بعد أكثر من 48 ساعة على الكارثة، لا يزال رجال الإنقاذ في المغرب يكافحون للوصول إلى القرى الجبلية النائية، التي تضررت بشدة جراء الزلزال المدمر.

وأدت صعوبة الوصول إلى المنطقة الجبلية الشاسعة التي ضربها الزلزال، إلى إعاقة جهود إيصال المساعدات للمتضررين، علاوة على مصير مجهول ينتظر الكثير من العالقين تحت الأنقاض.

وفي حين تم إنشاء مخيمات الطوارئ في بعض الأماكن، فقد تُرك الناس في مناطق أخرى يتعذر الوصول إليها، ليتدبروا أمرهم بأنفسهم، حسبما ذكرت شبكة "سي إن إن" الأميركية.

مأساة أسرة مغربية.. الزلزال قتل الابن ووالده يروي تفاصيل "العشاء الأخير" كان، حميد بن هنا، قد طلب للتو من ابنه الصغير مروان إحضار سكين لتقطيع البطيخ لتناوله مع وجبة العشاء مع الأسرة عندما وقع زلزال المغرب، مساء الجمعة.

وتعد "مولاي إبراهيم" إحدى القرى على جبال الأطلس التي يصعب الوصول إليها، بسبب الطرق الوعرة والضيقة التي أصبحت "غير سالكة" بسبب الصخور الضخمة.

ولا توجد أية خيام قدمتها السلطات في "مولاي إبراهيم"، حيث لا يزال الناس ينامون في الشوارع المفتوحة أو في ملعب كرة قدم قريب، بحسب "سي إن إن".

"قرى سويت بالأرض"

ولم يكن مركز الزلزال الذي بلغت قوته 6.8 درجة على مقياس ريختر، بعيدا عن القرية الواقعة على بعد حوالي ساعتين جنوب غرب مراكش.

وأدى الزلزال، وهو الأقوى الذي يضرب المغرب منذ أكثر من 120 عاما، إلى مقتل أكثر من ألفي شخص. ولا يزال العديد من الأشخاص الآخرين في عداد المفقودين.

وقالت السلطات المغربية إنها تحاول إدخال آلات ثقيلة إلى الجبال لفتح طريق وبدء جهود الإنقاذ. لكن مسؤولا بوزارة الداخلية المغربية، قال إنه "لا يزال يتعذر الوصول إلى بعض القرى القريبة من مركز الزلزال". 

وقال المسؤول لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، التي لم تكشف عن هويته، إن "عدة بلدات أخرى سويت بالأرض تماما".

أطفال يفترشون الأرض بعد انهيار منازلهم جراء الزلزال

وفي حديثه للصحيفة الأميركية ذاتها، قال محمد الطيار، أحد سكان "مولاي إبراهيم": "نحن بحاجة ماسة إلى المساعدة".

وقالت عشرات الدول ومنظمات الإغاثة الأجنبية، إنها مستعدة لتقديم القوى العاملة والمعدات وغيرها من المساعدات للمغرب، لكن حتى، الأحد، لم تقبل حكومة المملكة سوى مساعدات من بريطانيا وإسبانيا والإمارات وقطر، وفقا لوزارة الداخلية.

وقال أرنود فريس، مؤسس منظمة "إنقاذ بلا حدود"، وهي مجموعة إنسانية فرنسية، إن "الحكومة المغربية تمنع (وصول) فرق الإنقاذ بشكل كامل". وفي تصريحات لصحيفة "وول ستريت جورنال"، أضاف: "نحن لا نفهم".

وقال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، لشبكة "سي إن إن": "لدينا الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، التي تتولى قيادة هذه الجهود، وهي جاهزة للانطلاق". وتابع: "نحن ننتظر كلمة من الحكومة المغربية لمعرفة كيف يمكننا المساعدة، وأين يمكننا ذلك".

مستوصف واحد "بلا معدات"

وفي مراكش، أقرب مدينة كبيرة إلى مركز الزلزال، احتشد الآلاف في الحدائق العامة، ونصبوا الخيام تحت أشجار النخيل ومصابيح الشوارع. 

وعلى شريط مشاة عشبي بجوار طريق يمر أمام فندق فخم ومركز تسوق، جلسوا معا بجانب النوافير العامة، وتناولوا الطعام الذي توزعه الجمعيات الخيرية.

"غير محصن".. ما أسباب تأثر المغرب بالزلازل؟ قبل كارثة 9 سبتمبر 2023 التي ضرب البلاد، لم يشهد المغرب زلازل مدمرة كثيرة خلال العقود الماضية، رغم وقوع جزء منه على خط زلزالي في منطقة البحر المتوسط.

لكن الوضع في الريف كان أسوأ بكثير، إذ سرعان ما اكتظت المستشفيات الريفية بالضحايا، الذين تم نقلهم بسيارات الإسعاف، وفي بعض الحالات بطائرات مروحية إلى المدن الكبرى. 

وقالت رحاب بلبلو، وهي تقف خارج المستوصف الوحيد بقرية "مولاي إبراهيم"، إنها فقدت شقيقتها مريم البالغة من العمر 11 عاما ،وشقيقها محمد البالغ من العمر 6 أعوام.

وأضافت: "الطبيب أبلغنا بأنه لا توجد معدات في المستوصف لإنقاذ المصابين".

وبحسب صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، فإن "أي علاج بخلاف الجبائر والغرز، يتطلب رحلة إلى مراكش على بعد حوالي ساعة ونصف من تلك القرى".

وقالت السلطات إنها تسعى للتقليل من أعداد الضحايا إلى الحد الأدنى، لكن مع وجود العديد من المصابين في حالة حرجة، توقعت السلطات ارتفاع عدد القتلى.

ولا تزال أعداد لا حصر لها من المنازل المنهارة بحاجة إلى البحث عن أشخاص تحت أنقاضها. ولا يمكن الوصول إلى بعض المناطق الأكثر تضررا إلا بطائرة مروحية.

القرى الجبلية النائية كانت الأكثر تضررا من الزلزال في المغرب

وقالت انتصار فقير، مديرة برنامج شمال أفريقيا بمعهد الشرق الأوسط، وهو مركز أبحاث في واشنطن، إن هناك "الكثير من الغضب الاجتماعي، بعد انتظار الملك 18 ساعة للإدلاء ببيان عام". ووصفت ذلك البيان بـ "الفرصة الضائعة".

وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" أن "المجتمعات في القرى النائية لا تزال تعيش غضبا، من الاستجابة البطيئة في عمليات الإنقاذ والإغاثة".

وقالت فقير: "النظام الملكي يحاول اللحاق بالركب"، متوقعة أن يتم "سحق أي احتجاجات بسرعة"، في بلد تقول جماعات لحقوق الإنسان إن "العديد من الحريات المدنية مقيدة فيه".

"عصور وسطى بسبب غياب الدولة"

وتعد القرى الأكثر تضررا من بين أفقر المناطق في المغرب، حيث تفتقر بعض المنازل إلى الكهرباء أو المياه الجارية، حتى في أفضل الأوقات.

وناضل سكان الريف المغاربة خلال السنوات الأخيرة للتعافي من الصدمة الاقتصادية الناجمة عن وباء كورونا، وفي الآونة الأخيرة للتعامل مع التضخم وارتفاع أسعار المواد الغذائية.

المغرب يعلن الحداد الوطني لثلاثة أيام بعد الزلزال المدمر أعلن المغرب الحداد الوطني لثلاثة أيام بعد الزلزال المدمر الذي بلغت قوته 6.8 درجة وخلّف مئات القتلى.

وقالت الخبيرة في التاريخ والحكم المغربي بجامعة ستانفورد الأميركية، سامية الرزوقي: "الحقيقة هي أنه في اللحظة التي تخرج فيها من مراكش، يعيش الناس كما لو أنهم عادوا إلى العصور الوسطى بسبب غياب الدولة". 

وأشارت إلى أن "سوء المعيشة سيتضاعف، بسبب كارثة طبيعية بهذا الحجم".

وفي مولاي إبراهيم، القرية المبنية من الطوب الإسمنتي ومبانيها ذات الجدران وردية اللون، قال مصمم الغرافيك، مصطفى إيشيد، البالغ من العمر 30 عاما، إن "المساعدات الغذائية الوحيدة التي وصلت إليهم، جاءت من الجماعات المدنية". 

وأضاف في حديثه لصحيفة "واشنطن بوست": "المغاربة أرسلوها إلى إخوانهم".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: مولای إبراهیم لا یزال

إقرأ أيضاً:

تحذير عاجل.. قنبلة زلزالية موقوتة تحت إسطنبول بقوة 7 درجات

أطلق الخبير التركي البارز في علم الزلازل، ناجي جورير، تحذيراً مقلقاً بشأن إمكانية وقوع زلزال مدمر بقوة تصل إلى 7 درجات على مقياس ريختر، ناجم عن صدع كومبورجاز النشط في بحر مرمرة، والذي يمتد على طول 75 كيلومتراً ولم ينكسر معظمه بعد، هذا الصدع يُعد أحد ثلاثة صدوع رئيسية في بحر مرمرة، ويشكل تهديداً مباشراً على مدينة إسطنبول، أكبر مدن تركيا وأكثرها كثافة سكانية.

ووفق جورير، تعد تركيا واحدة من أكثر المناطق عرضة للنشاط الزلزالي في العالم، حيث تقع على حدود عدة صفائح تكتونية نشطة، أبرزها الصفيحة الأناضولية التي تشهد تحركات مستمرة تسبب زلازل متكررة، وفي عام 1999، ضرب زلزالان مدمران منطقة مرمرة، أسفرا عن وفاة أكثر من 17,000 شخص وتدمير آلاف المباني، وأثرا بشكل كبير على شبكة الصدوع النشطة، ما نقل ضغوطاً زلزالية إلى صدع كومبورجاز.

ورغم مرور أكثر من عقدين على تلك الكارثة، يشير جورير إلى أن صدع كومبورجاز لم ينكسر بعد، لكنه محمّل بكم هائل من الطاقة الزلزالية التي قد تُطلق فجأة مسببة زلزالاً عنيفاً.

وأضاف جورير أن منطقة سيلفري الواقعة على الساحل الغربي لبحر مرمرة تمثل منطقة ذات مخاطر خاصة بسبب طبيعة تربتها المفككة والمشبعة بالمياه، والتي لا تمتص موجات الزلزال بل تقوم بتضخيمها، ما يزيد من قوتها عند وصولها إلى المباني ويُضاعف حجم الأضرار المحتملة.

وحذر من أن البناء في مثل هذه التربة يجب أن يراعي دراسات جيولوجية دقيقة، مع الالتزام بمعايير إنشائية صارمة لتجنب وقوع خسائر بشرية ومادية جسيمة.

وأكد جورير أن الزلازل في هذه المنطقة أمر محتوم لا يمكن تجنبه، مشدداً على أهمية الاستعداد والتخطيط للحد من الأضرار.

وقال: “السؤال ليس عما إذا كان الزلزال سيحدث، بل كيف سنتعامل معه، الاستعداد الجيد والتخطيط المتقن يمكن أن يمنع تحول هذه الظاهرة الطبيعية إلى كارثة إنسانية، في حين أن الإهمال سيؤدي إلى خسائر فادحة.”

ويأتي هذا التحذير في ظل تسجيل تركيا خلال الأيام الماضية زلزالاً قوياً ضرب مدينة قونيا في وسط البلاد، تلاه هزات ارتدادية في العاصمة أنقرة، مما يؤكد على النشاط الزلزالي المتزايد في البلاد ويعزز المخاوف من حدوث زلزال كبير في منطقة مرمرة.

تأثير الزلازل على إسطنبول والمناطق الساحلية

تقع إسطنبول، التي يزيد عدد سكانها عن 15 مليون نسمة، في قلب منطقة مرمرة وهي معرضة بشكل خاص لمخاطر الزلازل نتيجة لقربها من صدع كومبورجاز، وتشكل الكثافة السكانية العالية والبنية التحتية القديمة تحديات كبيرة في مواجهة زلزال قوي، خصوصاً مع وجود مناطق سكنية غير ملتزمة بالمعايير الإنشائية الحديثة.

وتعمل السلطات التركية حالياً على تطوير خطط الطوارئ وتعزيز معايير البناء، بالإضافة إلى توعية السكان بأهمية الاستعداد للزلازل من خلال تدريبات وبرامج توعوية، في محاولة للحد من الخسائر المحتملة في حال وقوع زلزال كبير.

يذكر أنه في 6 فبراير 2023، ضرب زلزال قوي بلغت قوته حوالي 7.8 درجات على مقياس ريختر شمال غربي سوريا وجنوب شرق تركيا، متبوعاً بهزات ارتدادية عنيفة، مما تسبب في كارثة إنسانية هائلة في كلا البلدين، ووقع الزلزال في منطقة قرب الحدود بين تركيا وسوريا، وتأثرت به مناطق واسعة في كل من محافظات هاتاي، غازي عنتاب، ومرسين في تركيا، إضافة إلى محافظات إدلب، حلب، وحماة في سوريا. أسفر الزلزال عن مقتل عشرات الآلاف من المدنيين، فضلاً عن تدمير واسع للبنية التحتية والمباني السكنية والتجارية، ولا سيما في المناطق التي تعاني أصلاً من ظروف إنسانية صعبة بسبب الصراع المستمر في سوريا، وتسبب الزلزال في انهيار العديد من المباني، خاصة القديمة وغير المطابقة لمعايير البناء المقاوم للزلازل، مما أدى إلى خسائر بشرية ومادية ضخمة، كما عرّضت الهزات المستمرة السكان لمخاطر إضافية، ما زاد من صعوبة جهود الإنقاذ والإغاثة.

آخر تحديث: 1 يونيو 2025 - 09:25

مقالات مشابهة

  • تحذير عاجل.. قنبلة زلزالية موقوتة تحت إسطنبول بقوة 7 درجات
  • زلزال بقوة 5.2 درجات يضرب جزر تونغا
  • زلزال قوي يضرب اليابان
  • زلزال بقوة 7 درجات قد يضرب إسطنبول
  • زلزال يضرب جنوب جزر فيجي بقوة 5.2 درجة على مقياس ريختر
  • زلزال بقوة 4.8 ريختر وبعمق 76 كيلومترًا يضرب الفلبين
  • زلزال 4.4 ريختر يضرب باكستان
  • زلزالان يهزان تركيا في غضون دقائق
  • زلزال يضرب بينغول شرقي تركيا
  • زلزال قوي يضرب جنوب إيران