الفن الياباني المعاصر.. صوت الحياة اليومية
تاريخ النشر: 8th, September 2023 GMT
نوف الموسى (دبي)
تبرز قيمة المعارض الفنية ذات الدلالات الثقافية؛ مثلما هو معرض «الوجود اللطيف» للفنان الياباني تسويوشي هيساكادو، الذي يُقام في مركز جميل للفنون بدبي، في أنها تستوحي من البيئة المحلية في دولة الإمارات، مساحات اجتماعية مشتركة، باعتبارها منصات حوارية عالمية مفتوحة على مختلف الأفكار والذهنيات التي من شأنها أن تنتج أشكالاً إبداعية تتناول القضايا الراهنة، بحس إنساني قادر على التفهم وإدراك التجارب الإنسانية، أمام نمطية الصور المباشرة والمعتقدات الثابتة والسائدة حول مجتمع معين.
ما قدمه الفنان الياباني تسويوشي هيساكادو، من خلال عمله «قطرة ماء»، أحد الأعمال المشاركة في معرض «الوجود اللّطيف» أحدث تمازجاً حسياً، عبر مجموعة من الأصوات اليومية التي سجلها في دولة الإمارات واليابان، مثل أصوات حركة المترو وتساقط المطر وأجهزة التكييف، ويجمعها بأضواء كاشفة ساطعة في غرفة بيضاء مظللة، لتتناغم في تجربة حسية غنية تذكرنا بالمشهد الصوتي للحياة اليومية الذي غالباً ما نتجاهله في خضم مشاغل حياتنا اليومية. ورغم وضوح فكرة العمل وأبعاده في التجسيد المرئي والمسموع، إلا أن مخرجاته الآنية والكيفية التي يستقبل بها المتلقي تلك التداخلات للبيئة المحلية في الإمارات واليابان، تبقى منطقة لافتة، وباعثة لسؤال فيما إذا كانت لكل ثقافة محلية طريقتها في تلقي صوت المدينة، وأين سيكمن التشابه العابر في طبيعة التفاعلات اليومية بين مختلف البيئات المحلية العالمية، وهل التمازج يُقرب المسافة البينية فيما بين التجارب الحسية؟!
الضوء الخافت
وتكمن أهمية معرض «الوجود اللّطيف»؛ في أنه دعوة فنية للبحث في الفن الياباني المعاصر، وإعادة التفكير في المحاور التاريخية والاجتماعية، وتأثيرها على طبيعة الهويات التي شكلتها التبادلات الثقافية في المجتمع الياباني، وعدم التوقف فقط عند الصورة النمطية المعتادة للتجربة اليابانية عموماً، بل الغوص في رسالة هذا الفن الرئيسية، وإدراك أساليبه المبتكرة ومنهجياته الفنية للتعبير عن إشكالياته المجتمعية، فالتأكيد على التجربة الحسية طوال المعرض الفني إنما هو لغة متباينة بين رغبة الحوار وقوة المشاركة، ففي العمل الفني «قوة» حيث استخدم الفنان تسويوشي هيساكادو، المصابيح الكهربائية والأوراق، والأسلاك الكهربائية، والزجاج، وهي مواد نألفها في حياتنا اليومية، وخصوصاً في أماكن العمل والدراسة، لخلق شعور من عدم الاتساق، إذ تواجهنا أذرع معدنية ممتدة من الأرض حتى السقف وهي ترمي بين الفينة والأخرى قصاصات ورقية، تصحبها ضوضاء منخفضة التردد، وعلى الجانب الآخر من القاعة نجد أيضاً طاولة زجاجية مائلة تتقاطع معها مجموعة من المصابيح ذات الضوء الخافت والمتقطع في محاولة من الفنان لتجسيد القلق المستمر من انهيار عالمنا المعاصر وهشاشته، وإن كان ظاهره مستقراً وثابتاً.
لماذا الإصرار على خلق حالة من «الانتباه» لمحيطنا اليومي؛ في جّل أعمال الفنان تسويوشي هيساكادو؟! لعل هذا يعيدنا إلى بعض أهم الفنانين اليابانيين الذين قدموا أعمالاً تركيبية معاصرة في ذات السياق، ومنهم الفنانة اليابانية يوكو موهري «Yuko Mohri»، التي تركز في أعمالها على مفهوم «الظواهر» التي قد تتغير باستمرار في البيئة المحيطة وفقاً لظروف مختلفة، وبذلك فهم يصنعون آلية تأملية، في المساحات الإبداعية، تتبنى الحركة ومنهجية دوائر الطاقة، ضمن ظروف غير ملموسة، فنحن نتحدث هنا عن الضوء، والصوت، والرياح، والجاذبية، والزمن، وعلاقتها بالفضاء العام، وكيف ينتجون تراكيب غير متوقعة لتلك اللقاءات الظرفية، وفق الأعمال التركيبية المعدة للتجربة، لأنهم بذلك يضعون ملامح عامة يستوعبها المتلقي حول القوى غير القابلة للسيطرة عليها، وأيضاً تأثيرها على السلوك والمجرى الإنساني، ما يمدنا بإدراك واسع أن مخرجات الحياة اليومية لا يمكن التنبؤ بها فعلياً، و«الانتباه» هنا وسيلة ضمنية لقياس مستوى نضج اتصالنا مع ما يشكل حرفياً وعينا بالعالم من حولنا في كل لحظة.
الوجود اللّطيف
وفي محاولة لاستكشاف القوى الطبيعية غير المرئية، التي قد تنتظم حياتنا وتعاملاتنا اليومية، تعامل الفنان تسويوشي هيساكادو، مع ثلاثة أعمال حضرت في معرض «الوجود اللّطيف»، هي: «نهر» و«ضباب» و«هزة أرضية»، مثلت أعمالاً تركيبية على الورق، واعتمدت فكرتها على مسألة التسلسل المنطقي والنسب الثابتة، فبمجرد أن يقترب الإنسان من العمل، يجد أرقاماً صغيرة متداخلة، يختلف إيقاعها بشكل ما -إن صح التعبير- وفقاً للحركة داخل العمل التركيبي، ففي «هزة أرضية»، نجد مقطعاً أفقياً يخترق العمل عرضياً، إشارة لحدوث زلزال.
أما في «ضباب»، فنرى بقعاً من الحبر الأسود في طيف من الظلال. وفي «نهر» يلاحظ المشاهد ما يشبه الدموع وهي تتخذ شكلاً متصلاً على الورق، وهنا الاضطراب الذي يحدث للمنظومة الطبيعية، إنما هو آلية تعبير جمالية لإدراك متغيرات الأرقام والنسب الكونية في تجسيد أشكال الحياة على الأرض، والتي تبقى مهما بدت قابلة للقياس، صعبة التكهن والرصد والتوقع.
المصدر: صحيفة الاتحاد
إقرأ أيضاً:
صبري عبد المنعم يكشف عن موقف صعب مرّ به: “ربنا يسامح”
في لقاء مؤثر ببرنامج “صبايا الخير” مع الإعلامية ريهام سعيد، تحدث الفنان القدير صبري عبد المنعم عن واحدة من أصعب التجارب التي مر بها خلال رحلته مع مرض السرطان، كاشفًا عن موقف مؤلم تعرض له أثناء فترة تعافيه من إحدى العمليات الجراحية.
وقال صبري:
“عملت عملية في دراعي، وبعد 4 أو 5 أيام خرجت من المستشفى وأنا بعاني من آلام كبيرة جدًا. كان عندي أوردر تصوير، فقلت للمخرج يأجل شوية، لكنه رفض وقال لازم أجي بكرة الصبح.”
وأضاف:
“وأنا لسه خارج من المستشفى، رحت فعلاً الساعة 10 الصبح وقعدت أصور لحد 10 بالليل، وسكت لأن مقدرش أزعل من حد… وربنا يسامح.”
ورغم التجربة القاسية، طمأن صبري عبد المنعم جمهوره عن حالته الصحية مؤكدًا أنه يشعر بتحسن حاليًا، موضحًا:
“أنا متعود طول عمري أكون جامد، لكن المرة دي كانت وعكة شديدة شوية. أنا عندي ضعف في عضلة القلب من سنتين، لكن ممكن أعمل دعامات.”
نشر الدكتور جمال شعبان استشاري أمراض القلب وعميد معهد القلب السابق، صورة للفنان محمود حميدة أثناء زيارته لصديقه الفنان صبري عبد المنعم على صفحته الشخصية بموقع التواصل الإجتماعي فيسبوك وكتب: "في جرين هارت منذ قليل، الفنان محمود حميدة في زيارة لصديقه الفنان صبري عبد المنعم".
طمأن الدكتور جمال شعبان، الجمهور على الحالة الصحية للفنان صبري عبد المنعم بعد تعرضه لوعكة صحية مفاجئة.
ونشر الدكتور جمال صورة تجمعه بالفنان صبري عبد المنعم عبر حسابه الرسمي على "فيسبوك"، وعلق قائلاً: "الفنان القدير صبري عبد المنعم حالة قلبه أحسن" .
أحدث أعماله الفنية
جدير بالذكر أن آخر أعمال الفنان صبري عبد المنعم كان مشاركته في مسلسل “سراب”، والذي يضم نخبة من نجوم الدراما، منهم:
خالد النبوي، يسرا اللوزي، جيهان الشماشرجي، هاني عادل، دياموند بو عبود، أحمد وفيق، إنجي المقدم، محمد كيلاني، وأحمد مجدي.
المسلسل مستوحى من العمل العالمي “Seven Types of Ambiguity”، ويتألف من 10 حلقات، تتناول كل حلقة وجهة نظر مختلفة لإحدى شخصيات العمل.
العمل من إخراج أحمد خالد، وتأليف هشام هلال.