تتعامل القوى السياسية كافة، على طرفي النزاع، مع الإستحقاق الرئاسي، على قاعدة أن الفراغ واستمراره أفضل من إنتخاب رئيس يخالف توجهاتها السياسية، الأمر الذي سيؤدي الى مماطلة إضافية في عملية الإنتخاب وإلى عدم الوصول الى أي تسوية أو حل وسط يساهم في وضع حد للفراغ، وهذا ما تجاهر به بعض القوى وتخفيه قوى وأطراف سياسية اخرى.
فقائد القوات اللبنانية سمير جعجع قال الاحد الفائت" نتحمل الفراغ لسنوات ولا نتحمل فسادهم وسرقاتهم صفقات جانبية يسمونها حوارا ما هي إلا خزعبلات..."، ليرد عليه وليد جنبلاط بالامس" في ما نسمعه من نظريات ليس هناك أغبى أو أسخف لكن أخطر ممن ينادون بالفراغ، ولا يسهّلون موضوع الانتخابات الرئاسية".
فهل فعلاً الفراغ أفضل من إنتخاب رئيس بالنسبة لهذه القوى أم أن حساباتها السياسية خاطئة؟ وهل يمكن الرهان على مرور الوقت لكي يحسّن هذا الفريق السياسي شروطه التفاوضية في المعركة الرئاسية أم إن الوقت ومروره سينقلب على الجميع وسيصبح دورهم هامشيا في إختيار الرئيس المقبل للبنان، وسيكون الدور الخارجي هو الأكثر تأثيراً وفاعلية في كل الإستحقاقات المقبلة؟.
ترى بعض الأوساط المعارضة بأن القبول برئيس جديد متحالف مع "حزب الله" سيشكل خسارة إستراتيجية للفريق المسيحي في لبنان وسيكرس فكرة أن الحزب هو اللاعب الأول في إنتحاب الرئيس وهذا سيضعف الدور المسيحي في لبنان، وبالتالي فإن الفراغ أفضل من القبول والتسليم لنفوذ الحزب، لكن في المقابل لا تبدو هذه المقاربة خالية من مخاطرة هائلة ستنتج عن الفراغ.
فغياب الرئيس المسيحي يكرّس بما لا يقبل الشك إمكانية عمل الحكومة ورئيسها بكامل صلاحياته من دون الإلتفات الى الفراغ في قصر بعبدا، فالأولوية اليوم هي لحاجات الناس في ظل الأزمة الحالية، كما أن مراهنة القوى المسيحية على الوقت، سيؤدي تدريجيا إلى إفراغ المراكز المسيحية الأساسية من حاكمية مصرف لبنان التي بات يرأسها شيعي بالإنابة، وقيادة الجيش لاحقا وغيرها...
من هنا، يصبح التفاوض، بعد حصول إنهيار كبير او فوضى إجتماعية أصعب على الاحزاب المسيحية، خصوصا أنه قد تأتي القوى الاسلامية لتحاول تكريس أعراف حصلت خلال الفراغ، ان لجهة مذهبية المناصب او لناحية الصلاحيات الدستورية. لذلك فإن انتخاب أي رئيس قد يكون أفضل من الفراغ، خصوصا أنه حتى لو كان الرئيس متحالفاً مع الحزب فهو غير قادر على تجاوز وضعيته المسيحية في القضايا المرتبطة بالحضور في الادارة والدولة.
في المقابل، ترى مصادر من "قوى الثامن من اذار"، أن الوقت سيصب في مصلحة الفريق الداعم لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وعليه فإن الفراغ ليس مزعجاً كما يتوقع البعض، بل يمكن التعايش معه إلى حين حصول تطورات إقليمية تفرض على الفريق الآخر القبول بمرشح "حزب الله" الرئاسي. لكن هذه المقاربة دونها مخاطر ايضا، على إعتبار ان تسارع حدة الانهيار المتوقع في المرحلة المقبلة لن يكون لصالح الحزب تحديدا.
اذا ان الحزب الذي سيفاوض بعض الدول المهتمة بالشأن اللبناني في المرحلة المقبلة، سيكون في موقف أضعف في حال زاد حجم الازمة الاقتصادية والاجتماعية في بيئته، وسيكون مضطرا من أجل تسريع التسوية حينها، لتقديم تنازلات تطال قضايا كبرى وليس تنازلاً رئاسيا فقط....
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: أفضل من
إقرأ أيضاً:
مؤتمر بالدانمارك يدعو لمواجهة الصهيونية المسيحية ودعمها الانتهاكات بغزة
شهدت الدانمارك خلال يومي الأربعاء والخميس الماضيين فعاليات المؤتمر الدولي حول الصهيونية المسيحية وأبعادها الفكرية في الدول الإسكندنافية، بتنظيم من اللجنة الرئاسية العليا لمتابعة شؤون الكنائس في فلسطين وجامعة دار الكلمة بالتنسيق مع جامعة آرهوس.
وجمع المؤتمر نخبة من الأكاديميين ورجال الدين وصناع القرار من الدانمارك والنرويج والسويد وفنلندا، بهدف مناقشة سبل مواجهة الفكر الصهيوني المسيحي المتطرف الذي يتسلل إلى المجتمعات الأوروبية ويؤثر في السياسة الإسكندنافية تجاه القضية الفلسطينية.
وناقش المشاركون في المؤتمر أبعاد الصهيونية المسيحية من منظور فكري وسياسي ولاهوتي، حيث أكدوا أهمية كشف زيف الخطابات الدينية التي تستغل نصوص الكتاب المقدس لتبرير السياسات الاستعمارية والانتهاكات في فلسطين.
وبرزت أثناء الجلسات رؤية مشتركة بين المتحدثين حول خطورة الدعم اللاهوتي والسياسي الذي تمنحه بعض الكنائس الغربية والحركات المسيحية الصهيونية لإسرائيل، خاصة في ظل ما وصفوه بالإبادة الجماعية والتطهير العرقي للفلسطينيين، ولا سيما في قطاع غزة والضفة الغربية.
رسالة المؤتمر
وعلى هامش المؤتمر، أجرت الجزيرة نت عددا من المقابلات مع أبرز المشاركين والمتحدثين في الجلسات، الذين أجمعوا على وصف الانتهاكات الإسرائيلية في غزة والضفة الغربية بالإبادة الجماعية والتطهير العرقي، وأنه لا عدالة في العالم ما لم تتحقق للشعب الفلسطيني.
إعلانوأوضح السفير الفلسطيني في الدانمارك مانويل حساسيان أن "رسالة المؤتمر تتمحور حول "ضرورة رفع وعي شعوب أوروبا الغربية الذين لا يعرفون شيئًا عن أيديولوجية المسيحية الصهيونية التي تدعم التطهير العرقي ومعاداة السامية وغير ذلك، في إطار إستراتيجية تدعم الحركة الصهيونية في فلسطين".
وأضاف السفير الفلسطيني -للجزيرة نت- أن المؤتمر جاء في توقيت مهم يعكس موقف الدول الإسكندنافية من الإبادة في غزة والضفة الغربية". مؤكدا أنه يتطلع لاستمرار هذا التحرك حتى يتغير وعي الرأي العام لصالح دعم الشعب الفلسطيني.
وأشار حساسيان أيضًا إلى التحول الحاد في سياسات إسرائيل بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزرائه باتجاه اليمين المتطرف، وضرورة التأثير على المسيحيين الصهاينة في الولايات المتحدة لدعم الحقوق الفلسطينية، قائلا إن المسألة "قضية حرية وعدالة وليست قضية مساعدة أو إحسان".
عدالة القضية الفلسطينية
وفي ما يتعلق بتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني فكان ذلك نقطة مركزية في مناقشات أكثر من متحدث خلال فعاليات المؤتمر، ومن ذلك ما ذهب إليه رئيس لجنة مكافحة الفصل العنصري العالمية بجنوب أفريقيا القس فرانك شيكاني.
فقد قال للجزيرة نت إن "القضية الأساسية بالنسبة لي: هل هناك عدالة أم لا في غزة أو الضفة الغربية؟ إذا لم تكن هناك عدالة، فيجب أن نتأكد من تحقيق العدالة لهؤلاء الناس".
وأضاف شيكاني "أن هذا المؤتمر يجمع أناسا من دول الشمال الأوروبي لإجراء مناقشات حول اللاهوت، ويسرني أن المنطقة قد اجتمعت للتفكير في ما يجب أن تفعله الكنائس، وما الرؤى اللاهوتية والإجراءات الضرورية" التي يمكن أن نقدمها للشعب الفلسطيني في تحقيق الحرية والعدالة اللتين يستحقهما.
وأكد القس القادم من جنوب أفريقيا أن "أوروبا تواجه تحديًا كبيرًا بشأن الشرق الأوسط، لا سيما غزة، خاصة إذا استرجعنا ما لديهم من تحديات تتعلق بما فعلوه باليهود في الماضي وقضايا معاداة السامية".
إعلان
أهمية المؤتمر
ويمكن إحصاء العديد من الرسائل الإيجابية التي حققها مؤتمر الصهيونية المسيحية وأبعادها الفكرية في الدول الإسكندنافية، سواء داخل الجلسات الرئيسية أو المناقشات الجانبية بين عدد كبير من رجال الدين والفكر والسياسة المشاركين في المؤتمر.
ومن هؤلاء عضو مجلس إدارة جمعية أصدقاء بيت لحم التابع للكنيسة أوفه غيدينغ الذي أشار إلى أن عقد مثل هذا المؤتمر "يعد بالغ الأهمية وفي التوقيت المناسب.
مبينا أننا "نشهد كارثة تتكشف أمام أعيننا في غزة والضفة الغربية، وهناك حاجة للذهاب إلى ما وراء الصراع لفهم التاريخ وما يمكننا فعله".
وأضاف -في تصريحات للجزيرة نت- أن "الشعور العام في الدانمارك بدأ يتغير، فالناس يدركون أن هناك شيئًا فظيعًا يحدث في فلسطين، ويريدون معرفة الأسباب ويرغبون في القدرة على التصرف".
ولم يفته أن يرصد الحركة النشطة التي يقوم بها المجتمع المدني في الدانمارك، فعلى مدى نحو 20 شهرا تخرج مظاهرات في جميع مدن مملكة الدانمارك، ويستمر التصعيد رغم تردد السياسيين في التحرك الفاعل لوقف الكارثة الإنسانية في غزة.
أما الأستاذ بجامعة آرهوس بيتر بيتر لودبرغ فأشار إلى أن "السبب في أننا نعقد هذا المؤتمر في جامعة آرهوس يعود إلى أهمية إقامة علاقات واتصالات مع المسيحيين في بيت لحم والضفة الغربية لفهم ما يجري ورؤية الأمور من منظور اللاهوتيين الفلسطينيين ورجال الكنيسة".
وفي تصريحات للجزيرة نت، قال "إن الانتهاكات الإسرائيلية في غزة إبادة جماعية". مضيفا أنه "يجب على الجميع أن يشعروا بقلق عميق إزاء تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم وإزهاق أرواحهم والطريقة التي يتم بها تنفيذ التطهير العرقي الآن، مبينا أن ذلك يعد استمرار لما يجري منذ عام 1948".
توصيات المؤتمر
وجاء في البيان الختامي للمؤتمر -الذي اطلعت عليه الجزيرة نت- أن "المشاركين ناقشوا أبعاد الصهيونية المسيحية الفكرية والسياسية في الدول الإسكندنافية، بهدف "إرساء قواعد للتعامل مع الأفكار المتطرفة التي غرست في المجتمعات الأوروبية الغربية، وسخرت النصوص التوراتية لصالحها، والتي تتناقض مع جوهر المسيحية السمحة".
إعلانويمكن تلخيص أهم هذه التوصيات في النقاط التالية:
وضع إستراتيجية دولية وشاملة لمناهضة الصهيونية المسيحية في أوروبا وسائر العالم. ترسيخ دور الكنائس والجامعات والمجتمع المدني في التصدي للفكر المتطرف الذي يستخدم الدين لتبرير السياسات الاستعمارية. تعزيز التعاون الإقليمي والأوروبي لرفع الوعي بمخاطر المسيحية الصهيونية. دعم المبادرات الأكاديمية والدينية لكشف وتفنيد الخطابات التوراتية المحرفة. الدعوة إلى تشكيل وفد كنسي عالمي عالي المستوى لزيارة تضامنية إلى فلسطين للاطلاع ميدانيًا على الواقع ودعم الشعب الفلسطيني. التأكيد على أهمية التأثير على المسيحيين الصهاينة في الولايات المتحدة لصالح القضية الفلسطينية. التأكيد على أن القضية الفلسطينية قضية حرية وتحرر وحقوق وطنية وليست فقط قضية مساعدات إنسانية.وينعقد هذا المؤتمر بعد مرور أكثر من 600 يوم من العدوان الذي يشنه الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، ووسط حصار تام منع إدخال أي مساعدات غذائية مما عرض نحو 2.3 مليون فلسطيني لأخطار مجاعة حقيقية حسب تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الإغاثية.
كما بلغ عدد الذين استشهدوا أكثر من 54 ألف شهيد، ونحو 124 ألف مصاب، بالإضافة إلى أعداد لا تحصى من المفقودين تحت ركام منازلهم أو الذين لا تستطيع فرق الدفاع المدني الوصول إليهم نتيجة القصف الإسرائيلي، حسب بيانات وزارة الصحة في غزة.