شولتس يتحدث عن ثاني استخدام للسلاح الألماني في التاريخ الحديث
تاريخ النشر: 15th, September 2023 GMT
شبّه المستشار الألماني أولاف شولتس المساعدات العسكرية من بلاده لأوكرانيا، بعملية الناتو في يوغوسلافيا سنة 1999، مشيرا إلى استخدام ألمانيا أسلحتها الخاصة للمرة الأولى في موقف كهذا.
وقال المستشار شولتس إن المساعدات العسكرية التي تقدمها بلاده إلى أوكرانيا يمكن مقارنتها بالمشاركة في عملية قوات الناتو المتحالفة في يوغوسلافيا عام 1999، حيث استخدمت برلين أسلحتها الخاصة في مثل هذا الموقف لأول مرة في التاريخ الحديث.
وصرّح شولتس في برنامج عبر بودكاست Cosmo، لافتا خلال حديثه عن العملية العسكرية في يوغوسلافيا إلى أنها "المرة الأولى التي تقرّر فيها ألمانيا أنها ستدخل مثل هذا الغمار بمعداتها العسكرية الخاصة".
إقرأ المزيدووصف هذا الأمر بأنه "نقطة التحول الأولى".
يشار إلى أنه في فبراير الماضي، وقبل أسبوع من انطلاق العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، تحدث شولتس مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، محاولا تبرير سلوك حلف شمال الأطلسي في يوغوسلافيا.
وحينها وصف الرئيس بوتين قصف المدن الصربية بأنه "حرب شنها حلف الناتو".
وعلق شولتس قائلا: "كان هناك خطر إبادة جماعية، وكان لا بد من منع ذلك". ورد بوتين بالقول إنه يعتبر ما يحدث في الدونباس "إبادة جماعية".
وأصبح معروفا أن ألمانيا قامت، مع بدء الأعمال القتالية في أوكرانيا، بتزويد كييف بالأسلحة.
وفي الآونة الأخيرة، تمت مناقشة مسألة توريد صواريخ من طراز Taurus، والتي في حال توفيرها لقوات كييف، ستكون الأطول مدى في ترسانتها.
المصدر: rbc.ru
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: كورونا أسلحة ومعدات عسكرية أولاف شولتس العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا برلين حلف الناتو فلاديمير بوتين موسكو
إقرأ أيضاً:
فن الحديث في النقاط الملتهبة داخل الأقسام العلمية
لا يمكن إغفال ما يُناط برؤساء الأقسام العلمية في الجامعات من مهام وواجبات جسيمة، وما يبذلونه من جهود تنظيمية وتنسيقية، تتطلب قدرًا كبيرًا من الصبر والحكمة. وهي جهود قد لا تُرى دائمًا على السطح، لكنها تلامس في العمق واقع العمل اليومي. ورغم دقة هذه المهام، فإنها كثيرًا ما تصطدم بإرادات فردية متباينة، أو أنماط تواصل غير متكافئة من بعض أعضاء هيئة التدريس، لتتكشف حقيقة أن تعثر الكثير من القرارات لا يعود إلى ضعف القيادة، بل إلى التباين في الرؤى، أو رغبات شخصية غير معلنة، لكنها تُعيق التوافق من حيث لا يُحتسب.
ويكشف الواقع الأكاديمي عن مشاهد مألوفة من التردد أو الانسحاب الصامت خلال اجتماعات الأقسام ومجالسها، خاصة حين تُطرح قضايا شائكة تُعرف بـ”النقاط الملتهبة”، وهي قضايا تمس مفاصل حساسة داخل القسم، وتستدعي جرأة فكرية ووعيًا أكاديميًا ونضجًا مؤسسيًا.
تتنوع هذه النقاط الملتهبة من خلافات حول الخطط والمقررات، إلى تباين في الرؤى البحثية، أو تفسيرات متباينة للأنظمة واللوائح، أو توزيع غير متكافئ للمسؤوليات الأكاديمية. بل وقد تمتد إلى اختلافات أعمق تتصل بتصوّر الهوية الأكاديمية أو العلمية للقسم. وعلى الرغم من أن هذه الخلافات طبيعية في أي بيئة عمل معرفية، فإن التعامل معها يتطلب مستوى عاليًا من الشفافية الفكرية، والرقي الأخلاقي، والانضباط الأكاديمي.
واللافت أن عزوف بعض أعضاء هيئة التدريس عن المشاركة لا يُعزى بالضرورة إلى ضعف الحجة أو قلة المعرفة، بل قد ينبع من حذر مشروع، كخشية أن تُفسّر الكلمة على غير وجهها، أو يُؤخذ الرأي على أنه اصطفاف شخصي، أو انحياز ضمني. فالبيئة الأكاديمية، رغم ما تُظهره من عقلانية، لا تخلو من حساسيات دقيقة وتوازنات ضمنية، قد تُربك الحياد وتُقيّد الصراحة.
وفي خلفية هذا المشهد، تظل بعض الترسّبات القديمة حاضرة في صمتٍ مهيب؛ لا تُعلن عن نفسها، لكنها تبثّ إشاراتها الخفيّة في ثنايا الحوار، وتُلقي بثقلها غير المرئي على مسارات النقاش. إنها ترسّبات ناتجة عن مواقف وقرارات كانت يومًا ما مفصلية في تاريخ بعض الأقسام العلمية، كقرارات تعيين لم تحظَ بإجماع، أو إجراءات مرّت وسط جدل مكتوم لم يُتح له أن يُفصح عن نفسه في حينه.
ورغم مرور الزمن، لم تَغِب تلك الظلال عن المشهد الأكاديمي، بل ظلّت حاضرة في الذاكرة الجمعية، تستدعيها المواقف الدقيقة دون استئذان، ويَشعر بها المتابع الفاحص في نبرة متحفّظة، أو تعليق عابر، أو صمتٍ ينطوي على ما هو أبلغ من القول. إنها مشاعر كامنة، ورسائل مؤجلة، لم تجد بعد طريقها إلى الطرح الصريح أو المعالجة الجادة، ولا تزال بانتظار لحظة مواجهة مسؤولة، تُنهي ما علق بها من التباس، وتفتح المجال لبيئة أكثر صفاءً ونضجًا .
ويزداد وقع هذه الترسّبات حين ترتبط بأسماء كشفت التجربة لاحقًا عن افتقارها لأبسط أدوات التأثير أو مقومات التميّز العلمي، فضلًا عن هشاشة تكوينها المهني، وغياب الخبرة الأكاديمية الراسخة؛ مما يفتح الباب لتساؤلات مشروعة حول آليات الاختيار التي أوصلت بعضهم إلى مواقع لم يكونوا مهيئين لتمثّلها بجدارة.
الأستاذ الجامعي، بما يحمله من مسؤولية علمية وتربوية، مدعو لأن يكون قدوة في الرأي والسلوك، مستقلًّا في رؤيته، ثابتًا في مواقفه، متزنًا في حضوره. لا تُقاس مكانته باتباع غيره، بل بما يملكه من رصانة فكر، واتزان نفسي، وخلق رفيع، وانضباط أكاديمي. يجمع بين العقلانية والجرأة الهادئة، ويحتكم إلى البرهان لا إلى الانفعال. فكلمة رزينة، وإن خالفت السائد، قد تُحدث أثرًا عميقًا حين تُطرح بصدق ونَفَس بنّاء .
لذلك، فإن إدارة الحوار داخل الأقسام الأكاديمية ليست شأنًا إداريًا بحتًا، ولا مسؤولية فردية عابرة، بل هي عملية جماعية تنمو بوعي الأفراد بدورهم، وتنضج حين يرتقي الجميع بأسلوبهم في الطرح والتفاعل. وبين التهوّر المندفع، والصمت المربك، تتجلّى”فضيلة الكلمة المسؤولة”؛ الكلمة التي تحترم العقل، وتفتح أفقًا للنقاش، وتُمهّد لحلول واقعية تنعكس إيجابًا على الجميع .
وهكذا، يبقى المخرج الحقيقي من توتر المواقف وتراكم الترسّبات، في ترسيخ مقومات الحوار العلميّ، واستحضار المصلحة الأكاديمية، ضمن وعيٍ عميق بما يستلزمه”فنّ الحديث في النقاط الملتهبة داخل الأقسام العلمية”.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
• أستاذ علم النفس بالجامعة الإسلامية.