فورين بوليسي: هذا ما يريده بوتين وكيم من بعضهما بعضا
تاريخ النشر: 16th, September 2023 GMT
تناولت مجلة "فورين بوليسي" الأميركية زيارة الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون لروسيا، ولقائه بالرئيس فلاديمير بوتين -الأربعاء الماضي- في قاعدة فوستوشني العسكرية، في أول اجتماع لهما منذ 2019.
وذكرت المجلة أن كوريا الشمالية تسعى إلى الحصول على مساعدة روسية في جهودها لتحديث جيشها، بما في ذلك الحصول على طائرات مقاتلة متقدمة وقطع غيار ومكونات ومواد الأسمدة الخام والمركبة ومساعدة تقنية، بينما تهتم روسيا بقذائف المدفعية والذخائر الصاروخية المدفعية لكوريا الشمالية، التي تتوافق عكسيا مع قاذفات الحقبة السوفياتية التي تستخدمها القوات المسلحة الروسية.
ولفتت المجلة إلى أنه بالرغم من محاولاتهما لإظهار جبهة "أيديولوجية" مشتركة، فقد لا يكون بوتين وكيم على استعداد لتلبية مطالب بعضهما بعضا بشكل كامل.
وعلى سبيل المثال، قد تسعى كوريا الشمالية إلى الحصول على تقنية الدفع النووي البحري الروسية الحساسة، التي من غير المرجح أن تتخلى عنها موسكو مقابل القليل في المقابل. وبالمثل، قد تسعى روسيا إلى الحصول على صواريخ كورية شمالية أكثر تطورا للاستخدام المحتمل في أوكرانيا، لكن كيم قد يفضل الاحتفاظ بها من أجل دفاعه الوطني وقوة الردع الخاص ببلده.
وأضافت فورين بوليسي أن الطفرة الأخيرة في علاقة كيم وبوتين كانت مدفوعة إلى حد كبير بالمصالح الإستراتيجية المباشرة لكلا البلدين. وقد تسعى موسكو إلى مراجعة النظام العالمي لصالحها، لكن إدراج كوريا الشمالية شريكا في هذا المسعى سيكون محدود الفائدة. وبالنسبة لكوريا الشمالية، ترجع الرغبة في بناء علاقات أعمق مع روسيا إلى ما قبل الوباء وغزو روسيا لأوكرانيا.
وألمحت المجلة إلى أن احتمال وجود روابط أقرب بين كيم وبوتين يعدّ أنباء سيئة للولايات المتحدة، ولكن ليس نهاية العالم. وحتى لو كان بوتين وكيم لديهما القليل من الاهتمام ببعضهما بعضا، فإن كليهما سيستمران بشكل مستقل في تشكيل تحدّ جدي للمصالح الأميركية.
وربما تكون أهم نتيجة لهذه العلاقة هي آثارها على النهج الدبلوماسي القائم على الوضع الراهن، بشأن امتلاك كوريا الشمالية المستمر للأسلحة النووية. والدعم الروسي المفتوح والصريح لها في مواجهة نظام العقوبات الحالي الذي تفرضه الأمم المتحدة، سيجعل ما كان بالفعل هدفا قصير الأجل خياليا، ألا وهو نزع السلاح النووي مستحيلا.
وترى المجلة أن هذا الأمر يجب أن يدفع الولايات المتحدة إلى إعادة النظر في نهجها تجاه كوريا الشمالية. وبينما يبدو احتمال حدوث دبلوماسية ضئيلا الآن، يجب أن تتذكر واشنطن أن نهج التعاملات نفسه في إدارة علاقاتها مع القوى العظمى، هو الذي دفع -إلى حد كبير- كيم ذات مرة إلى ركوب قطاره إلى هانوي للقاء الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.
وختمت بأن تحفيز كيم على الابتعاد عن موسكو سيكون مهمة صعبة، لكن يجب على واشنطن أن تكون مستعدة لاستخدام كل ما في جعبتها الدبلوماسية، لمنح كوريا الشمالية خيارا أفضل.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: کوریا الشمالیة الحصول على
إقرأ أيضاً:
إيكونوميست: خطة ترامب الاقتصادية تهدّد أسس الازدهار الأميركي
في الوقت الذي تنفس فيه الاقتصاد الأميركي الصعداء بعد موجة ذعر أعقبت فرض الرئيس دونالد ترامب رسومًا جمركية تحت عنوان "يوم التحرير" في أبريل/نيسان الماضي، أطلقت مجلة إيكونوميست تحذيرًا واضحا في تقرير حديث لها، من أن مشروع "القانون الكبير الجميل" الذي أُقرّ في مجلسي الشيوخ والنواب مطلع هذا الشهر، لا يُبشّر بازدهار، بل يهدّد بنسف القواعد التي بُني عليها الاقتصاد الأميركي الحديث.
عجز مالي يُذكّر بالحرب العالمية الثانيةأبرز ما في "القانون الكبير الجميل" هو تمديد التخفيضات الضريبية التي أقرها ترامب في ولايته الأولى، والتي كانت من المفترض أن تنتهي قريبًا.
ورغم أن الجمهوريين يروّجون لهذه الخطوة باعتبارها "إبقاءً على الوضع القائم"، إلا أن إيكونوميست تؤكد أن "الوضع القائم غير قابل للاستمرار أصلًا".
وتُشير الأرقام الرسمية إلى أن العجز في الميزانية الأميركية بلغ 6.7% من الناتج المحلي الإجمالي خلال الأشهر الـ12 الماضية، ومع تطبيق القانون الجديد، من المتوقع أن تستمر هذه النسبة المرتفعة، ليتجاوز الدين الأميركي نسبة 106% من الناتج خلال عامين فقط، وهو ما يعادل أعلى مستوى سُجّل بعد الحرب العالمية الثانية.
ورغم الإيرادات الناتجة عن الرسوم الجمركية، فإنها لا تكفي لوقف تصاعد الدين، ما يعني أن "الانزلاق نحو أزمة مالية سيستمر بلا كوابح"، على حدّ تعبير المجلة.
وفي الوقت الذي تتجه فيه معظم الدول المتقدمة إلى رفع سن التقاعد لمواجهة شيخوخة السكان، يختار القانون الأميركي الجديد الاتجاه المعاكس: تخفيضات ضريبية لفئة المتقاعدين، مقابل خفض تمويل "ميديكيد" وهو برنامج التأمين الصحي للفقراء.
وتوقعت التقديرات الرسمية أن يؤدي ذلك إلى حرمان نحو 12 مليون أميركي من التأمين الصحي، في بلد يُفترض أنه الأغنى عالميًا.
إعلانكما أُدخلت شروط عمل معقدة للحصول على بعض المساعدات، وهي شروط وصفتها المجلة بأنها "متاهة بيروقراطية لا تحقّق نتائج فعلية في رفع نسبة التشغيل".
حنين للوقود الأحفوريومن أبرز ما تضمّنه "القانون الكبير الجميل" أيضًا، إلغاء الحوافز الضريبية التي أقرها الرئيس السابق جو بايدن لصالح مشاريع الطاقة النظيفة، تحت ذريعة أن هذه الحوافز كانت مشروطة بسياسات حمائية مثل "صُنِع في أميركا".
لكن إيكونوميست تحذّر من أن هذه الخطوة "تعني عمليًا غياب أي سياسة اتحادية واضحة لتقليل انبعاثات الكربون"، مما سيزيد من إجمالي انبعاثات الغازات الدفيئة ويضر بقدرة أميركا على خوض سباق الذكاء الاصطناعي، الذي يعتمد جزئيًا على وفرة الكهرباء.
وكتبت المجلة "العودة إلى الوقود الأحفوري ليست فقط قصيرة النظر، بل تُضعف مكانة أميركا المستقبلية في مجالات التقنية والطاقة".
أزمة ديمقراطية تشريعيةالمجلة لم تغفل عن انتقاد الطريقة التي أُقرّ بها القانون، مشيرة إلى أن تمريره عبر ما يُعرف بآلية "التصويت الجماعي" داخل مجلس الشيوخ، كشف عن "اختلال جوهري في قدرة النظام التشريعي الأميركي على التدقيق والإصلاح".
وذكرت أن "أحزاب الحكم لا تحظى بسوى فرصة واحدة في السنة لتمرير قانون ضريبي أو إنفاقي بأغلبية 51 صوتًا فقط، ما يدفعها لتكديس كل شيء في مشروع واحد، بغض النظر عن الجودة والمضمون".
ورغم أن إدارة ترامب تتوقع نموًا بنسبة 5% خلال السنوات الأربع المقبلة، ترى إيكونوميست أن هذه التوقعات "متفائلة بشكل مضلل". فمع ارتفاع أسعار الفائدة إلى 3 أضعاف ما كانت عليه عند التخفيضات السابقة، فإن الحوافز الضريبية المحدودة الحالية لن تُحدث نموًا يُذكر، خصوصًا أن كثيرًا من الإعفاءات الجديدة مجرّد "حِيَل انتخابية"، مثل إعفاءات على الإكراميات والعمل الإضافي.
وتُشير تقديرات بنك "غولدمان ساكس" إلى أنه في حال تأخرت أميركا في الإصلاح المالي 10 سنوات أخرى، فإنها ستضطر حينها إلى تقليص الإنفاق أو زيادة الضرائب بمعدل 5.5% من الناتج المحلي سنويًا وهو مستوى تقشف يفوق ما شهده الاتحاد الأوروبي في أزمته السيادية خلال عقد 2010.
ورغم انتعاش المؤشرات في الأسواق الأميركية، تُنذر مؤشرات أخرى بانزلاق طويل الأمد: فقد تراجع الدولار بنسبة 11% منذ بداية العام، في إشارة إلى "مخاطر حقيقية تتزايد على المدى الطويل".
وتحذّر المجلة من أن هجمات ترامب المتكررة على الاحتياطي الفدرالي، وتقليصه لتمويل البحث العلمي، وتهديده لسيادة القانون، كلها عوامل "تجعل مناخ الاستثمار في أميركا أكثر تقلبًا وخطورة".
واختتمت إيكونوميست تقريرها بتشخيص قاتم، مؤكدة أن "الاقتصاد الأميركي في طريقه إلى أزمة انفجار صامتة، حيث تُخفي الإيجابيات الظاهرة هشاشة عميقة في السياسات والبُنى المالية".
وكتبت المجلة "ترامب لا يهاجم خصومه فقط، بل يهاجم الأعمدة التي جعلت من أميركا دولة عظيمة اقتصاديًا. وإذا استمر هذا النهج، فإن السؤال لن يكون متى تنمو أميركا، بل متى تنهار".