأكثر من عدة أشخاص فهل يسمح بإنشاء مثل تلك الجمعيات؟

 الحكومة المصرية باعت القضية، والسوق منطقها الطاغي، ونموذج دبي براق، ولدينا نخب تستعر من أصولها، البديل والسبيل للوقوف أمام هذه الموجة الطاغية هو إنشاء جمعيات مجتمع مدني قوي، وهو ما نفتقده. هذه ليست أزمة القاهرة بل أزمة البلد بأسرها وأزمة نظام الحكم فيها.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية مصرية العاصمة الإدارية خالد فهمي التراث مصر تراث العاصمة الإدارية خالد فهمي سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العاصمة الإداریة الطرق والکباری على أنها ما یجری

إقرأ أيضاً:

الخارجية الأمريكية لـعربي21: هذه أسباب دعمنا للحكومة السورية الجديدة

قال المتحدث الإقليمي باسم وزارة الخارجية الأمريكية، مايكل ميتشل، إن "ما شجّع الإدارة الأمريكية على اتخاذ بعض الخطوات الإيجابية تجاه دمشق هو التغير الملموس في سلوك الحكومة السورية الجديدة، وتأكيدها على التزامها بمكافحة الإرهاب، والانفتاح على الشراكة مع المجتمع الدولي، واستعدادها لاتباع نهج أكثر شمولية في إدارة البلاد".

وأكد ميتشل أن "ما يهم واشنطن في هذه المرحلة هو استمرار التقدم على مسارات الإصلاح، وتوسيع المشاركة السياسية، وضمان محاسبة مرتكبي الجرائم الخطيرة خلال السنوات الماضية"، متابعا: "نحن نقيس الأداء بمدى التزام الحكومة الجديدة بخدمة الشعب السوري، وليس فقط من خلال التصريحات، بل عبر خطوات ملموسة على الأرض".

وأشار المتحدث الإقليمي باسم وزارة الخارجية الأمريكية، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، إلى أنه جرت مباحثات بين سوريا وإسرائيل خلال الفترة الأخيرة، معتبرا ذلك "مؤشر إيجابي جدا، ونأمل أن يؤدي إلى السلام".

وبسؤاله عن احتمالية تطبيع العلاقات بين سوريا وإسرائيل مستقبلا، أجاب: "نحن لا نُحدد مسار العلاقات الثنائية بين الدول. لكننا نرحب بأي خطوات تعزز الاستقرار وتفتح آفاق التعاون السلمي في الشرق الأوسط، وإذا رأت الأطراف المعنية أن هناك فرصة لبناء علاقات قائمة على الاحترام المتبادل وضمان الأمن، فنحن سندعم هذا المسار بما يخدم السلام الإقليمي"، وفق قوله.

وأوضح أنه لا توجد في الوقت الحالي خطط مُعلنة لسحب كامل القوات الأمريكية من شمال شرق سوريا، وأضاف: "تواصل الولايات المتحدة وجودها هناك ضمن التحالف الدولي لمحاربة داعش، ونعمل بالتنسيق مع الشركاء المحليين لضمان عدم عودة التهديدات الإرهابية. أي تغيّر في هذا الانتشار يخضع لتقييمات دورية تأخذ بعين الاعتبار المعطيات الميدانية والتهديدات الأمنية وسلامة القوات الأمريكية".

وتاليا نص المقابلة الخاصة التي أجرتها "عربي21" مع المتحدث الإقليمي باسم وزارة الخارجية الأمريكية:

كيف تقيّمون أداء الإدارة السورية الحالية برئاسة الرئيس أحمد الشرع؟

الولايات المتحدة تتابع التطورات في سوريا عن كثب، بما في ذلك انتقال السلطة وتشكيل الحكومة الجديدة برئاسة أحمد الشرع. لقد عبّرنا مرارا عن دعمنا لأي عملية سياسية حقيقية وشاملة يقودها السوريون أنفسهم وتؤدي إلى استقرار مستدام، واحترام حقوق الإنسان، وفتح المجال أمام الإصلاحات الاقتصادية والسياسية الضرورية. ما يهم واشنطن في هذه المرحلة هو استمرار التقدم على مسارات الإصلاح، وتوسيع المشاركة السياسية، وضمان محاسبة مرتكبي الجرائم الخطيرة خلال السنوات الماضية. نحن نقيس الأداء بمدى التزام الحكومة الجديدة بخدمة الشعب السوري، وليس فقط من خلال التصريحات، بل عبر خطوات ملموسة على الأرض.

ما تأثير التقارب بين الإدارة الأمريكية والسورية على الأوضاع في سوريا والمنطقة؟

هدف الولايات المتحدة من انخراطها مع الحكومة السورية الجديدة هو دعم انتقال سياسي يُسهم في استقرار سوريا والمنطقة ككل. هذا الانفتاح الدبلوماسي لا يُفهم على أنه "تقارب" بمفهومه التقليدي، بل هو مسعى لتعزيز الحوار البنّاء ضمن رؤية واضحة تحترم تطلعات السوريين. نعتقد أن خفض التوتر والانفتاح المحسوب يمكن أن يساعد على دعم مسار أكثر استقرارا، إذا التزمت الحكومة الجديدة في دمشق بمسؤولياتها.

كيف سينعكس هذا التقارب على ملف إدماج "قسد" في الدولة السورية؟ وهل هناك جديد بهذا الخصوص؟

الولايات المتحدة لطالما شدّدت على أهمية الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، وعلى ضرورة الوصول إلى حلول سياسية تشمل جميع المكونات السورية. موقفنا من "قسد" كان ولا يزال قائما على التعاون في مكافحة تنظيم "داعش"، ونحن ندعم أي مسار سياسي سلمي يضمن دمج كافة الأطراف ضمن الدولة السورية، على أساس العدالة والتمثيل المتساوي وضمان الحقوق. نحن نتابع عن كثب أي ترتيبات جديدة على هذا الصعيد.

هل الموقف الأمريكي من الحكومة السورية الحالية يشجع دولا أخرى على إعادة علاقاتها مع دمشق؟

الولايات المتحدة تدرك أن العديد من الدول تتابع عن كثب التطورات الأخيرة في سوريا، بما في ذلك انتقال السلطة وتشكيل حكومة جديدة. قرار واشنطن برفع بعض العقوبات كان نتيجة مراجعة دقيقة، ويعكس تقديرا للتحول الجاري، مع التزام واضح بمواصلة التقييم وفقا لسلوك الحكومة الجديدة. نحن لا نوجّه أو نُملِي على الدول قراراتها السيادية، لكننا نُشجع أي تفاعل مع دمشق في سياق دعم الاستقرار، ومواصلة الإصلاحات، وتلبية تطلعات الشعب السوري.

هل هناك تنسيق كبير بين أمريكا وتركيا والسعودية ودول أخرى بخصوص الموقف من الإدارة السورية الجديدة؟ وكيف تنظرون لدور تركيا في سوريا على وجه التحديد؟

الولايات المتحدة تُجري مشاورات مستمرة مع شركائها الإقليميين والدوليين بشأن سوريا، بما في ذلك تركيا والسعودية ودول إقليمية أخرى. هناك إدراك مشترك لأهمية استقرار سوريا، وضرورة منع عودة الإرهاب، والتعامل مع الأزمات الإنسانية. فيما يتعلق بتركيا، فإننا نُقدر دورها كدولة جوار ذات مصالح أمنية مشروعة، ونؤمن بأن الحل في سوريا يتطلب تنسيقا متعدد الأطراف.

ما هي أولويات وأهداف واشنطن في التعاطي مع الملف السوري؟

تركّز الولايات المتحدة في تعاملها مع الملف السوري على دعم الاستقرار الإقليمي، ومواصلة جهود مكافحة الجماعات الإرهابية التي لا تزال تُشكّل تهديدا لشركائنا ولأمن المنطقة. لا تزال واشنطن حريصة على ضمان عدم عودة "داعش"، وعلى تعزيز المسار السياسي نحو مستقبل أفضل للسوريين، بقيادة وطنية سورية.

علاقتنا مع الإدارة السورية الجديدة تُبنى على تقييم واقعي لأدائها على الأرض، ونشجّع الخطوات التي تُسهم في مكافحة الإرهاب وتثبيت الأمن. نؤمن بأن مقاربة واقعية وتدريجية، ترتكز على التنسيق مع شركائنا الإقليميين والدوليين، هي السبيل الأفضل لتحقيق نتائج ملموسة، بعيدا عن الحلول السريعة أو الشعارات. لا نزال ملتزمين بأمن شركائنا وندعم كل جهد جاد لتعزيز الاستقرار ومواجهة التهديدات الأمنية.

هل تخطط الولايات المتحدة لسحب قواتها بشكل كامل من شمال شرق سوريا؟

لا توجد في الوقت الحالي خطط مُعلنة لسحب كامل القوات الأمريكية من شمال شرق سوريا. تواصل الولايات المتحدة وجودها هناك ضمن التحالف الدولي لمحاربة "داعش"، ونعمل بالتنسيق مع الشركاء المحليين لضمان عدم عودة التهديدات الإرهابية. أي تغيّر في هذا الانتشار يخضع لتقييمات دورية تأخذ بعين الاعتبار المعطيات الميدانية والتهديدات الأمنية وسلامة القوات الأمريكية.

هل الولايات المتحدة تضع شروطا لاستمرار الدعم السياسي للحكومة الجديدة في دمشق؟

الولايات المتحدة تتبع نهجا قائما على التقييم المستمر لسلوك الحكومة السورية الجديدة. الدعم السياسي مرتبط بمدى التزامها بتحقيق الاستقرار، وحماية حقوق الإنسان، ومكافحة الإرهاب، وإطلاق عملية سياسية تشمل الجميع. نحن لا نتعامل وفق شيكات على بياض، بل ضمن رؤية واضحة تضع مصالح الشعب السوري في المقام الأول، وتحترم تطلعاته لمستقبل أفضل.

كيف تُفسر التحوّل الأمريكي تجاه أحمد الشرع؟ وهل واشنطن ربما تغير موقفها الداعم له في المستقبل؟

الموقف الأمريكي تجاه الرئيس أحمد الشرع يستند إلى أداء الحكومة السورية الجديدة، ومدى التزامها بالتحرك نحو مستقبل أكثر استقرارا وشمولا. لم يكن هذا التحول وليد اللحظة، بل جاء نتيجة تقييم دقيق للتطورات على الأرض وتغيّر في المعطيات السياسية والميدانية. لا يمكن الحديث عن "دعم غير مشروط"، ولكن واشنطن تُبقي الباب مفتوحا أمام العلاقة مع أي جهة تثبت جديتها في تحقيق الأمن، ومكافحة الإرهاب، وبناء مؤسسات وطنية تُلبي تطلعات الشعب السوري.

الرئيس أحمد الشرع اتخذ خطوات أولية حظيت باهتمام واشنطن، ونحن نتابع هذه المؤشرات عن كثب، مع التأكيد على أن الانفتاح لا يعني التخلي عن المبادئ الأساسية المتعلقة بالشفافية، والاستقرار، وسيادة القانون.

هل تدعم الولايات المتحدة مسار العدالة الانتقالية في سوريا؟ وما موقفها من محاكمة رموز نظام الأسد؟

تدعم الولايات المتحدة بشكل عام مبادئ العدالة الانتقالية في أي عملية سياسية تهدف إلى إنهاء الصراعات وتحقيق الاستقرار، بما يشمل سوريا. لكن يجب أن نكون واضحين أن الأولوية في هذه المرحلة هي دعم الاستقرار السياسي والاقتصادي الذي يسمح للسوريين بالمضي قدما نحو مستقبل أكثر ازدهارا. نحن نؤمن أن تطبيع الحياة اليومية، وتحقيق النمو الاقتصادي، واستعادة الخدمات الأساسية في سوريا هي خطوات ضرورية تسبق أي نقاش شامل حول العدالة الانتقالية أو المحاكمات. وبطبيعة الحال، فإن قرارات تتعلق بالمحاسبة يجب أن تُبنى على توافق داخلي سوري مدعوم بآليات قانونية شفافة.

هل تتوقعون قيام الكونغرس برفع العقوبات عن سوريا بشكل كامل ودائم؟ ومتى سيحدث هذا؟

رفع العقوبات عن سوريا بشكل دائم يتطلب عملية قانونية داخل الولايات المتحدة، والكونغرس هو جزء أساسي من هذه المعادلة. من الصعب التنبؤ بإطار زمني محدد لهذه الخطوة، خاصة وأننا نتحدث عن قرار تتقاطع فيه السياسة الخارجية مع القوانين الداخلية. ما يمكن قوله هو أن الرئيس ترامب عبّر بوضوح عن رغبته في رفع العقوبات، وهو يجري مناقشات مستمرة مع أعضاء الكونغرس بشأن مستقبل السياسة الأمريكية تجاه سوريا، بهدف التوصل إلى تفاهم يضمن مصالح الأمن القومي الأمريكي والاستقرار الإقليمي في آن واحد.

هل الكونغرس سيفرض شروطا بعينها مقابل ذلك؟

بصفتي المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، لا يمكنني التحدث نيابةً عن الكونغرس، لكننا نتابع هذا المسار عن كثب وندعمه بما يتماشى مع توجهات الإدارة الأمريكية.

ما الذي دفع الإدارة الأمريكية إلى رفع العقوبات عن سوريا؟ وما هي الآليات التي ضمنت عدم استفادة بقايا النظام من هذه الخطوة؟

القرار برفع العقوبات جزئيا جاء بعد تقييم شامل للوضع الراهن في سوريا، وخاصة بعد سقوط النظام السابق. العقوبات التي كانت مفروضة فقدت فعاليتها في ظل غياب الكيان الذي كانت تستهدفه، وأصبحت في كثير من الأحيان تعيق تعافي الاقتصاد السوري وتؤثر سلبا على الشعب السوري نفسه.

الرئيس ترامب اتخذ القرار برفع العقوبات كخطوة تهدف إلى إعطاء الاقتصاد السوري فرصة للانتعاش، انطلاقا من قناعة بأن النمو الاقتصادي والاستقرار المالي هما عنصران أساسيان لدعم أي مسار سياسي فعّال، وتحقيق السلام الداخلي. الإدارة الأمريكية ترى أن هذه الخطوة تخدم الشعب السوري أولا وأخيرا، وتفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الاستقرار في المنطقة.

متى سيعلن الرئيس ترامب أن سوريا ليست دولة راعية للإرهاب؟ وما الذي سيترتب على هذه الخطوة؟

تقييم إدراج أو شطب أي دولة من قائمة الدول الراعية للإرهاب يتم من خلال عملية مراجعة شاملة تقودها وزارة الخارجية الأمريكية بالتنسيق مع وكالات أخرى. فيما يتعلق بسوريا، فقد بدأ هذا التقييم فعليا استنادا إلى التغيرات التي طرأت في توجهات القيادة الجديدة، وتعاونها في مجال مكافحة الإرهاب. لكن لم يتم اتخاذ قرار نهائي بعد بشأن الإعلان الرسمي. أي خطوة من هذا النوع ستكون لها تداعيات قانونية وسياسية، تشمل تسهيل بعض التعاملات الدولية، وتوسيع فرص التعاون الثنائي، لكن دون أن يعني ذلك غضّ الطرف عن التحديات أو الالتزامات المطلوبة.

ماذا قدّمت الإدارة السورية الجديدة لواشنطن مقابل الإجراءات الأمريكية المُتمثلة في رفع العقوبات وشطب دمشق من قائمة الدول الراعية للإرهاب؟

الولايات المتحدة لا تتعامل مع الملفات وفق منطق "المقايضة"، بل وفقا لمصالحها الوطنية ومبادئها السياسية. ما شجّع الإدارة الأمريكية على اتخاذ بعض الخطوات الإيجابية تجاه دمشق هو التغير الملموس في سلوك الحكومة السورية الجديدة، وتأكيدها على التزامها بمكافحة الإرهاب، والانفتاح على الشراكة مع المجتمع الدولي، واستعدادها لاتباع نهج أكثر شمولية في إدارة البلاد. هذه المؤشرات الإيجابية دفعت واشنطن لتقديم بعض الدعم مثل قرار رفع العقوبات الاقتصادية.

هل هناك خطة أمريكية واضحة للمساهمة في إعادة إعمار سوريا؟ وما حجم المساعدات المرصودة؟

من المبكر الحديث الآن عن خطة إعادة إعمار شاملة، خاصة وأن العملية السياسية لا تزال في مراحلها الأولى. تركيز الولايات المتحدة في هذه المرحلة ينصب على دعم الاستقرار الاقتصادي وتعزيز الظروف التي تسمح بتعافٍ تدريجي للاقتصاد السوري. الإدارة الأمريكية ترى أن خلق بيئة اقتصادية مواتية هو أساس ضروري قبل الحديث عن أي التزام مالي واسع النطاق، لكننا سنبقى منفتحين على دعم مشاريع التنمية مستقبلا بالتنسيق مع المجتمع الدولي، عندما تتوفر الأرضية السياسية والاقتصادية المناسبة لذلك.

ما صحة ما قيل حول وجود ثمة خلافات داخل الإدارة الأمريكية بخصوص الموقف من الحكومة السورية الجديدة؟

الإدارة الأمريكية تتحدث بصوت واحد بشأن الملف السوري، بقيادة الرئيس ترامب. القرار برفع العقوبات نتج عن مراجعة استراتيجية عميقة شاركت فيها مختلف الوكالات المعنية. من الطبيعي أن تكون هناك نقاشات داخلية عند التعامل مع ملفات مُعقّدة، لكن التوجه الرسمي واضح: دعم رؤية جديدة لسوريا مستقرة وآمنة، خالية من الإرهاب، ومنفتحة على محيطها الإقليمي والدولي.

هل الولايات المتحدة تقود محادثات غير مباشرة بين سوريا وإسرائيل؟ وهل سنشهد قريبا توقيع اتفاق عدم اعتداء بين سوريا وإسرائيل؟

لا يمكنني الخوض في تفاصيل أي اتصالات دبلوماسية من هذا النوع، لكن ما يمكن تأكيده هو أن الولايات المتحدة تدعم أي خطوات من شأنها تعزيز الاستقرار الإقليمي وخفض التوترات. نحن نشجع جميع الأطراف على تجنّب التصعيد والانخراط في مسارات حوارية سلمية. وفيما يخص سوريا، فإن أحد عناصر الرؤية الأمريكية التي طرحها الرئيس ترامب يشمل ضمان ألا تكون سوريا مصدر تهديد لجيرانها، بما في ذلك إسرائيل، وقد سمعنا من الطرفين أنه جرت مباحثات بينهم، وهو مؤشر إيجابي جدا ونأمل أن يؤدي إلى السلام.

برأيكم، هل يمكن أن يحدث تطبيعا في العلاقات بين سوريا وإسرائيل خلال الفترة المقبلة؟

نحن لا نتوقع ولا نُحدد مسار العلاقات الثنائية بين الدول. لكن بشكل عام، الولايات المتحدة ترحب بأي خطوات تعزز الاستقرار وتفتح آفاق التعاون السلمي في الشرق الأوسط. إذا رأت الأطراف المعنية أن هناك فرصة لبناء علاقات قائمة على الاحترام المتبادل وضمان الأمن، فنحن سندعم هذا المسار بما يخدم السلام الإقليمي.

ما موقفكم من الاعتداءات الإسرائيلية التي تحدث في الأراضي السورية من وقت لآخر؟

الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل خلال الفترة الماضية جاءت في سياق الحفاظ على أمنها القومي، خاصة بعد سقوط نظام الأسد وما تبعه من فراغ سياسي وأمني كبير داخل سوريا. في مثل هذه الظروف، سعت إسرائيل إلى التصدي لأي تهديدات محتملة، لا سيما من قِبل الجماعات الإرهابية التي قد تستغل هذا الفراغ للتمركز داخل الأراضي السورية. الولايات المتحدة تتفهم حاجة إسرائيل إلى حماية أمنها، وتواصل العمل مع شركائها في المنطقة لضمان ألا تعود سوريا ملاذا للمتطرفين أو مصدرا لزعزعة استقرار الجوار.

أخيرا، كيف تنظرون لمستقبل سوريا خلال المرحلة المقبلة؟

نرى فرصة حقيقية أمام سوريا لتفتح صفحة جديدة تضمن الاستقرار والازدهار لشعبها. الرئيس ترامب عبّر بوضوح أن لدى الولايات المتحدة رؤية لسوريا ما بعد الحرب، قائمة على إنهاء وجود "داعش" وكل التنظيمات الإرهابية، وضمان أن لا تكون سوريا ملاذا آمنا للمتطرفين، وأن تكون خالية من أي تدخل خارجي مثل التدخل الإيراني، وتحقيق سلام مع جيرانها، وبناء دولة لا تهدد استقرار المنطقة. إذا ما تم دعم هذه الرؤية بخطوات داخلية حقيقية، فإننا نعتقد أن مستقبل سوريا يمكن أن يكون أكثر استقرارا وازدهارا، وسنظل على استعداد لدعم هذا المسار بالتعاون مع المجتمع الدولي.

مقالات مشابهة

  • تجار سوق الربيع بمراكش يطالبون بتدخل والي الجهة والعمدة المدينة لتسريع الإشتغال بالمركب التجاري
  • وزير الحكم المحلي الفلسطيني: مصر تلعب دورًا محوريًا في التوصل لوقف إطلاق النار
  • الأونروا لـعربي21: قطاع غزة بحاجة ماسة لإدخال 600 شاحنة مساعدات يوميا
  • الخارجية الأمريكية لـعربي21: هذه أسباب دعمنا للحكومة السورية الجديدة
  • بنسعيد: حكومة المونديال رهان تنموي وليس انتخابي
  • إعلام تركي: الحزب الحاكم يدرس ترشيح أردوغان لولاية رئاسية ثالثة
  • طبيبة بريطانية لـعربي21: لم أر أي نشاط عسكري فلسطيني بأي مستشفى في غزة
  • أردوغان يترأس لجنة الدستور الجديد في الحزب الحاكم
  • لبحث زيادة التبادل التجاري والاستثماري.. غرفة القاهرة تُنظم مُلتقى اقتصادي «مصري - روسي»
  • غرفة القاهرة تُنظم مُلتقى اقتصادي مصري روسي لبحث زيادة التبادل التجاري والاستثماري المشترك