خلال افتتاح مؤتمر جامعة لوسيل.. وزير العدل: مساعٍ لتسخير الذكاء الاصطناعي في الأنظمة القانونية
تاريخ النشر: 14th, September 2023 GMT
أكد سعادة السيد مسعود بن محمد العامري وزير العدل، سعي دولة قطر بخطى حثيثة نحو تسخير أنظمة الذكاء الاصطناعي والاستفادة منها في أنظمتها العدلية والقانونية.
وقال سعادته، في كلمة خلال افتتاح أعمال مؤتمر القانون والذكاء الاصطناعي الذي عقد أمس بجامعة لوسيل، «إن من أولى الخطوات التي اتخذتها دولة قطر في هذا الميدان قرار مجلس الوزراء رقم (10) لسنة 2021 بإنشاء لجنة الذكاء الاصطناعي بوزارة المواصلات والاتصالات»، مشيرا إلى أن اللجنة تختص بوضع آليات تنفذ استراتيجية قطر للذكاء الاصطناعي بالتنسيق مع الوزارات والجهات المعنية في الدولة، والإشراف على البرامج والمبادرات المتعلقة به، ووضع التوصيات الخاصة بخطط وبرامج إعداد الكوادر البشرية، ودعم الشركات الناشئة في هذا المجال.
كما لفت إلى مشاركة دولة قطر في العديد من الفعاليات الدولية حول استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي، كان آخرها المؤتمر العدلي الدولي المنعقد بمدينة الرياض في مارس الماضي، والذي تناول في بعض محاوره توظيف أدوات الذكاء الاصطناعي في تعزيز جودة صياغة التشريعات وتحسين العدالة، وإدارة المحاكم، وأثره على مستقبل التقنيات القضائية، منوها بتنظيم هذا المؤتمر العلمي والقانوني الهام في جامعة لوسيل لمناقشة أحد أهم موضوعات العصر الحديث وأسرعها نموا وتأثيرا على حياة الإنسان وحقوقه وحرياته وهو الذكاء الاصطناعي.
وتطرق سعادة وزير العدل إلى البدايات التاريخية للذكاء الاصطناعي ومفهومه وطبيعة تأثيره على الكثير من الجوانب الحياتية للإنسان «حيث يمكن للآلات التعلم وتطوير أنظمتها، بعيدا عن تدخل الإنسان أو تحكمه، بغرض أداء المهام التي تتطلب عادة الذكاء البشري، مثل التعرف على الأنماط واتخاذ القرارات والحكم مثل البشر وغيرها من المهام التي تحتاج إلى معالجة كميات كبيرة من البيانات بطرق مختلفة، يتجاوز نطاقها ما يمكن للبشر تحليله».
وأشار سعادة السيد مسعود بن محمد العامري إلى أن الذكاء الاصطناعي خطا في السنوات الأخيرة خطوات كبيرة، حيث تم استخدامه في العديد من القطاعات الحيوية كالتشخيص الطبي، والخدمات اللوجستية العسكرية، والمركبات ذاتية القيادة والطائرات بدون طيار، والتطبيقات التي تتنبأ بنتيجة القرارات القضائية، ومحركات البحث والإعلانات المستهدفة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والمساعدين الافتراضيين (مثل سيري أو أليكسا)، والترجمة الآلية للغات، والتعرف على الوجه من الهاتف المحمول، إلى غير ذلك من الاستخدامات.
ونبه إلى المخاطر التي يمكن أن تؤثر على حياة الإنسان جراء استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي، حيث قال «بالرغم من الفوائد العديدة لهذه الأنظمة.. إلا أن استخدامها يحفه العديد من المخاطر التي يمكن أن تؤثر وبشكل مباشر على حياة الإنسان وحقوقه وحرياته»، لافتا إلى أن «بعض المؤسسات البحثة والعلمية أوصت بأنه حتى يتم إثبات خلو أنظمة الذكاء الاصطناعي والروبوتات من الأخطاء، فهي غير آمنة ويجب الحد من استخدامها».
كما نوه سعادته إلى أهم الإشكاليات التي يثيرها استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي ومنها «التحيز الخوارزمي وعدم الحياد» حيث تقوم أنظمة الذكاء الاصطناعي على جمع البيانات وتحليلها والتعلم منها، فإذا كانت البيانات متحيزة وغير محايدة ستكون المخرجات متحيزة، وإذا كانت البيانات عادلة تغطي كافة الأنماط ستكون المخرجات عادلة، مشيرا إلى أن التحيز الخوارزمي قد يقع في التصنيف الائتماني، وفحص السيرة الذاتية، والتوظيف، وطلبات الإسكان العام، وغير ذلك من الأمور التي تتطلب حيادية في معالجتها، حيث قال في هذا السياق «إن المساس بالحق في الخصوصية وحماية البيانات الشخصية وحقوق الملكية الفكرية واحدة من الإشكاليات التي تثيرها أنظمة الذكاء الاصطناعي».
وأوضح أن جمع البيانات الشخصية بأنظمة الذكاء الاصطناعي واستخدامها ومشاركتها دون إذن أو موافقة صريحة قد يصطدم مع الحماية المقررة لهذه البيانات مما قد يشكل انتهاكا جسيما لأحكام القانون، ومن ذلك، انتهاك أنظمة الذكاء الاصطناعي لحقوق الملكية الفكرية بشكل كبير، معتبرا أن انعدام الشفافية يشكل هو الآخر واحدة من الإشكاليات المتعلقة باستخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي «فمعظم تطبيقات الذكاء الاصطناعي الحديثة لا يمكنها تفسير كيفية توصلها إلى قرار»، ومبينا أن الكم الكبير من العلاقات بين المدخلات والمخرجات في أنظمة الذكاء الاصطناعي والتعقيد الناتج عنها يجعل من الصعب حتى على الخبراء أن يشرحوا كيفية إنتاج مخرجاتها، وعندئذ لا يمكن للأشخاص الذين تضرروا من قرار الخوارزمية الحصول على تفسير للقرار، أو الطعن عليه أو التظلم منه لعدم وجود الأسباب التي قام عليها.
وعن المخاطر الأمنية، قال سعادة وزير العدل إن خطورة أنظمة الذكاء الاصطناعي تكمن في أنها قد تستخدم لأغراض غير قانونية وغير مشروعة، مثل الحرب الرقمية المتقدمة والأسلحة الذكية، الأمر الذي قد يهدد السلم والأمن الدولي.
ويعقد مؤتمر القانون والذكاء الاصطناعي على مدى يوم واحد ويتضمن عدة جلسات تناقش محاور أبرزها «الذكاء الاصطناعي ما بين حتمية الواقع والفراغ التشريعي»، والتحديات القضائية للذكاء الاصطناعي «المسؤولية الجنائية، والمدنية، والمرافعات القضائية»، والذكاء الاصطناعي وحماية حقوق الإنسان، فيما يختتم المؤتمر بجلسة لعرض أبرز التوصيات التي خرج بها المشاركون.
قانونيون خلال المؤتمر: نحتاج لتشريعات تحمي من المخاطر
دعا خبراء قانونيون إلى ضرورة وضع قوانين وسن تشريعات للحد من مخاطر أنظمة الذكاء الاصطناعي على الإنسان والمجتمعات بشكل عام في ضوء التطور المتسارع لهذه الأنظمة واستخداماتها المتعددة.
وقال الخبراء، في تصريحات لوكالة الأنباء القطرية «قنا» على هامش مؤتمر القانون والذكاء الاصطناعي بجامعة لوسيل أمس، «إن الذكاء الاصطناعي يتطور بسرعة ليدخل في تفاصيل حياتنا اليومية، ومع هذا التطور المتسارع من الضرورة بمكان مراعاة المخاطر والعواقب المحتملة وتأثيرات ذلك على حياة الإنسان وحريته وحقوقه»، مشددين في هذا الإطار على أن الدول العربية بحاجة ماسة إلى تطوير أنظمتها القانونية لمواكبة هذا التطور المتسارع لأنظمة الذكاء الاصطناعي للحد من المخاطر المترتبة على استخدام هذه الأنظمة في المجالات كافة، الرياضية والطبية، والتعليمية، والقضائية، والأمنية، وغيرها.
وأبرز الدكتور ثاني بن علي آل ثاني نائب رئيس جمعية المحامين القطرية، حاجة الدول العربية إلى تطوير بنيتها التحتية التقنية لمواكبة التطور السريع في مختلف المجالات وخاصة في مجال التقاضي، مبينا تزايد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في المجال القضائي، والحاجة إلى حوكمة ومراقبة وتهيئة البنية التحتية. وعبر عن الأمل أن يخرج المؤتمر بتوصيات تخدم القطاعات القانونية والاجتماعية والقضائية من منطلق أن الجميع يتحمل مسؤولية لمراقبة الاستخدام «فمدخلات الذكاء الاصطناعي هي من صنع الإنسان ولا بد من رقابة على مستويات محلية ودولية»، مشيرا إلى أن دولة قطر خطت خطوات مهمة في تعزيز بنيتها التحتية التكنولوجية، ومواكبة ذلك بمؤسسات وتشريعات ومبادرات لحماية البيانات وضمان الاستخدام الآمن للتكنولوجيا.
بدوره، اعتبر الدكتور صالح البراشيدي عميد كلية الحقوق بجامعة السلطان قابوس، أن الذكاء الاصطناعي أحدث ثورة هائلة، وساهم بشكل إيجابي في عدة مجالات مثل الصحة والتجارة والأمن والاقتصاد، بيد أن هناك عدة مخاوف نتجت من استخدام تقنية الذكاء الاصطناعي منها ما يتعلق بالخصوصية وإلى أي مدى يحظى المستخدم لهذه التقنيات بالحماية التامة، لافتا إلى وجود مخاوف متعلقة بالتمييز والتحيز لأنظمة الذكاء الاصطناعي في اتخاذ القرارات كونها تعتمد في مخرجاتها على المدخلات التي يتولاها المبرمجون وبالتالي هناك تدخل بشري في هذه العملية، إلى جانب مخاوف أخرى بسبب ما يسمى بالتعلم الذاتي للآلة التي قد تتخذ قرارات غير مفهومة أو يترتب عليها أضرار من نوع ما.
إلى ذلك، نوه الدكتور محمد عبدالرحمن من كلية الحقوق بجامعة الكويت، إلى تركيز هذا المؤتمر على ماهية وطبيعة المسؤولية التي يمكن إسنادها في حالة الضرر الناجم عن استخدام الذكاء الاصطناعي، مشيرا إلى إمكانية أن يشكل المؤتمر لبنة لإطلاق تعاون بين الدول العربية للوصول إلى أنظمة وتشريعات لتنظيم الذكاء الاصطناعي، ومتمنيا أن يخرج المشاركون بتوصيات تشكل خريطة طريق نحو تحقيق هذا الهدف.
المصدر: العرب القطرية
كلمات دلالية: قطر وزير العدل الذكاء الاصطناعي مؤتمر الذكاء الاصطناعي الذکاء الاصطناعی فی والذکاء الاصطناعی على حیاة الإنسان وزیر العدل مشیرا إلى دولة قطر إلى أن فی هذا
إقرأ أيضاً:
نائب وزير الإسكان يشارك في ورشة عمل بعنوان تعزيز إعادة استخدام المياه باستخدام الذكاء الاصطناعي والابتكار الرقمي
شارك الدكتور سيد إسماعيل، نائب وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، في ورشة عمل بعنوان "تعزيز إعادة استخدام المياه في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا باستخدام الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي" (e-ReWater MENA)"، والتي نظمها المعهد الدولي لإدارة المياه (IWMI) بالتعاون مع المجلس العربي للمياه، وذلك في إطار الأهمية التي توليها الدولة المصرية لمجال معالجة وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي كركيزة رئيسية في تلبية الحاجة المتزايدة للمياه وتحقيق الأمن المائي لجمهورية مصر العربية.
تُعد هذه الورشة منصة فكرية لمناقشة سُبل تعزيز إعادة استخدام المياه في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي تواجه تحديات حادة في ندرة المياه نتيجة للنمو السكاني وتغير المناخ، وتهدف الورشة إلى تسليط الضوء على الدور المحوري للتكنولوجيا الرقمية، لا سيما تقنيات الذكاء الاصطناعي، والاستشعار عن بُعد، ونظم المعلومات الجغرافية في دعم صُنّاع القرار والمستثمرين والمخططين لاستخدام مياه الصرف المعالجة كمورد مائي غير تقليدي.
كما استعرضت الورشة مشروع e-Rewater كأداة جديدة تم تطويرها انطلاقًا من نتائج مشروع ReWater MENA السابق، لتقييم إمكانات إعادة استخدام المياه في الزراعة والصناعة والبيئة على المستويات المحلية والوطنية والإقليمية.
وخلال الجلسة الافتتاحية للورشة، ألقى الدكتور سيد إسماعيل، كلمة استعرض بها موجزاً عن قطاع المرافق والإنجازات التي حققتها الدولة المصرية في مجال قطاع مياه الشرب والصرف الصحي خلال الفترة من 2014 إلى 2025، وأبرزها زيادة نسب تغطية مياه الشرب والصرف الصحي على مستوى الجمهورية من 95% في عام 2014 إلى 99% في 2025، وزيادة نسب تغطية خدمات الصرف الصحي للريف والحضر مجتمعين من 50% في 2014 إلى 70% في 2025، بينما تمت زيادة نسبة التغطية في الريف من 12% في 2014 إلى 60% في 2025.
وأشار الدكتور سيد إسماعيل إلى الإستراتيجية القومية لقطاع مياه الشرب والصرف الصحي التي تم نشرها في أكتوبر 2024، والتي تتماشى أولوياتها مع مبادئ وثيقة ملكية الدولة فيما يتعلق بالشراكة مع القطاع الخاص ودعم توطين الصناعة محلياً، وخاصة في مشروعات تحلية المياه وإدارة الحمأة.
وفي سياق متصل، أعلن نائب وزير الإسكان، موافقة البرلمان المصري على قانون تنظيم مياه الشرب والصرف الصحي في مايو 2025، والذي يهدف إلى تحويل قطاع مياه الشرب والصرف الصحي إلى منظومة متكاملة تحقق التوازن بين الجودة والاستدامة والعدالة الاجتماعية، ثم سلًط الضوء على الجهود المبذولة في مجال تحلية مياه البحر وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالج كمصدرين غير تقليديين للمياه، وعلى رأس هذه الجهود زيادة عدد محطات المعالجة القائمة إلى 602 محطة معالجة ثنائية وثلاثية بطاقة إجمالية 18.9 مليون م3/يوم.
وفي ختام كلمته، أكد الدكتور سيد إسماعيل، أهمية مشروع e-Rewater كخطوة متقدمة نحو بناء مستقبل مائي آمن ومستدام، مؤكداً تَطلُع القائمين على قطاع مياه الشرب والصرف الصحي في الدولة المصرية إلى الاستفادة من نتائج هذا المشروع في دعم اتخاذ القرارات المعنية بالتخطيط والتصميم الحضري، وتعزيز كفاءة استخدام المياه في مختلف القطاعات.
تجدر الإشارة إلى أن الجلسة الافتتاحية للورشة شهدت حضور نخبة من خبراء قطاع مياه الشرب والصرف الصحي في مصر والمنطقة العربية، بالإضافة إلى ممثلين عن الهيئات المشتغلة بقطاع المياه بمصر وهي: وزارة الموارد المائية والري، وجهاز تنظيم مياه الشرب والصرف الصحي وحماية المستهلك، والشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي.